منتدى محامي سوريا

العودة   منتدى محامي سوريا > المنتدى المفتوح > حوار مفتوح

حوار مفتوح إذا كان لديك موضوع ترى أهمية طرحه في منتدانا ولا يدخل ضمن الأقسام الأخرى فلا تردد بإرساله إلينا ولنناقشه بكل موضوعية وشفافية.

إضافة رد
المشاهدات 19492 التعليقات 17
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-12-2006, 10:21 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي حقيقة مفهوم خاتم الأنبياء

خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين
مفهومنا: كمال الرسول صلى الله عليه وسلم.. كمال الإسلام.. كمال القرآن.. كمال الأمة
معنى الخاتم لغة
معنى "خاتم النبيين" على ضوء اللغة وخصوصيته
القرآن الكريم يتوافق مع الإستدلالات المذكورة
الفهم التقليدي لخاتم النبيين
المعنى السياقي لـ(خاتم النبيين)
الأحاديث الشريفة تناقض الفهم التقليدي
المعنى الحقيقي لـ (خاتم النبيين)
حديث اللبنة الأخيرة
حديث "إني آخر الأنبياء"
قصور الفهم التقليدي ومساسه بالخاتمية
سؤال هام
الخاتمية ونـزول عيسى عليه السلام وإشكالات تواجه الفهم التقليدي
أسئلة أخرى
الزمان يدعو مصلحًا سماويا
تشابهت قلوبهم
النبوة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم
آية الاصطفاء
آية أخذ الميثاق من النبي صلى الله عليه وسلم
آية "وآخرين منهم"
مهلا.. فالنبوة ليست مفتوحة لكل من هب ودب
أقوال الإمام المهدي في تبيان مفهوم خاتم النبيين


سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين
من أكثر الموضوعات التي أُسيء فهمها في عقائد الجماعة الإسلامية الأحمدية هو موضوع ختم النبوة، حتى إنهم يتهموننا بعدم الإيمان بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. ولما كان مؤسس الجماعة عليه السلام قد أعلن صراحة أنه يتلقى الوحي من الله تعالى وأنه عز وجل قد شرفه بكلامه، فقد وقع بعض علماء زمانه في نفس المفهوم الخاطئ الشائع بين العامة، فاتهموه بإنكار كون الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين.

ثم جاءت أجيال أخذوا عنهم وقرءوا لهم وكرروا اتهامهم. وذلك بالرغم من أن حضرته قد صرح مرارًا وتكرارا أنه يؤمن بأن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. فمثلاً يقول حضرته عليه السلام:
"تذكروا هنا جيدا أن التهمة التي تُلصَق بي وبجماعتي أننا لا نؤمن بكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتَم النبيين، إنما هي افتراء عظيم علينا. إن القوة واليقين والمعرفة والبصيرة التي نؤمن ونتيقن بها بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، لا يؤمن الآخرون بجزء واحد من المائة ألف جزء منها، لأن ذلك ليس بوسعهم. إنهم لا يفهمون الحقيقة والسر الكامن في مفهوم ختم النبوة لخاتم النبيين. لقد سمعوا هذه الكلمة من الآباء والأجداد ولا يعرفون حقيقتها ولا يعرفون ما هو ختم النبوة وما هو المراد من الإيمان به. ولكننا نؤمن بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بالبصيرة التامة التي يعلمها الله. لقد كشف الله تعالى علينا حقيقة ختم النبوة بحيث نجد من شراب المعرفة الذي سُقينا إياه لذةً لا يتصورها أحد إلا الذين سُقُوا من هذا النبع."
(الملفوظات ج1 ص 342 طبعة لندن)




مفهومنا: كمال الرسول صلى الله عليه وسلم.. كمال الإسلام.. كمال القرآن.. كمال الأمة
إن مفهومنا واعتقادنا بأن نبينا محمدا المصطفى صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، مرتكز بشكل متين على القرآن الكريم، ونابع من فهمنا لمقامه العظيم ومكانته السامية وكماله على الرسل وعلى الخلق أجمعين. ولقد منحه الله تعالى هذا اللقب، الذي لا يمكن أن يشاركه أو ينافسه فيه أحد، معبرا عن تلك المكانة السامية التي طبعت كل ما يخصه وما يتبعه صلى الله عليه وسلم بالكمال أيضا.

