سؤال في البال إن أي واقعة زواج لسوري أو سورية معقودة خارج الإقليم السوري تعتبر غير قانونية ولا يمكن تسجيلها في سورية إذا كانت مخالفة للنظام العام, وتنص المادة 48 ف2 أحوال شخصية على أن: (زواج المسلمة من غير المسلم باطل). وبالتالي فالأولاد لسوريين متزوجين وفق زواج مدني يخالف ال 48 ف2 يعتبروا (بالمشرمحي ) أولاد حرام !
في بداية عهدي بالقانون كنت سنة ثانية حقوق , سألتني إنسانة مقربة من العائلة ما هو الحل بالنسبة لعقد زواجها من شخص من جنسية إحدى الدول المتوسطية الشمالية,عندها راسلت وزارة الداخلية ومن ثم سلمتها قائمة الشروط الناظمة لمثل هذا الزواج , لكنها مسلمة فكيف لها أن تتزوج من مسيحي ؟ قلت لها حينها: ( الخلاصة لا يمكنكما الزواج في سورية ما لم يعلن خطيبك إسلامه ) لكن الرجل مؤمن بالعقيدة المسيحية الكاثوليكية وهي دينه و دين آباءه وأجداده , ويرفض تغيير دينه بهدف الزواج وقال لي بالحرف الواحد: ( أنا لست ضد الإسلام و الدليل أني مقبل على الزواج من مسلمة , وأنا أحترم بقائها على دينها , فلما لا تحترمون بقائي على ديني ؟).
شرحت له المادة 48 ف2 أعلاه , وبالتالي وبما أن قانون بلاده يقبل الحلول الثلاثة للزواج : أن يتم الزواج مدنيا أم دينيا حسب رغبة الشخصين , أم أن يأخذ طابعا مختلطا فيوثق العقد في البلدية ثم يتم تكليلهما بالكنيسة .
المهم : سافر الرجل أولا ثم سافرت المخلوقة بعد ه إلى ذلك البلد(لا أريد التسمية) وتقدمت مع خطيبها بمعاملة زواج لدى دائرة البلدية ,(ومفهوم البلدية هناك غير مفهومها في سورية , ووفقا للقانون المدني العمدة هو الشخص المخول بعقد وتوثيق الزواج المدني ) هناك اصطدما بعقبة أنه توجد اتفاقية بين سورية وذلك البلد ,وبلاغ معمم على الدوائر البلدية كافة بأن زواج السوريين يحتاج لموافقة وزارة الداخلية السورية , اتصلوا بي من هناك لتأمين الموافقة أصولا , وبعد استشارة الإخوة المحامين ومراجعتي للدوائر الحكومية لم نستطع تامين الموافقة بشروطها المتعددة بالإضافة لكونها خارج البلد اضطرت الجارة السورية للعودة وهنا طلبت منها توكيلي بزواجها , وكان ان فوجئت الفتاة بأنها لا تملك حق تزويج نفسها من سوري أو غيره دون موافقة الولي وهو والدها وكلاهما الجارة ووالدها من الشخصيات المعروفة اجتماعيا
لم يرفض والدها الزواج ولا أهلها شرط أن يأخذ في سورية طابعا قانونيا , فعدنا إلى المادة 48 ف2 .؟
وبعد بحثي الطويل وتحدثي مع خطيبها ساعات على الهاتف , توصلنا لحل وفق قانون ذلك البلد تفيد ما معناه : ( إن أي مادة في أي قانون أجنبي او وطني تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لذلك البلد تعتبر ملغاة ) وحيث ان ذلك البلد موقع على هذا الإعلان , وبالتالي حسب نصه في المادة 16
ف( 1 ) للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
وهذا الإعلان بمثابة اتفاقية دولية وقد وقع عليه البلد (x) دون تحفظ على هذه المادة على عكس الدولة السورية؟ لذلك وعند تعارض القانون الوطني مع الاتفاقية يجب تطبيق الاتفاقية وهذا ما أوصلنا للنتيجة القانونية التالية:
(يمكن تزويج السورية المسلمة بالرغم من قانون البلد (x)أي دون الحصول على موافقة وزارة الداخلية السورية , شريطة إثبات أن القانون السوري يتناقض مع الاتفاقية ((الإعلان)) .
