يتبادر إلى الأذهان السؤال التالي : ما هي طبيعة العلاقة بين النقيب (سواء رئيس الفرع أو رئيس النقابة ) وبين المحامي كفرد ؟؟؟؟؟ هل هي علاقة الحاكم بالمحكوم والمدير بالموظف ورب العمل بالعامل ؟؟؟؟ أم أنها غير ذلك . وما هي حدود العلاقة بين الطرفين أين تبدأ وأين تنتهي ؟؟ وما هو ضابط هذه العلاقة ؟؟؟؟ وما هي الوسيلة التي تحمي كل طرف من تجاوزات الطرف الآخر؟؟؟؟
على الصعيد القانوني لم نجد أي نص يتحدث عن العلاقة بين المحامي والنقيب كأفراد ، وإنما جميع النصوص تتحدث عن علاقة المحامي بالمجلس كمؤسسة . وتفسير ذلك أن النقيب كشخص ليس له أي سلطة مباشرة على المحامي وهذا ينسجم مع طبيعة النقابة التي يفترض أنها تنظيم مهني اجتماعي يعمل على تحقيق أهداف مشتركة بين أعضاء هذا التنظيم . فالنقابة ما هي في النهاية سوى مجموعة من الأفراد التقت إرادتهم على إنشاء تنظيم جماعي فيما بينهم من شأنه أن يحمي مصالحهم ويسهل لهم الوصول إلى تحقيق أهدافهم . ومجلس النقابة هو الهيئة التي تكونت بناء على انتخابات أجراها الأعضاء كي تكون هذه الهيئة هي الممثلة الحقيقية لإرادة هؤلاء الأعضاء . والهدف الأساسي لهذه المجالس هو تيسير سبل إدارة أعمال النقابة بما يحمي مصالح أعضائها ويؤمن لهم الاستقرار والحماية .
نخلص إلى القول أن نقيب المحامين لا يملك أي سلطة تجاه المحامي في علاقتهم كأفراد ، وإن هذه العلاقة تنحصر فقط بين المحامي وبين مجلس النقابة كمؤسسة . لكن مما لا شك فيه أن النقيب باعتباره أعلى سلطة نقابية يتمتع بنفوذ أدبي على أعضاء النقابة ولكنه ليس نفوذاً مستنداً إلى نص قانوني .
نريد هنا التوقف عند نص هام هو نص المادة /79/ من النظام الداخلي لنقابة المحامين والذي جاء فيه ما يلي :
"على المحامي أن يحترم سلطات المؤتمر العام والهيئة العامة والمجلس ومجلس الفرع وقراراتها وتعليماتها، وعليه تنفيذ هذه القرارات والتعليمات وأن يجيب دون ابطاء أو تلكؤ على أي طلب أو استيضاح أو معلومات ترسل إليه من الجهات المذكورة. ما لم تكن مقيدة بسر المهنة، وتحت طائلة المساءلة المسلكية " .
ونلاحظ أن هذا النص يتحدث عن علاقة بين المحامي وبين السلطات النقابية على اختلافها ولم يذكر رئيس الفرع أو النقيب كأفراد . حيث يلزم النص المحامي باحترام القرارات والتعليمات الصادرة عن سلطات المؤتمر العام والهيئة العامة والمجلس ومجلس الفرع ويوجب عليه تنفيذ هذه القرارات والتعليمات ، كما يجب على المحامي أن يجيب ودون إبطاء أو تلكؤ عن أي طلب أو استيضاح أو معلومات ترسل إليه من قبل الجهات السابقة وذلك تحت طائلة المساءلة المسلكية .
ففي اعتقادنا فإن هذا النص يؤيد ما قلناه سابقاً من أنه ليس هناك علاقة مباشرة بين المحامي والنقيب بحيث يكون للنقيب أي سلطة على هذا المحامي . وإن العلاقة تنحصر بين المحامي ومجلس النقابة فقط .
ويؤيد ذلك أيضاً أن النقيب لا يتمتع بأي صلاحيات حقيقية من شأنها التأثير على حقوق المحامي ومصالحه ، وإن هذه الصلاحيات موجودة فقط بين يدي المجلس كمؤسسة وإن جميع القرارات تصدر عن المجلس وليس عن رئيسه.
إلا أنه يجب التنبيه إلى أن العلاقة بين المحامي والنقيب ينبغي أن تتسم بطابع الاحترام المتبادل بين الطرفين لأن النقيب هو أعلى سلطة نقابية وهو الناطق باسم المحامين وممثلهم أمام الجهات الأخرى الداخلية أو الخارجية ، نقابية أو غير نقابية . كما ينبغي أن يتعامل النقيب مع المحامين بمثل الاحترام السابق لأنه بأصواتهم تربع على كرسي منصبه النقابي ولأنهم منحوه الثقة الكاملة في إدارة شؤون نقابتهم . وينبغي ألا يتعالى النقيب في تعامله مع أعضاء نقابته وألا يسيء استعمال منصبه لأغراض شخصية ومنافع خاصة كي يحافظ على نفوذه الأدبي لدى المحامين ولا يفقد احترامهم .