ونرى أن مفهوم خاتم النبيين يلخص كمال الرسول صلى الله عليه وسلم، وكمال الإسلام، وكمال القرآن الكريم وشريعته وتعاليمه، وكمال الأمة الإسلامية وتفردها على غيرها من الأمم السابقة. وهذه الركائز الأربع بمجملها هي أركان خاتمية المصطفى صلى الله عليه وسلم.

يقول حضرة المؤسس عليه السلام في تبيان كمال المصطفى صلى الله عليه وسلم ما تعريبه:
"إن نبينا صلى الله عليه وسلم جامعٌ لجميع الكمالات المتفرقة، حيث قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {فبِهُدَاهم اقْتَدِه} (الأنعام:91)، أي اقتدِ كلّ نوع من الهدى الذي أُعطِيَه الأنبياءُ السابقون كلهم. ومن البديهي أن الذي يجمع في نفسه تلك الهدايات المتفرقة يكون كاملا شاملا مكمَّلا."
(عين المسيحية، الخزائن الروحانية ج20 ص 381)



ويقول حضرته عليه السلام في هذا السياق أيضا ما تعريبه:
"ليس تحت السماء الآن سوى نبي واحد ورسول واحد أي محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي هو أعلى وأفضل من جميع الأنبياء، وهو أتم وأكمل من جميع الرسل، وهو خاتم الأنبياء وخير الناس، الذي بفضل اتباعه يفوز الإنسان بالاتصال بالله وترتفع الحجب المظلمة، وفي هذا العالم تظهر آثار النجاة الحقيقية."
(البراهين الأحمدية، الخزائن الروحانية ج 1 ص 557 الهامش رقم 3)



ويقول في موضع آخر:
"الحق الذي لا يحوم حوله أدنى شك هو أنه لا أحد من الأنبياء يمكن أن يتساوى مع النبي صلى الله عليه وسلم في كمالاته القدسية، حتى لا مجال للملائكة أيضا للتساوي معه صلى الله عليه وسلم ناهيك عن غيرهم."
(البراهين الأحمدية، الخزائن الروحانية ج 1 ص 268)



وحول كمال الدين وتمامه يقول حضرته عليه السلام مستدلا بالقرآن الكريم ما تعريبه:
"لقد أعلن القرآن الكريم بنفسه: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ... ) أي يجب أن تتمسكوا بالحقيقة التي تتضمنها كلمة "الإسلام" والتي شرحها الله تعالى بنفسه من خلال كلمة "الإسلام". ففي هذه الآية صراحةٌ أن القرآن الكريم وحده أعطى تعليما كاملا، وأن عصرَ القرآن كان جديرا بأن يعطَى فيه تعليمٌ كامل. فإعلان التعليم الكامل الذي قام به القرآن كان من حقه وحده، ولم يقم أي كتاب سماوي آخر بمثل هذا الإعلان."
(مقدمة البراهين الأحمدية، الجزء الخامس، الخزائن الروحانية ج 21 ص 4)



وحول كمال القرآن الكريم النابع من كون المصطفى صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين يقول حضرته عليه السلام ما تعريبه:
"إن كلمة "خاتم النبيين" التي أُطلقت على النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي بحد ذاتها - بل تتضمن هذا المعنى - أن يكون الكتاب الذي نـزل عليه كتابًا كاملاً، وأن توجد فيه الكمالات كلها، وبالفعل توجد فيه هذه الكمالات كلها."
(الملفوظات ج 3 ص36)



وحول كمال الأمة وخصوصية أفرادها الصالحين ببركة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم قال حضرته عليه السلام ما تعريبه:
"ثمة جانب آخر من كون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وهو أن الله تعالى قد أودع بمحض فضله مواهبَ عظيمة في أفراد أمته، حتى ورد في الحديث: "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل." وبالرغم من أن لعلماء الحديث كلاما في هذا الحديث إلا أن نور قلبنا يعتبره صحيحًا ونقبله بلا أدنى تردد."
(جريدة الحكم عدد 17- 24 أغسطس 1904)



