أتعاب المحاماة بين الواقع و القانون
درجت معظم المحاكم في القطر على الحكم بأتعاب المحاماة دون التقيد بأحكام البند /1/ من الفقرة /آ/ من المادة /66/ من القانون /39/ لعام 1981 كما أنها وفي الكثير من قراراتها قد درجت على الحكم بتهاتر هذه الأتعاب أو على الخلط بينها وبين الحد الأدنى لأتعاب الدعوى .
وفي أحدث قرار لمحكمة الاستئناف المدنية في إدلب الصادر بتاريخ 20\5\2004 في الدعوى رقم أساس 653 قضت المحكمة المذكورة برد الاستئناف لجهة الفقرة المتعلقة بأتعاب المحاماة بمقولة مفادها أن القرار المستأنف قد ألزم المتدخل بالرسوم والمصاريف والأتعاب وأن من ضمن الأتعاب هو الحد الأدنى للوكالة .
وإن هذا الخطأ الشائع هو ما دفعنا إلى أن ندلي بدلونا في هذا المضمار بحثا عن الحقيقة وإرساءا لقواعدها علّ ما قدمناه يكون منارا نستضيء به جميعا وينير الدرب للمحاكم لما يجب أن يكون عليه الأمر لجهة الحكم بأتعاب المحاماة.
في تسمية القانون /39/1981م
إن العودة إلى اسم القانون و قراءته بشكل متأن يؤكد لنا بأن المشرع قد حرص على أن يذكر في التسمية عبارة (قانون ــ تنظيم ــ مهنة المحاماة ) و لا شك أن كلمة ( تنظيم ) الواردة في اسم القانون تؤكد و بشكل لا يدع مجالا لأي شك بأن هذا القانون هو قانون تنظيمي .
هدفه الرئيس هو ضبط و تنظيم العلاقات و الروابط القائمة بين شريحة المحامين أنفسهم و فيما بينهم و بين موكليهم حيث بين حقوقهم وحدد واجباتهم و حصر أسس انتسابهم للنقابة
كما ميز بين تعريف المحاماة كعمل مهني و بين التنظيم النقابي و أهدافه وغاياته بالإضافة إلى تنظيم العلاقة بين المحامين و بقية شرائح المجتمع ، الأمر الذي أضفى على أحكام هذا القانون الصفة التنظيمية و أعطى لأحكامه القوة الآمرة بحيث لم يعد من الجائز
مخالفة هذه الأحكام أو الاتفاق على عكسها باعتبارها ملزمة وواجبة التطبيق لتعلق أحكامها بالنظام العام الذي رسمه هذا القانون.
و هذا النهج مؤيد بما بيّنه مشرّع القانون في الأسباب الموجبة لإصداره
حيث حرص المُشرّع على ذكر(( كلمة تنظيم )) وذلك في أكثر من موضع في القانون و هذا يفيد التحديد و الإلزام و الوجوب
فضلا عن أنه قد أكد على صفتي الوجوب و الإلزام المذكورتين آنفا بشكل خاص في الأحكام المتعلقة بأتعاب المحاماة حيث حرص و بشكل واضح على النص في هذه الأحكام على عبارة (( على المحكمة أن تحكم ........ الخ )) و هذا أمر، و الأمر واجب التنفيذ عندما يصدر عن المشرّع (( لطفا يراجع نص المادة /66/ من القانون /39/لعام 1981م
و هذه العبارة ، وهذا الحرص ليسا جديدين في هذا المجال فمشرّع القانون /39/981 لم يستحدث هاتين العبارتين ، وقد كان ذكره لهما تكريسا واضحا لما نصّت عليه المادة /62/ من قانون المحاماة رقم /14/ تاريخ ـــا 22/4/1972م المنشور في الجريدة الرسمية ـ الجزء الأول ـ العدد/19/ تاريخ ـا 17/3/972 الصفحة ( 745) .
والذي بدورة قد اقتفى أثر ما قننه في هذا المجال مشرع القانون /51/ تاريخ ـــــا 13/8/1952 المنشور في الجريدة الرسمية العدد/51/لعام 1952م في المادة /35/ منه
مع فارق بسيط بين القانون /39/ و القانونين المذكورين . و هو عدم تعليق وجوب الحكم بأتعاب المحاماة على طلبها من قبل الخصوم
و من لزوم البحث في هذا المقام أن نذكر : أنّ مشرع القانون /51/ 1952قد أطلق على قانونه اسم ( قانون مزاولة مهنة المحاماة في الجمهورية السورية ) و أنّ مشرّع القانون رقم /14/ 1972قد أطلق على قانونه اسم ( قانون المحاماة )
والملاحظ أنه وإن كان هدف كلا القانونين المذكورين هو تنظيم العمل في مهنة المحاماة في الجمهورية العربية السورية إلا أنّ كليهما قد أغفل هدفه عند تسميته لقانونه حيث جاء ت التسمية مطلقة دون الإفصاح عن هدف المشرّع من إصدار القانون .
