الأعراف والتقاليد المهنية...
المحامي الأستاذ أسامة توفيق أبو الفضل
تعتبر التقاليد والأعراف المهنية الإطار العام أو الدائرة الكبرى التي لا يمكن لأي محام مسجل في الجدول الخروج منها ، وإن التفكير بالتخلص من التقاليد المهنية أو تجاوزها هو بداية انهيار العمل النقابي والمهني ، وكل من انتسب إلى مهنة المحاماة التزم باحترام قواعد وأعراف وتقاليد المهنة بعمله المهني في خدمة المواطنين وفي حياته الخاصة وعلاقاته العامة ، ويشمل ذلك حتماً السلوك والحياة الشخصية له قولاً وفعلاً ، وإن أي خروج على ما تقدم يبرر للنقابة مساءلة الخارج عن تلك الدائرة أو المحيط العام للمهنة ، لأنها تشكل الموروث الملزم لجميع أبناء المهنة .
وفي هذا المقام نسعى لإيجاد أسس عامة نحدد فيها المقصود بالأعراف والتقاليد رغم الصعوبة البالغة في تحقيق هذا الهدف خصوصاً وأن مفهوم العرف أو التقاليد أو العادة كان وما زال مثار جدل كبير بين الفقهاء ، فمنهم من يفرق بين العرف وبين العادة وبين التقاليد ، ومنهم من يعتبرهم مفهوماً واحداً ، إلا أن الجميع مجمع على أن العرف كان أسبق من القانون في الظهور في الحياة المدنية للإنسان ، ثم جاء التدوين لبعض الأعراف على شكل قانون أقر عرفاً ، أو أحدث أمراً يخالف عرفاً نافذاً ، أو يبطل عرفاً كان معمولاً به قبل صدور ذلك القانون . ولا يعيب العرف عدم تدوينه من حيث المبدأ وإن كان ذلك يحدث إشكالات عديدة عندما يتخذ أحدهم سلوكاً يتعارض مع العرف زاعماً جهله به . هناك أعراف ترسخت في ذهن العامة فأصبحت جزءاً من موروثهم الاجتماعي والسياسي ولم يعد هناك من حاجة إلى تدوين هذا العرف ، ويقرّ الجميع بضرورة التزام الجميع باحترام هذا العرف .
وفي محاولتنا هذه لم نجد ما يبرر عدم اتخاذ الدراسات الفقهية والعلمية للعرف والعادة التي لحظها الفقهاء في معرض شرحهم للمصادر التشريعية ، لذلك نرى أن الرجوع إلى المؤلفات العديدة في هذا الشأن جزء أساسي لهذا الموضوع ( ) .
كرس القانون المدني العرف مصدراً تشريعياً احتياطياً يلجأ إليه القاضي عند حسم النزاع إذا لم يجد في نص القانون ما يحقق هدفه . فقد جاء في المادة الأولى من القانون المدني السوري :
« 1ـ تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها .
2ـ فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه ، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإذا لم توجد فبمقتضى العرف ، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة . »
لقد وضع المشرع العرف في المرتبة الثالثة وقدم الشريعة الإسلامية على العرف بينما قدم المشرع المصري العرف على الشريعة الإسلامية وإن كان هذا الأمر ليس فيه إشكال على الصعيد العلمي فالشريعة الإسلامية ليست متعارضة مع الأعراف بل كرست العديد منها ، ونظراً للارتباط الوثيق بين السلوك اليومي للمرء وبين القواعد الدينية التي جاءت بها الشريعتين المسيحية والإسلامية وبين الأعراف المحلية والتي لا يجوز بالأصل أن تتجاوز القواعد الأخلاقية التي هي بدورها متوافقة مع القواعـد الدينية وبالتالي أصبح من الصعب ـ ومع مرور الزمن ـ الفصل الواضح بين قواعد الشريعة وقواعد العرف ، ونجد قانون التجارة يقدم العرف التجاري على القانون في بعض الحالات كما هو حال المواد 2 و 3 و4 من قانون التجارة السوري على سبيل المثال( ).
ونظراً للأهمية البالغة في الأعراف والتقاليد المهنية فقد رأينا أن نبحث في هذا المقام الأمور التالية :
ـ تعريف المصطلحات ( العرف ـ العادة ـ التقاليد ) .
ـ أركان العرف .
ـ أنواع العرف .
ـ أهمية العرف .
ـ إلزامية العرف .
ـ أثر العرف على المحيط الخارجي للمهنة .
ـ أثر ترك العرف على مستقبل المهنة
تعريف : (( العرف ـ العادة ـ التقاليد ))
تعريف العرف لغة :
جاء في المنجد : العرف ضد النكر // الاسم من الاعتراف بمعنى الإقرار . يقال « له عليّ ألفٌ عرفاً » أي اعترافاً وهو مفعول مطلق // ما استقر في النفوس من جهة شهادات العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول( ) .
