منتدى محامي سوريا

العودة   منتدى محامي سوريا > المنتدى الفقهي > مقالات قانونية منوعة

إضافة رد
المشاهدات 6860 التعليقات 1
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-01-2010, 09:01 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المحامي حازم زهور عدي
عضو أساسي ركن
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم زهور عدي غير متواجد حالياً


افتراضي دستورية اصدار قرار بمنع سير الدراجات النارية

في مدى جواز منع الدراجات النارية من السير في بيروت


أصدر المجلس البلدي لمدينة بيروت قراره رقم583 تاريخ 13/8/2002 الذي منع بموجبه الدراجات النارية من السير في شوارع العاصمة كافة باستثناء الدراجات النارية ذات الثلاث عجلات بسعة 250 س.س. على أن تكون تابعة لمؤسسات وليس لأفراد. وقد اعتبر المجلس أن تفاقم المشاكل التي تحدثها الدراجات من مخالفات سير وحوادث خطيرة واستخدامها وسيلة للسلب والنهب وإقلاق راحة المواطنين والتحرش بالمارة، هي التي حدت بالمجلس لإتخاذ هذا القرار حفاظاً على المصلحة العامة ووقف المخالفات وضبط الأمن.

وبسبب الإنتقادات العديدة التي وجهت إلى هذا القرار، خاصةً مخالفته لأحكام المادة 62 من قانون البلديات التي توجب تصديق وزير الداخلية على الأنظمة الإدارية التي تتخذها البلديات، والمادة 56 من نظام مجلس شورى الدولة التي توجب استشارة مجلس الشورى في مشاريع الأنظمة الإدارية بما فيها القرارات التنظيمية التي تتخذها المجالس البلدية. وبتاريخ 22/8/2002 عمد المجلس البلدي إلى تشكيل لجنة مؤلفة من أعضاء من المجلس البلدي وممثلين عن المحافظ وهيئة شؤون السير، من أجل ادخال التعديلات اللازمة على هذا القرار، أو اصدار القرار البديل.

ومشكلة الدراجات النارية ليست مشكلة حديثة النشأة، بل هي قديمة العهد وفي تفاقم مستمر، ففي عام 1995 عمدت وزارة الداخلية إلى إصدار القرار رقم 528 تاريخ 25/10/1995 الذي منع سير الدراجات النارية على مختلف انواعها في جميع المناطق اللبنانية ما بين الساعة السابعة مساء والساعة السادسة صباحا من كل يوم. وذلك حرصا على السلامة والنظام العامين، ونظرا لما تسببه طريقة سير الدراجات النارية ليلا من ازعاج للمواطنين وخطر على سلامتهم، وقد جرى تكليف قوى الامن الداخلي تنفيذ مضمون هذا القرار.

ثم صدر القرار رقم 440 تاريخ 26/7/2001 المعدل بالقرار رقم 584 تاريخ 25/9/2001 والقرار رقم 634 تاريخ 11/10/2001، الذي حدد اوقات سير الدراجات النارية في كافة المناطق اللبنانية اعتبارا من الساعة السادسة صباحا ولغاية الثامنة مساء ، باستثناء مدينة صيدا التي يمنع فيها سير الدراجات النارية. واستثنى من هذا التدبير الدراجات النارية العائدة للإدارات والمؤسسات العامة، كما استثنى وكالات الأنباء والإعلام وشركات توزيع الصحف والمجلات والمؤسسات الخاصة، والمطاعم والمؤسسات السياحية التي تستعمل هذه الآليات لتسليم الطلبات والسلع وذلك بتراخيص استثنائية لا تتجاوز مدتها الستة أشهر. وجرى تكليف قوى الأمن الداخلي والشرطة البلدية تنفيذ مضمون هذا القرار، ويتعرض كل مخالف لأحكام هذا القرار إلى العقوبات التي ينص عليها قانون السير والقوانين والأنظمة السارية المفعول.