في حين أنّ مشرّع القانون /39/1981قد أعلن عن هدفه المنشود عند صياغته لاسم القانون ذاته حيث أسماه (( قانون تنظيم مهنة المحاماة ))
جازما بذلك بأنّ قانونه هو قانون تنظيمي له غايات محددة لا يجوز إهدارها أو تجاوزها أو الاتفاق على عكس ما قضت به . الأمر الذي أضفى على أحكامه الصفة الآمرة . و متعها بالقوة الملزمة
إلا انه و على الرغم من البون الشاسع بين هذه التسميات و على الرغم من أنّ القانون /39/ 981 كان أكثر تحديدا لمفهوم التنظيم من حيث سعته و شموله و مداه فكان بذلك أكثر تشديدا على صفة الوجوب و الإلزام لأحكامه
إلا أنّ : القوانين الثلاثة برمتها قد هدفت من حيث الجوهر و المضمون ــ و بشكل مطلق ــ إلى تنظيم مهنة المحاماة من كافة جوانبها و خاصة منها المالية و التنظيمية وهذا ما أضفى على أحكامهما ـ جميعا ــ الصفة الآمرة
مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الصفة الآمرة للأحكام المحكي عنها آنفا هي صفة لصيقة بكافة الأحكام التي تتعلق بمهنة المحاماة وتتضح صورة ذلك . إذا ما أخذنا بالحسبان طبيعة مهنة المحاماة و الأهداف السامية التي من أجلها وجدت هذه المهنة و المرحلة التاريخية الطويلة التي نشأت فيها و تطورت .
حيث نجد أن هذه الأمور بمجملها . قد فرضت على أرباب هذه المهنة الالتزام التام بالتقاليد و الأعراف و اللباقة المهنية الخاصة التي أرسى قواعدها التعامل المهني إلى درجة رسخت لدى كافة العاملين في هذه المهنة قناعة مفادها :
انه لا يجوز بحال من الأحوال مخالفة هذه الأعراف و التقاليد و أنّ أيّ مخالفة لها تعتبر خرقا للعهد و حنثا بالقسم و تشكل ــ بالمطلق ــ زلة مسلكية توجب العقاب الأمر الذي أعطى مع الزمن لهذه الأحكام الصفة الآمرة و جعل من منها صفة لصيقة بكل الأحكام التي تتعلق بمهنة المحاماة .
و يمكن لنا تلمس تشديد القانون /39/ 981 على صفتي الوجوب و الإلزام التي أصبغها على أحكامه من التدقيق و التمحيص في الصيغ و العبارات التي استعملها المشرّع في صياغة أحكام و مواد هذا القانون حيث حرص في أغلب مواده على استعمال عبارة (( يحظر على المحامي ـ م /13/ )) و عبارة : (( لا يجوز لمن .. ــ م/14 / و/15/ و/16/ )) و عبارة (( لا يسجل في الجدول ــ م /21/ و يمتنع على المحامي ــ م /73/ .......الخ ))
هل تملك المحكمة الحق في عدم الحكم بأتعاب المحاماة
بعد أن ثبت لنا بأنّ القانون \39\ هو قانون تنظيمي و أن أحكامه تتمتع بالصفة الآمرة وبالتالي فهي واجبة الرعاية و التطبيق وهي ملزمة لكافة المحاكم على اختلاف أنواعها و درجاتها و مراتبها
و من الرجوع إلى نص البند/1/ من الفقرة/ب/ من المادة /66/ منه ــ مدار بحثنا ــ نجد بأنها قد نصت بشكل قاطع و جازم على عبارة : (( على المحكمة أن تحكم على الطرف الخاسر .........الخ ))
و هي بذلك قد جعلت الوجوب و الإلزام مطلقين و لم تعلقهما على إرادة الخصوم أو طلبهم . بل ألزمت المحكمة بالحكم بأتعاب المحاماة لمجرد توكيل المحامي و حضوره في الدعوى
و مفاد ذلك أنّ على المحكمة أن تحكم بأتعاب المحاماة بشكل عفوي و أن حكمها بها أمر إلزامي لا يتوقف على طلب الخصوم لها و هذا يؤكد و بما لا يدع مجالا للشك أنّ حكم هذه المادة يشكل نظاما عاما لا تملك المحكمة و لا المحامي الحق في خرقه أو عدم الالتزام به . و دليل ذلك :
(1) ــ أنّ المشرّع قد أوجب على المحكمة الحكم بأتعاب المحاماة بشكل عفوي و مطلق فهو لم يعلق وجوب الحكم بها على أي شرط كان أو أي طلب .
و لو أنه أراد غير ذلك لما قام بحذف عبارة ( ........ بناء على طلب الخصم ......) الواردة في نص المادة /35/ من المرسوم /51/ و المادة /62/ من القانون /14/ المشار إليهما
و هو الذي اقتفى أثريهما حين قرر إلزام المحكمة بالحكم بأتعاب المحاماة . بل على العكس من ذلك تماما فلو أنّ المشرّع أراد غير ذلك لكان قد حافظ على العبارة المشار إليها في القانونين المذكورين في نصه الجديد ( وليس هناك ما يمنعه من ذلك ) ( و هو الذي لا يتصور خطأه أو عبثه في معرض إقراره للتشريع ) .
أما و أنه لم يفعل ذلك . بل على العكس قام بحذف العبارة المذكورة الأمر الذي لا يترك مجالا للشك في أن فعله هذا . يعبر صراحة عن إرادة فاعلة هدفت بشكل قاطع إلى إلزام المحاكم على اختلاف أنواعها و درجاتها بالحكم بأتعاب المحاماة بشكل عفوي و حتى بدون طلب . و لمجرد حضور المحامي في الدعوى .
(2) ــ بما نص عليه القرار الصادر عن المؤتمر العام لنقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية بتاريخ ــا 3/8/974 تحت رقم /7/ مع تعديلاته و المتضمن النظام الموحد لصناديق تعاون المحامين و الذي أكد في الفقرة /آ/ من البند /1/ من المادة /9/ منه
على (( حرمان المحامي من خدمات الصندوق في حال عدم قيامه بطلب الحكم بأتعاب المحاماة أمام المحاكم )) الأمر الذي يدلل و بشكل قاطع على أنّ الصفة التنظيمية و الآمرة هي الصبغة الأساسية لهذا الحكم . هذا من جهة
و من جهة ثانية فإن الإلزام المومأ إليه لا يشمل بمداه المحكمة فقط و إنما يشمل أيضا كافة المحامين المسجلين في الجدول . و دليل ذلك ترتيب العقوبة على كل محام يخالف ما نصت عليه الفقرة /آ/ من البند /1/ من المادة /9/المشار إليها آنفا.
