للبريستيج) عائلة تمتلك خمس خادمات و طالبة جامعية لديها خادمة خاصة بها
تعمل لدى الجيران في الشقة المقابلة لمنزلي ، وهم عائلة سورية يعمل أفرادها في مهنة التدريس خارج القطر منذ عامين انتقلوا للاستقرار نهائياً في السعودية ،
كانت في العقد الثالث من عمرها جنسيتها إندونيسية أشاهدها على الدوام تخرج من الشقة لإحضار الأغراض للمنزل ، و لعل المال كان الدافع للعمل كخادمة قادمة من بلد بعيد تترك بيتها ومنزلها بعيدة عن طفليها.
وجود الخادمات الأجنبيات في المنازل ظاهرة أخذت تقلق المجتمع السوري ، لأسباب كثيرة أبرزها الناحية الاجتماعية أولاً و ثانياً كون مجتمعنا لم يعتد مسبقاً على وجود الخادمات في المنازل بهذه الكثافة .
الشغالة و البريستيج :
من السهل أعزائي القراء إن دققتم جيداً حول ما تسببه هذه الظاهرة من آثار على الواقع الاجتماعي في الوقت الذي لا نشكك بكل الخادمات الأجنبيات من ناحية الأمانة لأن بعضهن يعمل بإخلاص لكن ستجد الكثير من النتائج السلبية منها سرقات ـ أمراض صحية ، و اجتماعية ـ تنشئة للأطفال بشكل خاطئ ـ ..إلخ
للمصادفة قرأت إعلاناً في إحدى الصحف الرسمية مرفقاً بصورة خادمة فيلبينية أن هذه الخادمة تحمل شيئاً مهماً ومن يأويها فهو يتحمل المسؤولية ...
الكثير ممن تحدثوا حين استطلاعنا حول هذه الظاهرة و انعكاساتها السلبية على المجتمع و الأسرة وتربية الأطفال ، لكن اللافت للنظر أن السيد عبد المعين ـ الملقب أبو رأفت تأثر بشكل غير مباشر بهذه الظاهرة رغم عدم وجود خادمة أجنبية أو غير أجنبية في منزله و أترك الكلام له : من أجل إحضار خادمة إلى منزلنا حصل خلاف بيني و بين زوجتي التي لا تكف عن ( النقّ .. فوق رأسي ) و الإلحاح الدائم لإحضار خادمة لأن أختها لديها خادمتان و هي منزعجة لعدم وجود خادمة في منزلنا و لا أخفيك سراً أن أوضاعي المادية متوسطة بينما أختها وضعها المادي جيد جداً و في نفس الوقت لم أستطع إلا أن أرفض ليس فقط للسبب المادي ، بل لعدم تمكني من رؤية أولادي و فلذة كبدي يتركون بين أيدي أجنبية لا أعرف كيف يمكن أن ينشأوا ، !؟
أما السيدة سلوى و تعمل مدرّسة فتقول في هذا المجال : انتشرت هذه الظاهرة وبكثرة في البلد بأن نشاهد على الدوام خادمات يرافقن سيداتهن في كافة المناسبات ، و أنا أدرّس في مدرسة ابتدائية أغلب التلاميذ فيها من الطبقة الراقية و الغنية و نلاحظ ذلك من خلال قدوم الأم للمدرسة و بصحبتها خادمة ، و أغلب هذه الخادمات يتابعن مباشرة شؤون تدبير المنزل و الإشراف على الأولاد .
مكاتب للتشغيل :
امتلأت الصحف الإعلانية بإعلانات لخادمات أجنبيات و مكاتب لاستقدامهن و وضعت أرقام هواتف للاتصال ، وتأمين كافة الطلبات للمنازل ، رغم شعوري بالبداية حين تصفحي لهذه الإعلانات أنه يوجد إمتهان لإنسانيتهن ، :
ـ اتصل فوراً و احصل على طلبك .
ـ سيدتي لا داعي للحجز و الانتظار .
ـ أسعار تنافسية .
ـ الدفع بعد التجربة .
ـ مكتب ( ... ) يعلن عن وصول دفعة جديدة من الخادمات ، و عروض مميزة .
ـ التسليم فوري .
إن كان لهذه المكاتب الحق في وضع الإعلانات المناسبة لها لاستقطاب زبائنها ، فقد يكون هذا الأمر قد خفي عنهم دون انتباه لكن أجد تقارباً كبيراً لهذه الإعلانات التي تروج لسلعة ما .. !! قد يكون لمنظفات ..أو لدكاكين و مطاعم بيع اللحوم الجاهزة ، التي تعرب عن استعدادها لتأمين وجبات للمنازل ..
رغم كل ذلك بدأت الرحلة للطواف و الاتصال مع هذه المكاتب في أرقى الأحياء السكنية في البلد .. هذه المكاتب أفادتنا حين سؤالنا حول وضع هذه الخادمات من النواحي القانوية أنه لا يوجد أية مشكلة عليهن كخادمات لإجراء فحوص طبية و المكتب هو المسؤول .. إلخ
أما الراتب الشهري للخادمة و الذي يُوقع لمدة سنتين أو ثلاثة يترواح ما بين ( 100 ) دولار إلى ( 150 ) دولار شهرياً مع مبلغ يدفع للمكتب بقدر ( 100000 ) ل.س .