وهذا المفهوم يقتضيه مفهوم الخاتمية ويؤكد عليه القرآن الكريم، حيث يقول تعالى:





(آل عمران: 110)




معنى الخاتم لغة
ومن المعلوم أن الفعل "ختم" في اللغة يعني أنهى وأغلق، كما يعني أيضا طبع؛ أي ترك طابعه في شيء أو أعطاه من طابعه أو أثّر فيه. أما "خاتَم" أو "خاتِم" في اللغة فتعني: ما يوضع في الإصبع للزينة؛ ما يستخدم للختم أو التصديق؛ أو ما يستعمل للختم أو الإغلاق.

وإذا أضيف "خاتَم" أو "خاتِم" أو "خاتِمة" إلى جمع العقلاء فلا يكون معناه إلا الأفضل والأكمل الذي جاء بما لم يأتِ ولن يأتي أحد من قبله أو من بعده بمثله. كذلك تعني مَن جَمَع أفضل ما كان للسابقين من أعمال وآثار ومحاسن، ومن ثم صاغها في أزين صورة، ثم ترك أثره وطابعه فيمن جاء بعده. وبهذا يكون قد وصل الكمال فيما نُسب إليه بحيث لا يصل إلى مرتبته أحد ممن كان قبله أو ممن جاء بعده. وهنالك أمثلة يصعب حصرها لهذه الصيغة بهذا المعنى في كتب التراث والآثار.

ونستطيع أن نرى في الأمثلة اللغوية أن صفة الخاتم قد أطلقت على شعراء وأولياء ومحققين وكتاب وغيرهم، وهذا لا يعني أن أيًّا من هذه الصفات أو الأعمال أو المراتب قد انتهت ولم يبق في الدنيا أحد يقوم بها أو يتبوءها.



معنى "خاتم النبيين" على ضوء اللغة وخصوصيته
وبناء على ما سبق لا بد أن نفهم "خاتم النبيين" كما هي استعمالاتها في اللغة والآثار. وهكذا تكون "خاتم النبيين" تعني أفضلهم وأكملهم وهو الذي قد وصل إلى الكمال في النبوة بحيث لا يصل إلى مرتبته أحد ممن كان قبله أو ممن سيأتي بعده. وهو من جَمَع أفضل آثار الأنبياء السابقين ومن ثم صاغها في أزين صورة، ثم ترك أثره وطابعه فيمن جاء بعده.

إلا أن لختم النبوة خصوصية يمكن فهمها من خلال ما يلي:


أولا: إن هذا اللقب قد أطلقه الله تعالى على الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا يعني أنه لقب ثابت دائم لا يمكن أن يزول، كما لا يمكن أن يشاركه فيه أحد، فهو خاتم النبيين مطلقا. بينما يحتمل أن يسمى أكثر من إنسان خاتم الشعراء أو خاتم الأولياء أو خاتم المحققين. وهذا لأن اللقب قد أطلق عليه من قِبل البشر من خلال مقارنته بغيره في زمنه أو في محيطه، وهو محدود ونسبي بسبب علمهم المحدود.


ثانيا: بما أن خاتمية الرسول صلى الله عليه وسلم هي خاتمية دائمة مطلقة، فإن هذا يعني أنه لم يكن قبله نبي كمثله؛ كما لا يمكن أن يأتي بعده نبي كمثله مطلقا.


ثالثًا: وحيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بُعث بدين الإسلام من الله تعالى، فإن خاتميته المطلقة تقتضي أن يكون دينه هو الأكمل، وكتابه هو الأكمل، وشريعته هي الأكمل، وأمته هي الأكمل.