وفي المعجم المدرسي : العرف ضد النكر . يقال : أولاه عرفاً ؛ أي: معروفاً . وقيل أرسلت بالعرف ؛ أي : بالمعروف. وأمرت بالعرف؛ أي بالمعروف، وهو الخير ، والرفق ، والإحسان . وما تعارف عليه الناس في عاداتهم ومعاملاتهم .. والعرف السياسي : تصرفات الحكام والسياسيين الرسمية (وهو ما يسمى بالبروتوكول)( ) .
العادة : العادة جمع عادات وعاد وعيد وعوائد : ما يعتاده الإنسان أي يعود إليه مراراً متكررة . وكَعوائد جمع عائدة . العاديّ ج عاديات الأمر الذي جرت العادة به( ) .
التقاليد :
جاء في المنجد : التقليد (مص) ج تقاليد وتقليدات : يستعملونه لما يكتبه السلطان أو الأمير للحاكم مصرحاً له به تقليده الحكم // هو ما انتقل إلى الإنسان من آبائه ومعلميه ومجتمعه من العقائد والعادات أو أمور العبادة والعلوم والأعمال // التقاليد عند النصارى : هي ما اتصل بنا من العقائد أو أمور العبادة خلفاً عن سلف مما أوحى الله به لكنيسته دون أن يسطر في الكتاب المقدس( ) .
وفي المعجم المدرسي : التقليد : إتباع الإنسان غيره فيما يقول أو يفعل . التقاليد : العادات المتوارثة التي يقلد فيها الخلف السَلف . مفردها تقليد(7) .
أركان العرف :
تمهيد :
تبدأ ولادة العرف المهني بسلوك فردي جيد يتخذه المحامي في معرض واقعة محددة يستحسنه باقي الزملاء فيكرره الآخرون مرة بعد مرة حتى يعم بين معظم المحامين فيتحول إلى عرف مستقر طالما تكررت الواقعة التي أوجدت هذا العرف ، ولا يشترط بالمحامي الذي يتخذ هذا السلوك الجيد قدماً ما ولا أن يكون صادراً عن المحامين الضليعين في المهنة ، ولا ممن له منصب نقابي الخ .. وبطبيعة الحال لا يتم غالباً تسجيل هذا السلوك الجديد لأول مرة بل قد لا يعرف من بدأ به فقد يكون انتشاره عبر سنوات طويلة حتى يصبح لدينا عرفاً مستقراً يلتزم به أبناء المهنة .
وهناك أعراف تبدأ بقرار يُتخذ من أعلى سلطة نقابية(8)يقرر فيه وجوب اتخاذ سلوك معين أو قول محدد في معرض واقعة محددة ، وتحدد تلك السلطة العليا في النقابة عقوبة تأديبية جزاء من يعارض ذلك القرار ، أو يقرر جزاءً معنوياً (استنكار) فيلتزم المحامون بذلك القرار وبنتيجة تكرار السلوك (الفعلي أو ألقولي ـ والملزم بحكم القرار) لزمن طويل فينقلب إلى عرف بين أبناء المهنة رغم أن بداية ذلك العرف كانت قسرية . والصورة الثانية أن تتخذ السلطة العليا في النقابة قراراً بمنع سلوك معين كان المحامون قد اعتادوا على القيام به فيصبح الالتزام بالامتناع ونتيجة الاستمرار بذلك الامتناع ينقلب الامتناع عرفاً . والحديث الشريف للرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه قبيحاً فهو عند الله قبيحاً .
وفي القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (سورة الأعراف الآية 199) .
أركان العرف (9):
يرى البعض أن للعرف ركنان الأول مادي والثاني معنوي ، والركن المادي يتمثل في تكرار العادة (الفعل) واطراد سلوك الناس (المحامين ) واستمرارهم على التعامل بموجبها باتفاق صريح ( قولي أو عملي . مكتوب أو غير مكتوب ) ويتحقق الركن المادي إذا كان التعامل مطرداً ، أو غالباً في جميع الوقائع ، أو أن يغالب اتخاذ السلوك المحدد في أكثر الوقائع تكرراً ، فإذا تعددت الخيارات في السلوك المطلوب بمواجهة واقعة محددة لم يرق ذلك السلوك إلى مرتبة العرف . فالوصول إلى أقرب درجة من الإجماع هو معيار أكيد للقول بأنه قد تحقق لدينا عرفاً .
والركن المعنوي يتحقق بأن من يتخذ السلوك ، أو القول المحدد إنما يفعل ذلك اقتناعاً أو إيماناً بصحة ما يُقدم عليه من قول ، أو فعل . ونرى أن إضافة ركن ثالث للركنين المشار إليهما يعطي القيمة القانونية والملزمة ليتحقق اكتمال أركان العرف ، وهذا الركن هو الركن القانوني وهو يتلخص : إما بإقرار ذلك العرف بنص القانون من قبل السلطة التشريعية ، أو إقراره من قبل السلطة النقابية المختصة ، أو أن يصبح التعامل به عبر زمن طويل جزءاً متمماً للحياة المهنية ، وأن الابتعاد عنه يشكل خللاً في السلوك الجيد .
أنواع العرف :
العرف نوعان رئيسيان : عرف لغوي ، وعرف عملي .