واستناداً لهذه القرارات نجد أن منع الدراجات النارية عن السير قد حصل مرتين: الأولى هي المنع الجزئي من السير ما بين الثامنة مساءاً والسادسة صباحاً. والثانية هي المنع الكلي من السير في مدينتي صيدا بموجب قرار وزاري، وبيروت بموجب قرار بلدي، فهل تملك هذه السلطات تقرير هذا المنع؟

للإجابة على هذا التساؤل، ينبغي العودة إلى نظام السير باعتبار أن هذا القانون هو الذي يرعى شؤون السير في لبنان، كذلك التوقف عند حدود الضابطة الإدارية الممنوحة للمجلس البلدي، وما إذا كانت قرارات المنع تدخل ضمن سلطات الضبط الممنوحة له.


أولاً:في مدى الحق في اتخاذ قرار المنع استناداً إلى نظام السير

يخضع تنظيم السير واستعمال الطرقات المفتوحة للسير العام لاحكام القانون رقم 76 الصادر بتاريخ 26/12/1967 والجداول الملحقة به. وفي العام 1995 صدر القانون رقم460 الذي يمكن تسميته قانون المحافظة على السلامة العامة في الطرقات والشوارع، الذي عدَّل المادة التاسعة من قانون السير والتي تتعلق بالإجراءات والتدابير التي يتوجب على كل راكب أو سائق لأي مركبة آلية أن يتقيد بها للحفاظ على سلامته. كما عدَّل هذا القانون المادة 50 من قانون السير والتي تتعلق بالمحافظة على سلامة الغير في الطرق عبر حظر رمي أي شيء في الشارع يمكن أن ينتج عنه مخاطر للغير.إضافة إلى وجوب المحافظة على سلامة ونظافة الشوارع. وانتهى هذا القانون بالملاحق التي عددت المخالفات لأحكام قانون السير وقسَّمها في خمس فئات وحدد لكل فئة الجزاء المناسب والذي يتراوح بين الحبس والغرامة. وبتاريخ 4/4/2002 صدر المرسوم رقم 7696 الذي عدَّل شروط حجز واحتجاز المركبات.

وقد خصص نظام السير الصادر بموجب القانون رقم 76 تاريخ 26/12/1967 البابين الرابع والخامس منه للدراجات الألية، وعرَّف الدراجة الآلية بأنها كل مركبة آلية ذات عجلتين او ثلاثة مجهزة بمحرك ناري ولايزيد وزنها فارغة على اربعماية كيلوغرام... .ثم فصَّل هذا القانون في 36 مادة جميع الأحكام التي ترعى هذا النوع من المركبات الآلية. بما فيها الحالات التي يجب أن تحجز فيها الدراجة إدارياً ، كما أوجبت المادة 210 تطبيق المادة 71 على الدراجات الآلية وهي المادة التي منحت وزير الداخلية صلاحية تحديد الحالات التي يجوز فيها ايقاف المركبة اداريا عن السير.
واللافت أنه لا يوجد نص في قانون السير ينظم حالة منع نوع معين من المركبات عن السير بصورة كاملة، ولم تدخل هذه الحالة في توقع المشترع عند صياغة هذا القانون، ولكن يمكن أن نجد في نص المادة 303 والمتعلقة بحق الحكومة أن تنظم بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري الداخلية والاشغال العامة والنقل، استعمال الطرق العامة داخل المناطق الآهلة وخارجها حسب تطورات السير. ويدخل في مجال تنظيم استعمال الطرق منع السير في هذه الطرق، وبالتالي يكون صاحب الحق المفوض قانوناً بمنع الدراجات الآلية من السير هو مجلس الوزراء وليس المجلس البلدي.