و هذا الرأي مدعم بما استقر عليه الرأي لدى مجلس نقابة المحامين في سورية . الذي اعتبر( أن عدم قيام المحامي بطلب الحكم بأتعاب المحاماة يشكل زلة مسلكية توجب المسألة المسلكية)) مؤيدا بذلك ما نص عليه البند /3/ فقرة /هـ / م /9/ من القرار /7/ المعدل المذكور .
(3) ــ الكتاب رقم ( 2515) تاريخ ـــا 23/ 12/1984 : الصادر عن السيد وزير العدل و الموجه إلى السيد المحامي العام الأول في دمشق بخصوص (( عائديه الأتعاب التي يحكم بها في القرارات القضائية )) و المنشور في مجلة القانون العددان 5ـ6 لعام 985صفحة ـ 683ـ بلاغات و دراسات قانونية ـ والذي نص حرفيا :
(( سأل القاضي الشرعي الأول بدمشق في كتابه رقم د.5 /3/1984 تاريخ ــــا 18/1/984 عمن يؤول إليه الحد الأدنى لأتعاب المحاماة المحكوم به .................
............ بمعنى أنّ الطرف الرابح المحكوم له في الدعوى لا ينوبه شيء من هذه الأتعاب المحكوم (يقصد بها ) و هي تؤول إلى خزانة التقاعد و صندوق التعاون المذكورين
و بموجب البند \2\ الفقرة أ من المادة \66 \ نفسها فان المحكمة تحكم أيضا على الطرف الخاسر برسوم ونفقات الوكالة و كامل الحد الأدنى المقرر لأتعاب الدعوى و فق أحكام النظام المالي لنقابة المحامين . و هذا المحكوم به وفق البند \2\ يستحقه كاملا الطرف الرابح المحكوم له في الدعوى و لا ينوب شيء منه لنقابة المحامين أو خزانة تقاعد المحامين أو صندوق تعاون المحامين ....))
(3) ــ البلاغ رقم /2/ تاريخ ـــــا 9/1/1986م الصادر عن السيد وزير العدل و الذي تضمن أن بلاغ وزارة العدل رقم / 20/ تاريخ ـــا 16/5/85 9 وتعميمها رقم /10/ تاريخ ـــا 26/4/ 1982بشأن حساب رسوم و نفقات و كالة المحامي ...........
إن البلاغ و التعميم المومأ إليهما لم يتعرضا لأتعاب المحاماة التي تحكم المحكمة بحسب تقديرها مع مراعاة التعرفة المصدقة من وزارة العدل عملا بالفقرة /1/ من المادة /66/
وتأسيسا على ما سبق بيانه يتأيد لدينا:
(1) ــ إن المحاكم على اختلاف أنواعها و صفاتها و درجاتها و تسمياتها و كافة اللجان التي ينطبق عليها وصف المحكمة . جميعها ملزمة بتطبيق النص الخاص المتعلق بأتعاب المحاماة و عليها أن تحكم بهذه الأتعاب من تلقاء نفسها حتى و لو لم يطلبها الخصوم . و ليس لها أن تخالف النص بأي حال من الأحوال وإن مخالفتها له تشيب قرارها بالبطلان المطلق و تعرضه للفسخ أو النقض بحسب الحال . بحسبان أن قرارها في مثل هذه الحالة يقع مشوبا بمخالفة القانون الآمر و النظام العام .
أما إذا كان قرارها صادرا بالدرجة القطعية فإن عملها هذا يشكل و دون أدني ريب أو شك . خطأ مهنيا جسيما موجبا لطلب الإبطال و التعويض طبقا للمفهوم المحدد بنص المادة / 486 / من قانون أصول المحاكمات المدنية .
و ما ينطبق على محاكم الدرجة الأولى و الثانية في هذا المقام ينطبق أيضا على محكمة النقض بكافة دوائرها وغرفها . و على كافة المحاكم و المجالس التي تعتبر مرجعا للطعن بالقرارات الصادرة عن المحاكم الإدارية و اللجان التي لقراراتها الصفة القضائية
و الجدير ذكره أن البطلان المحكي عنه آنفا يبقى لصيقا بالقرار الذي تصدره المحاكم سواء قضى هذا القرار بأتعاب المحاماة بمقدار اقل مما هو محدد بتعرفة الحد الأدنى للأتعاب المقرر للدعوى أو انه لم يقض بأتعاب المحاماة بشكل مطلق أو نه قد قضى بتهاتر هذه الأتعاب و ذلك لصراحة النص و وضوحه .
(2) ــ لا تملك المحاكم الحكم بتهاتر أتعاب المحاماة وذلك أيا كان الحكم الصادر عنها وهي ملزمة بالحكم بهذه الأتعاب وفق النص الوارد في المادة /66/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة كحد أدنى
و مستند ذلك : أن القانون /39/ لم يجعل هذه الأتعاب حقا للمحامي الوكيل في الدعوى فقط كما انه لم يجعلها حقا للمحامين المسجلين في الفرع الذي ينتمي إليه المحامي الوكيل في الدعوى .