والعرف اللغوي ينقسم بدوره وفق ما نراه إلى لفظي وكتابي . واللفظي هو استعمال كلمة أو جملة معينة في التخاطب والتواصل أو مقدمة لأي سلوك ، وهذا اللفظ له مدلول أو معنى واحــد لا يمكن تصور غيره - عند سماعه - لدى أبناء المهنة ، ومثله ما اعتاد المحامون عليه مثل تبادل التحية عند اللقاء واستخدام التعبيرات الراقية في المخاطبة بينهم أو التعبيرات المستخدمة من قبل المحامين في مخاطبة القضاة أو في استئذانهم أن يطلبوا تدوين ما يريدونه على ضبط الجلسات رغم أن القانون يمنح هذا الحق لجميع المتقاضين ووكلائهم(10) .
والعرف الكتابي هو ما اعتاد عليه المحامون في تدوين مذكراتهم أو استدعاءاتهم أو طعونهم والإشارة إلى لقب الزميل وكيل الخصم بعبارة المحامي الأستاذ بينما يقول عن نفسه بعبارة المحامي فقط ... الخ .
والعرف العملي وهو السلوك الذي يتخذه المحامي في حياته المهنية كالتزامه الظهور بمظهر لائق وبثياب أنيقة ، وعدم ترك أي محام أو قاض في غرفة الانتظار في مكتبه والاهتمام به واستقباله بمجرد انتهاء المحامي من المراجع الموجود في مكتبه قبل قدوم القاضي أو المحامي إلى مكتبه ، وبالمقابل عدم دخول المحامي الزائر إلى مكتب زميله حتى يخرج من مكتبه من يقوم بمراجعته حفاظاً على سر المهنة ... الخ .
أهمية العرف :
يعتبر العرف بحق أهم مرجع للمحامي بعد القانون كما يعتبر كذلك بالنسبة للسلطة العليا في النقابة والتي تستطيع من خلال إحداث العرف ، أو إلغائه القيام مقام السلطة التشريعية في استدراك جميع نقاط النقص التي لم يعالجها القانون ، وبالتالي يصبح العرف الأساس في سد الثغرات التي سهى عنها القانون في معالجة الأمور المهنية ، والعرف مقياس هام وأساس في العلاقات المهنية بين جميع المحامين ، وإن من أهم شروط استمرار المحامي في عمله المهني هو التزامه بتلك الأعراف . والعرف أساس متين في معرفة التعامل الصحيح في علاقات المحامي المتعددة مع المراجع ، أو الموكل ، أو القاضي ، أو الموظف . والتزام المحامي بالعرف المهني هو الذي يعطي للمهنة القيمة المعنوية الكبيرة في محيطها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي .
لا يمكن أن نتصور وجود التواصل بين أجيال المهنة حديثها بقديمها إلا بالتزام العرف وتحقق الانضباط الواعي باتخاذ السلوك المحدد في ظرف معين بنمط واحد من قبل كل من يتواجد في ذلك الظرف وبشكل متكرر ليصبح السلوك المطلوب أقرب ما يكون عفوياً ، ويصبح الخروج عن تلك العادات أمراً منبوذاً ، أو مستهجناً ، أو مستنكراً من قبل جميع المحامين سواء كانوا ممن هم مكلفون أصلاً بتدقيق ومراقبة سلوك المحامي ( النقيب ـ رئيس فرع ـ مجلس فرع ... ) أو أي محام عادي ـ جميعهم ـ يشعرون بأن من واجبهم مكافحة هذا السلوك الشاذ عن تلك العادات والتقاليـد . وتصبح العادات والتقاليد لــدى المحامين ـ دون تتويجها بقانون ـ هي قانون السلوك اليومي غير المكتوب .
تكمن الأهمية البالغة في تدوين الأعراف والتقاليد المهنية للحفاظ على المهنة وعلى العاملين فيها ، فهي الدليل الملموس والعملي على ارتقاء المهنة وعلى ارتقاء المحامين فيها ـ رغم الصعوبة البالغة في عملية التدوين ـ وإن تحقيق مثل هذا الهدف هو الذي يساعد في تطوير المهنة ، والتقليل من الأخطاء المهنية إن لم نقل إلغاء الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها المحامي المبتدئ بخرقه لقواعد الأعراف والتقاليد المهنية نتيجة جهله بها، ويحقق تدوين الأعراف والتقاليد المهنية التواصل بين قديم المهنة وحديثها بحيث يبني الحديث من المهنة على أساس من سبقه فيها فيستمر البناء دون تصدع طالما كان الأساس صحيحاً وسليماً .
لابد من التفريق بين إصدار القوانين التي تعتمد أو تقنن الأعراف والتقاليد المهنية وبين تدوينها ؛ فالتدوين لا يبدل من قيمة الأعراف والتقاليد ويقوم بهذه المهمة أبناء المهنة أنفسهم (وخصوصاً شيوخها(11))بينما تقنين الأعراف أو التقاليد بنصوص قانونية هو من مهمة السلطة التشريعية(12) .