فإذا كان مجلس الوزراء هو المرجع الصالح لإتحاذ قرارات منع سير المركبات الآلية في الطرقات، فهل يمكن اعتبار أن سلطات الضابطة الإدارية التي المجلس البلدي، هي السند الشرعي الذي يبرر اتخاذ هذا النوع من التدابير، خاصةً وأن المادة 302 من هذا القانون تنص على ان احكامه لا تحد من السلطة الممنوحة لوزيري الاشغال العامة والنقل والداخلية ورؤساء البلديات بموجب القوانين والانظمة المرعية، بان يفرضوا ضمن صلاحياتهم وحين تستدعي السلامة والنظام العام تدابير من غير التدابير المنصوص عليها فيه. وهذا ما يقودنا إلى البحث فيما إذا كانت سلطة الضابطة الإدارية تبرر إتخاذ قرار بمنع الدراجات الآلية عن السير؟

ثانياً: في مدى الحق في اتخاذ قرار المنع استناداً إلى سلطات الضبط الإداري

البلدية هي إدارة محلية تقوم ضمن نطاقها، بممارسة الصلاحيات التي يخولها إياها القانون. وتتمتع البلدية بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. وقد نصت المادة 47 من قانون البلديات الصادر بموجب المرسوم الإشتراعي رقم 118 تاريخ 30/6/1977 أن كل عمل ذي طابع أو منفعة عامة، في النطاق البلدي هو من اختصاص المجلس البلدي، وقد أعطت المادة 48 للأنظمة التي يصدرها المجلس البلدي في المسائل الداخلة ضمن اختصاصه صفة الإلزام ضمن النطاق البلدي، باستثناء القرارات التي أخضعها هذا المرسوم الإشتراعي صراحة لتصديق سلطة الرقابة الإدارية، فتصبح نافذة من تاريخ تصديقها، وتخضع لتصديق وزير الداخلية القرارات التي يتألف منها نظام عام (المادة62)
واللامركزية التي من صورها البلديات لا تعني بأي وجه دولة داخل الدولة، لذا فإن هذه الهيئات لا يمكنها امتلاك السلطة التنظيمية إلا في الحدود التي يمنحها إياها النص بصورة واضحة وبشكل أكثر تحديداً أن يكون هذا النص تشريعياً، كما يمكنها ممارسة السلطة التنظيمية ضمن إطار الحالات التي تمارس فيها الإدارات المركزية للسلطة التنظيمية بدون نص، وأعني بذلك سلطة الضابطة الإدارية.

والضابطة الإدارية هي نشاط الإدارة الآيل إلى تنظيم أعمال الأفراد بهدف ضمان الإنتظام العام، وهي تهدف إلى تجنب الفوضى باتخاذ اجراءات مسبقة تشتمل على مهام الرقابة والإشراف، وتتمحور هذه المهام حول ثالوث الإنتظام العام المتجسد في الأمن والسلامة والصحة العامة. وعرَّفت المادة 194 من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي رقم 17 تاريخ 6/9/1990 الضابطة الإدارية بأنها استعمال الوسائل الرادعة التي يجيزها القانون لحفظ النظام وتوطيد الأمن، وتأمين الراحة العامة، وحماية الأشخاص والممتلكات ومنع حصول الجرائم، وتطبيق القوانين والأنظمة النافذة.

وانظمة الضبط التي تتخذها البلدية لا يمكنها أن تمس بالحريات الفردية إلا بالقدر الذي تبيحه ضرورات النظام العام، وهذه الضرورات يجب أن تكون وقتية ومرتبطة بظروف الزمان والمكان، وإذا عدنا إلى قرار منع الدراجات النارية عن السير في العاصمة نجد أن هدفه المحافظة على السلامة العامة والسكينة العامة وتأمين راحة المواطنين إضافة إلى حماية الأمن العام عبر الحد من الحركة الجرمية التي تتخذ من الدراجات النارية وسيلتها الفعلية، وما من شك أن هذه التدابير تدخل في صلب وظيفة الضابطة الإدارية الممنوحة للمجلس البلدي، ولكن هل يبرر النظام العام بعناصره الثلاث الأمن والسلامة والسكينة العامة، اتخاذ قرار بوقف سير الدراجات النارية بصورة كاملة؟

