هل نقض القرار شكلا يعد نقضا أم لا

[المحامي: محمد المطر]

بسم الله الرحمن الرحيم

المبدأ:((نقض الحكم المطعون فيه شكلا وفق نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية ))

مثال: الدعوى أساس/34305/ قرار /8594/ لعام 2007 صادر عن الغرفة الجنحية الأولى بمحكمة النقض - حسم :/ 31/12/2007 – (تسبب وفاة)
/حيثيات الحكم/:
((لما كانت جلسات 13/12/2006 وكذلك 14/6/2006 غير موقعة من كامل الهيئة مما يفقد هذه الضبوط قوتها الثبوتية ويشكل خللا بالإجراءات وهذا الخلل يورث البطلان ويتعين معه نقض القرار شكلا 000 لذا تقرر بالاجماع :
1- نقض القرار شكلا0
2- إعادة بدل التأمين000 الخ
أعيدت الاضبارة لمرجعها محكمة استئناف الجنح بدير الزور وصدر حكم محكمة الاستئناف حيث طعن بالحكم الاستئنافي للمرة الثانية من قبل الخصوم وقررت محكمة النقض الغرفة الجنحيةالثانيةبقرارها رقم :/ 905 /الصادر بالدعوى أساس / 7812/ حسم :/19/3/2009
-نقض القرار المطعون فيه موضوعا 0
- إعادة الا ضبارة لمرجعها 0
فهل ما قررته الغرفة الجنحية يتوافق مع نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائيةأم لا0

مناقشة المبدأ :

