بسم الله الرحمن الرحيم
هاهي الطائرة تحلق عاليا متجهة الى اسطنبول . لا اعرف لماذا لا ينتابني شعور الفرح وانا العائد الى وطني . وتكثر الاسئلة برأسي :
من سأجده مستشهدا؟
هل مازال منزلي على حاله ام تدمر ؟
ماهي درجة الدمار ؟
من بقي من اصدقائي ؟
واسئلة كثيرة تتصارع فيسيطر علي القلق والخوف و خاصة انني منذ اكثر من شهر وانا احاول عبثا التواصل مع اهلي .........
لقد غادرت مدينة حلب اوائل رمضان الفائت , عندما قرر لواء التوحيد تحرير المدينة بالرغم من كل الاعتراضات من الالوية الاخرى . لقد كان قرار دخول الجيش الحر مدينة حلب بمثابة قرار تدمير لهذه المدينة التاريخية .
لن اناقش الاثار السلبية لقرار تحرير حلب من وجهة نظري . المهم مع ايام رمضان الاولى كانت معظم احياء المدينة محررة من قوات النظام وسيطر الجيش الحر على اكثر من سبعين بالمائة من مساحة المدينة وتوقف لواء التوحيد عن تقدمه وتحول كما تسميه الالوية الاخرى الى لواء التصوير .
تحولت حياتنا الى جحيم وكان النظام يعاقب الناس العاديين اما نسورنا البواسل فكانت تغير علينا اثناء الافطار والسحور وكنا نهرع من فوق افطارنا في رمضان الى زوايا البيت اكثر من مرة . وانتشر القناصة الذين لا يحملون اي ذرة من ذرات الانسانية فكانوا يستلذون في عمليات القنص دون تمييز لطفل او امرأة او حتى شيخ كبير . كنا في ذهول واستغراب وكان السؤال الذي لم نجد له اجابة اانذاك لماذا يتم قتلنا وقصفنا بهذه الطريقة الهمجية . هذه الطائرات من اين تأتي ؟ واسئلة كثيرة عرفنا جوابها اخيرا .
انه صباح يوم الرابع والعشرون من شهر اذار 2013 صباح ربيعي جميل . الساعة تشير الى العاشرة صباحا عندما اجتزت اخر نقطة للحدود التركية .
انني ادخل ارض الوطن , هؤلاء هم عناصر الجيش الحر . تبددت كل مشاعر القلق وانا انظر بوجه احد عناصر الجيش الحر , كان شاب في العشرين من عمره ذو لحية قصيرة وشوارب محفوفة يشع وجهه جملا , اردت تقبيله على جبينه العالي عندما كان يتعامل بكل مودة بالرغم جلافة بعض المسافرين . لقد كان عناصر النظام في السابق يحاصرون العائد الى سوريا حتى يضطر الى دفع المعلوم .
الحياة طبيعية وحواجز الجيش الحر منتشرة بكثرة والطريق يعج بالسيارات الداخلة والخارجة , كل ذلك يبعث لدى الزائر شعورا بالطمائنينة والامان .
وقفت على دوار مدينة سرمدا القريبة من معبر باب الهوى الحدودي وأوقفت سيارة اجرة الى مدينة الاتارب . كان سائق السيارة شاب في الثلاثين من عمره ملتحي ايضا ببشرة حنطية وعضلات مفتولة يستمع الى اناشيد جهادية في مسجل السيارة .
اجتزنا عدة حواجز على الطريق وكل حاجز تابع للواء يختلف عن الاخر . كان سائق السيارة معروف من جميع الحواجز وينادونه ابو اسامة واثناء حديثي معه علمت انه اتخذ هذا اللقب محبة باسامة بن لادن . وعلمت بأنه مقاتل في الجيش الحر وفي الايام التي لايكون فيها قتال يعمل سائق اجرة كونه اب لخمسة اطفال ولا بد ان يؤمن لهم طعامهم و شرابهم مما يضطره للعمل كسائق تكسي , قاطعته الا تحصلون على رواتب من الجيش الحر فضحك من سؤالي وقال يا اخي لقد بعت ذهب زوجتي كي اشتري سلاحا _ نحن نقاتل في الليل ونعمل في النهار _ لم استطع اكمال محادثتي معه كوننا وصلنا الى الاتارب وكانت الاجرة الفي ليرة سوريا , وظننت انه غبنني في الاجرة . يتبع