رابعًا: بما أن الإسلام هو الدين الكامل والقرآن هو الكتاب الكامل وأمته هي الأمة الكاملة، فلا دين بعد الإسلام، ولا كتاب بعد القرآن، ولا أمة بعد الأمة الإسلامية. ولهذا فإنه لن يأتي الآن نبي بدين جديد، ولا بكتاب جديد، ولا بأمة جديدة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.فهل يمكن أن يأتي نبي بحيث يكون أدنى منـزلة من الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل يمكن أن يأتي نبي يكون تلميذًا له صلى الله عليه وسلم، ولا يأتي بدين ولا كتاب ولا بأمة جديدة؟ وماذا سيفعل إن لم يأتِ بدين أو كتاب أو لم يقم بتأسيس أمة جديدة؟ الجواب نعم بالطبع، وهذه هي الصفة الغالبة على معظم النبيين. فقليل جدا منهم من جاء بدين جديد وشرع جديد، وقليل منهم من أنشأ أمة جديدة، وإنما جاء معظمهم لتجديد الدين السابق وإعادة الناس إلى دينهم الأصلي. وبمراجعة تاريخ الأنبياء يتضح هذا جليا.


خامسًا: إن خاتمية النبوة تفرض أن يخضع كل نبي يأتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم لدينه وأن يلتزم بكتابه وشريعته وأن يكون من أمته، ولن يظهر نبي مستقل خارج هذا النطاق مطلقا.


سادسًا: إن خاتمية النبوة تفرض أن يكون هنالك من يصلون إلى مقام النبوة في الأمة الإسلامية كدليل على كمال الأمة الذي هو أحد ركائز ختم النبوة. وليس مقبولا مطلقا أن يقال بأن الأمة ستكون أفضل الأمم وأرفعها بينما لا يصل أفرادها إلى الدرجات العليا التي كان يصلها من كان قبلهم. فأي أفضلية بقيت في هذه الأمة إذن؟! وهكذا نجد أن مفهوم خاتم النبيين يحدد ملامح النبوة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل واضح وجلي. وهذا المفهوم ما كان إلا لكي يبين علو شأن النبي بين الأنبياء من ناحية، واستمرار النبوة من بعده من ناحية أخرى وعدم انقطاعها. ولكن النبوة قد قُيدت بشروط لم تكن موجودة سابقا، وأصبحت محصورة في الأمة الإسلامية.


القرآن الكريم يتوافق مع الإستدلالات المذكورة
وبالعودة إلى القرآن الكريم سنجد أن كل هذه الاستنتاجات متوافقة معه تماما.
إن لقب "خاتم النبيين" قد ذكره الله في القرآن الكريم في سورة الأحزاب، حيث يقول تعالى:



(الأحزاب: 41)


لقد وردت هذه الآية في معرض الإشادة بالرسول وذكر سموه ورفعته ومكانته. ومن أهم وجوه التفسير المقبولة لهذه الآية هي ما يلي:
الأول: نفي صفة (أبتر) عنه صلى الله عليه وسلم، وهي التي كان الكفار يعيّرونه بـها، حيث جعله اللهُ تعالى أبا للمؤمنين جميعا، بصفته رسول الله، كما جعله أبا للأنبياء جميعا، بوصفه خاتمهم، أي أفضلهم وأكملهم وسيدهم. إن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له أبناء من الرجال من صلبه، ولكنه ليس بأبتر؛ بل عوضا عن هذه الأبوة المادية فهو أبٌ للمؤمنين وهو أولى بهم من أنفسهم وهو أبوهم وأزواجه أمهاتهم. وهذا ما يؤكده القرآن الكريم في نفس سورة الأحزاب التي تتضمن آية خاتم النبيين، حيث يقول تعالى:


(الأحزاب: 7)


وكونه صلى الله عليه وسلم في تلك المنـزلة بالنسبة للمؤمنين، فالأمر لا يقتصر على ذلك، فأبوته تمتد إلى النبيين أيضا بصفته أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.


الثاني: انقطاع أبوته بالدم لأي كان، واتصاله بالمؤمنين برابطة الأبوة الروحية التي شرطها الخضوع له، كما أن النبيين خاضعون له بصفته أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.
إن النبي صلى الله عليه وسلم ليس برجل عادي منكم، وهو ليس ملزما بكم برابطة لا انفكاك منها كرابطة الأبوة بالدم، ولن يكون مرتبطا بكم بأية رابطة إن لم تكونوا تابعين له وخاضعين له خضوع الولد الصالح لأبيه. وهذا ما ينطبق على كل المؤمنين وينطبق على النبيين أيضا. فالأنبياء خاضعون له بصفته أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.