إلزامية العرف والتقاليد المهنية :
تعجز جميع دول العالم عن أن تحيط وتنظم كافة العلاقات القائمة أو المطلوب إقامتها بين الأفراد بعضهم ببعض أو بين الأفراد والدولة أو بين المؤسسات أو التجمعات البشرية (منظمات المجتمع المدني بمفهومه الواسع أو المنظمات غير الحكومية) مع الدولة أو بين النقابات والدولة .
ولو فعلت الدول ذلك وقننت كل العلاقات لأصبحنا أمام جبال من الورق التي تحتوي على القوانين والأنظمة والتعليمات ... الخ فضلاً عن أن الإحاطة بكل التفاصيل لكل نقابة أو منظمة أو جمعية الخ ... يحتاج تقنينه إلى وقت طويل يشغل السلطة التشريعية ويصرفها عن مواكبة التطور واحتياجاته المتجددة يوماً بعد يوم .
لذلك ومع ارتقاء البشرية والحضارة المدنية تضطر الدول ولو بدون نص قانوني أو بنص ينم عن التفويض التشريعي للنقابة في كل ما يتعلق بالأعراف والتقاليد ومبادئها ، وتترك للتجمعات أياً كانت تسميتها هامشاً كبيراً ، كما تترك الدول (بسلطاتها الثلاث) لقيادة تلك التجمعات الحق في تنظيم شؤونها وعلاقاتها والإشراف على تلك العلاقات ومنع خرقها بما يحقق الصالح العام وضمن إطار لا يخرج مهما كانت الأسباب عن دائرة النظام العام ، لذلك تقرّ الدول للنقابات على سبيل المثال بذلك الحق من خلال القوانين التي تنظم أو تنشئ تلك النقابات فتجعل النظام الداخلي الذي يقره أفراد النقابة أو ممثليها ينزل منزلة القانون في الإلزام .
وفي مجال بحثنا عن النقابات المهنية ومنها نقابة المحامين فإن الدولة من خلال القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية تقرّ فيها تنظيم معظم الحالات التي ترى السلطة التشريعية ضرورة النص عليها وتترك الباقي للنقابة من خلال هيكلها التنظيمي ـ النظام الداخلي أو وثيقة الشرف مثلاً ـ لتحدد وتقرر باقي المسائل الهامة التي تؤمّن حسن بقائها وأدائها الدور الكامل الصحيح في المجتمع والدولة .
نعتقد أن إشارة القانون إلى وجوب التزام المحامي الأعراف والتقاليد المهنية أو المحافظة على كرامة المهنة وشرفها وغيرها من التعابير التي ترد في النصوص التشريعية إنما هو تفويض تشريعي من السلطة التشريعية إلى النقابة لتقرر وتحدد ما هي الأعراف ، أو التقاليد ، أو الحالات التي تمس كرامة المهنة ، أو شرفها ... الخ والتي لم يحدد القانون لها نصاً واضحاً ، ولكن هذا التفويض يجب حتماً ألا يتعارض مع القانون ، أو النظام العام ، وبالتالي فإن النقابة عندما تقرر أن مسألة محددة ، أو سلوكاً معيناً إنما هو تقليد مهني ؛ فإنه يجب اتباعه وهي بذلك تقوم بدور السلطة التشريعية ( بتفويض تشريعي ) ، وإن مخالفة تلك الأمور التي تم تحديدها من قبل النقابة إنما هو خرق لأحكام القانون ذاته ( بناء على التفويض التشريعي ) ويوجب مساءلة من يرتكب تلك المخالفة ، وعندما ينص القانون على أن من صلاحية المؤتمر العام للنقابة إقرار النظام الداخلي ، ونظام التمرين ، والأنظمة المتعلقة بصناديق التعاون والإسعاف والمكاتب التعاونية، والأنظمة المركزية الأخرى المقترحة من مجلس النقابة وكذلك النظر في كل ما يتعلق بشؤون المهنة(13) ، وعندما ينص القانون على منح مجلس النقابة الاختصاص بكل ما يتعلق بشؤون المهنة ومنها الحفاظ على مبادئ المهنة وتقاليدها والعمل على تحقيق أهدافها وكذلك توحيد المنهج المسلكي والاجتهاد والتعامل بين الفروع وتنظيم العلاقات بين مجلس النقابة ومجالس الفروع واللجان النقابية وحل الخلافات التي تقع بين مجالس الفروع والاطلاع على قرارات الهيئات العامة للفروع ومجالسها وإعطاء التوجيهات بشأنها وإلغاء ما هو مخالف للقانون وأنظمة النقابة وقرارات المؤتمر العام ومجالس النقابة(14) وعندما يقرر القانون محاكمة المحامي تأديبياً عندما يخرج عن أهداف النقابة ، أو يخل بواجب من واجبات المحامي المنصوص عنها في القانون وفي النظام الداخلي ، أو يتصرف تصرفاً يحط من كرامة المهنة، أو قدرها ، أو تصرف في حياته الخاصة تصرفاً اقترن بفضيحة شائنة(15). كل ما تقدم إنما هو تفويض تشريعي بكل معنى الكلمة من السلطة التشريعية إلى النقابة بأجهزتها (المؤتمر العام ـ النقابة ـ مجلس الفرع) لتقرير الأمور المتعلقة بالأعراف والتقاليد والمبادئ التي تقوم عليها المهنة والتي لم ينص عليها القانون صراحة وبما لا يتعارض مع القانون والنظام العام ، وإن فرض العقوبة المسلكية لكل من يخالف تلك الأعراف والتقاليد والمبادئ إنما هو تأكيد تشريعي على أن المشرع فوض النقابة بإحداث أو إقرار الأعراف والتقاليد والمبادئ المهنية ومحاسبة كل من يخالفها وهذا رأينا .