هذه الأرقام خلاصة ما خرجنا بها من المكاتب التي تتكفل بالخادمة بشكل كامل ..
لكن السؤال : هل هذه المكاتب في حقيقة الأمر مرخصة و قانونية ، وتحت إشراف السلطات ؟ .. وماذا عن حقوق المتعاقد مع هذه المكاتب أي رب أو ربة المنزل حين حدوث أية مشكلة ؟! .
( لا نتعامل مع المكاتب إطلاقاً بل نكتفي بجواز السفر و صاحب العلاقة تحديداً ضمن الأنظمة و القوانين ) هذا ما أفادنا به مصدر في الهجرة و الجوازات حول سؤالنا عن موضوع العاملات الأجنبيات القادمات بتأشيرات نظامية .
لكن في مديرية الشؤون الاجتماعية و العمل و أثناء عمله يتحدث السيد حيدر زيزان قائلاً : لا يوجد لدينا ما يطلق عليه مكاتب تشغيل خادمات و هي مكاتب غير قانونية لأن القانون / 1991 / الذي صدر في عام 1985 تحدث أنه يحدث مكتب تشغيل تابع للشؤون الاجتماعية و العمل .
لكنه في نفس الوقت يشير لوجود إجراءات قانونية تتم في مديرية الشؤون ، و أن العديد من العائلات يقمن بتسجيل الخادمات لدى المديرية ،ويعلق قائلاً حول تفشي هذه الظاهرة : من الملفت للنظر أن هذه الظاهرة تفشت بمجتمعنا و نلاحظها بشكل يومي من كثرة أعداد المراجعين للمديرية و حسب علمي توجد عائلة تضطر لإحضار خادمة لظرف ما في منزلها قد يكون ضرورياً ، لكن رغم ذلك هذا لا يبرر استقدام خادمة أجنبية حصراً لأنه تتوفر بكثرة العمالة الوطنية و الشق الآخر يستقدم الخادمات من أجل المباهاة فعلى سبيل المثال توجد عائلة لديها خمس خادمات ليس ذلك فحسب بل طالبة جامعة استقدمت خادمة خاصة بها ، و هذا الأمر أجده غريباً !! .
أما السيد حسن أبو راس من مديرية الشؤون الاجتماعية يقول : ليس للمديرية أية علاقة مع هذه المكاتب ، و غير مسؤولة عن أية نشاطات لها لكن توجد لدينا أضابير لخادمات و بطرق قانونية يقوم صاحب العلاقة باستقدام الخادمة و تزويدها ببطاقة عمل عن طريق المديرية ، ضمن القوانين و الأنظمة ، .
و بالفعل تصادف حديثنا مع السادة العاملين في المديرية بوجود خادمة فيلبينية اسمها ـ تايلو ـ و هي أم لطفل و تابعت بشكل مباشر ما يقوم به الكادر الإداري بتسجيل بيانات عنها.
تتضمن العمر ، وبيانات شخصية ، و حالتها الاجتماعية و صورة عن جواز سفرها و بيانات أخرى متعددة .. و بالتالي تحصل على بطاقة عمل ، و تصبح مسجلة بشكل نظامي .
رقابة مشددة :
مكاتب لاستقدام الخادمات الأجنبيات تنشط تحت الشمس دون رقابة و ليس للشؤون الاجتماعية أية صلة معها إطلاقاً .. بل تأخذ هذه المكاتب موافقات من جهات أخرى لأخذ الإذن في العمل ، !!
و تؤكد السيدة خلود شيخ دبس مديرة الشؤون الاجتماعية و العمل في حلب و التي تولت مهامها منذ مدة قصيرة كمديرة لهذا المرفق أن وضع الخادمات و استقدامهن ازداد بكثافة في الآونة الأخيرة ، و هذا له انعكاساته الاجتماعية حتماً و بعد مشاهدتنا لعمليات تسجيل الخادمات في المديرية تقول : يبلغ عدد الخادمات المسجل لدينا في المديرية بمعدل ( 2000 ) عاملة أجنبية ، كما يوجد الكثير و الكثير من العاملات غير المسجلات بأرقام مضاعفة لهذا العدد ، لذا لابد من التأكد من وضعهن الصحي من فحوصات طبية ، تجرى لهن في مشافٍ عامة .
كما قمنا بدراسة اقترحنا فيها التنسيق بين المديرية و إدارة الهجرة و الجوازات بعدم السماح لأي عامل عربي أو أجنبي بالمغادرة النهائية من القطر إلا بعد الحصول على براءة ذمة من المديرية و ذلك لكون القرار / 2040 / قد نص على رسوم توجب دفعها للحد من المخالفات و التهرب من الواجبات و كون أن الخادمات وأغلبهن لا يحصلن على بطاقة عمل طيلة مدة إقامتهن في القطر .
عالماشي :
بغض النظر عن الطرق التي تستقدم بها هذه العمالة الأجنبية ، و بغض النظر عن الطرق التي تلبى بها طلبات و رغبات بعض العائلات و الأسر بغرض المباهاة ، فهذه المكاتب تقدم بالنتيجة ( خدماتها ) لعائلات كثيرة ، لكن لابد أن نعلم أن اللائحة تطول للآثار السلبية التي تتركها هذه الظاهرة على أطفالنا ..وشبابنا ، و لكم أن تتخيلوا ذلك ، .
مصطفى رستم - سيريانيوز