الثالث: تساوي المؤمنين في انقطاع أبوته بالدم لأيٍ كان، وفتح باب التنافس أمامهم لكي تنالهم بركات النبوة بهذه الأبوة الجديدة بصفته أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.
إن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بأبي أحد من رجالكم، أي أنه ليس له أبناء يحوزون شرف أبوته صلى الله عليه وسلم لهم وينالون بركات النبوة منه بالدم وتكون لهم بهذا ميزة لا تكون لغيرهم من المسلمين. ولكن المجال مفتوح أمام المؤمنين ليحصلوا على هذه البركات بصفته صلى الله عليه وسلم أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.
وهكذا نرى أن هذه المعاني تلائم هذه الوجوه وتزيد التفسير وضوحا وجمالا. كذلك فإن هذه المعاني تشير إلى إمكانية بل وجوب بعثة الأنبياء في الأمة الإسلامية بسبب صفة خاتم النبيين. ففي النقطة الأولى سيصبح بقاء النبوة لازما لنفي صفة الأبتر عن الرسول، وفي الثانية فإن ظهور الأنبياء الخاضعين له سيكون سببا في رفعة منـزلته، أما الثالثة فإنها تبيّن أن الخاتمية تفرض أن تنال الأمة بركات النبوة ومنـزلتها.


الفهم التقليدي لخاتم النبيين
يصرّ الفهم التقليدي على أن "خاتم النبيين" تعني "آخر النبيين". فما مدى صحة ذلك؟

كما رأينا سابقا، فإن إضافة "خاتم" إلى جمع العقلاء لا تتضمن معنى الآخرية مطلقا. وإن استُخدمت هذه الصيغة بمعنى الآخرية فستقابَل بالرفض بداهة من كل من يعرف العربية.
يروي حضرة مرزا طاهر أحمد - رحمه الله - الخليفة الرابع للإمام المهدي عليه السلام، أنه في سنوات دراسته الجامعية بلندن كان له أستاذ مصري يدرسه اللغة العربية. وفي إحدى المرات كتب حضرته في موضوع عن الدولة الأموية ما يلي: "كان مروان بن محمد خاتم خلفاء بني أمية". فقال له أستاذه: لا، هذا ليس بصحيح. اكتُبْ "كان مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية". فابتسم حضرته وقال لأستاذه: إذن لماذا تصر على أن معنى "خاتم النبيين" هو آخرهم!

وبالمثل نستطيع أن نقول "إن هارون الرشيد هو خاتم خلفاء بني العباس"، وهذا القول سيكون مقبولا من السامع وسيلقى استحسانا، لأن هارون الرشيد كان أعظم خلفاء بني العباس، وقد أرسى قواعد الدولة وتميز في نواح شتى. ولكن لو قلنا أن المستعصم كان خاتم خلفاء بني العباس، بصفته آخرهم، فإن السامع لن يتقبل ذلك أبدًا.



المعنى السياقي لـ(خاتم النبيين)
لقد وردت هذه الآية الكريمة في سياق الحديث عن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من مطلَّقة زيد. وقد اعتُرض على هذا الزواج باعتباره زواجا من مطلقة الابن، فجاءت هذه الآية لتنفي أبوته الجسدية صلى الله عليه وسلم لأحد من الرجال. ولما كان هذا التعبير مما يمكن أن يساء فهمه، وسط محيط يسخر ممن لم يبقَ له أي أبناء ذكور، كان لا بدّ من الاستدراك، فجاءت جملة (رسول الله وخاتم النبيين) بعد (لكن) لتزيل هذا الفهم الذي يتبادر إلى ذهن البعض، ولتقول: إنه أبوكم جميعا روحيا، بل أبو الأنبياء أيضا.