إلزامية العرف :
ينشأ العرف من الاستعمال المتمادي ، وبشكل اعتيادي ، في موضوع ما ، بحيث يتعذر غالباً معرفة متى بدأ العرف ، أو الشخص الذي أوجده . إنه ينشأ ببطء واستمرار طويل حتى لا يشعر الناس إلا وقد أصبح متأصلاً وقائما في وسطهم الاجتماعي ، إن احترامه وتطبيقه أمر غير مختلف فيه ، وبالتالي فإن قوته الإلزامية تمسي واجبة ، نافذة ، دون ما سلطان ، أو إرادة عليا قد أوجبتها وفرضتها ، والعرف قاعدة لا يُعرف لها صاحب مبدع ولعله من الصعب جداً الوقوف على مراحل ولادة العرف وتكونه ونموه ونضوجه ، لأنه لا يُعرف إلا بعد أن يكون قد تشكل وتم بالخفاء ، وبعد أن يكون قد أضحى لازما ، بصورة لاشعورية . لاشك أن للعرف مبدأً وتاريخاً ، وربما له مبدع وموجه ، ولكن ذلك التاريخ وهذا الوجود يظلان مجهولين حتى اكتشاف العرف حقوقياً أي تعميمه واستقراره(16).
الإلزام بإتباع العرف والتقاليد المهنية أساسه الهدف الذي تسعى إليه الأعراف والتقاليد المهنية والتي تتلخص بحماية مصلحة جميع المحامين ومصلحة النقابة والمهنة ومصلحة المجتمع بآن واحد . والأعراف والتقاليد المهنية ملزمة لكل أبناء المهنة لأنها الوسط الذي يجب أن يتحرك فيه المحامي ، فتصبح القاعدة الفقهية (( العادة محكمة )) هي الترجمة الحقيقية لإلزام أي محام بكل الأعراف والتقاليد المهنية وهذا الإلزام يقتضي من المحامي أن يكون عارفاً وفاهماً لأهمية الأعراف والتقاليد وهنا تكمن أهمية تدوين الأعراف والتقاليد المهنية وأن لا يكون المحامي مضطراً لتجربة سلوك محدد في معرض واقعة محددة بسبب جهله بالأعراف والتقاليد المهنية فقد تكون تلك التجربة مسوغاً لمساءلته أمام مجلس التأديب حيث لا يقبل منه الجهل بالأعراف والتقاليد المهنية ، وبدلاً من أن يأخذ المتمرن عن أستاذه الأعراف والتقاليد المهنية وقد لا تكون كثيرة بسبب جهل أستاذه بجميعها أو معظمها لذلك كانت عملية تدوين الأعراف والتقاليد والتدريب عليها هو مرجع وسند لعدم الخطأ وارتكاب الزلات المسلكية ولذلك نرى أن لا يكون التشدد مع المتمرن لأي خطأ هو الأساس في رد الفعل تجاهه كما يقتضي الحال مع الأستاذ المتمرس في مهنة المحاماة .
بقي أن نتساءل إذا كانت الأعراف والتقاليد المهنية ملزمة للمحامي فهل هي كذلك بالنسبة للموكل الذي يطلب من المحامي الخدمة والمساعدة القانونية والقضائية ؟
مما لا شك فيه أن ما يُلزم به المحامي بموجب القانون والأعراف والتقاليد المهنية هو مُلزم أيضا للموكل . ولا يستطيع الموكل أن يُلزم المحامي بأن يتخذ ضد خصمه أو في أي إجراء سلوكاً معيناً وخصوصاً في معرض الخصومة القضائية إذا كان هذا السلوك المطلوب من المحامي مخالفاً للأعراف والتقاليد المهنية . ويبنى على هذا الأساس أن يتحمل المحامي نفسه مسؤولية ارتكاب الخطأ المهني . وليس للمحامي المخطئ أن يحتج تجاه نقابته ، أو زميله وكيل خصم موكله ، أو تجاه القضاء أو تجاه المجتمع أنه سلك هذا السلوك لأن موكله طلب منه ذلك ، وإذا ما أقدم الموكل على عزل محاميه لأنه لم يقم بتنفيذ طلباته التي تبين أنها مخالفة للأعراف والتقاليد المهينة فإن هذا العزل غير مبرر ويستحق المحامي المعزول الثناء قبل الأتعاب .
