الخيرُ في الناسِ مصنوعٌ اذا جُبروا و الشرُّ في الناسِ لا يفنى وإِن قُبروا وأكثرُ الناسِ آلاتٌ تحركها أصابعُ الدهر يوماً ثم تنكسرُ فلا تقولنَّ هذا عالم علمٌ ولا تقولنَّ ذاك السيد الوَقُرُ فأفضل الناس قطعانٌ يسير بها صوت الرعاة و من لم يمشِ يندثر و ما الحياةُ سوى نومٍ تراوده أحلامُ من بمرادِ النفس يأتمرُ و السرُّ في النفس حزن النفس يسترهُ فإِن تولىَّ فبالأفراحِ يستترُ و السرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُ فإِن أُزيل توَّلى حجبهُ الكدرُ فإن ترفعتَ عن رغدٍ وعن كدرِ جاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ و قلَّ في الأرض مَن يرضى الحياة كما تأتيهِ عفواً و لم يحكم بهِ الضجرُ لذاك قد حوَّلوا نهر الحياة الى أكواب وهمٍ اذا طافوا بها خدروا فالناس إن شربوا سُرَّوا كأنهمُ رهنُ الهوى وعَلىَ التخدير قد فُطروا فذا يُعربدُ إن صلَّى و ذاك إذا أثرى و ذلك بالأحلام يختمرُ فالأرض خمارةٌ و الدهر صاحبها و ليس يرضى بها غير الألى سكروا فإن رأَيت أخا صحوٍ فقلْ عجباً هل استظلَّ بغيم ممطرٍ قمرُ و الدينُ في الناسِ حقلٌ ليس يزرعهُ غيرُ الألى لهمُ في زرعهِ وطرُ من آملٍ بنعيمِ الخلدِ مبتشرٍ و من جهولٍ يخافُ النارَ تستعرُ فالقومُ لولا عقابُ البعثِ ما عبدوا رباًّ و لولا الثوابُ المرتجى كفروا كأنما الدينُ ضربٌ من تجارتهمْ إِن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسروا و العدلُ في الأرضِ يُبكي الجنَّ لو سمعوا بهِ و يستضحكُ الاموات لو نظروا فالسجنُ و الموتُ للجانين إن صغروا و المجدُ و الفخرُ و الإثراءُ إن كبروا فسارقُ الزهر مذمومٌ و محتقرٌ و سارق الحقل يُدعى الباسلُ الخطرُ و قاتلُ الجسمِ مقتولٌ بفعلتهِ و قاتلُ الروحِ لا تدري بهِ البشرُ و الحقُّ للعزمِ و ألارواح ان قويتْ سادتْ و إن ضعفتْ حلت بها الغِيرُ ففي العرينة ريحٌ ليس يقربهُ بنو الثعالبِ غابَ الأسدُ أم حضروا و في الزرازير جُبن و هي طائرة و في البزاةِ شموخٌ و هي تحتضر و العزمُ في الروحِ حقٌ ليس ينكره عزمُ السواعد شاءَ الناسُ أم نكروا فإن رأيتَ ضعيفاً سائداً فعلى قوم إذا ما رأَوا أشباههم نفروا و العلمُ في الناسِ سُـبْـلٌ بانَ أوَّلها امَّا أواخرها فالدهرُ و القدرُ و أفضلُ العلم حلمٌ إن ظفرتَ بهِ و سرتَ ما بين أبناء الكرى سخروا فان رأيتَ أخا الأحلام منفرداً عن قومهِ و هو منبوذٌ و محتقرُ فهو النبيُّ و بُردُ الغَدّ يحجبهُ عن أُمةٍ برداءِ الأمسِ تأتزرُ و هو الغريبُ عن الدنيا وساكنِها و هو المهاجرُ لامَ الناس أو عذروا و هو الشديد و إن أبدى ملاينةً و هو البعيدُ تدانى الناس أم هجروا و الحُرُّ في الأرض يبني من منازعهِ سجناً لهُ و هو لا يدري فيؤتسرُ فان تحرَّر من أبناءِ بجدتهِ يظلُّ عبداً لمن يهوى و يفتكرُ فهو الأريب و لكن في تصلبهِ حتى و للحقِّ بُطلٌ بل هو البطرُ و هو الطليقُ و لكن في تسرُّعهِ حتى الى أوجِ مجدٍ خالدٍ صِغرُ و اللطفُ في الناسِ أصداف و إن نعمتْ أضلاعها لم تكن في جوفها الدررُ فمن خبيثٍ له نفسان واحدةٌ من العجين و أُخرى دونها الحجرُ و من خفيفٍ و من مستأنث