صحيفة بلدنا 11/9/2007
ندى صبية في عشرينيات العمر، حملت الجنسية القازاغستانية عن قسـر من قبل وزارة العدل، نقلت إلى 25 دولة منها سورية ولبنان وتركيا والأردن واليمن .. لا تعلم شيئاً عن طفولتها سوى أنها ترعرعت على يد رجل غريب لا تعرفه حتى وصلت أخيراً إلى سورية .. استأجرت غرفة لمدة شهرين ووصلت بطريقة ما إلى إحدى الكنائس التي قامت بدورها بإرسالها إلى راهبات دير الراعي الصالح حيث تكفلوا بأمرها.
قصة هذه الشابة وغيرها الكثير من النسخ كانت محل نقاش ورشة العمل التي أقامتها المنظمة الدولية للهجرة وبرعاية وزارة الداخلية بالتعاون مع الاتحاد النسائي السوري تحت عنوان “ رفع مستوى الوعي حول أبعاد جريمة الاتجار بالأشخاص”، حيث ألقيت فيها العديد من الكلمات، بدأها اللواء مروان جوني مدير إدارة التوجيه المعنوي في وزارة الداخلية، وأشار فيها إلى أن المتاجرين بهذه الظاهرة هم عبارة عن مافيات وعصابات يستخدمون النساء في أمور الدعارة أو في استغلالهم بأمور أخرى، ونوَّه اللواء جوني بعمل وزارة الداخلية السورية في المبادرة منذ البدء لقمع ظاهرة الاتجار بالأشخاص من خلال التعاون مع جهات ومنظمات محلية ودولية، معتبراً في الوقت ذاته أن عملية المتاجرة هي إحدى الظواهر السلبية الوافدة إلى سورية نتيجة أسباب عدة منها الواقع المتردي في دول مجاورة لبلدنا،
وقال :”نحن في سورية لا نعاني من علميات الاتجار بالأشخاص بالشكل الملموس، هذه العملية وافدة غريبة عن وطننا وتتناقض مع قيمنا الاجتماعية والأخلاقية وتراثنا العريق”.
من جهتها أوضحت السيدة سعاد بكور رئيسة الاتحاد النسائي العام في حديثها آلية عمل هذا الأخير في مواجهة الظاهرة ومحاولة إيجاد بدائل وحلول معينة للقضاء على براعمها التي بدأت تنتشر في سورية.
وقالت: “ اليوم أصبحت العمالة الأجنبية واقعاً ملموساً في بلدنا، ولكن ماهو البديل؟ .. ناقشناه مطولاً منذ أكثر من ثلاث سنوات، وأنجزنا مشروعاً متكاملاً عن “ العمالة البديلة “ وافق عليه مجلس الوزارء ورصد لنا ميزانية مخصَّصة له في الخطة الخمسية العاشرة، وهنا تأتي مواجهة ومنع الاتجار من خلال زيادة الوعي واجبة علينا جميعاً على الرغم من قلة هذه الحالات في المجتمع السوري ليبقى هذا البلد سالماً متطوراً”.
في حين أعربت السيدة ليلى طعمة رئيسة قسم المشاريع في المنظمة الدولية للهجرة عن أملها في رفع سوية الوعي فيما يتعلق بعملية المتاجرة بالأشخاص وذلك من خلال إقامة مثل هكذا ورشات من جهة والتعريف بالقوانين السورية التي تحدُّ من هذه الظاهرة من جهة أخرى.
- ماذا يعني الاتجار بالأشخاص؟ الدكتور إبراهيم دراجي أستاذ القانون في جامعة دمشق قدَّم شرحاً موسَّعاً عن القانون المتوقع صدروه والخاص بالعمل على حد ومحاربة ظاهرة الاتجار بالأشخاص.
وقال: “سورية أصبحت بحكم مكانتها الجغرافية ترانزيت عبور للاتجار بالأشخاص من وإلى باقي المناطق الأخرى، و المطلوب منا اليوم هو أن نبرز السلبيات بكل شجاعة وواقعية بغرض تسليط الضوء على ما يجري وأن ندقَّ ناقوس الخطر وأن نتعامل مع المشكلة قبل فوات الأوان”.
وأعطى الدكتور دراجي عدداً من المقالات المنشورة في وسائل الإعلام حول بعض الظواهر الموجودة في المجتمع وخاصة في موضوع اللاجئات العراقيات.
وأوضح موقف الدستور السوري من هذه الظاهرة من جهة، وموقف التشريعات السورية من تهريب الأجانب عبر الحدود الوطنية من جهة أخرى.
وبيَّن أن من أهمِّ المبرِّرات لإصدار القانون يكمن في الأبعاد الأمنية لجريمة الاتجار بالأشخاص حيث من الممكن أن تتحوَّل إلى عصابات ومافيات، إضافة إلى الأبعاد الاقتصادية والتي قد تخلق اقتصاداً خفياً موازياً لاقتصاد الدولة.
وختم كلامه بقضايا بالغة الأهمية لابدَّ وأن يركز عليها القانون المنتظر منها:
أولاً: إقامة دار ضيافة لنساء تمَّ الاتجار بهم، وقد تأمن المقرّ من قبل وزارة الشؤون، وسيتم تمويله من منظمة الهجرة.
ثانياً : التشديد في العقوبات الخاصة التي تمس الحرية، إضافة إلى تشديد العقوبات المالية.
ثالثاً : تحميل التاجر عبء نفقات الضحايا.
رابعاً : ينبغي على المستنفع أيضاً أن يشمله العقاب كحلٍّ رادع على كل من يفكر التورُّط بهذه الجريمة.
خامساً : إنشاء هيئة معنية بصلاحيات واسعة تكسر الروتين وتحمي الأشخاص الضحايا.
وتعتبر هذه الدورة استكمالاً لندوة أقامت المنظمة الدولية للخجرة بالتعاون مع وزارة الداخلية في سورية في يومي 11 و12 أيلول 2005