هنا كنت مسرورا كمن قال وجدتها عندما وصلنا إلى الحل التالي :
(رفع دعوى أمام قضاء الدولة (x) بمواجهة البلدية لامتناعها عن تثبيت الزواج وتأكيدها الاشتراط على موافقة وزارة الداخلية السورية , بما بتناقض وقانونها الذي يقر بالمادة 16 ف1 من الاتفاقية الأسمى من القانون وكونه اتفاقية عالمية يتناقض مع الاتفاقية اللاحقة بين وزارة داخلية البلدين ويتناقض مع مقدمة الإعلان التي تنص(فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها. ))
عليه قمنا بتأسيس الدعوى بالتعاون مع محامي الرجل في البلد (X) هنا اصطدمنا بقانون الدولة (x) مرة أخرى والذي يلقي على المدعي وحده عبئ إثبات تناقض القانون الأجنبي ((السوري)) وتنافيه مع قانون(x) والإعلان العالمي لحقوق الإنسان , فقلت لمحامينا وقتها بصفتي وكيلا عن الزوجة بصفتي الشخصية ولم أكن بعد محاميا, قلت له هذا أمر بسيط يمكن حله بالاتصال بالسفارة السورية , لكن السفير رغم كونه لطيفا ومتفهما قال إن إعطاء ورقة كهذه ليس من اختصاصه وان علينا مراجعة الحكومة السورية ,
قلت له : (سعادة السفير , نحن لا نطلب منكم مخالفة القانون السوري , بل فقط أن تجيبوا على كتاب المحكمة الموجه إليكم ) , لكن الرجل امتنع عن الإجابة ولم نشأ تصعيد الموضوع وعمل قصة , فنحن نريد العنب لا قتل الناطور , عدت إلى سورية بعد أفهمت المحامي ان الحصول على ورقة عليها نص القانون السوري موقعة ومترجمة ومصدقة من سفارتهم في بلادنا أمر سهل وبديهي ...
فكان أن اصطدمنا هنا بعقبة العقبات :
لم تعطني أية جهة حكومية أي ورقة ورفض الموظفون المختصون ذلك , رغم صياغتي للطلبات بطرق متعددة فإن وزارة الداخلية رفضت تصديق ورقة ببساطة تتضمن نص المادة 48 ف2 أحوال شخصية , قلت لهم يا جماعة أنا وكيل عن السيدة ومن حقي أن احصل على طلبي , تم الرفض من كل الجهات حتى وزارة الأوقاف رفضت إعطائي أي ورقة ولا أي مفتي في المحافظات ولا أي قاضي شرعي . لم اصدق حينها ما يحصل (( يا جماعة طالما قانونكم ينص على ان زواج المسلمة بغير المسلم باطل فأين العيب بإعطائي شرحا يفيد ذلك )) هل تخجلون من القانون ؟ لكن أحدا لم يجب إلا شفهيا !؟
وبعد سعي طويل دون طائل خطرت بعدها الفكرة ببالي وحصل الأمر التالي :
حضر الرجل والمرأة إلى سورية , ووقعوا بينهم عقد زواج عرفي بحضور شاهدين و سلموني إياه , و سلموني بيانا شخصيا لكل منهما, و وثيقة عمادة من الكنيسة الغربية تفيد ديانة الرجل وهي المسيحية الكاثوليكية . هنا بناء عليه قدمنا الوثائق إلى القاضي الشرعي السوري بدعوى : (( تثبيت زواج))
وبالطبع فإن القاضي ببداهة الحال قبلها شكلا وحدد لها جلسة ...طلبنا مهلة لاستكمال الأوراق , بالطبع كوني وكيل للزوجة المفترضة لم ابرز أي ورقة تفيد ديانة الخصم الزوج المفترض ,
وكان تفاجؤ القاضي كبيرا عندما أبرزت له في جلسة لاحقة بيانا شخصيا عليه ديانة الرجل (المسيحية الكاثوليكية) وبان من كنيسته بالتعميد يثبت ديانته وانتسابه وإيمانه بها , استنكر القاضي (( جهلي )) بالقانون وفي الجلسة التالية رد الدعوى موضوعا مستندا بصورة مباشرة لنص المادة 48 ف2 أحوال شخصية مستنكرا منا تجرؤنا على مجرد طلب هكذا طلب من المحكمة . بعد انبرام الحكم لم يكن لدى وزارة العدل مانع من تصديقه بعد ها ترجمناه ترجمة قانونية وصدقناه وصدقنا الترجمة في وزارة العدل مرة أخرى و من وزارة الخارجية السورية و سفارة (x) في سوريا ,
سافرنا بعدها إلى البلد المتوسطي الشمالي وتم تقديم الوثيقة للمحكمة هناك وبلا طول سيرة ......... مشي الحال .