أهمية العرف :
إتباع العرف ، أو التقاليد هو أفضل وأسرع وسيلة لاندماج المنتسب إلى مهنة المحاماة بحيث يحاكي المبتدئ في المهنة من هو أقدم منه والذي كان بدوره قد اقتدى بمن سبقه من المحامين في القدم في نمط أو سلوك معين ، وتصبح تلك التقاليد جزءاً من مكونات حياته اليومية في كافة مجالات الحياة . وإذا كان التقليد من أفراد يتخذون من هم أقدم منهم مثالا يحتذى به ، فإنه لاشيء يمنع من أن تتبع النقابة نقابة أقدم منها فتقتفي النقابات الحديثة أثر النقابات العريقة فتأخذ منها التقاليد الراسخة والأعراف المتبعة فتطبقها ( إما قسراً بموجب قوانين أو قرارات أو عملياً باتخاذ سلوك محدد في موقف معين وبشكل متكرر ) لتصبح فيما بعد تقليداً أو عرفاً للنقابة أو للمحامين فيتم توريثه إلى الآخرين .
استقرار العرف يعني بالضرورة اتباع سلوك معين بشكل تلقائي في كل مرة تتكرر واقعة ، أو حادثة، أو تعبير معين ، أو سلوك محدد . وطالما أن الأعراف والتقاليد المهنية لا تتعارض مع النص القانوني تبقى ملزمة ويجب احترامها من قبل الجميع ، ويعتبر مخالفتها موجباً للمساءلة المسلكية ، ومن الأمثلة العديدة على وجوب احترام الأعراف والتقاليد المهنية : عدم جواز أن يقوم المحامي بالإعلان عن نفسه بشكل لا يتفق مع تقاليد المحاماة(17) ، وأن يلتزم المحامي في حياته الخاصة بألا يتصرف بأي تصرف يحط من كرامة المهنة ، أو قدرها ، أو أن يتصرف تصرفاً يقترن بفضيحة شائنة(18، وعدم احتراف التجارة ، أو الصناعة ، أو الزراعة ، وكل عمل يتنافى مع المحاماة(19).
أما الاتجاه السياسي للمحامي فقد استقرت التقاليد والأعراف المهنية لدى كافة النقابات في العالم أن النقابة لا تتدخل في الاتجاه السياسي للمحامي طالما أن الفكر السياسي الذي ينتهجه لا يدعو إلى إتباع العنف واستخدام السلاح بمواجهة صاحب الرأي الآخر أو لا يرتكب جرماً ضد سلامة الوطن واستقلاله(20) ولا يعفي هذا التقليد النقابة من أن تقف إلى جانب المحامي إذا ما تم توقيفه بسبب الرأي السياسي وتتدخل النقابة ـ الفرع المختص ـ في حدود تأمين محاكمة عادلة له إضافة إلى تقديم المساعدات المالية لأسرته من خلال الصناديق المنشأة لرعاية المحامين أو أسرهم في حالات الطوارئ على أن لا تصرف هذه المساعدات لدعم نشاط المحامي السياسي.
ومن التقاليد الهامة أن يكون من حق كل محام مسجل بيان ملاحظاته أو اعتراضه تجاه أي طالب انتساب إلى مهنة المحاماة (21). وكذلك منح الصلاحية لمجلس النقابة رفض تسجيل طالب الانتساب في حال ثبوت انه ارتكب سابقاً أفعالاً جرمية ولو شملها قانون عفو عام إذا كانت تلك الأفعال المشار إليها تمس الشرف والأخلاق الواجبين لممارسة المهنة(22). واعتبار الأقدمية قاعدة أساسية في العلاقات المهنية(23) .
_ وعلى سبيل الاحتياط يقرر المحامون بنظامهم الداخلي أن يراعي المحامي بدقة الواجبات التي تفرضها عليه أحكام القانون وقواعد المهنة وأعرافها وتقاليدها سواء تجاه القضاة أو زملائه أو موكليه وأن يتقيد في كل أعماله بمبادئ الشرف والاستقلال والاستقامة(24)
- ولا يكفي أن يلتزم المحامي بالأعراف والتقاليد المهنية أثناء ممارسته المهنة بل يمتد ذلك أثناء فترة منعه من مزاولة المهنة لمدة محددة(25) .