بل انه جعلها حقا لكافة المحامين في الجمهورية العربية السورية سواء منهم المسجلين في الجدول أم المتقاعدين فضلا عن تعلق حق أسر المحامين المتوفين بها كونها تشكل الرافد الأساسي لرواتبهم التقاعدية
و هذا مؤيد بما نصّ عليه القانون /53/ تاريخ ــــــا 31/12/1972 الذي جعل من هذه الأتعاب أحد الموارد(( و هي فعلا أهم الموارد )) التي ترفد خزانة التقاعد كما هو عليه النص في الفقرة /د/ من المادة /4 / منه .
فضلا عن أن ( الفقرة /ب/ من المادة /66/م.ت 39) و كذلك ( المادة /55/ م.ت /53/) قد أوجبتا الحكم بنصف هذه الأتعاب لصالح صندوق فرع نقابة المحامين والنصف الآخر لصالح صندوق خزانة التقاعد . و هذا يؤكد و إضافة إلى الأهداف السابقة أن المشرّع قد هدف أيضا من تقنينه لهذه المادة . دعم العمل النقابي و إزكاء الروح التعاونية بين المحامين و هذا يأتلف من النبذة الخامسة من الأسباب الموجبة للقانون /39/ و مع الغاية الأساسية التي من أجلها أوجد النظام الموحد لصناديق تعاون المحامين .
و عليه فإن المحكمة ملزمة ( بشكل مطلق ) في هذه الحالة بإلزام طرفي النزاع بأتعاب المحاماة كون هذه الأتعاب و سندا لما سبق و أنْ بيّناه تعتبر حقا مكتسبا لخزانة تقاعد المحامين و صندوق تعاون الفرع الذي ينتمي إليه المحامين الوكلاء في الدعوى بالإضافة إلى تعلق حق شريحة كبيرة من أسر المحامين بها .
كل ذلك فضلا عن أن الحكم بها لا يفيد أيا من الخصوم أو وكلائهم وهو لا يتوقف على إرادتهم أو طلبهم باعتبار أنّ الاستفادة المباشرة للمحامين الوكلاء في الدعوى من هذه الأتعاب هي استفادة تكاد تكون معدومة إذا ما قورنت باستفادة مجموع المحامين المسجلين في الجدول و المتقاعدين و أسر المتوفين منهم .
و بالتالي فان لجوء المحاكم إلى الحكم بتهاتر الأتعاب في حالة خاسرة طرفي الدعوى لطلباتهما يغدو و الحالة ما ذكر مخالفا للقانون و يشيب القرار في هذه الحالة بالبطلان المطلق و يعرضه أيضا للفسخ أو النقض بحسب الحال كما أنه يبقي القرار المبرم عرضة لطلب الإبطال و التعويض لوقوعه بالخطأ المهني الجسيم
و إن ما ذهب إليه القرار/226/ تاريخ ـــا 22/3/1974الصادر عن محكمة النقض في الدعوى رقم أساس /1028/ 1974 قاعدة رقم / 1387/ من تقنين أصول المحاكمات المدنية طبعة عام /1992/ (( طعمة و استانبولي صفحة /397/ منه ــ مجلة المحامون صــ/51/لعام 1974 )) لجهة جواز الحكم بتهاتر أتعاب المحاماة سندا لمقولة مفادها :
(( ... و من حيث أن أتعاب المحاماة التي يحكم بها القضاء لا تخرج عن كونها من جملة المصاريف التي يتحملها الطرف المحكوم له بها في سبيل الدعوى و إذا كان قانون المحاماة و قانون تقاعد المحامين قد حددا الجهة التي تعود لها هذه الأتعاب المحكوم بها فان ذلك لا يعدو أن يكون مجرد تحديد للجهة التي تستحق هذه الأتعاب حين الحكم بها دون القصد في تبديل الطبيعة القانونية المذكورة لبدل الأتعاب المومأ إليها
و من حيث أن كون بدل أتعاب المحاماة من قبيل المصاريف فان للمحكمة إذا أخفق كل من الخصمين في بعض طلباته أن تحكم بأن يتحمل كل خصم ما دفعه عملا بالمادة /211/ من قانون أصول المحاكمات مما يجعل الحكم بتهاتر بدل أتعاب المحاماة بين الطرفين له أصله في القانون ... ))
إن هذا المذهب خاطىء و مبني على الجهل الفاضح بالقانون و يناقض صريح النص الذي بني على الوجوب و الإلزام و صيغ بعبارة مطلقة غير مقيدة أو معلقة أو مضافة و هو لا يخرج عن كونه خلط بين أحكام البندين /1/ و/ 2/ من الفقرة \ب\ من المادة/66/ فضلا عن مخالفته لأحكام المادتين /1/و/ 2/ من قانون الرسوم القضائية رقم /105/ لعام 1953
فهذه الأتعاب لا ينطبق عليها الوصف المحدد في المادة /211/ من قانون أصول المحاكمات المدنية كما ذهب القرار المشار إليه إذ هي ليست من فئة مصاريف الدعوى التي يدفعها الخصوم ابتداء و عند مباشرة الدعوى أمام المحاكم
و بالرجوع إلى المادة /211/ المشار إليها نجد أنها قد نصَّت صراحة على : (( إذا اخفق كل من الخصمين في بعض الطلبات جاز الحكم بأنْ يتحمل كلُ خصم ما دفعه من المصاريف أو بتقسيم المصاريف بين الخصمين على حسب ما تقدره المحكمة في حكمها كما يجوز لها أن تحكم بها جميعها على أحدهما )) و السؤال :
(1) ــ هل أن أتعاب المحاماة تعتبر من المصاريف التي يتم تعجيلها قبل رفع الدعوى أو أثناء السير بها حتى تشملها الأحكام المنوه عنها آنفا .
