كنا ذات مرة في بيروت في محاضرة يلقيها نقيب محامي بيروت الأسبق الأستاذ ريمون شديد , وكان من أهم توصيات الأستاذ ريمون (جزاه الله خيرا) قوله متوجها لنا :
(أيها المحامون الشباب عليكم بدراسة القوانين الأجنبية , واهتموا باللغات وتعلموا منها أكثر مما تستطيعون ) .
ثم صدف أن رأيت الأستاذ ريمون في إحدى حوارات البرامج الفضائية فكرر وصيته ذاتها .
ليس في وصية الأستاذ ريمون أي شيء غامض فهي من البداهة بحيث انها واضحة وضوح الشمس, لكن لنتساءل كم من محامينا لديه معرفة بلغة غير اللغة العربية ؟
أنا ليست لدي إحصائية ولكني استطيع نوعا ما ومن خلال معرفتي بالزملاء في المهنة القول أن نسبة تقل عن الواحد بالمائة تتقن لغة ثانية تحدثا وكتابة وتستطيع الترافع بها إن اقتضى الأمر وهي غالبا الانكليزية , ونسبة لا تزيد عن ال25% لديها معرفة جيدة بلغة أخرى وذلك بحكم الدراسة الجامعية والمدرسية لكنها لا تستطيع الترافع بها بل ربما تفهم بعض الجمل والباقي عالتيسير ) و البقية...... أي الأكثرية الساحقة على معرفة ببعض الكلمات الانكليزية أو الفرنسية , وهي من اللغة بعيدة بعد الأرض عن زحل , لمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ذا ؟؟؟؟
ثم ماذا عن القانون المقارن وماذا عن معرفة القوانين الأجنبية , ربما يكون الرقم بالصفر فاصلة صفر صفر كـــذا ..... لا أقول ذلك من باب التبجح بل أسنده لرجل أكثر معرفة بالقوانين العربية والأجنبية واللغات مني وهو الأستاذ (ريمون شديد) أستاذي ومعلمي ومثلي الأعلى .؟
لماذا نتجاهل الحاجة الملحة للاطلاع على باقي القوانين لدى دول استقينا في الأساس كثيرا من تشريعاتنا منها ؟
هل من المعقول أن يتخرج محام لدينا بمرتبة أستاذ وهو عاجز معرفيا عن المرافعة أمام أية محكمة إلا المحاكم السورية؟
أذكر هنا الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل الذي كثيرا ما كان يسافر لأوروبا وأفريقيا في فترة تمرينه حتى انه كان يترافع في نيجيريا نيابة عن أستاذه بصفته محاميا متمرنا عندما سمع خبر مقتل والده ؟
لماذا يقف المحامي السوري من اللغة الأجنبية والقوانين الأجنبية موقف الحياد لا أدري ,
ثم ماذا تعني معرفة اللغة الانكليزية في هذه الأيام إنها مجرد محو أمية لا أكثر , فالفرنسية في القانون أمر أكثر من بديهي .
ثم نأتي لاستخدام الكمبيوتر وتقنياته ربما نجد بعض التحسن لدى زملائنا في سورية لكني مازلت أتخيل الزميل مصطفى نعوس في فرع حلب عندما قدم اقتراحه لأول مرة لإنشاء موقع انترنت لفرع نقابة حلب وكانت أول كلمة وصلت سمعه عندما ناقشه الزملاء أعضاء فرع النقابة حينذاك وباللهجة الحلبية المحببة
إش هدا الأنترانيت خيّو ؟ إش كني يعني صندوق بريد ؟) .
ثم الأساتذة أعضاء المجلس ما قبل السابق في اللاذقية وكان وقتها برئاسة الأستاذ حمدي المحمود الذي كان فيما سلف (رئيس نقابة الساحل ) قبل أن تنقسم النقابة إلى فروع , عندما كنت حديث العهد بالمهنة قدمت لمجلس فرع النقابة اقتراحا بإنشاء موقع على الإنترنت مخاطبا مجلس الفرع :
(السادة أعضاء مجلس فرع نقابة المحامين الموقر ...... أحيل إليكم كتابي هذا لضرورة إنشاء موقع لفرع النقابة على الانترنت مقدما في ذلك خبرتي العملية كوني حاصل على شهادة كذ ا في الكمبيوتر وإني على استعداد لبيان كلفة المشروع وتقديم الدراسة اللازمة تقنيا وماديا على حسابي الخاص....) الخ
وكان الرد بأن حفظ المجلس الطلب ولم يردوا عليه , فأعدت اليهم تكرارا الطلب ثلاث مرات وكان مصيره الحفظ .
المرة الرابعة خاطبت المجلس باللهجة التالية:
(مجلس فرع اللاذقية للمحامين أعيد لكم للمرة الرابعة كتابي لإنشاء موقع للإنترنت للفرع والسلام)
ثارت ثائرة الأعضاء والفرع والكل يتصل بالأستاذ حمدي ويقول يا أخي ما هذا المحامي وكيف يتجرأ على مخاطبة المجلس بهذه اللهجة ......الخ .
والحق يقال أنه ومع تغير المجلس وقدوم الأستاذ أيمن ناصر رئيسا و رد كتاب معمم من النقابة المركزية للفروع لإنشاء موقع الكتروني وقد عرضت خدماتي وكان أن أحيل طلبي للزميل أ. سامر أوسطة وحتى تاريخه ورغم تغير المجلس للمرة الثالثة ما زال قرار إنشاء الموقع حبرا على (هواء) .
في النهاية أستغرب قبول محامي في النقابة السورية لا يعرف لغة انكليزية على الأقل , أو لا يعرف كلمة واحدة في القانون المدني الفرنسي أو لا يعرف من الكمبيوتر سوى كيف يلعب (السوليتير ) أي لعبة الشدة وحتى هذه قد لا يعرفها ؟؟؟؟