خنثِ تكادُ تُدمي ثنايا ثوبهِ الإبرُ و اللطفُ للنذلِ درعٌ يستجيرُ بهِ ان راعهُ وجلٌ او هالهُ الخطرُ فان لقيتَ قوياًّ ليناً فبهِ لأَعينٍ فقدتْ أبصارها البصرُ والظرفُ في الناس تمويهٌ وأبغضهُ ظرفُ الأولى في فنون الاقتدا مهروا من مُعجبٍ بأمورٍ وهو يجهلها و ليس فيها له نفعٌ ولا ضررُ و من عتيٍّ يرى في نفسهِ ملكاً في صوتها نغمٌ في لفظها سُوَرُ و من شموخٍ غدت مرآتهُ فلكاً و ظلهُ قمراً يزهو و يزدهرُ و الحبُّ في الناس أشكالٌ و أكثرها كالعشب في الحقل لا زهرٌ ولا ثمرُ و أكثرُ الحبِّ مثلُ الراح أيسرهُ يُرضي و أكثرهُ للمدمنِ الخطرُ و الحبُّ ان قادتِ الاجسامُ موكبهُ الى فراش من اللذّات ينتحرُ كأنهُ ملكٌ في الأسر معتقلٌ يأبى الحياة و أعوان له غدروا وإن لقيتَ محباً هائماً كلفاً في جوعهِ شبعٌ في وِردهِ الصدرُ و الناسُ قالوا هوَ المجنونُ ماذا عسى يبغي من الحبِّ او يرجو فيصطبرُ أَفي هوى تلك يستدمي محاجرهُ و ليس في تلك ما يحلو و يعتبرُ فقلْ همُ البهمُ ماتوا قبل ما وُلدوا أنَّى دروا كنهَ من يحيي و ما اختبروا و قل نسينا فخارَ الفاتحينَ و ما ننسى المجانين حتى يغمر الغمرُ قد كان في قلب ذى القرنين مجزرةٌ و في حشاشةِ قيسِ هيكلٌ وقرُ ففي انتصارات هذا غلبةٌ خفيتْ و في انكساراتِ هذا الفوزُ و الظفرُ و الحبُّ في الروح لا في الجسم نعرفهُ كالخمرِ للوحي لا للسكرِ ينعصرُ و ما السعادة في الدنيا سوى شبحٍ يُرجى فإن صارَ جسماً ملهُ البشرُ كالنهر يركض نحو السهل مكتدحاً حتى اذا جاءَهُ يبطي و يعتكرُ لم يسعد الناسُ الا في تشوُّقهمْ الى المنيع فان صاروا بهِ فتروا فإن لقيتَ سعيداً و هو منصرفٌ عن المنيع فقل في خُلقهِ العبرُ وغايةُ الروح طيَّ الروح قد خفيتْ فلا المظاهرُ تبديها و لا الصوَرُ فذا يقول هي الأرواح إن بلغتْ حدَّ الكمال تلاشت و انقضى الخبرُ كأنما هي...أثمار إذا نضجتْ و مرَّتِ الريح يوماً عافها الشجرُ و ذا يقول هي الأجسام ان هجعت لم يبقَ في الروح تهويمٌ و لا سمرُ كأنما هي ظلٌّ في الغدير إذا تعكر الماءُ ولّت ومَّحى الاثرُ ضلَّ الجميع فلا الذرَّاتُ في جسدٍ تُثوى و لا هي في الارواح تحتضرُ فما طوتْ شمألٌ أذيال عاقلةٍ إلا ومرَّ بها الشرقي فتنتشرُ و الجسمُ للروح رحمٌ تستكنُّ بهِ حتى البلوغِ فتستعلى و ينغمرُ فهي الجنينُ وما يوم الحمام سوى عهدِ المخاض فلا سقطٌ و لا عسرُ لكن في الناس أشباحاً يلازمها عقمُ القسيِّ التي ما شدَّها وترُ فهي الدخيلةُ والأرواح ما وُلدت من القفيل و لم يحبل بها المدرُ و كم عَلَى الارض من نبتٍ بلا أَرجٍ و كم علا الأفقَ غيمٌ ما به مطرُ في الأرض لابن الارض خاتمةٌ و للأثيريّ فهو البدءُ و الظفرُ فمن يعانق في أحلامهِ سحراً يبقى و من نامَ كل الليل يندثرُ و من يلازمْ ترباً حالَ يقظتهِ يعانقُ التربَ حتى تخمد الزهرُ فالموتُ كالبحر , مَنْ خفّت عناصره يجتازه , و أخو الاثقال ينحدرُ العيشُ في الغاب و الأيام لو نُظمت في قبضتي لغدت في الغاب تنتثرٌ لكن هو الدهرُ في نفسي له أَربٌ فكلما رمتُ غاباً قامَ يعتذرُ و للتقادير سبلٌ لا تغيرها و الناس في عجزهم عن قصدهم قصروا