بصورة مختصرة نقول، أن قرار منع الدراجات النارية عن السير في العاصمة لا يرتبط بسلطات الضبط بأي رابطة، بل هو صورة من صور اغتصاب السلطة، ووجه من وجوه الفشل والتهرب من المسؤولية :

فهو صورة لإغتصاب السلطة، لأن تنظيم استعمال الطرق يدخل ضمن اختصاص السلطة التشريعية باعتباره يمس بصورة مباشرة بحقوق الأفراد وحرياتهم وفي طليعتها حرية التنقل المكفولة دستورياً، وبما أن القانون قد أجاز للحكومة أن تنظم استعمال الطرق بمراسيم تصدر عن مجلس الوزراء، كما سبق وأشرنا، فيكون المجلس البلدي باتخاذه قراراً بمنع الدراجات النارية عن السير، متعدياً على اختصاص السلطة التشريعية، مما يجعل هذا القرار مشوباً بعيب اغتصاب السلطة، وبالتالي عديم الوجود وكأنه لم يكن.

كما أنه وجه من وجوه الفشل في إدارة مرفق عام، وهومرفق السير، بحيث أن سلطات الضبط والتنظيم التي تتمتع بها الإدارة بمختلف فروعها إنما هدفها حسن سير هذا المرفق، ومتابعة استمراريته وديمومته، وإزالة الشوائب التي تعتريه وتحسين قدرته على تلبية حاجات المواطنين، ولا تستطيع هذه الإدارة وقف مرفق عام بسبب عجزها عن ضبطه وتنظيمه، بل يكون من واجب الإدارة العاجزة ان تستقيل لا أن تشل مرفق سير الدراجات الآلية الذي له أهميته الكبرى على صعيد تسريع وتيرة العمل وسهولة التنقل والوفرة الإقتصادية في البلاد.

ونشير أخيراً بأن المشترع أولى ضابطة السير أهمية خاصة، حيث أناطت المادة 232 من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي في هذه القوى تأمين ضابطة السير في مراكز المحافظات وفي المدن الكبرى. ثم صدر المرسوم رقم 953 تاريخ 23/ 2/ 1991 الذي كلَّف قوى الأمن الداخلي مهمة تأمين ضابطة السير في بيروت وضواحيها، وسائر مراكز المحافظات... . كما أنشأ مرسوم تنظيم وزارة الداخلية والبلديات رقم 4082 تاريخ 14/10/2000، بموجب الفصل السادس منه مؤسسة عامة تدعى «هيئة ادارة السير والآليات والمركبات». ونرى أن معالجة المشاكل الناجمة عن الدراجات الآلية لا تكون بمنعها عن السير، لأن في ذلك دليل ضعف، وإنما باتخاذ التدابير التنظيمية المناسبة، والتي تستطيع السلطات المختصة أن تتخذها، بعد إجراء الدراسات الدقيقة حول هذا الموضوع.

مركز بيروت للدراسات والابحاث







التوقيع

hazem.jpg

رد مع اقتباس
قديم 10-02-2011, 10:13 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المحامي حازم زهور عدي
عضو أساسي ركن
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم زهور عدي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: دستورية اصدار قرار بمنع سير الدراجات النارية

تعليق على قرار مجلس بلدية بيروت رقم 626 تاريخ 17/9/2002

أصدر المجلس البلدي لمدينة بيروت قراره رقم583 تاريخ 13/8/2002 الذي منع بموجبه الدراجات النارية من السير في شوارع العاصمة إلا إذا تقيدت بشروط حددها هذا القرار. وبسبب الإنتقادات التي وجهت إلى هذا القرار عمد المجلس البلدي إلى إصدار قرار جديد يحمل الرقم 626 تاريخ 17/9/2002 هادفاً من ورائه إلى تنظيم سير الدراحات النارية في العاصمة بيروت. إلا أن هذا القرار قد حمل أيضاً العديد من المخالفات القانونية تستوجب التوقف عندها، ومعرفة أثرها على صحة هذا القرار وإمكانية تنفيذه.