(2) ــ أم أنها تعتبر من الرسوم القضائية المبينة في قانون الرسوم و التأمينات القضائية رقم /105/ تاريخ ــــا 4/10/1953
(3) ــ أم أنها تعتبر إلزام من نوع خاص فرضه المشرع على المحكمة في حال مثل محام أحد الخصوم أو كلهم في الدعوى .
بالرجوع إلى أحكام المادة /1/ من القانون /105/ المذكور نجد بأنها قد عرفت الرسم القضائي بأنه :
( المبلغ الذي يجب أداؤه بمقتضى هذا القانون إلى صندوق الخزينة حفظا للمواعيد القانونية و توثيقا للأعمال التي تقوم بها الدوائر القضائية) لا شكّ أنّ صراحة النص و وضوحه تنفي عن أتعاب المحاماة المحددة بالبند /1/ من الفقرة /آ/ من المادة /66/ موضوع البحث صفة الرسوم القضائية فهي لا تعجل ابتداء و لا يتعلق بها حفظ المواعيد و لا توثيق الأعمال
و بالرجوع إلى المادة /3/ من القانون المذكور نجد أنها قد عرفت النفقة القضائية بأنها (( المبلغ الذي ينفق بالوجه القانوني في سبيل إنجاز الدعوى و تنفيذ الحكم )) و هذا النص من الوضوح بشكل لا يدع مجالا لمناقشته فضلا عن أن أتعاب لا تنفق بحال من الأحوال من اجل إنجاز الدعوى أو تنفيذ الحكم
الأمر الذي يخرجها من الدائرتين المذكورتين وبالتالي يمنع تطبيق أحكام المادة /6/ من قانون الرسوم و التأمينات القضائية عليها باعتبارها و طبقا للتعاريف المبينة أعلاه ليست من فئة الرسوم القضائية و لا تعتبر بحال من الأحوال من نفقات الدعوى
و من حيث أنه لا يجب الحكم بها إلا في حال إذا مثل أحد الخصوم أو جميعهم بواسطة محام أو أكثر في الدعوى . فإنها و الحال ما ذكر تبقى إلزام من نوع خاص فرضه المشرّع على المحكمة كي يحمي به شريحة المحامين و لكي يؤمن لصناديقهم موردا هاما تبنى عليه التعويضات و الإعانات و الرواتب التقاعدية لكافة المحامين و أسرهم . فضلا عن مساهمته في إرساء الحياة التعاونية بين المحامين العاملين بالمهنة .
و رأينا هذا مؤيد بما أخذت به إحدى غرف محكمة النقض بقرارها المنشور في مجلة المحامين ( قا \603\ الأعداد / 9ــ 10ــ 11/ لعام 1978ـ برقم أساس /1021/ و رقم قرار/ 822/ تاريخ ــــا 29/5/1978) و الذي خالفت فيه القرار المشار إليه سابقا
(3) فيما درجت عليه المحاكم
لقد درجت المحاكم هذه الأيام على الحكم بأتعاب المحاماة بمبلغ لا يتجاوز في حدوده العظمى مبلغ المائتي ليرة سورية . دون أن تبين هذه المحاكم الأساس القانوني أو المعيار الموضوعي الذي تعتمد عليه في تحديد هذا المبلغ .
و الملاحظ أنّ هذا الأمر لا زال يتبع المزاج الخاص لكل محكمة دون أي ضابط أو معيار قانوني أو موضوعي وأنّ أكثر المحاكم قد اعتمدت هذا الحد على مبدأ هذا ما وجدنا عليه آباءنا عابدون
حيث كانت المحاكم في القديم و عندما لم يكن هناك ما يسمى بالحد الأدنى لأتعاب الدعوى كما لم يكن هناك ما يسمى ببدل الوكالة
كانت هذه المحاكم تحكم بأتعاب المحاماة بالمبلغ الذي تعتمده المحاكم في أيامنا هذه و هو ( مائتي ليرة سورية / وقد يزيد قليلا / كحد أعظم ) مع الفارق الكبير بين القيمة الفعلية للمبلغ المذكور في تلك الأيام و بين قيمته الحالية . و بين الأساس القانوني الذي كانت تعتمده المحاكم في ذلك الزمن و الأساس القانوني الذي يجب أن تلتزم به المحاكم في هذه الأيام
مع العلم هذه المحاكم في الزمن الماضي لم تكن تقضي بهذا المقدار من أتعاب المحاماة بشكل جزافي أو مزاجي أو على أساس أنه كاف بل و زائد كما هو عليه الرأي عند بعض المحاكم في هذه الأيام .
بل إن تحديدها لمقدار هذه الأتعاب كان يختلف باختلاف المحامي الوكيل في الدعوى و بذات الوقت كان يتعلق بنوعية الدعوى و الجهد المبذول فيها و حال الموكل .
