على طرف المدينة فوق سطح بناء متهالك وجد الشاب صالح نفسه يعيش في غرفة من الصفيح يقاسمه إياها بضع إخوة وجدوا نفسهم محشورين في تلكم الغرفة وباعتبار أنه ليس له مكان داخلها فقد وجد له مكاناً في طرفٍ من السطح يلتحف فيه السماء ويعد النجوم
لكن ساكني البنا ء كانوا قد بدؤوا يبنون في كل زاوية من هذا السطح غرفاً مستغلين فرصة سنحت لهم فوجد نفسه يعود منحشراً داخل تلكم الغرفة
وذات صباح وجهت له والدته الحديث قائلة إنك يا بني ولم يعد لك مكان في هذه الغرفة وليس لديك مصدر دخل لأنك لم تجد لك مكاناً في أي وظيفة أو عمل فسأعطيك بضع نقود جمعتها من أهل الخير علك تشتري بها بضاعة تبيعها لتجد من ربحها مكاناً تعيش فيه
ولما أحس أن الأمر لا بد منه وأملاً بأن يجد مكاناً أخذ النقود لينفذ الفكرة ووقف ينتظر الباص طويلاً فلم يأتي ولما أتى لم يجد له فيه مكان لكن استطاع أن يضع قدمه على شبه مكان متعلقاً على الباب والناس تأخذه جيئة وذهاباً وكأنه من سقط المتاع ولما وصل إلى التاجر ليشتري البضاعة رمقه بطرف عينه ولم يلق له بالاً كونه بلا مكانة وهو يروح ويلتفت في المكان دون أن يجد له مكاناً يقف به لكثرة البضاعة إلى أن شك به أحد العاملين فظنه لصاً وبعد أن عرّفه أمره قال له أريد بضاعة رائجة لأبيعها وأكسب منها وكونه ليس له مكانة فقد أعطاه بضاعة كاسدة بأغلى الأثمان وأخذ بضاعته واتجه إلى السوق ليعرضها فلم يجد له هناك مكاناً لكثرة البائعين حتى اضطر أن يعرضها في إحدى الحارات وهناك لم يجد له مكان بعد أن جاءت سيارة ووقفت مكانه فعاد إلى السوق ووجد لنفسه فسحة بين مكانين فوضع بضاعته لكن هذا المكان كان محجوزاً لبائع لم يأتي وعندما أتى هجم عليه لطرده من المكان بعد أن رفض الإخلاء ثم جاءت الشرطة وألقته في سيارة لم يجد له بها مكان ثم حشر بنظارة لم يجد له بها مكان ثم أرسل إلى نظارة المحكمة التي لم يجد له فيها مكان ثم إلى قفص المحكمة التي لم يجد له بها مكان وعندما سأله القاضي عن جرمه أراد أن يحكي للقاضي كل قصته ولأنه ليس له مكانة لم يستمع له بل سأله هل أنت منكر أم معترف ثم سجل له منكر وأرسله ألى السجن بسيارة لم يجد له بها مكان وأنزل في مهجع ليس له فيه مكان وحتى في مطعم السجن فقد عاد جائعاً منه كونه لم يجد له مكان فعاد إلى زاوية من زوايا المهجع كان صاحبها خارجاً وبدأ يفكر بأنه إذا ظل هكذا فسيبقى أبداً بلا مكان و ما هذه الحياة التي بلا مكان ولم يطل تفكيره حتى عاد صاحب المكان ليصطدم معه ثم ليأخذه السجان إلى المنفردة والتي ورغم قسوتها وألمها فقد أحس فيهاببعض النشوة كونه قد وجد له بها مكان وحتى على كرسي التعذيب فقد أحس ببعض الفرح كونه قد وجد له مكان وعندما خرج من السجن كان قد قرر بأنه سيكون له مكان فدخل إلى أحد الأحياء الفقيرة وبدأ بالصراخ أريد مكان أريدمكان وتجمع معه بعض البؤساء ومشو معه إلى أن وصل المساعد غضب من فرع القمع فأخرج بضع طلقات من جعبته وهو يبتسم ويقول في نفسه سأساعده ليجد له مكاناً وبعد أن أودع تلك الطلقات في رأسه خر صريعاً فتبرع له بعض المحسنين بثمن مكان ووري به لكن الأمر لم يطل فبعد سنين سرق حفار القبور القبر بمن فيه فلم يبقه ولم يبق له مكان