أولاً: المخالفات الشكلية
1- اغفال استشارة مجلس شورى الدولة بصورة مسبقة:

يعتبر قرار المجلس البلدي القاضي بمنع الدراجات النارية أو تنظيم الحالات التي يسمح فيها بالسير، هو من القرارات التنظيمية. لذلك فهو يخضع لموجب استشارة مجلس الشورى بصورة مسبقة وذلك استناداً للمادة 56 من نظام مجلس شورى الدولة التي توجب استشارة مجلس الشورى في مشاريع الأنظمة الإدارية بما فيها القرارات التنظيمية التي تتخذها المجالس البلدية. وهذه الإستشارة هي إلزامية، بمعنى أن القرار التنظيمي الذي اتخذته البلدية بدون استشارة مجلس الشورى بصورة مسبقة يكون مشوباً بعيب جوهري ويستوجب الإبطال لتجاوز حد السلطة.

2- عدم إخضاعه لمصادقة وزير الداخلية
تنص الفقرة الأولى من المادة 62 من قانون البلديات الصادر بموجب المرسوم الإشتراعي 118/77 على إخضاع الأنظمة العامة التي تتخذها البلديات لمصادقة وزير الداخلية، وبما أن قرار بلدية بيروت رقم 626/2002 المتعلق بالدراجات النارية هو من القرارات التنظيمية، أي له صفة النظام العام الإداري، فيجب أن يخضع لمصادقة وزير الداخلية قبل دخوله حيز التنفيذ. ولكن من مراجعة نصوص هذا القرار نجد أن المادة العاشرة منه نصت على تكليف رئيس السلطة التنفيذية في بلدية بيروت، العمل على تنفيذ مضمون هذا القرار واتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لذلك، وقد حددت المادة الأولى منه أن بدء سريانه هو في الأول من تشرين الأول2002. ولم يلحظ هذا القرار أنه عُرض على مصادقة وزير الداخلية والبلديات. وهذا الإغفال يجعل هذا القراراً مشوباً بعيبٍ شكليٍ جوهريٍ، تجعله عرضةً للإبطال لتجاوز حد السلطة. كما أن عدم مصادقة سلطة الوصاية على هذا القرار تؤدي إلى عدم نفاذه، وذلك سنداً للمادة 54 من قانون البلديات التي تنص على أن "قرارات المجلس البلدي نافذة بحد ذاتها باستثناء القرارات التي أخضعها هذا المرسوم الإشتراعي صراحة لتصديق سلطة الرقابة الإدارية، فتصبح نافذة من تاريخ تصديقها".


3- تجاوز تطبيقه حدود النطاق الإقليمي لمدينة بيروت
تنص المادة 48 من قانون البلديات على أن للأنظمة التي يصدرها المجلس البلدي في المسائل الداخلة ضمن اختصاصه صفة الإلزام ضمن النطاق البلدي. وهذه المادة هي تطبيق لمبادئ الإختصاص المكاني بحيث لا يجوز للسلطة البلدية اتخاذ قرارات نافذة تطبق خارج الإطار الجغرافي للبلدية. ونجد أن من المستحيل اقتصار نطاقه على منطقة بيروت، بسبب التداخل الجغرافي فيما بين بلدية بيروت والبلديات الموجودة في ضواحي بيروت الشمالية والجنوبية والشرقية.كما أن هذا القرار الذي يدَّعي واضعوه أنه يطبق في نطاق بلدية بيروت، إلا أنه بالواقع يلزم كل شركة أينما كان مركزها في لبنان، وكل سائق دراجة نارية أينما كان سكنه في لبنان، وكل بائع دراجات نارية أينما كانت مؤسسته في لبنان ، فكل هؤلاء يتوجب عليهم الإلتزام والتقيد بقرار مجلس بلدية بيروت، طالما أن دراجة نارية تخصهم سوف تمر في بيروت. وفي هذا تجاوز للإختصاص المكاني ويجعل من هذا القراراً معيوباً بعيب عدم الإختصاص ومستوجب الإبطال.