فكلما كان المحامي أكثر شهرة و أعلى مكانة و كلما علت مرتبته بين زملائه و شهد له الناس بسعة علمه ومعرفته ارتقت المحكمة بمقدار الأتعاب المحكوم بها إلى الحد الأعلى المتعارف عليه في تلك الأيام آخذة بعين الاعتبار العوامل الموضوعية الأخرى مثل نوع و أهمية الدعوى و الجهد المبذول فيها و حال الموكل
و هذا يدلل بشكل قاطع على أن تلك المحاكم كانت تعتمد في تقديرها لأتعاب المحاماة على المعيار الموضوعي مستهدية بالهدي الذي بينته لها المادة / 35/ بدلالة المادة /30/ من قانون مزاولة مهنة المحاماة الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /51/ تاريخ ـا 13/8/1952م و التي نصت على :
م /35/ م. ت /51/952م
(( 1ــ على المحكمة بناء على طلب الخصم أن تحكم على خصمه بأتعاب المحاماة
2ــ يعود للمحكمة تحديد مقدار هذه الأتعاب دون التقيد بالاتفاق الواقع بين الخصم ووكيله مراعية في ذلك أحكام الفقرة الأولى من المادة /30/
م/30/ ف /1/ من : م . ت /51/ 952
(( إذا لم يوجد اتفاق على الأتعاب بين المحامي و موكله ينظر مجلس النقابة في تقدير الأتعاب بالنسبة إلى أهمية القضية و الجهد المبذول و مكانة المحامي و حال الموكل ....... الخ ))
إذا مشرّع القانون /51/ 953 الزم المحكمة عند قيامها بتقدير أتعاب المحاماة بأن تأخذ بالمعيار الموضوعي و هو لم يترك لها حرية تقدير هذه الأتعاب بشكل مطلق و حر بل هو الزمها باعتماد الضوابط المبينة و المحددة بنص المادة /30/ من ذات القانون و قد التزمت هذه المحاكم بالمعيار الذي وضعه المشرع و أخذت به
والتزام المحاكم أيام زمان بالمعيار الموضوعي عند تقديرها لأتعاب المحاماة نابع من الضوابط التي وضعها المشرّع ومن المفهوم المخالف لنص المادة /35/ المشار إليها و الذي يفيد و بشكل قاطع بأن إهمال المحكمة لهذا المعيار وهذه الضوابط يعيب قرارها بمخالفة القانون و يعرضه للنقض باعتبار أن حرية المحكمة في تقدير أتعاب المحاماة هي حرية مقيدة بضوابط محددة لا مجال لإهمالها أو عدم إعمال أثرها
وقد بقيت المحاكم مقيدة بهذا المعيار الموضوعي عند تحديدها لأتعاب المحاماة إلى أن صدر القانون رقم /14/ تاريخ ـــا 22/4/1972و الذي نص على
ف /1/ م / 62/ م . ت /14/972
(( على المحكمة بناء على طلب الخصم أن تحكم على خصمه بأتعاب المحاماة على أن لا تقل عن تعرفة الحد الأدنى التي يضعها مجلس النقابة بالاتفاق مع وزير العدل , دون التقيد بالاتفاق الواقع بين الخصم ووكيله )) .
واستقراء هذا النص يبين لنا أنّ مشرع هذا القانون و إن كان قد جعل الحكم بأتعاب المحاماة موقوفا على طلبها من قبل الخصوم سائرا بذلك على النهج الذي رسمه مشرع القانون /51/ 952
إلا أنه كرس الصفة الملزمة التي قال بها النص الملغى حيث جعل من الحكم بهذه الأتعاب أمرا ملزما للمحكمة لا تستطيع إغفاله أو الالتفات عنه لمجرد طلبه من قبل أحد الخصوم في الدعوى و هذا مؤيد بقوله (( على المحكمة بناء على طلب الخصم أن تحكم على خصمه بأتعاب المحاماة ....)) هذا من ناحية .
و من ناحية أخرى فإنه لم يترك للمحكمة حرية تحديد أتعاب المحاماة بشكل مطلق و إنما جعل من هذه الحرية حرية مقيدة الجانب
إذ لم يترك للمحكمة الحق المطلق في تقدير أتعاب المحاماة زيادة ونقصانا . بدون أي قيد أو شرط كما أنه لم يلغ لا بشكل صريح و لا ضمني أثر المعيار الموضوعي و لم يحد منه بل هو ترك للمحكمة الحرية في تحري هذا المعيار و البحث عنه بعد أن قيّدها بقيد الحد الأدنى لأتعاب الدعوى
و دليل ذلك أنّ النص قد جاء مطلقا و مفتوحا لجهة تأثير المعيار الموضوعي و أنه قد جاء مقيدا بقيد صريح و محدد (( وهو تعرفة الحد الأدنى التي يضعها مجلس النقابة )) حيث جعل من هذا القيد ( الحد) أساسا للحكم بأتعاب المحاماة كحد أدنى لا يحق للمحكمة أن تنزل عنه أو تنتقصه .
وهذا مؤيد بقوله (( .... على المحكمة أن ..... على أن لا تقل عن تعرفة الحد الأدنى التي يضعها مجلس النقابة بالاتفاق مع وزير العدل ))
و بالتالي فان المفهوم المخالف لنص المادة يفيد و بشكل قاطع بأنّ للمحكمة الحرية المطلقة بالارتقاء بأتعاب المحاماة إلى الحد الذي تراه مناسبا مراعية بذلك العوامل الموضوعية التي تثبت لها أثناء سير الدعوى و هي بذات الوقت غير ملزمة بالآخذ بما تم تحديده من أتعاب في صك الأتعاب الموقع بين المحامي و موكله ( وإن كان لها أن تستهدي به ) ولكنها و في مطلق الأحوال و حتى في حال انعدام تأثير المعيار الموضوعي ( و هذا غير متصور ) أو فقدان غالبية عوامله التي سبق بيانها .
