من اكثرالامور التي تواجه الحاضنة بعد طلاقها صعوبة, موضوع انتقال ولدها من حضانتها الى حضانة والده ,حتى ان احدى السيدات اللواتي اعرفهن قالت بالحرف الواحد لا اتخيل اني طفلتي اللي ربيتها 11 عاما بعد طلاقي من والدها, سوف تنتقل لتعيش بعيدا عني وانا اللتي افنيت عمري في خدمتها وتربيتها هي واخوتها, في الوقت الذي كان والدها قد تزوج وانجب وعاش حياته طولا وعرضا ,وحتى انه كان يمر شهر وشهران لا بل اكثر من دون ان يسال عنها, اليس من الظلم ان يأتي وقت اخسر فيه قطعة من جسدي كانت معلقة فيه لخمسة عشر عاما؟ بينما حضرت الي مديرة لاحدى المدارس راجية ان اجد لها حلا , وخاصة انا والد الاولاد بنتين وولد يهددها بانه سياخذ منها اولادها بمجرد بلوغهم سن الحضانه, مع العلم حسب قولها ان طلاقه منها كان بسبب علاقاته المتعددة , واتهامها امام اولادها بشرفها, علما انها ربت الاولاد لسبع سنوات , لوحدها بينما هو كان يعيش في احدى الدول الاوروبيه.في التشريعات الخاصه بموضوع الحضانه , المعروف ان حضانة المحضون تنتقل الى ابيه, بمجرد اتمام الولد سن الحضانه القانونيه وهي 13 للولد و15 للبنت , وبالرغم من ان القانون صريح في هذا الموضوع , بان الحق للاب بان يحصل على هذه الحضانه , وفي ظل سكوت القانون السوري عن مثل هذا التخيير عدم وجود نص صريح لهذا الموضوع قانونا ,ولكن السؤال الذي يطرح هنا :هل يحق للمحضون الاختيار بين احدى ابويه ؟ لنطرح هذه الافكار:ان النصوص القانونيه والاجتهادات في الاعم هي الى جانب عدم السماح للمحضون بالاختيار بين ابويه, ومع كثرة الاجتهادات القضائيه , وتناقضها فيما يخص هذا الموضوع , نجد ان الموضوع يحتاج الى بحث وتدقيق وحسم من قبل المشرع , اجتهادات محكمة النقض أكدت على عدم ترك الخيار للولد بالبقاء لدى أمه بانتهاء مدة الحضانة ومنها اجتهاد محكمة النقض التالي في الغرفة الشرعية بالدعوى أساس 346 قرار 333 تاريخ 26/8/1969 الذي نص على ما يلي : « الشرع لم يترك الخيار للولد بعد تجاوزه سن الحضانة أن يبقى لدى أمه » - حالات تخيير المحضون : بعد تجاوز الولد ذكراً أو أنثى السن القانوني ويصبح في غنى عن خدمة الحاضن أو الحاضنة تبدأ مرحلة جديدة من حياته. وقد نصت المادة 147 من قانون الأحوال الشخصية السوري على ما يلي : « 1- إذا كان الولي غير الأب فللقاضي وضع الولد ذكراً كان أو أنثى عند الأصلح من الأم أو الولي أو من يقوم مقامهما حتى تتزوج البنت أو تبلغ أو يبلغ الصبي سن الرشد. 1 - وفي حال ضم الولد إلى الأم أو من تقوم مقامها تلزم بالنفقة ما دامت قادرة على ذلك. 2 - إذا ثبت أن الولي ولو أباً غير مأمون على الصغير أو الصغيرة يسلمان إلى من يليه في الولاية وذلك دون إخلال بحكم الفقرة الأول من هذه المادة». ويستفاد من نص هذه المادة : أن الولد ذكراً كان أم أنثى عند تجاوزه السن القانونية وهي الثالثة عشر بالنسبة للذكر والخامسة عشر للأنثى فيضم إلى وليه الأب حتماً ما لم يكن الأب غير مأمون عليه. أما إذا كان الولي غير الأب فللقاضي وضع الولد ذكراً كان أم أنثى عن الأصلح من الأم أو الولي أو من يقوم مقامهما حتى تتزوج البنت أو تبلغ أو يبلغ الصبي سن الرشد. وفي حال ضم الولد إلى الأم أو من تقوم مقامها تلزم بالنفقة ما دامت قادرة على ذلك. وإذا ثبت أن الولي ولو أباً غير مأمون على الصغير أو الصغيرة يسلمان إلى من يليه في الولاية وذلك دون إخلال بحكم الفقرة الأولى من المادة 147 من قانون الأحوال الشخصية. ولقد كانت الاجتهادات قديماً تقضي بتخيير الولد البالغ إذا تجاوز سن الخامسة عشر من عمره في انضمامه لأحد أبويه ويُعمل برغبته لأن تجاوز الولد هذه السن لا تجعل لأحد الحق في إمساكه عنده ولو كان أباً ما لم يكن الولد مفسداً غير مأمون على نفسه ويأخذ بقيد النفوس في سبيل تحديد سن الحضانة إلى أن تم الرجوع عن هذا الاجتهاد واستقر الاجتهاد على ما يلي : - القاعدة 940: المرشد في قانون الأحوال الشخصية المرجع السابق ص 561. «تلزم المحكمة بدون طلب أن تأمر الولي بضم ولده إليه بعد انتهاء حضانته». محكمة النقض – الغرفة الشرعية أساس 400 قرار 389 تاريخ 29/9/1966. - والقاعدة 941: « تسليم الولد لوالده بعد انتهاء الحضانة لا يحتاج إلى طلب إنما يملكه القاضي بسلطته الولائية ولتعلقه بالنظام العام». أي أن الاجتهاد استقر على عدم التخييز للمحضون في الأعم الأغلب . لكن نعود لنسأل هل الاجتهاد محق في هذا ؟ اليكم بعض الافكار: يروى مايلي عن الرسول الكريم (ص) : إذ جاءت امرأة فارسية إلى سيدنا أبي هريرة(رضي) وقد طلقها زوجها ويريد أن يذهب بابنها فأجاب أبي هريرة: إني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله (ص) وأنا قاعد عنده فقالت يا رسول الله:إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبه وقد نفعني فقال رسول الله(ص)، أستهما عليه (أي اقترعا) فقال زوجها ومن يحاقني(ينازعني) في ولدي فقال النبي عليه السلام: هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به. أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة. هل أقرت المذاهب الإسلامية حق التخيير؟ إن معظم المذاهب الإسلامية أقرت حق التخيير.. ففي المذهب الشافعي ذهب أصحابه إلى أن انتهاء سن الحضانة حين بلوغ الاثنين (الفتاة والصبي) سن السابعة بعد ذلك يخير المحضون بين بقائه مع والدته أو انتقاله إلى أبيه. وقد جاء في(رد المختار) للفقيه الحنفي ابن عابدين(ينبغي للمفتي أن يكون ذا بصيرة ليراعي الأصلح للولد، فإنه قد يكون له قريب مبغض يتمنى موته ويكون زوج أمه مشفقاً عليه، يعز عليه فراقه فيريد قريبه أخذه منها ليؤذيه ويؤذيها، وقد يكون له زوجة تؤذيه أضعاف ما يؤذيه زوج أمه الغريب، وقد يكون له أولاد يخشى على البنت منهم الفتنة، لسكناها معهم، فإذا علم المفتي أو القاضي شيئاً من ذلك لا يحل له نزعه من أمه لأنه مدار الحضانة على نفع الولد، إذاً لكل حالة اجتهاد خاص بها يقرها القاضي الذي عليه أن يحكم بالعدل وأن يستمع لحجج الطرفين ويأخذ بمصلحة الولد أولاً وأخيراً. عندما كان أبو بكر إماماً يحكم بين الناس، حكم على ابن عمر بن الخطاب أن يبقى مع جدته لأمه لأنها هي التي ربته بعد أن طلق عمر ابنتها والتي تزوجت وتركته. وما راجعه عمر في لكلام أي انه سلّم بحكمه والتزم به. هل التخيير قانوني ام انه بدعه؟ أي هل كان هناك نص قانوني وتم الغائه؟ " القانون موجود، وكان يعمل به سابقاً، لكن محكمة النقض خرجت باجتهادات تقول: (إن الولد في سن الثالثة عشرة وبعد سن الحضانة يذهب إلى أبيه، ويخير في سن الخامسة عشرة أما الفتاة فحرمت نهائياً من التخيير حتى لو بلغت الخامسة عشرة) وفي هذا مخالفة صريحة للقوانين. ما هو نص القانون؟ لقد نصت المادة (305) من قانون الأحوال الشخصية السوري رقم 59 لعام 1953 أنه: كل ما لم يرد عليه نص في هذا القانون يرجع فيه إلى القول الأرجح في المذهب الحنفي، وقانون قدري باشا هو الرأي الراجح في مذهب الإمام أبي حنيفة، والذي يعتبر المصدر الثالث لقانون 1953 المعمول به حالياً.. ولما كان تخيير المحضون بين أمه وأبيه غير وارد في القانون فإنه من الواجب علينا العودة إلى قانون قدري باشا الذي سد هذا الفراغ. لقد نصت المادة /497/ من قانون قدري باشا أنه: لا خيار للولد بين أبويه قبل البلوغ ذكراً أم أنثى). ولكن بالمقابل وبعد البلوغ يحق لهما الاختيار، ويؤكد القانون على هذا الحق بالمادة /496/ والتي جاء فيها (إذا بلغ الصبي والصبية رشدهما تزول عنهما ولاية الولي، أو الوصي ويكون لهما التصرف في شؤون أنفسهما. حماية المحضون واحترام خياراته كما جاء في قانون الأحوال الشخصية السوري للدكتور عبد الرحمن الصابوني: " أن القاضي ينظر بما فيه مصلحة المحضون بصرف النظر عن كون الحاضنة متزوجة بأجنبي أم لا" هنا ذهب الدكتور عبد الرحمن إلى حق الطفل في الاختيار عندما يرى القاضي أن هذا لمصلحة الطفل، لأن أساس الحضانة ومبتغاها حماية المحضون واحترام خياراته ورغباته. السؤال: لماذا أصبح الاجتهاد أقوى من القانون والسنة النبوية؟ نضع هذا الأمر برسم وزارة العدل وهيئة الأسرة المعنية بالطفل والأسرة. المراجع: تم الاستعانه في صياغة هذا المقال:1- بمعلومات نشرت في منتدى محامي سوريا للاستاذه لما الوراق 2- جريدة تشرين السوريه مقال منشور بتاريخ 3/3/2009