حديث الساعة في سوريا الآن
طفلان يوتران العلاقات السورية ـ الهولندية
يبدو أن الحكومات العربية ستضطر عاجلا أو اجلا إلي اصدار قانون يحظر زواج ابناء البلد من اجنبيات والسبب كثرة المشاكل الناتجة عن هذا الزواج والتي تصل في بعض حالاتها إلي حد احداث توتر أو فتور في العلاقات السياسية والدبلوماسية بين بلدي الزوجين, هذا ما حدث مرارا في مصر ويحدث الآن في سوريا.
فمنذ شهر يونيو الماضي وقصة الطفلين السوريين عمار وسارة تأخذ ابعادا انسانية وسياسية ودبلوماسية عميقة حتى أن موقع سيريا نيوز الالكتروني نشر منذ أيام أن وزير الخارجية الهولندي بين بوت رفض دعوة لزيارة سوريا ومناقشة مشكلة الطفلين الموجودين حتى الآن بالسفارة الهولندية في دمشق والذي يتهم والدهما السوري هذه السفارة بخطفهما في26 يونيو الماضي بالتعاون مع والدتهما الهولندية.
والقصة تبدأ عندما اتهم المواطن محمد هشام الحافظ السفارة الهولندية بدمشق بخطف طفليه عمار وسارة, حيث قالت مصادر إعلامية ان هذه حادثة تنذر بالتطور إلي ازمة سياسية بين سوريا وهولندا.
مما دفع وزارة الخارجية السورية إلي تكليف احد موظفي مديرية الشئون القانونية بالتواصل مع السفارة الهولندية بدمشق لمتابعة ملف الطفلين.
كما أعلنت وزارة الخارجية السورية انها تعمل مع نظيرتها الهولندية علي إيجاد حل.. الاغرب ان اشتعال القضية دفع الاطراف إلي تكليف وسيط دولي عضو باللجنة الدولية لحقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة للبحث عن حل إلا انه فشل في مهمته, خاصة انه بعد شهرين تستعد هولندا لانتخابات برلمانية حيث تحتل قضية الطفلين سارة و عمار اهتماما خاصا لدي المرشحين الذين طالبوا بعودتهما إلي هولندا امام الرأي العام.
الحافظ والد الطفلين قال إن الوسيط قدم عرضه كله لصالح عودة الأطفال إلي هولندا ليكونا مع والدتهما المتزوجة, والتي لديها اطفال آخرون من زوجها الحالي منوها إلي أن السفارة مازالت تمنعه من زيارة طفليه المحتجزين لديها.
ولفت الحافظ ان من ضمن الاتفاق الذي عرضه عليه الوسيط الدولي بأن تتنازل الأم الهولندية عن الدعاوي التي رفعتها ضده في المحاكم الهولندية وتسحب اسمه من طلب الانتربول الدولي, وقال إن هذا الأمر غير صحيح حتى مفبرك وفيه ظلم لاني بعد خلافي معها زرت هولندا مرتين ولم اتعرض لاي مساءلة اوطلب من الانتربول, ذلك في عامي2004 و2005 فيما علق محامي الحافظ مازن السمير ان الاتفاق الذي عرضه الوسيط الدولي لايصب في صالح الأب والاولاد ايضا, خاصة حين عرض علي الوالد مبلغا من النقود, مما يعني عدم جديته الانسانية.
منذ 26 يونيو الماضي مازال كل من عمار وهو من مواليد1993 وسارة من مواليد1996 في مبني السفارة الهولندية بدمشق, خاصة بعد أن أعلن هشام الحافظ والد الطفلين انهما خضعا لعملية خطف من قبل السفارة.
وقال الحافظ أنه قدم مؤخرا طلبا إلي وزارة التربية لتحوله إلي وزارة الخارجية السورية للتدخل من أجل تسليم الأولاد له, وذلك بقصد عودتهما إلي المدرسة, وشرح بأن التعليم في سوريا الزامي وهم يخضعون للقوانين السورية, مشيرا إلي أن الرد لم يأت, في حين اخبره الوسيط الدولي آنهم سيأتون بالمدرسين إلي السفارة.
وأكد والد الطفلين لبعض الصحف هنا أنه نجح برؤيتهما, وهي المرة الأولي للقاء مع الوسيط حاتم قطران, وكان عمار مريضا وبحاجة إلي طبيب, وعندما طلب الأب من مستشار السفارة ذلك اخبره بانهم سيأتون إليه بطبيب دون السماح بمغادرة مبني السفارة مهما كانت الاسباب. وقال الحافظ ان حالة الاولاد كانت مزرية اذ صار وجههم ابيض لعدم رؤيتهم الشمس, وثمة اهمال في شعر عمار الذي بدا طويلا علي غير العادة وكأنه في سجن ومع ذلك وعده الوسيط الدولي بالاتفاق مع السفارة بزيارتهم دوريا ريثما يجدون الحل, إلا ان السفيرة الهولندية الجديدة رفضت ذلك كما رفضت اي لقاء آخر بينه وبينهما خاصة بعدما طلب الطفلان رؤيته أيضا.
