يؤكد كريمر في كتابه – هنا بدأ التاريخ – ان أول سابقة قضائية في تاريخ البشر وردت مسجلة ً في احدى الوثائق السومرية تعود الى أواخر الألف الثاني قبل الميلاد وتتحدث هذه الوثيقة عن ثلاثة رجال اشتركوا في جريمة قتل ولسبب مجهول اخبروا زوجة القتيل بجريمتهم وكانت يد القانون قوية فتم القاء القبض على المجرمين وتم عرض قضيتهم أمام الملك أور- نينورتا في العاصمة وقام الملك بدوره فحول القضية الى جمعية الشعب في مدينة نُفَّر وموقعها الآن قريب من مدينة عفك ، لكي تنظر الجمعية في هذه الجريمة وتتخذ القرارات المناسبة لمعاقبة المجرمين ، وتشير الوثيقة الى ان سبعة رجال من الجمعية قاموا بمهمة الإدعاء العام وأعلنوا ان طائلة العقاب يجب ان لا تطال المجرمين الثلاثة فقط وانما تشمل زوجة القتيل التي تسترت على الجريمة وقد انبرى من هذه الجمعية رجلان قاما بمهمة الدفاع عن الزوجة واثبتا ان الزوجة بريئة من الجرمية وبالفعل صدر قرار الحكم بادانة المجرمين الثلاثة وتبرئة ساحة الزوجة
هذه الواقعة تؤكد بما لا يقبل الجدل ان تطبيق العدالة التي تعتبر واحدة من اهم حقوق الإنسان الأساسية قد تم تطبيقها بالفعل وبشكل متطور يكاد يقترب مما يحصل في هذا العصر حيث ان تقاليد هذه المحاكمة لا تكاد تختلف عن تقاليد المحاكمات التي تحدث الآن رغم انها حدثت في زمن موغل في القدم وهذه الواقعة نموذج واحد من نماذج تأريخية عديدة
يؤكد الدكتور يوسف حبي في كتابه ( الإنسان في ادب وادي الرافدين ) ان الشرائع العراقية القديمة تسبق اقدم ما هو معروف من شرائع وقوانين في سائر المجتمعات والحضارات الأخرى بعشرات القرون ، فلم تصلنا شريعة متكاملة من وادي الرافدين تسبق القرن الخامس قبل الميلاد أما القانون اليوناني فلا يتعدى تدوينه القرن السادس قبل الميلاد ويعود القانون الروماني بتاريخه ايضا ليقف عند حدود القرن الخامس قبل الميلاد ، وتعتبر اصلاحات أور كاجينا التي تعود الى عام 2355 قبل الميلاد من أهم واقدم الإصلاحات الإجتماعية والاقتصادية المعروفة في تاريخ البشر
تعتبر وثيقة اصلاحات اور كاجينا من أهم الوثائق في التاريخ لأنها نادت ولأول مرة باهمية حقوق الإنسان وتأكيدها على حريته ورفضها لكل ما يضطهد هذه الحرية كما ان مفردة – الحرية – التي هي امل شعوب العالم اجمع ، وردت لأول مرة في التاريخ في هذه الوثيقة