فإنها تبقى ملزمة و مقيدة بتعرفه الحد الأدنى للأتعاب و لا تملك الحق في إهمال هذه التعرفة أ و عدم الأخذ بها بحال من الأحوال و هي إن فعلت فإن قرارها يكون عرضة للفسخ أو النقض أو طلب الإبطال بحسب الحال
و الجديــــر ذكره في هذا المقام أن ريع ما كانت تقضي به المحاكم من أتعاب للمحاماة في ظل القانون/51/ و طبقا لأحكام المادة /35/ منه كان يذهب بكاملة إلى خزانة التقاعد طبقا لأحكام الفقرة /ز/ من المادة /4/من المرسوم التشريعي رقم /57/تاريخ ــــا 17/9/ 1953 المنشور في العدد رقم /57/ من الجريدة الرسمية لعام 1953 و المعروف باسم قانون تقاعد المحامين
في حين أن القانون /14/ 1972 خصص نصف هذه الأتعاب لصندوق خزانة تقاعد المحامين دون أن يحدد من هو مستحق النصف الآخر على ما هي عليه أحكام الفقرة /2/ من المادة /62/ منه
ولكن ما هو الحد الأدنى لأتعاب المحاماة الذي يجب على المحاكم اعتماده و الحكم به في هذه الأيام و ما هي الإلزامات التي يجب على المحكمة إن تقضي بها للمحامي
بالرجوع إلى نص المادة /66/ من القانون /39/ لعام 1981نجد أنها قد نصت صراحة و بصيغة الوجوب والأمر :
(( آــ على المحكمة أن تحكم على الطرف الخاسر بما يلي :
/1/ ــ بدل أتعاب المحاماة على أن لا يقل عن تعرفة الحد الأدنى التي يضعها مجلس النقابة بعد موافقة وزير العدل
2ــ رسوم و نفقات الوكالة و كامل الحد الأدنى المقرر لأتعاب الدعوى وفق النظام المالي للنقابة
ب ــ مع مراعاة أحكام المادة /55/ من قانون تقاعد المحامين لعام 1972 يخصص نصف ما يحكم به من الأتعاب الواردة في البند /1/ من الفقرة /آ/ من هذه المادة لصندوق خزانة تقاعد المحامين في سورية و النصف الآخر لصندوق التعاون و تحصل وفقا للأصول المتبعة في تحصيل الرسوم القضائية من قبل الدوائر المختصة بالتحصيل إلي هذه الصناديق ))
و عليه وانطلاقا من هذا النص الآمر يتأكد لنا أن مشرع القانون /39/ 981 قد اقتفى أثر مشرع القانون /14/972 لجهة تقييد المحكمة بتعرفة الحد الأدنى لأتعاب الدعوى حيث جعل من هذه التعرفة الحد الأدنى الذي يجب أن تعتمده المحكمة في تقدير أتعاب المحاماة وهذا ما نص عليه صراحة في الفقرة /1/ المشار إليها
و الملاحظ أن مشرع القانون /39/ قد أوجب على المحكمة أن تحكم برسوم ونفقات وكالة المحامي و بالحد الأدنى المقرر للدعوى و ذلك بالإضافة إلى أتعاب المحاماة و هذا أمر جديد ابتدعه مشرع القانون /39/ و لم تلحظه التشريعات السابقة له و مرد ذلك الأنظمة المالية التي كانت معتمدة لدى نقابات المحامين في الجمهورية العربية السورية
و بذلك نجد أن القانون /39/ قد زاد في إلزام المحكمة حيث أوجب عليها في البند /2/ من الفقرة /آ/ من المادة /66/ المذكورة بأن تحكم ( إضافة لأتعاب المحاماة مدار بحثنا ) برسوم ونفقات الوكالة و كامل الحد الأدنى المقرر لأتعاب الدعوى وفق النظام المالي للنقابة و جعل من الحكم بهذه الأتعاب حقا للخصم الذي يربح الدعوى إذ انه لم يخصص هذه الإلزامات لأي صندوق من صناديق النقابة على اختلاف أنواعها
و ذلك على خلاف ما قرره بالفقرة /ب/ من المادة /66/ لجهة توزيع أتعاب المحاماة المحكوم بها مناصفة بين صندوقي التعاون و خزانة التقاعد
و بحسب قراءتنا للنص نرى : أن ما نص عليه المشرع في البند /2/ المشار إليه يدخل ضمن مفهوم نفقات و مصاريف الدعوى بالنظر للتعريف المحدد لهذه النفقات في المادة /2/ من القانون /105/ المشار إليه خاصة إذا ما آخذنا بعين الاعتبار ما نصت عليه المادة /104/ ( المهملة بغير وجه حق ) من قانون أصول المحاكمات المدنية التي منعت ( مع بعض الاستثناءات ) على المتداعين ( من غير المحامين ) الحضور أمام المحاكم لنظر الدعوى إلا بواسطة محامين يمثلونهم بمقتضى سند توكيل
و حيث أنّ الأنظمة المالية المقررة و المعتمدة لنقابة المحامين و كذلك قانون كتاب العدل قد فرضت على هذا السند رسوم و أصبحت له نفقات و ربط به الحد الأدنى المقرر لأتعاب الدعوى الأمر الذي يضع كافة هذه النفقات ضمن إطار نفقات الدعوى و فق ما بيّناه آنفا .
و بالتالي فإنّ من حق المحكمة الحكم بتهاتر هذه الإلزامات في حال تحققت الحالة المنصوص عنها المادة /211/ أصول مدنية
بحسبان أنه من حق المحكمة المطلق في هذه الحالة أن تقرر كيفية توزيع مصاريف و نفقات الدعوى بين الخصوم وهذا يعطها كل الحق بأن تحكم بتهاتر رسوم ونفقات الوكالة و كامل الحد الأدنى المقرر لأتعاب الدعوى المعتمد وفق أحكام النظام المالي لنقابة المحامين في سورية إن هي رأت ذلك و لا معقب عليها فيما تقرر لهذه الناحية .
مع التنبيه إلى أن هذه الصلاحية محصورة بالبند /2/ المشار إليه و لا تمتد بحال من الأحوال إلى البند /1/ المتعلق بأتعاب المحاماة لما سبق بيانه .
