هل نحن بحاجة لمحاكم مصرفية ؟؟ ... بقلم : نضال كرم مقالات واراء
يمكن القول إن الحديث بضرورة توفر محاكم مصرفية متخصصة لهو بمثابة وضع اليد على الجرح النازف .. وإن كان هناك ثمة تأخر حاصل في هذا الخصوص ..
إلا أنه وكما يقال أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً فهذا ما يدعو إلى التحرك السريع نحو تصحيح الأخطاء ورفد المحاكم بمختصين بالشؤون المصرفية من القضاة بعد تأهيلهم لمزاولة اختصاصاً بعينه هو عالم القضاء المصرفي ..
جرياً على ما يقولونه أولو الاختصاص فإن حال القضاء لا يسرّ .. فكم من النواقص والعيوب تنخر بجسد القضاء السوري وليس هناك من تحرك بعد ... والمشكلة أن للموضوع تشعبات كثيرة وإذا ما أردنا الاستفاضة بشرح الواقع وتوصيفه أو محاولة بناء أساس لعملية الانطلاقة بتصحيح العلاقة بين القانون والمواطن من جهة .. وبين المؤسسات القضائية ونصوص القوانين من جهة أخرى .. فإن الإنسان يتصدر أصل المشكلة وتفرعاتها كما ينعقد بيده الحل وحده ..
يؤخذ على القضاة الذين يفصلون في القضايا التجارية عموماً والمصرفية بصورة خاصة قلة الخبرة إن لم نقل انعدامها – لدى الأغلبية – وإذا كان هذا حالهم .. فكيف بقضاة يجهلون تفاصيل قوانين حديثة العهد وواجبة التطبيق ؟؟ لتأتي مخاطبتهم للمؤسسات العامة مناقضة لنصوص هذه القوانين .. وكأن القاضي الذي يطلب تزويده بمعلومات محددة تفيده فيما ينظر به يجهل صدور القانون الذي يمنع إفشاء أية معلومة تخص القضية – إلا وفق شروط يجهلها فيسكت القانون عما اشتمل عليه ويطالب بما حظره القانون - ونحن هنا نقصد قانون السرية المصرفية بالتحديد – ولا يقع الخطأ من قبل القضاة فقط بل يشمل دوائر التنفيذ المدني التي توجه بإيقاع حجز تنفيذي – على سبيل المثال – دون أن يؤيَّد هذا التبليغ بقرار قضائي مبرم ومكتسب الدرجة القطعية ... وإذ يحار المرء ومن يشتغل بالقانون من أمر هؤلاء الذين يفترض بهم الوصول إلى أصول الدراية والمعرفة والعلم والخبرة بأية قاعدة قانونية واجبة التطبيق نجدهم يؤكدون نفي معرفتهم بمفاصل عملهم وقواعدها وإلا فما معنى أن يقوم رئيس دائرة تنفيذ بمخاطبة جهة عامة لكي تنفذ حجزاً تنفيذياً دون أن يكون مقترناً ومدعم بقرار قضائي قطعي وطلبه حينذاك لا يأتلف والقانون .. !!!
تبدو الحاجة اليوم إلى محاكم مصرفية أشد من أي وقت مضى وفي المستقبل سوف تزداد هذه الحاجة والضرورة نظراً لارتباط القضايا المصرفية بخبرات فنية مصرفية صرفة تستدعي توفر خبرة مصرفية كبيرة بالإضافة إلى وجود الخبرة القانونية وبأهمية مماثلة خاصة أن سوق الأوراق المالية – مكافحة تبييض الأموال – الانفتاح المأمول في الاقتصاد فيما إذا استمر التفاؤل بانضمام سورية إلى السوق الأوروبية مما يستلزم وهذه الحال توفر نخبة من القضاة الذين يطلب منهم الفصل في قضايا معقدة .. كما يرتبط هذا الأمر وبقوة بكوادر الرقابة على عمل المصارف .. وإذا ما كانت الرقابة المسبقة على عمل المصارف ضرورة أكيدة بيد أن مستوى أدائها وإن علا فإنها تبقى احترازية ولكن هي يمنحنا الواقع صورة مشرقة لوضع الرقابة المصرفية ؟؟
لا يمكن اعتبار القضايا المصرفية - وبأية حال من الأحوال - المرتبطة بتجارة واقتصاد البلاد ارتباطاً وثيقاً ( وجوداً وعدماً ) لا يمكن اعتبارها قضايا عادية كتلك الجنائية أو المدنية أو الشرعية ، وإن كان لهذه الأخيرة محاكم مختصة منذ زمن طويل فقد كان من المفترض أن يكون هناك محاكم مصرفية متخصصة عوضاً عن الأخطاء الحاصلة في القرارات التي يصدرونها القضاة العاديون إن وصلوا أم دون أن يصلوا إلى درجة اليقين بصحة قراراتهم ...
إن عمل المصارف لا يشبه العمل لدى أي قطاع عمل آخر والتشريعات المصرفية التي أقرت في الفترة الأخيرة تؤكد على أهمية هذا القطاع وتأثيره المباشر على محاور عدة ومفاصل رئيسية من جسد الاقتصاد ... هذه التشريعات التي يجهلها الكثيرون ليس من العامة بل من أهل الاختصاص .. لابد من العمل على تهيئة كل ما من شأنه دعم ركائز وجود محاكم متخصصة بالعمل المصرفي ورفدها بقضاة خبرتهم واسعة واطلاعهم دقيق في هذا المجال .
سيريا نيوز
2005-07-09