ثانياً: المخالفات الموضوعية
1- مخالفة قواعد الإختصاص الموضوعي
فرَّقَ قانون السير رقم 76/67 بين صلاحيات رؤساء البلديات، وبين تنظيم استعمال الطرق، فاعتبر في المادة 302 منه على أن :" احكام هذا القانون لا تحد من السلطة الممنوحة لوزيري الاشغال العامة والنقل والداخلية ورؤساء البلديات بموجب القوانين والانظمة المرعية، بان يفرضوا ضمن صلاحياتهم وحين تستدعي السلامة والنظام العام تدابير من غير التدابير المنصوص عليها في هذا القانون. أما المادة 303 منه فنصت على أن:" للحكومة بناء على اقتراح وزيري الداخلية والاشغال العامة والنقل ان تنظم بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء استعمال الطرق العامة داخل المناطق الآهلة وخارجها حسب تطورات السير".


وإذا عدنا لبناءات قرار المجلس البلدي المتعلق بالدراجات النارية، نجد أنه استند إلى المادة 302 التي تنمحه حق اتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على السلامة والنظام العام. فاتخذ على اساسها قراراً بمنع الدراجات النارية وتحديد شروط الترخيص لها، متجاهلاً أن سير الدراجات النارية أو السيارات أو الأوتوبيسات...، تدخل في مجال استعمال الطرق، المنصوص عنه في المادة 303 من قانون السير، أي تدخل من حيث موضوعها في اختصاص الحكومة، التي تتخذ قرارها بموجب مرسوم يصدر في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري الداخلية والأشغال العامة.

واستناداً لذلك، فإن قرار مجلس بلدية بيروت يكون معيوباً بعيب عدم الإختصاص الموضوعي ومستوجباً الإبطال لتجاوز حد السلطة.

2- عدم جواز منع السير أوتحديد شروط الترخيص بموجب قرار بلدي
إن قرار منع السير على الدراجات النارية في العاصمة، يمس بصورة مباشرة بحرية الإنسان في التنقل والإنتقال، وهي قيد على ممارسة هذه الحرية، التي يكفلها الدستور ويحميها القانون، بحيث لا يعود لأي سلطة غير السلطة التشريعية أن تفرض قيود على ممارسة هذه الحرية، ويطلق على هذه القيود تسمية الضبط التشريعي، ويعطي القانون ومبادئه العامة للسلطة الإدارية حق اتخاذ تدابير الضبط الإداري التي تهدف لحماية الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة، وهذه التدابير تبقى تحت سقف القانون، وفي الحدود التي لا تمس بشكلٍ خطير بحقوق وحريات الأفراد، لذلك كانت تدابير الإدارة المتخذة في إطار الضابطة الإدارية خاضعة لرقابة القضاء الإداري، عن طريق رقابتي الملاءمة والمشروعية.


ويتوازى منع سير الدراجات النارية، مع تقييد حق استعمال هذه الدراجات، وهذا التقييد الناجم عن الرخصة المسبقة التي يجب أن يحصل عليها كل من يرغب ان يستعمل دراجته في بيروت، مع أن قانون السير لم يشترط الحصول على هذه الرخصة. وتذكرنا الرخصة المسبقة بالسير في الطرقات، بالتصاريح التي استعملت في فترات ومناطق معينة. لذلك بما أن القانون لم يشترط الرخصة المسبقة من البلدية لمن أراد قيادة دراجة نارية، فإن البلدية لا تستطيع فرض الحصول على هذه الرخصة، وقرارها بهذا الشأن يكون مشوباً باغتصاب السلطة وعديم الوجود، لأن المشترع وحده الذي يستطيع منع حرية التنقل أو تقييد ممارسة هذه الحرية. ونذكِّر بهذا الصدد بقانون منع عجلات الشحن التي تجرها الحيوانات من السير في مدينة بيروت والذي صدر بموجب قانون 11/9/1948 ، وليس بموجب قرار بلدي.