و مع التذكير أيضا بأن الحكم بالإلزامات المبينة آنفا يكون لمرة واحدة و عن كافة مراحل الدعوى و هو يبقى و في مطلق الأحوال أمرا وجوبيا و ملزما للمحكمة في حال خسارة الخصم لدعواه لصراحة النص .
و قد رأت محكمة النقض في قرارها رقم /1320/ تاريخ ــا 29/7/984بان رسوم و نفقات وكالة المحامي الوكيل المنصوص عنها في المادة /66/ 2
إنما تحسب من قبل ديوان المحكمة عند استخراج الحكم للتنفيذ و لا حاجة لان تقضي بها المحكمة بفقرة حكميه مستقلة في الحكم باعتبار أن الحكم على الطرف الخاسر برسوم و مصاريف الدعوى يشمل رسوم ونفقات وكالة المحامي . و هذا ما نوهت عنه وزارة العدل ببلاغها رقم /20/ تاريخ ـــا 16/5/1985
و ما أكدت عليه ببلاغها رقم /2/ ـــا 9/1/1986 الذي نوهت فيه على أمرين هامين هما :
(1) ــ إن البلاغ و التعميم المومأ إليهما لم يتعرضا لأتعاب المحاماة التي تحكم بها المحكمة بحسب تقديرها مع مراعاة التعرفة المصدقة من وزارة العدل عملا بالبند /1/ من المادة /66/
(2) إن التعميم رقم /10/ 982 يتعلق بتحديد مقدار رسوم و نفقات الوكالة المنوه عنها و لم يدخل في نطاقها الحد الأدنى المقرر في النظام المالي لنقابة المحامين لأتعاب المحاماة
و يضيف البلاغ بشكل حرفي (( وعليه فان رسوم ونفقات وكالة المحامي الوكيل تشمل الرسوم و النفقات الواردة في الجدول المرفق بالتعميم /10/982 و تشمل أيضا الحد الأدنى لأتعاب المحاماة المحدد في النظام المالي لنقابة المحامين البالغ مثلا ـ في ذلك الحين ـ/ 600/ ليرة في الوكالة الصلحية و /700/ ليرة في الوكالة العامة عملا بالمادة /66/2 من قانون المحاماة
و تشمل كذلك أتعاب المحاماة التي تحكم بها المحكمة حسب تقديرها عملا بالمادة /66/1 المذكورة ))
و هذا يؤكد و بشكل قاطع بأن ما تقع به المحاكم هذه الأيام من خطأ لجهة القضاء بتاهتر أتعاب المحاماة هو خطأ شائع مرده على ما نرى هو الخلط بين أحكام كل من البندين /1/ و/2/ من الفقرة /آ/ من المادة /66/ مدار البحث
ما يجب أن تحكم به المحاكم
نستخلص مما سبق أمرين لا ثالث لهما :
الأول : أن المحكمة أيا كان نوعها وأيا كانت مرتبتها أو درجتها أو صفتها ملزمة بأن تحكم بأتعاب المحاماة بشكل مطلق وعفوي و بدون طلب من الخصوم و لمجرد تمثيل الخصوم كلهم أو بعضهم بالدعوى من قبل المحامين و لا يتوقف ذلك على نتيجة الدعوى و سواء خسر الخصوم طلباتهم كلها أو بعضها أم أنهم ربحوها بالمطلق أم أنهم تعادلوا فيها
و لا يحق للمحكمة أن تحدد أتعاب المحاماة بمقدار يقل عن التعرفة المصدقة من وزارة العدل و لكن لها أن ترتفع بمقدار الأتعاب عن الحد المحدد بالتعرفة المذكورة و ذلك بحسب تقديرها مراعية في ذلك المعيار الموضوعي و هي غير ملزمة بصك الأتعاب الموقع بين المحامي و موكله و هي لا تملك الحق بالحكم بتهاتر هذه الأتعاب
و يجب الحكم بها عن كل مرحلة من مراحل الدعوى على حده شأنها في ذلك شأن لصيقة طابع المرافعة المحددة تعرفته و الواجب لصقه لكل مرحلة من مراحل التقاضي على حده .
و بهذا الرأي أخذت محكمة النقض بقرارها رقم أساس / 2225/ ورقم قرار /2281/ لعام 2003م ــ غير منشور ــ و الذي ضمنت فيه الجهة الطاعنة أتعاب المحاماة عن مرحلة النقض فقط
الثاني : إن رسوم و نفقات و كالة المحامي تشمل الرسوم والنفقات الواردة في الجدول الصادر عن مجلس النقابة و المصدق من قبل وزارة العدل و هي تشمل أيضا الحد الأدنى المقرر لأتعاب الدعوى وفقا للنظام المالي المعتمد من قبل نقابة المحامين و يتوجب على المحاكم الحكم بها جميعا على الطرف الخاسر عملا بنص المادة /6/ من قانون الرسوم القضائية رقم /105/953 و هي تستوفى لمرة واحدة خلال سير الدعوى و للمحكمة إعمال الصلاحية الممنوحة لها بمقتضى أحكام المادة /211/ أصول مدنية في هذه الجهة فقط . دون السابقة لها
زملائي : آمل أن أكون قد وفقت في مساعي كما آمل أن يكون ما قدمت منهجا لنا جميعا و مطلبا جماعيا لدى كافة المحاكم من أجل الحفاظ على حقوقنا التعاونية منها و التقاعدية راجيا من الله تعالى أن تغفروا لي زلتي و أن تصوبوا خطأي و الله من وراء القصد
المحامي الأستاذ : أمير إبراهيم تريسي
فرع إدلب