أثر العرف على المحيط الخارجي للمهنة :
لا يخرج العمل المهني للمحامين عن باقي النشاطات التي يقوم بها أبناء المجتمع سواء كانوا ينتمون إلى تنظيمات نقابية ( أطباء ، مهندسون ، معلمون ) أم لا ، وبالتالي فإن العمل المهني والنقابي يتأثر بالمحيط ويؤثر فيه ، وكلما كان العمل المهني راقيا كلما زادت أهمية النقابة وكذلك المحامين في المحيط الاجتماعي الذي تعيش فيه ، وإن مهنة المحاماة لما تتمتع به من مزايا وخصوصا التزامها الدفاع عن الإنسان ـ بغض النظر عن لونه أو جنسه أو معتقده ـ فإنها تؤثر وتتأثر بأكثر من المحيط القطري أو الوطني ؛ فيصبح سلوك المحامي أو أقواله ، أو نشاطاته المتعددة مجال اهتمام العديد من الشعوب والحكومات كما هو حال الشهرة والسمعة التي نالها المحامون في مختلف دول العالم في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة وحقوق المحكومين ومكافحة التعذيب وحريات الشعوب في كفاحها ضد الاستعمار والاستغلال ومحاربة هيمنة الدول الكبرى على الدول الضعيفة ... والمحامي الصحيح هو الذي يتأثر لأي تصرف من أية جهة كانت تمس الحقوق الأساسية للإنسان وللشعوب والدول المستضعفة فضلاً عن حقوق الأفراد أو الموكلين ، ويظهر ارتقاء أفراد المهنة في نكرات الذات والنبالة أنهم لا يتوانون عن الدفاع عن أي إنسان كان قبل إحالته إلى المحكمة من كان أكثر الأشخاص عداءً للمحامين ، والطريف في الأمر أن هؤلاء الذين كانوا يعادون المحامين أثناء توليهم مقاليد السلطة ؛ فإنهم إن ألمت بهم مصيبة وفقدوا مراكزهم القيادية في السلطة وأحيلوا إلى القضاء لمحاكمتكم ، فإن أول طلبات هؤلاء الأشخاص هو وجود محام أو أكثر إلى جانبهم . ورغم ماضيهم السيئ تجاه المحامين يتبوأ المحامون الدفاع عنهم دون منية أو شماتة هدفهم في ذلك تحقيق المحاكمة العادلة لأي إنسان مهما كان وضعه أو مكانته أو أهميته أو حتى عداءه السابق للمحامين .
ونعتقد أن أهمية العمل المهني كرس عرفاً انتقل إلى نصوص القانون فأصبح حق الدفاع الذي نرى فيه أنه والمحاماة وجهان لعملة واحدة حقاً دستورياً تنص عليه معظم الدساتير . وإن العرف والتقاليد المهنية التي تقرر وجوب قيام المحامين بالبحث وتطوير التشريع جعل المشرع يقر للمحامين المساهمة في تطوير التشريع(26). وبذات المعنى فإن السلطة التشريعية في أية دولة إذا ما افتقدت إلى عدد كاف ومتخصص من رجال القانون تلجأ إلى اللجان المتخصصة المعينة من قبل السلطة التشريعية . وللأهمية البالغة في دور المحامين واختصاصهم فقد أصبحت عقود الشركات ينظمها المحامون(27). وحق الدفاع أمام محكمة الجنايات واعتبار إجراءات المحاكمة باطلة إن لم يمثل مع المتهم محاميا يعتبر من أهم الصور التي رسختها التقاليد المهنية ، والطعن بالنقض لا يقل أهمية عن حق الدفاع أمام محكمة الجنايات . وأخيراً لابد من التذكير أن ارتقاء المهنة بأعرافها وتقاليدها التي استقرت على اهتمام المحامي بالشأن العام قد أدى إلى أن يُطلق عليها اسم مهنة الرؤساء والوزراء .
- من آثار الأعراف والتقاليد على العمل المهني ذاته :
وجوب التزكية من قبل محامين أساتذة ـ كما ذكرنا سابقا ـ لكل من يطلب الانتساب إلى المهنة وهذا التقليد الذي يجب أن يتمسك به المحامون لأنه الضمانة التي تطمئن فيه المهنة انتساب من يليق بها . والتقليد الذي يشترط الإعلان عن اسم طالب الانتساب لدى كافة الفروع أساسه أن من ينتسب إلى المهنة إنما سيصبح أحد أفراد الأسرة الكبيرة وبالتالي يجب ألا يكون لأي فرد فيها أي اعتراض على طالب الانتساب ، وإن رسوخ التقاليد والأعراف المهنية بعدم قبول فكرة الربح في العمل المهني هو الذي كرس مبدأ عدم جواز قيام المحامي باحتراف العمل التجاري أو الزراعي . وأن المحامي لا يستقبل موكليه إلا في مكتبه ما لم يكن الموكل مريضا أو جهة عامة أو شركة أو لا يقف المحامي على أبواب قصر العدل ليعرض خدماته للقادمين إليه ، ترك المحامي صورة عن مذكراته إلى موكله ، إعطاء المحامي الزميل صورة عن مذكراته في القضايا الجزائية رغم عدم وجود النص على الإلزام بذلك كما هو حال القضايا المدنية .وتأتي الألقاب المهنية ( نقيب ـ عضو مجلس نقابة ـ رئيس فرع ـ عضو مجلس فرع ـ مفوض قصر ) ترجمة للأعراف بوصف هؤلاء بتلك الألقاب ومنح الصلاحية لكل منهم ، ومبدأ التمرين أو التدرج في المرافعة إنما هو تقليد راسخ من تقاليد المهنة أثبته القانون في نصوص ملزمة ومع ذلك فإنها ستبقى نافذة لو لم يكن القانون قد نص عليها . ويتوج تقاليد وأعراف المهنة محافظة المحامي على السر المهني وهو أعلى شرف يفتخر به المحامي بأنه حافظ على سر موكله، وأنه مستعد للتضحية بماله ونفسه في سبيل الحفاظ على السر المهني وفق ما سنفصله في بحثنا المستقل عن السر المهني .