بينما لو فسرناها بمعنى "الآخر"، لما كان لها أي معنى في هذا السياق؛ وإلا فما معنى: إنه ليس أبًا لأحد منكم جسديًّا، ولكنه أبوكم روحيا وآخر نبي؟ أين العلاقة بين ما قبل حرف الاستدراك (لكن) وما بعده؟ وهل الأبوة تتنافى مع النبوة؟ وهل كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين يقتضي ألا يكون أبا لأحد من الرجال؟! ثم إذا كان القرآن الكريم يريد أن يذكر أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو آخر نبي مبعثا، فلماذا يذكره في هذا السياق وبهذه الصورة؟ لماذا لم يعلن القرآن الكريم انقطاع النبوة بشكل واضح وقاطع وفي سياق ملائم؟

إن من يفسر (خاتم النبيين) بأفضلهم وأكملهم وأبيهم روحيا، يكون قد رأى أن الجنس المشترك بين العبارة المنفية قبل (لكن) والعبارة المثبتة بعدها هو الأبوة، فالعبارة الأولى تنفي الأبوة الجسدية، والعبارة الثانية تثبت الأبوة الروحية للمؤمنين وللأنبياء. أما من فسر (خاتم النبيين) بآخرهم اصطفاء، فأنى له أن يجد جنسا مشتركا يجمع بين العبارتين؟

الأحاديث الشريفة تناقض الفهم التقليدي
أما فيما يتعلق بالحديث الشريف، فقد يظن أنصار الفهم التقليدي أن الحديث الشريف هو دليلهم القاطع الذي لا شبهة فيه. ومع أن القرآن الكريم يجب أن يكون مقدماعلى كل ما دونه، إلا أن الأحاديث ليست في صفّهم أيضا وإن ظنوا ذلك، وهذا ما سيتضح من خلال النظر في هذه الأحاديث.


نبدأ أولاً بحديث شهير. ولكن قبل إيراده لا بد من بيان خلفيته بإيجاز. لقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه أميرا على المدينة في غيابه حين خرج إلى غزوة تبوك. فقال له علي: هل تتركني مع الصبيان والنساء، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مقولته الشهيرة التي يتضمنها الحديث كالآتي:
"عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ: أنت مني بمنـزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وفي رواية للبخاري: إلا أنه ليس نبي بعدي. وفي رواية المسند: إلا أنك لست بنبي." (مسلم كتاب الفضائل، البخاري كتاب الفضائل، مسند أحمد بن حنبل، مسندعبد الله بن عباس بن عبد المطلب) لعل من ينظر في هذا الحديث برواياته المتعددة سيدرك تماما ما المقصود به دون أن يحتاج إلى غيره. ولقد وضحت رواية مسند الإمام أحمد بن حنبل هذا المقصود بشكل جلي وهو "إلا أنك لست بنبي".

ومع هذا نترك لأحد علماء السلف المرموقين لتبيان المقصود من هذا الحديث. يقول ولي الله شاه المحدث الدهلوي في شرحه ما تعريبه:
"إن مدلول هذا الحديث إنما هو جعلُ سيدنا علي رضي الله عنه نائبا أو أميرا على المدينة أثناء غزوة تبوك فقط، وتشبيه استخلافه باستخلاف هارون عليه السلام لموسى لدى سفره إلى الطور. و"بعدي" هنا لا تعني الـ "بعد" من حيث الزمن، بل تفيد "غيري"، كما في قوله تعالى (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ)(الجاثية: 24)، فقوله تعالى (مِنْ بَعْدِ اللهِ) يعني "من غير الله".

(قرة العينين في تفضيل الشيخين لولي الله الدهلوي ص 206 المكتبة السلفية شيش محل رود لاهور باكستان)

ويضيف ولي الله الدهلوي ويقول:
"وليس المراد هنا البَعْدية الزمنية، ذلك لأن هارون عليه السلام ما عاش بعد موسى عليه السلام حتى تثبت البعدية الزمنية فيما قيل لسيدنا علي رضي الله عنه." (المرجع السابق) إن هذا العالم الجليل قد قدم قرينة تؤكد أن "بعدي" هنا لا تفيد البعدية الزمانية مطلقا؛ ليس فقط من خلال تتبع مناسبة هذا الحديث وإنما أيضًا لأن هارون لم يعش بعد موسى عليهما السلام.


