يشهد العالم اليوم تزايدا في معدلات النمو الاقتصادي في بعض المناطق بينما يتناقص النمو والغذاء في مناطق أخرى من العالم وبصورة أكثر حدة ليهدد شعوبا كثيرة بشبح المجاعات والأمراض والموت في الوقت الذي تأخذ فيه العولمة بأطروحتها والتنمية البشرية المستدامة باتجاهاتها المختلفة والمتنوعة الجدية لاقتراح الحلول المناسبة ووضع الخطط المناسبة وتوقيع الاتفاقيات ورسم السياسات الاقتصادية والسياسية المختلفة أمام التنازع التقني والمعلوماتي, وتقلص حجم سيادة الدولة,يبرز العائق الأساسي أمام التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية المستدامة في العالم والمتمثل في الديمقراطية وحقوق الإنسان .
جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة في الحرية والعدل والمساواة في العالم, ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني, ولما كان غاية ما يرنو له البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرج بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة, ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكي لا يضطر المرء في آخر الأمر التمرد على الاستبداد والظلم, ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد, وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدما وان ترفع مستوى في جو من الحرية أفسح.
إن الوعي العالمي بضرورة الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية البشرية هي التي تحقق أهداف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ,وتتأكد أهمية الديمقراطية في عالم يشهد تطورا حضاريا من خلال مجتمع المعرفة وثورة المعلومات والاتصالات التي تجتاح العالم في القرن الحالي, كما أن التنمية باعتبارها ضرورة أساسية في حياة الشعوب عن طريق الإدارة الديمقراطية الفاعلة للمؤسسات هي وحدها الكفيلة بخلق مناخ تنموي جيد من شانه إحداث نقلات نوعية في مجال التنمية والاقتصاد حيث أن زيادة الإنتاج وتحقيق النمو الاقتصادي وزيادة حجم الاستثمارات وتنمية القدرات والمهارات البشرية تعتبر خطوة أساسية مهمة على طريق إحداث تنمية حقيقية شاملة, في ظل نظام اقتصادي عالمي شهد العديد من المتغيرات.
أن التنمية الاقتصادية أعم وأشمل من النمو الاقتصادي ففي حين يتضمن النمو زيادة في متوسط دخل الفرد وربما ارتفاع مستوى المعيشة تتضمن التنمية تطورا نوعيا ومستمرا في الإنتاج وفي أساليبه كما تتضمن تطورا كيفيا في الحياة بصورة عامة بما في ذلك القيم والمواقف ذات العلاقة المباشرة بالحياة الاقتصادية.
ومن ذلك الذي يحدث في النظرة إلى العمل وفي احترام الوقت وفي درجة الانضباط الوظيفي والسلوكي بصورة عامة, وفي درجة ومحاولات مشاركة المرأة في النشاطات الاقتصادية والثقافية.
أن المفهوم الحديث للتنمية يتعدى البعد الاقتصادي والاجتماعي للتنمية ليشمل البعد البيئي, أي البيئة التي يعيش فيها الإنسان بحيث تكون متوافقة مع مقتضيات البيئة السليمة في الحاضر والمستقبل.
إن علاقة الديمقراطية بالتنمية علاقة وطيدة, فلا يمكن إحداث تنمية شاملة في مجتمعات يكون هامش الديمقراطية فيها محدودا أو مفقودا, إن عدم وجود الديمقراطية من شأنه تهميش المواطن وجعله خارج دائرة الفعل وبالتالي خارج المسؤولية مما يزيد من تعقيد الأزمة وبالتالي تظهر العديد من الظواهر والأمراض الاجتماعية الخطيرة التي تفتك بجسد الأمة وتقودها للتخلف ومنها:-
1. ظهور التوترات الاجتماعية الناتجة من شعور البعض بالحرمان وغياب العدل والمساواة.
2. تفشي ظاهرة النزعة الاستهلاكية دون إنتاج وتعلق المسؤولية على الحكومة.
3. الرغبة بالظهور بمظهر اليسر والتطور ومحاكاة النموذج الرأسمالي عند بعض من تمكنهم ظروفهم الاقتصادية وهم قلة بطبيعة الحال.
4. ازدياد حالات البؤس والفقر وانتشار الأمراض وتفشي الظواهر السلبية مثل( المخدرات, العنف, الإرهاب, الاغتصاب, السرقة, السرقة, انعدام الأمن).
5. نقص معدل الادخار وارتفاع حجم المديونية الداخلية والخارجية وزيادة الاعتماد على الخارج في السلع والخدمات.
ويبقى الحل الحقيقي الذي تنشده الشعوب المتمثل في إيجاد تنمية شاملة وتقدم حضاري عالمي مرهون بتأكيد قيم الديمقراطية الحقيقية ( ديمقراطية كل الناس) لتحقق من خلالها التنمية المستدامة للشعوب بحيث يحل الأمن والسلام محل الرعب والإرهاب الدولي وسياسة التجويع والتخويف والتلويح باستخدام القوة.