شروط هامة في صحة العرف :
بعد ما أشرنا إليه عن الأعراف والتقاليد لا بد من أن نستنتج بعض الشروط التي تجعل من العرف أو التقليد قاعدة يلتزم بها أبناء المهنة ومن هذه الشروط :
1 - أن يكون العرف أو التقليد راسخاً في ذهن كافة أبناء المهنة .
2 - أن يحقق المصلحة المشروعة لجميع أبناء المهنة.
3 - أن لا يكون متبدلاً أو متغيراً أو متقلباً كما هو العمل السياسي .
4 - أن يكون من أهم أهدافه إبعاد الضرر والأذى المادي والمعنوي عن أبناء المهنة .
5 - أن يؤدي الالتزام به رفع مكانة المهنة وأبنائها.
6 - أن لا يتعارض مع نص الدستور أو القانون أو النظام الداخلي .
7 - أن لا يتعارض مع القواعد الأخلاقية للمجتمع .
8 - أن يؤدي خرقه إلى ضرر واستهجان واستنكار أبناء المهنة .
9- أن يجمع عليه أكثرية الضالعين في المهنة بحجج تتوافق مع العقل والمنطق السليم .
10 - أن يثبت تكرار استعماله.
11 - أن يحقق الاستقرار لأبناء المهنة ويصبح جزءاً من شخصية أبناء المهنة .
12 - أن يؤدي إلى تواصل حديث المهنة بقديمها.
13 - أن يصبح جزء من السلوك اليومي لأبناء المهنة دون حاجة إلى رقيب
الآثار السلبية على ترك أو إهمال الأعراف والتقاليد المهنية :
ثابت مما تقدم الأهمية البالغة للأعراف والتقاليد المهنية والذي يؤدي العمل بها إلى رفع مكانة مهنة المحاماة وأبنائها لدى أفراد المجتمع والدولة وشعوب دول العالم ، ولكن تركها ، أو إهمالها سيؤدي بالمهنة إلى الدمار والزوال وظهور البدائل ومن هذه السلبية :
1 - تخلف المهنة عن مواكبة التطور .
2 - انتشار الفساد داخل المهنة وفي المحيط الذي يعمل به المحاميين ( القضاء).
3 - فقدان الثقة بين المحامي وزميله وبين المحامي وموكله وبين المحامي والقاضي وبين المحامي وصاحب القرار ( السقوط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ) .
4ـ خسارة أهم الصفات والمميزات التي يطلبها أي مجتمع متحضر من مهنة المحاماة وأبنائها .
5ـ سيطرة السلطات وخصوصا السلطة التنفيذية والأحزاب السياسية على النقابات بحيث يصبح هامش العمل المهني ضعيفاً وينطبق عندها المثل القائل : ( المحامي يعمل بالسياسة وفي أوقات فراغه يعمل بالمهنة ) .
6 - تحول التجمعات المهنية ( النقابة ) إلى برلمانات تصادمية تعكس صورة تصادم الأحزاب في الدولة بعضها مع بعض ، وقد تؤدي إلى استئثار بعض الأحزاب بالنقابة والعمل النقابي والمهني لتمرير أفكارها وطلباتها دون دراسة موضوعية ودون مراعاة لحاجات المهنة وأبنائها والمواطنين
7 - تدهور الثقافة القانونية والثقافة الاجتماعية لدى أبناء المهنة والذي يساهم بدوره بتدهور الثقافة القانونية والاجتماعية لدى القضاء .
8 - تغليب المصلحة الشخصية على مصلحة الموكل .
9 - فقدان المحامي استقلاله تجاه السلطات الثلاثة وتجاه موكله وتجاه محيطه الاجتماعي .
10 - تحول الرقابة في عمل المحامي من رقابة الضمير والتزام قواعد الشرف إلى تبعية المحامي لموكله ليصبح مجرد منفذ لرغبات الموكل وطلباته سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة .
11 - كثرة المنازعات بين المحامين إلى حد الخصومات وظهور العداءات والتحزبات غير الديموقراطية وغير الأخلاقية أثناء الانتخابات المهنية .
12- ظهور البدائل عن المهنة وانتشارها لتحل محلها أولاً بأول من خلال لجوء المواطنين إلى الحلول العشائرية ، وإسقاط حقوقهم كلها أو معظمها ، وظهور وانتشار الوسطاء بين المتخاصمين مقابل عمولات مادية تكون منافسة لأتعاب المحامي ، والتحايل على القانون لمن رفضته المهنة ، أو أنه لا يملك الشروط الكافية لقبوله وقيامه بأعمال هي من صلب عمل المحامي وتحت مسميات كثيرة .
إن مسؤولية ظهور الآثار السلبية تقع على عاتق جميع أبناء المهنة دون استثناء وأقل ما يمكن تشبيهه لهذه
المسؤولية أنهم ركاب سفينة واحدة وبالتالي فإن تصرف أي راكب منهم بما يخصه من السفينة أو بما يخص الآخرين بشكل ضار سيؤدي إلى غرق السفينة بمن فيها(28).
المحامي أسامة أبو الفضل
نائب نقيب المحامين في الجمهورية العربية السورية