وهناك حديث آخر يستدلون به: "عن ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبيّ، وأناخاتم النبيين ولا نبي بعدي." (أبو داود، كتاب الفتن) يقولون: أين المجال بعد هذا الحديث لمجيء نبي من أي نوع، أو بأي مفهوم من مفاهيم ختم النبوة؟

هذا صحيح ونحن معكم في هذا مائة بالمائة، ونقر بأن الباب الذي أغلقه النبي صلى الله عليه وسلم لا يحق لأحد أن يفتحه أبدا. فآمنّا وصدّقنا بكل ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكن الباب الذي فتحه النبي صلى الله عليه وسلم بيده لا يقدر أحد - كائنا من كان - على إغلاقه. وهذا ما لا يقبله أصحاب الفهم التقليدي، مما يجعل الأمر متنازعا فيه.

ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قد حذر من الدجالين من ناحية، فإنه من ناحية أخرى قال أيضًا حين أخبر عن نـزول عيسى عليه السلام: "ليس بيني وبينه نبيٌّ، يعني عيسى عليه السلام، وإنه نازلٌ."

(سنن أبي داود، باب ذكر خروج الدجال)

بهذا الحديث قد حل النبي صلى الله عليه وسلم قضية "لا نبي بعدي"، وقضية الدجالين الثلاثين أيضا، إذ قال: ليس بيني وبينه نبي. المراد من "بعدي" هو أنه مهما ظهرالدجالون الكذابون فلا تحسبوا عيسى دجالا، إنه نازل لا محالة غير أنه ليس بيني وبينه نبي ولا رسول.

ثم هناك حديث آخر أوثق من حديث الدجالين ويناقض جانب البعدية الزمانية فيه وفي غيره من الأحاديث التي تقول "لانبي بعدي". لقد ورد في صحيح مسلم حديث طويل يذكر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم نـزول عيسى عليه السلام فيقول:
"... يحصر "نبيّ الله" عيسى وأصحابه... فيرغب "نبيّ الله" عيسى وأصحابه.... ثم يهبط "نبيّ الله" عيسى وأصحابه.... فيرغب "نبيّ الله" عيسى وأصحابه إلى الله."

( مسلم، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال وصفته وما معه)


نلاحظ في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد سمى المسيح "نبي الله" أربع مرات. ومن المؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يروى هنا حدثا سيحدث لاحقا بعد وفاته. وسواء كان القادم هو عيسى عليه السلام النبي القديم أو غيره، فإن هذا الحديث يؤكد ثبوت نبوته على أي صورة أو وجه جاء فيه، كما أنه يؤكد وجود نبي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم زمانا.

ومن غير المقبول لمن يستدل بالأحاديث أن يمسك بحديث ويترك آخر وفق هواه. فإن فعل هذا فقد سقط استدلاله كاملا لأن مذهبه سيكون الانتقائية المغرضة.

وإليكم الآن حديثا آخر يحسم الموقف في قضية "البعدية الزمنية".
"عن ابن عبّاس قال: لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن له مرضعا في الجنّة، ولو عاش لكان صدّيقا نبيّا. ولو عاش لعتقت أخواله القبط ومااسترقّ قبطيّ."

(ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر وفاته)


يقول معارضونا عن هذا الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو عاش لكان صدّيقا نبيّا"، ولكن الله توفاه حتى لا يصبح نبيّا. وهذه هي الحكمة وراء وفاته رضي الله عنه في الطفولة المبكرة.

ولكن قولهم ليس إلا اجتهادا غير موفق للجمع بين النصوص، ثم إنه لا يُظهِر الحكمةَ الكامنةَ في الحديث، وإنما يسيء إلى فصاحة النبي صلى الله عليه وسلم وبلاغته.

إن خلفيّة هذا الحادث هي أن إبراهيم رضي الله عنه توُفِّي في بداية عام 9هـ، بينما نـزلت آية خاتم النبيين عام 5 هـ، أي بحوالي أربعة أعوام قبل وفاة إبراهيم رضي الله عنه. ولا يصعب على أي شخص واعٍ أن يستنتج من ذلك أنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفهم من آية خاتم النبيين أن النبوة قد انقطعت بصورة دائمة وبكل أنواعها، لَما قال: "لو عاش لكان صديقا نبيا"، بل لقال: لو عاش إبراهيم ولو ألف سنة لما صار نبيا، لأن الله تعالى قد أخبرني أنه لن يأتي في الأمة نبي إلى يوم القيامة.

