من اللافت للنظر في مهنة المحاماة أنها من المهن التي تورث فإذا ما كان الأب محامياً فغالباً ما يكون أحد أبنائه على الأقل محامياً كي يتابع مسيرة والده وأعمال مكتبه بما فيه من قضايا وموكلين ، فلا تشكل وفاة المحامي صاحب المكتب في هذه الحالة أي مشكلة فالوريث لهذا المكتب و أعباءه موجود وله اسم في جميع الوكالات وعلى دراية واضطلاع بالدعاوى والموكلين . ولكن ماذا لو كان المحامي ليس له وريث في هذه المهنة فما هو مصير مكتبه ،و هل يحق لورثته الذين لا علم لهم ولا دراية بهذه المهنة التدخل في شؤون المكتب وتعيين مصفي ؟!...وفي هذه الحالة ما هو مصير الدعاوى التي يتم تبليغ حكمها إلى فريق عمل المكتب باعتبار أن لهم اسم بالوكالة وأنهم من كان يتابعها في حياة صاحب المكتب .
يجيبنا على ذلك نص المادة 80 من القانون رقم 39 لعام 1981 الخاص بتنظيم مهنة المحاماة والتي نصت على أنه :
( آ- إذا توفي أحد المحامين يقوم رئيس مجلس الفرع أو من ينتدبه بتحرير مكتبه وتكليف الموكلين لتوكيل محام آخر بدل المتوفى ، وتسليمهم ملفات الدعاوى والمستندات بعد محاسبتهم عن الأتعاب وتصفية كامل أعمال المكتب وتسليم موجوداته إلى ورثة المتوفى الشرعيين وتحفظ نسخة من محضر تحرير المكتب وضبط التسليم في ديوان الفرع مع مراعاة الأحكام القانونية المتعلقة بالتركات .
ب _ كما يحق لرئيس الفرع في الأحوال العاجلة تكليف أحد المحامين مباشرة الدعاوى إلى أن تتم الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة السابقة .)
على هذا فإن نص هذه المادة حصر مهمة تعيين المصفي برئيس مجلس الفرع فلا علاقة للورثة باختيار المصفي وإنما ينحصر حقهم فقط بتسلم موجودات المكتب والأتعاب التي حصلها المصفي من الموكلين بعد انتهاء أعمال التصفية .
ولكن ما يحدث أن مجلس الفرع يسمح للورثة بالتدخل في انتقاء المصفي وغالباً ما يتم انتقاءهم للمصفي بتوصية من أحد المحامين دون الأخذ بعين الاعتبار إن كان هذا المحامي يصلح للقيام بهذه المهمة أم لا و إن كان من فريق عمل المكتب أم لا الأمر الذي يضر بمصلحة الموكلين أولاً وأخيراً نتيجة تبليغ الأحكام الصادرة في الدعاوى لفريق عمل المكتب باعتبارهم من قام بمتابعتها في حياة المحامي المتوفى وقد يضر أيضاً بمصلحة الورثة نتيجة سوء اختيارهم لشخص ليس أهلاً للثقة
من وجهة نظري إن الحل الأمثل لهذه المشكلة يكمن في إلزام كل محامي باختيار من يقوم بتصفية مكتبه في حال وفاته تحفظ نسخة عنه في ملفه الشخصي في ديوان الفرع وذلك على غرار نص المادة 14 من نظام معونة التقاعد ووفاة المحامين التي أجازت للمحامي أن يختار من يستحق معونة الوفاة . وبذلك يتم تعيين المصفي على مسؤولية المحامي المتوفى الذي هو أدرى الناس بأمور مكتبه وموكليه ومن يصلح لهذه المهمة.