حق الانسان في الحياة
المحامي سميح الزعيم
حق الإنسان في الحياة يُعتبر من أقدس الحقوق وأثمنها في جميع الأديان السماوية، هذه الأديان، على الرغم من اختلاف تفاصيلها، تتفق على مبدأ أساسي وهو حرمة النفس البشرية وضرورة الحفاظ عليها.
الأسس المشتركة بين الأديان السماوية في حفظ حق الحياة :
حرمة القتل تُحرّم جميع الأديان السماوية القتل بجميع أشكاله، وتعتبره جريمة كبرى تستوجب العقاب الشديد. الوصايا العشر في اليهودية والمسيحية، والشريعة الإسلامية، تُشدد على هذا التحريم بالإضافة إلى تحريم القتل، تُحرّم الأديان السماوية أيضًا الانتحار، حيث تُعتبر الحياة أمانة من الله للإنسان، وليس له الحق في إنهاءها. في الوقت نفسه، تُجيز الأديان السماوية للإنسان الدفاع عن نفسه في وجه الاعتداء، بل وتعتبره واجبًا في بعض الحالات.
ففي اليهودية تُشدد التوراة على حرمة الدم، وتعتبر القتل من أكبر الخطايا. كما تُقدم الشريعة اليهودية تفصيلات حول القتل الخطأ والقتل العمد، وتُحدد العقوبات المناسبة لكل حالة.
وفي المسيحية يُؤكد العهد الجديد على تعاليم العهد القديم بشأن حرمة القتل، ويُضيف إليها بُعدًا روحيًا، حيث يُشدد على أهمية المحبة والتسامح، ويدعو إلى تجنب العنف حتى في القلب.
أما في الإسلام يُعتبر الحفاظ على النفس من الضرورات الخمس في الشريعة الإسلامية. يُحرّم القرآن الكريم القتل تحريمًا قاطعًا، ويُعتبره من أكبر الكبائر. كما يُشرّع الإسلام القصاص لحماية المجتمع من الجرائم، ولكنه يدعو في الوقت نفسه إلى العفو والتسامح.
بعض الجوانب الإضافية:
تُولي الأديان السماوية اهتمامًا خاصًا بحياة الجنين، وتُحرّم الإجهاض إلا في حالات الضرورة القصوى لحماية حياة الأم.
كما تُشدد الأديان السماوية على ضرورة رعاية المرضى والمُحتضرين، وتوفير العناية اللازمة لهم.
اما في زمن الحروب على الرغم من أن الحروب تُعتبر من أسوأ مآسي البشرية، تُضع الأديان السماوية ضوابط وأخلاقيات للحروب، تُهدف إلى الحد من الخسائر في الأرواح، وحماية المدنيين والأبرياء.
بشكل عام، تُعتبر الأديان السماوية حصنًا منيعًا لحماية حق الإنسان في الحياة، وتُقدم تعاليم وإرشادات تُساهم في بناء مجتمعات آمنة ومُسالمة.
حق الانسان في الحياة في القوانين والمعاهدات الدولية :
حق الإنسان في الحياة يُعتبر من أسمى الحقوق الأساسية التي يتمتع بها الفرد، وهو الركيزة التي تقوم عليها بقية الحقوق الأخرى. هذا الحق مُكرّس في العديد من المواثيق الدولية والإعلانات العالمية، وكذلك في الدساتير والقوانين الوطنية في مختلف الدول ففي المواثيق الدولية والإعلانات العالمية فقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) في المادة الثالثة منه على أن "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه". هذا الإعلان يُعتبر مرجعية أساسية في مجال حقوق الإنسان. وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966) فقد نص في المادة السادسة منه على أن "لكل إنسان الحق الطبيعي في الحياة. ويحمي القانون هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً". كما يُشدد العهد على أن هذا الحق لا يجوز تعطيله حتى في حالات الطوارئ العامة. أما الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فهي تُعتبر من أهم الاتفاقيات الإقليمية التي تُعنى بحماية حقوق الإنسان، حيث تُكرّس المادة الثانية منها الحق في الحياة.
في القوانين الوطنية فقد كرّست معظم دساتير الدول وقوانينها الحق في الحياة، وتضع آليات لحمايته. وعلى سبيل المثال تُعتبر الدساتير أعلى القوانين في الدولة، وعادةً ما تتضمن نصوصًا صريحة تُؤكد على حق الإنسان في الحياة.وكذلك قوانين العقوبات فهي تُجرّم الاعتداء على حياة الآخرين، وتُحدد العقوبات المناسبة لجرائم القتل والإيذاء. كما انه توجد قوانين أخرى تتضمن نصوصًا تُعزز حماية الحق في الحياة، مثل قوانين الصحة والسلامة المهنية، وقوانين حماية البيئة.
جوانب حماية الحق في الحياة:
تشمل حماية الحق في الحياة جوانب متعددة، منها :
الحماية من القتل العمد حيث يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات .
الحماية من التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تُعتبر هذه الممارسات انتهاكًا لحق الإنسان في الحياة وسلامة شخصه.
الحماية من الإعدام التعسفي: يُشترط أن يكون الإعدام مُستندًا إلى حكم قضائي نهائي صادر عن محكمة مُختصة، وأن تُتاح للمحكوم عليه جميع الضمانات القانونية.
الحق في مستوى معيشي لائق: يشمل ذلك الحق في الغذاء والماء والسكن والرعاية الصحية، حيث أن الحرمان من هذه الحقوق يُعرّض حياة الإنسان للخطر.
الحماية في حالات النزاعات المسلحة: يُشدد القانون الدولي الإنساني على حماية المدنيين في حالات النزاعات المسلحة، ويُحظر استهدافهم بشكل مُتعمد.
التحديات التي تواجه حماية الحق في الحياة:
رغم وجود هذه النصوص القانونية، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه حماية الحق في الحياة، منها:
النزاعات المسلحة والإرهاب
الفقر والتهميش
العنف المنزلي والعنف ضد المرأة
في الختام، يُعتبر حق الإنسان في الحياة حقًا أساسيًا لا يجوز المساس به، ويتطلب حمايته تضافر جهود المجتمع الدولي والدول والمجتمع المدني. يجب العمل على تعزيز سيادة القانون، ومكافحة الجريمة والإرهاب، ومعالجة أسباب الفقر والتهميش، ونشر ثقافة حقوق الإنسان.