3- مخالفة مبدأ المساواة أمام القانون
فيما يتعلق ببائعي الدراجات النارية، حيث إذا افترضنا أن هذا القرار يطبق ضمن نطاق مدينة بيروت، فإن هناك شروطاً قاسية سيتحملها بائعو الدراجات النارية في بيروت، لا يخضع لها بقية البائعين في المناطق اللبنانية، مما يشكل إخلالاً بمبدأ المساواة أمام القانون. عدا عن فرض شروط على البائع لا يفترضها قانون التجارة.

إضافة إلى هذه المخالفات الجسيمة التي عددناها أعلاه، فإن هذا القرار لم يخلُ من بعض الشوائب الأخرى، مثل فرضه التأمين الإلزامي على الدراجات النارية، والتي لم يقدم المشترع حتى الآن على إقرارها بسبب العوائق والصعوبات التي تعترض هذا النوع من التأمين، عدا عن أن شركات التأمين ترفض التأمين على الدراجة وسائقها، وأن قيمة التأمين على الدراجة هو أكبر من قيمة التأمين على السيارة، لذلك لا يمكن عشوائياً تقرير التأمين الإلزامي قبل إبرام اتفاقية بين الإدارات العامة وشركات التأمين، من أجل تأمين فعالية عقد التأمين ومصلحة المؤمِّن.

كذلك نجد في هذا القرار للمرة الأولى في تاريخ القوانين، التعهد الخطي باحترام القانون، وهذا التعهد ليس له أي مفعول قانوني على الإطلاق، لأن القانون أو القرار التنظيمي يحمل في ذاته مقومات الإجبار على احترامه عبر العقوبات التي يقررها لمن يخالف أحكامه.

ونخلص من كل هذا العرض بان هذا القرار لا يحمل في ذاته مقومات نفاذه، لذلك فإن وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي سوف لن تلتزم بتنفيذه، لأنه بنظرها لن يكون نافذاً ما لم يخضع لمصادقة وزير الداخلية والبلديات، كذلك يمكن لكل صاحب دراجة نارية أو شركة أو مؤسسة تتعاطى بيع الدراجات النارية أن تطعن بهذا القرار أمام مجلس شورى الدولة في أي وقت لأن القرار عديم الوجود يمكن المطالبة بإعلان انعدامه امام القضاء الإداري في أي وقت.


مركز بيروت للدراسات والأبحاث






التوقيع

hazem.jpg

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اجتهادات هامة أحوال ردين حسن جنود أهم الاجتهادات القضائية السورية 3 12-11-2018 09:31 AM
اجتهادات حول طرق الطعن المحامي مهند اسماعيل أهم الاجتهادات القضائية السورية 0 17-02-2011 02:53 PM
اجتهادات هيئة عامة محامون العددان7-8لعام 2010 احمد ابوالزين أهم الاجتهادات القضائية السورية 0 09-02-2011 11:53 PM
القيود الاحتياطية في السجل العقاري المحامي نضال الفشتكي رسائل المحامين المتمرنين 1 05-10-2009 12:30 AM
قانون العقوبات الاقتصادية المحامي خالد بلال موسوعة التشريع السوري 0 28-05-2008 03:27 AM


الساعة الآن 08:32 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Nahel
يسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر>>>جميع المواضيع والردود والتعليقات تعبر عن رأي كاتيبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى أو الموقع