درجت الغرفة الجزائية بمحكمة النقض في حالات عدة منها كحالة دعوانا هذه ( عدم توقيع بعض ضبوط جلسات محكمة الاستئناف من قبل بعض أعضاء الهيئة) بنقض الحكم الاستئنافي المطعون فيه شكلا وهي لاتعتبر هذا النقض الشكلي نقضا بالمعنى الصحيح للكلمةفاذا تم الطعن بالحكم مرة ثانية وقررت الغرفة الجزائية بمحكمة النقض نقض الحكم موضوعا فان نقضها الأول للحكم شكلا لاتعده نقضا فلا تحكم بالاضبارة بل تعيد الاضبارة لمرجعها لتحكم فيها مجددا واذا طعن فيها فللمرة الثالثة تنظر في الطعن فإذا قررت نقض الحكم شكلا فلا تعده نقضا وتعيد الاضبارة لمرجعها وهكذا دواليك إلا مالا نهاية وتتوالى الطعون للمرة الرابعة والخامسة والسادسة 00 الخ مادام النقض من قبلها هو نقض شكلي وليس نقض موضوعي ولا تحكم الغرفة الجزائية بمحكمة النقض بموضوع الدعوى إلا اذا قررت نقض الحكم موضوعا مرتين متتاليتين فتضيع على المتداعين حقوقهم حيث تبقى الدعوى سنوات عديدة دون فصل فهل هذا الإجراء الذي تتبعه الغرفة الجزائية صحيحا أم لا 0
قبل البحث في هذه المسألة علينا ان نتعرف فيما اذا كان يوجد في موادقانون أصول المحاكمات جزائية نص يجيز نقض الحكم المطعون فيه شكلا أم لا 0
في بحثنا بقانون اصول المحاكمات الجزائية وخاصة في الفصل الخامس منه الاجراءات لدى محكمة النقض المواد351 – 365 لم نجد في قانون اصول المحاكمات الجزائية ومواده مايشير إلى أن للمحكمة الحق في نقض القرارالمطعون فيه شكلا وإنما هناك نص على رد الطعن شكلا وليس نقض القرار المطعون فيه شكلا ورد في المادة 351 أصول جزائية التي حددت بمتنهاثلاث حالات حصرية تبيح لمحكمة النقض رد الطعن شكلا بقولها:
((تدقق المحكمة اضبارة الطعن فإذا وجدت ان الاستدعاء مقدم ممن ليس له حق الطعن أو أن الشرائط الشكلية ناقصة أو لم تكمل في الميعاد القانوني قررت رد الاستدعاء في الشكل ))0
إذا حسب نص المادة المذكورة فان الطعن يرد شكلا في حالات ثلاث هي:
1-تقديم استدعاء الطعن ممن ليس له حق الطعن (كأن يقدم الطعن من قبل محكوما عليه بعقوبة مانعة للحرية لمدة تزيد على ستة أشهر ولم يكن موقوفا أو مخلى سبيله بكفالة قبل صدور الحكم أو لم يصدر قرار بتوقيفه /المادة 347/أصول جزائية)0
2-الشرائط الشكلية ناقصة0 (الطاعن لم يوقع على استدعاء الطعن /فقرة 2 مادة344 أصول جزائية)
3-الشرائط الشكلية لم تستوفى ضمن الميعاد القانوني للطعن 0(التأمين القانوني للمكلف به جرى تسديده بعد انتهاء مهلة الطعن أو لم يسدد أصلا /المادة 346/ أصول جزائية)
على أنه :حتى في حال تحق هذه الحالات المستوجبة لرد الطعن شكلا فان لرد الطعن شكلا ضوابط تحكمه فهو مشروط بتبليغ رئيس المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه للطاعن أو ممثله القانوني بوجوب إكمال النواقص الشكلية بملف الدعوىخلال ميعاد الطعن وان يأخذ توقيع الطاعن او ممثله على أنه تفهم ذلك /المادة 348/أصول جزائية0
فاذا لم يوجد بعريضة الدعوى ما يشير الى تبليغ رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون للطاعن أو ممثله القانوني بوجوب إكمال النواقص الشكلية خلال ميعاد الطعن وخلت عريضة الدعوى من توقيع الطاعن أوممثله بتفهمه هذا الأمر فلا يرد الطعن شكلا وحتى وان حقق حالة من حالات رد الطعن شكلا المنصوص عنها في المادة 351 أصول جزائية لان شرط تبليغ الطاعن او ممثله واخذ توقيعهم خطيا بإكمال النواقص الشكلية خلال ميعاد الطعن من قبل رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه المنصوص عنه في المادة 348 أصول جزائية هو أمر إلزامي ووجوبي لتعلقه بالنظام العام وهذا إن دل على شيء فهو يدل على حرص المشرع بتضييق نطاق رد الطعن شكلا إلى أضيق الحدود وجعل في الأمور سعة للطاعن أن يأخذ حقه كاملا بدرجات التقاضي 0
في قانون أصول المحاكمات الجزائية لايوجد نقض شكلي ونقض موضوعي وإنما هناك معنى واحد فقط : (نقض الحكم) ورد في المواد 353 و358 أصول جزائية0
ونقض الحكم يتحقق لمحكمة النقض بحالتين اثنتين:
- من تلقاء نفسها اذاكان الطعن واقعا من المحكوم عليه إذا تبين للمحكمة بما هو ثابت بملف الدعوى إن الحكم المطعون فيه مشوب بإجراء مخالف للنظام العام أوأن المحكمة (محكمة الموضوع) لم تكن مشكلة وفق القانون أو لم تكن مختصة للفصل بالدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى 0 (المادة353 أصول جزائية)0
- سندا لطعن الخصوم إذا قبلت محكمة النقض سببا من أسباب النقض قررت نقض الحكم (المادة358 فقرة 1 أصول جزائية)0
وما عدا هاتان الحالتان التي تبيح لمحكمة النقض نقض الحكم فإنها اماأن تقوم :
-برد الطعن شكلا عملا بنص المادة 351 أصول جزائية اذا خالف الطعن احد الإجراءات الثلاث المنصوص عنها في المادة المذكورة0
2- او ترد الطعن موضوعا عملا بنص المادة 354 اصول جزائية اذا ردت جميع أسباب النقض ولم تجد سببا للنقض من تلقاء نفسها من الأسباب الواردة في المادة 353 أصول جزائية0
3- أو أن ترد الطعن بالنتيجةعملا بنص المادة 356 أصول جزائية إذا اشتملت أسباب الحكم على خطأ في القانون أو خطأ في ذكر النص القانوني أو في وصف الجريمة أو في صفة المحكوم عليه أو أي خطأ آخر وكانت العقوبة المحكوم بها هي المقررة في القانون للجريمة بحسب الوقائع المثبتة في الحكم تصحح محكمة النقض الخطأ الذي وقع وترد الطعن بالنتيجة0
من كل ذلك يتبين لنا انه إذا قررت محكمة النقض نقض الحكم بالحالتين المنصوص عنهما في المادتين 353 والفقرة 1 من المادة 358 أصول جزائية اعتبر نقضا سواء كان نقضها للحكم لسبب شكلي او موضوعي فاذا تم الطعن بالحكم للمرة الثانية ورأت محكمة النقض نقض الحكم المطعون فيه وجب عليها الحكم في الموضوع كما تنص بذلك الفقرة 2 من المادة 358 أصول جزائية ولا تملك من الأمر شيئا كون هذا الأمر من النظام العام فلا يحق لها إعادة الاضبارة لمرجعها بحجة ان النقض السابق هو نقض شكلي لايعد نقضا فالقانون صريح في هذه الحالة فقد حصر حالتين ان تحققتا كلتاهما فلايحق لمحكمة النقض ارجاع الاضبارة لمرجعها مطلقا بل عليها الحكم بموضوع الدعوىوهاتان الحالتان وردت في الفقرة 2 من المادة 358 أصول جزائية وهما:
1- إذا كان الطعن للمرة الثانية0
2- إذا رأت محكمة النقض نقض الحكم المطعون فيه 0
ختاما: فان الإجراء الذي اتبعته محكمة النقض الغرفة الجنحية بإرجاع الاضبارة لمرجعها وعدم قيامها بالحكم بموضوع الدعوى حينما قررت نقض الحكم سندا للطعن المرفوع أمامها للمرة الثانية بحجة أن نقضها للحكم أول مرة هو نقض شكلي لايعدنقضا ليس له أي سند قانوني وهو مخالفة صريحة لنص الفقرة الثانية من المادة 358 أصول جزائيةفعسى أن أكون قد وفيت والله المعين0

