حظراللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية والقانون الدولي الإنساني
[align=justify]
المحامي: حسام خوري
لعل أهم السمات التي تميز المجتمعالدولي الحديث هو تقييد حرية الدول في اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية وفقاًلإراداتها المنفردة ، تلك الحرية التي كانت سائدة في العصور الماضية والتي كانتالسبب وراء الحروب المتواصلة
التي قامت بهاالامبراطوريات والقوى العظمى قديماً ، بناءً على أن استخدام القوة العسكرية هو حقمطلق للدولة تستخدمه متى شاءت تحقيقاً لمصالحها المختلفة ، دون أن يرد أي قيد على هذه الحرية.
ولما باتاستخدام القوة في المجتمع الحديث أمراً يتنافى مع التحضر والمدنية ، ويتضارب معالمبادئ الإنسانية التي اعترفت بها كل الشعوب ، فقد كان من المنطقي أن يتم فرضالقيود على حرية شن الحروب والغزوات من قبل الدول المختلفة ، وبناءً على ذلك نصتالمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة على أنه : " يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً فيعلاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أوالاستقلال السياسي لأية دولة أو على وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة ".
من النص السابق، نلاحظ أن ميثاق الأمم المتحدة حظر تماماً - من جهة أولى - أي استخدام للقوة ضدسلامة الدول واستقلالها ، سواء كان ذلك على شكل حالة الحرب التقليدية التي يقوم بهاجيش دولة معينة ضد دولة أخرى ويسبقها إنذار وإعلان ، أو بأي شكل آخر كتجنيدالمجموعات المسلحة والمرتزقة للقيام بالاعتداء على دولة ما.
ومن جهة ثانية ،فإن الميثاق لم يقتصر على حظر اللجوء إلى القوة ، بل حرم أيضاً مجرد التهديد بها ،سواء كان ذلك بصورة مباشرة كالتهديد عبر وسائل الإعلام مثلاً ، أو بصورة غير مباشرةكالقيام بحشد القوات العسكرية على الحدود التي تفصل دولتين عن بعضهما.
وقد ورداستثناءان حصريان على هذا المبدأ هما : حالة الدفاع الفردي أو الجمعي عن النفس ضدهجوم مسلح فعلي من قبل دولة معينة مع مراعاة وجود التناسب بين الاعتداء وإجراءاتالدفاع عن النفس ، وحالة إجراءات الأمن الجماعي عير التدابير التي يلجأ إليها مجلسالأمن بصفته الموكل بمهمة الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ، وهذان الاستثناءان قدوردا على سبيل الحصر ولا يجوز القياس عليهما.
ومن الواضح أنهذا المبدأ يتعرض لانتهاكات متكررة نتيجة عدم الحيادية التي يعاني منها مجلس الأمنوالتي تمنعه من القيام بدور فعال في صيانة هذا المبدأ ، ولعل أبرز هذه الانتهاكاتهي تلك التي يمارسها الكيان الصهيوني باستمرار ، ضارباً عرض الحائط بكل القواعدالحضارية والإنسانية ، والذي يبدو أنه مازال يحيا في عصور الامبراطوريات البائدةالتي لا تعي سوى لغة القوة والعنف ، وإلى أن يستعيد مجلس الأمن دوره المفترض في قمعمثل هذه الخروقات لميثاق الأمم المتحدة ، تبقى المقاومة حقاً شرعياً يدخل في إطارالدفاع المشروع عن النفس – باعتراف ميثاق الأمم المتحدة ذاته – ضد الهمجية والعدوانالصهيوني المتواصل.
[/align]