اضطررت منذ مدة لتسليم دعاواي إلى زميل لي , اعتدت أن أورد اسمه في وكالاتي يرضى الموكل , بداعي السفر , وبعد عودتي بقيت بعض الدعاوى لدى هذا الزميل الصديق, ولم أفاجأ باتصال مجموعة من الموكلين بعد عودتي والتي أورد منها تلخيصا هذا الحوار لما فيه من طرافة وفائدة :
-الموكل: ( أستاذ وينك كل هالمدة ))
-(( بدك تعذرني كنت مسافر وأنا خبرتك انو دعواك يتابعها الأستاذ فلان ))
-الموكل: ( خبرتني , لكن الله يخليك , رجع استلمها انت ))
-((ولماذا , أن الأستاذ فلان جيد وقد صان وما زال يصون الأمانة))
-الموكل (( ما اختلفنا يا أخي , ولكن كل ما حكيت معوا أو شفتوا بيوجعني راسي ))
- ((خير انشالله سلامة راسك))
الموكل (( يا أخي الأستاذ فلان من كل 13 جملة بيحكيها بفهم منها كلمة وحدة ))
-((عفوا أخي الكريم وعذرا ما المهم أنت تفهم , المهم المحكمة تفهم ))
الموكل (( والله يا أستاذ أنا هدا اللي خايف منوا , يعني إذا أنا بكون بمكتبوا , وما عم أفهم عليه ! ............أي كيف بدوا يفهم عليه القاضي بالمحكمة ))
-(( يا أخونا أولا عنا المرافعات كتابية , يعني هو ما ضروري يحكي , وأنا لو ما واثق من مقدرة الزميل الصديق فلان القانونية ما تركت دعاواي عنده )) .
-الموكل (( كتابية ! يعني شو بالضبط))
-(( يعني المحامي ما بيحكي على الإطلاق , بس بيكتب كل شي بدوا ياه عورقة وبيقدمها للمحكمة)) .
-الموكل ((طيب وبلكي سألوا القاضي شي سؤال ))
- لا تخاف ما رح يسألوا
- الموكل ((يعني بلكي صدفة سألوا ))
- ساعتها بيجاوب المحامي القاضي شفهيا
- الموكل (( هون حطنا الجمال , يعني بدو يحكي , وساعتها مارح يفهم عليه القاضي ولا كلمة ))
- ((أي يعني بيدور بيناتون حوار قانوني لحتى يوضح للقاضي وجهة نظروا))
- الموكل (( يا أستاذ , المحامي فلان ما بإيدوا الشغلة هو بيحكي بسرعة وبيتاتئ بالحكي يعني القاضي أكيد لو ضل يحكيه ساعة كاملة مش رح يفهم عليه ))
- ((أي وقتا بيقلوا القاضي ما عم افهم عليك يا أستاذ (اكتبلي اللي بدك تحكيه بمذكرة وقدملي ياها ) وهيك منكون رجعنا للي قلتلك ياه :المحامي ما ضروري يحكي لأن المرافعات عنا كتابية )) .
الأساتذة الكرام :
هذه المحادثة ليست من نسج خيالي بل دارت معي أول أمس مع احد الموكلين كما أسلفت , وهي بحد ذاتها لم تنبهني إلى موضوع هذه الزاوية , بل رأيت أن إيرادها ربما يغني ولو كان لدي فيديو تسجيلي لها لأرفقته نظرا لطرافة طريقة الموكل في التعبير عن استيائه.
على كل موضوع المرافعة الكتابية ليس جديدا وهي مبنية أساسا ليس على نص القانون فقط , بل على طريقة التعامل الحقوقي السائدة بشكل عام واليكم هذه النقاط:
1 – يدرس الحقوقي أربع سنوات في الكلية وربما أكثر دون أن يرى في أغلب الحالات شكل الدكتور المدرس , فما بالكم بالحديث معه أو حتى مع زملائه.
2 – لا توجد مادة في التدريس الحقوقي تتعلق بفن الخطابة أو لنقل فن الترافع , وهذا نقص واضح يفترض تلافيه .
3 – لا يعرف الحقوقي طيلة فترة حياته الجامعية للأسف ماهو موجود فيما يسمى اصطلاحا ب(الكليات النظرية) الأخرى من حلقات بحث فيها محاورة مباشرة مع المدرس والطلاب ((على اقله لم تكن على زماننا )) وربما لن يعرف ماهي المحاورة القانونية إلا عندما سيذهب لأداء الخدمة الإلزامية ويضطر هناك مرغما على الحوار القانوني عند تطبيقه للقانون العسكري والذي يقتضي للضرورات العسكرية البحتة تطبيق عبارة (( نفذ ثم اعترض)) لذلك بقتصر حوار الحقوقي حينها على جملة واحدة هي ((أمرك سيدي )) ....! . انتهت الزاوية
سلاماتي للجميع