[أحمد الزرابيلي]

ان هذا الخطأ المهني الجسيم الذي ارتكبته محكمة النقض برأيي يستوجب المخاصمة

فبينما اجتهاد محكمة النقض مستقر على أنه :




(( من حق محكمة النقض التصدي للموضوع و لو كان الطعن للمرة الأولى ما دامت القضية جاهزة للفصل.))



قرار 3036 / 2008 - أساس 1618 - محكمة النقض الغرفة المدنية قاعدة 27 - م. المحامون 2010 - اصدار 01 و 02


من أجل التخفيف من أعباء التقاضي



فمن باب أولى أن تبت بالطعن المقدم اليها للمرة الثانية


لا يوجد ما أضيفه على ما ذكرت أستاذ مطر مشكوراً

[mohamad]

طالما نص القانون جاء على إطلاقه فإن الطعن للمرة الثانية أمام محكمة النقض تتصدى به محكمة النقض للموضوع وإن كان الطعن الأول قد رد شكلاً وذلك كما ذكر الأستاذ أحمد لكي لا يأخذ الموضوع كإسلوب للمماطلة ولقصر مدة التقاضي.

ولابد من ملاحظة أمر هام هو أنه لا تنقلب محكمة النقض إلى محكمة موضوع إلا بشرط أساسي هو أن يكون النفض للمرة الثانية قد تم بناء على ذات الأسباب التي تأسس عليها النقض للمرة الأولى.