الاشتباه بالخطف بدأ حين ارسلت جانيك شونهوفن والدة الطفلين الهولندية منذ سنة ثلاثة اشخاص هولنديين لخطف الطفلين من منزل والدهما الكائن في منطقة تنظيم كفر سوسه إلا ان الشرطة قبضت عليهم وحضر السفير الهولندي, وتعهد بعدم تكرار الأمر, وقد ابرز والد الطفلين محضر ضبط الشرطة الذي يثبت ذلك, وكان اللافت في الموضوع ظهور اسم شخص هولندي يدعي يوهان سايستما في تلك العملية والتي فشلت منذ عام تقريبا, وهذا الشخص حضر إلي سوريا من جديد بمرافقة والدة الطفلين بتاريخ13 يونيو الماضي اي قبل عملية الخطف الثانية بنحو13 يوما, وقد اقام في احد فنادق وسط البلد بمرافقة والدتهما, وقام بشراء بطاقة موبايل وسلمها للأم والتي بدورها سلمتها لكل من عمار وسارة يوهان هو المشتبه الأول علي مايبدو في التخطيط لعملية الخطف التي جرت وهو من مواليد1958 وفي التفاصيل ايضا ان ثلاثة سوريين قد اتصلوا بسارة وعمار قبل الخطف بيوم وكذلك في يوم26 يونيو اي يوم الخطف وهؤلاء السوريون من ارباب السوابق.
وهذه الخيوط الجديدة لابد من تقديم حلول لها من قبل الأجهزة الأمنية الحريصة علي أمن المواطن السوري.
بعد هذه المستجدات طالب محامي الأب من الحكومة السورية تشكيل لجنة مختصة لمتابعة قضية ابنيه ولتقف علي حقيقة تفاصيل حياتهما في السفارة, وكذلك كيف تم خطفهما من منزله؟!
المثير أن قضية الطفلين المخطوفين دخلت منعطفا جديدا عندما تناولتها الصحف الهولندية وتبين أن قصية سارة وعمار دخلت ضمن اهتمام المرشحين في الانتخابات التي ستجري في هولندا خلال اسابيع.
ونشرت الجريدة اليومية في منطقة الشمال الهولندية علي موقعها علي الانترنت مطالبة احد اعضاء البرلمان الهولندي ويدعي هانس فان بأن تتدخل وزيرة الخارجية الأمريكية رايس لحل المشكلة!! وقال عضو البرلمان اذا كانت سوريا لاتحبذ التدخل الأمريكي يفضل تدخل خفير سولانا بالموضوع.
وقد وجهت انتقادات مختلفة لعضو البرلمان من قبل بعض الصحفيين واتهموه بأنه مؤيد لإسرائيل ولليهود, وقال أحدهم في الصحيفة ذاتها, لماذا نستعمل التوسط والسبيل الوحيد لحل المشكلة هو الأب والأم, خاصة علينا ان ننظر إلي شخصين مختلفين في العادات والتقاليد.
ونشرت الصحيفة ذاتها بتاريخ31 اغسطس الماضي كما نقلت الصحف السورية ان وزارة الخارجية الهولندية تفتش في القرآن عن حل لمشكلة الاولاد من خلال تعاليم الإسلام وطرق الحضانة, كما تناول التليفزيون الهولندي الموضوع أكثر من مرة.
يشار إلي ان الطفلين المختطفين أو المحتجزين عمار البالغ من العمر13 عاما وسارة11 سنة هما اولاد هشام الحافظ من أمهم الهولندية يانكا شخونهوفن التي انفصل عنها منذ نحو9 سنوات وكان والد الطفلين ادعي ان ولديه قد اختطفا, فيما نفت وزارة الخارجية الهولندية هذه الاتهامات, وقالت إن الطفلين لجآ إلي السفارة بمحض ارادتهما, لالتماس المساعدة معربين عن رغبتهما بالعيش مع امهما, ووصفت السفارة, حسب ما نقلت وسائل الإعلام الهولندية مايجري بأنه قضية بالغة الحساسية واعتبرت تلك الوسائل ان الحادثة تنذر بالتطور إلي ازمة سياسية.
وهنا مازال البحث عن حل مستمرا؟ فهل تنجح الوساطات ام تسير الأمور عكس الاتجاه؟!
منقول عن الأهرام 8/10/2006