وهناك رواية أخرى تحل هذه المسألة إلى الأبد. فلقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
"لما توفي إبراهيمُ أرسل النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى أمه "مارية"، فجاءته وغسلته وكفّنته. وخرج به وخرج الناس معه فدفنه. وأدخل صلى الله عليه وسلم يده في قبره فقال: أما والله إنه لنبيّ بن نبي." (الفتاوى الحديثية لأحمد شهاب الدين المكي، ص 176 دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت) وبما أن سيدنا عليا رضي الله عنه كان من أهل البيت فروايته هذه أوثق وأجدر بالاعتبار.

المعنى الحقيقي لـ (خاتم النبيين)
إن حادث وفاة سيدنا إبراهيم وقع بحوالي أربع سنوات بعد نـزول آية خاتم النبيين كما بيّنّا، ولا بد أن يكون العلماء الآخرون أيضا قد انتبهوا إلى هذا الأمر وقرؤوا ما رواه سيدنا علي رضي الله عنه. فماذا يستنبط العلماء من ذلك؟

أولاً: إليكم ما قاله العلامة ملا علي القاري - رحمه الله:
"ومع هذا لو عاش إبراهيم وصار نبيا، وكذا لو صار عمر نبيا لكانا من أتباعه عليه الصلاة والسلام كعيسى والخضر وإلياس عليهم السلام. فلا يناقض قولَه تعالى: (وخاتم النبيين) إذ المعنى أنه لا يأتي نبي بعده ينسخ ملته ولم يكن من أمته." (الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة لملا علي القاري ص192 دار الكتب العلمية بيروت)


ثانيًا: تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
"قولوا خاتم النبيين، ولا تقولوا لا نبي بعده."

(الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص618 الطبعة الأولى عام 1983م دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت)
لماذا رأت عائشة رضي الله عنها حاجة إلى هذا الشرح والإيضاح؟ من الواضح جليا أنها خشيت أن يسيء البعضُ فهمه، وكانت تعرف أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد من "لا نبي بعدي" أنه لن يكون بعده نبي من أي نوع.
ثالثًا: ويورد الإمام ابن قتيبة - رحمه الله - قول عائشة رضي الله عنها، ويعلق عليه ويقول:
"وليس هذا من قولها ناقضا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نبي بعدي، لأنه أراد لا نبي بعدي ينسخ ما جئت به."

(كتاب تأويل مختلف الأحاديث ص127 دار الكتاب العربي بيروت)



رابعًا: ويقول الإمام محمد طاهر (المتوفى عام 986 هـ) أحد الصلحاء المعروفين، في شرح قول السيدة عائشة رضي الله عنها:
"هذا ناظر إلى نـزول عيسى، وهذا أيضا لا ينافي حديث "لا نبي بعدي"، لأنه أراد لا نبي ينسخ شرعه."

(تكملة مجمع بحار الأنوار، لمحمد طاهر الغجراتي، ص 502)



خامسًا: يشرح الشيخ عبد الوهاب الشعراني (المتوفى 976 هـ) حديث "لا نبي بعدي" ويقول:
"فقوله صلى الله عليه وسلم "لا نبي بعدي ولا رسول بعدي"، أي ما ثمّ مَن يشرع بعدي شريعة خاصة."

(اليواقيت والجواهر للشعراني ج 2 ص 35 دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت 1900م)



سادسًا: وقال شارح "مشكاة المصابيح" محمد بن رسول الحسيني البرزنجي: "ورد "لا نبي بعدي" ومعناه عند العلماء أنه لا يحدث بعده نبي بشرع ينسخ شرعه."

(الإشاعة لأشراط الساعة ص149 دار الكتب العلمية بيروت)



سابعًا: ويقول الشيخ ولي الله شاه الدهلوي رحمه الله:
"فعلِمنا بقوله عليه الصلاة والسلام: لا نبي بعدي ولا رسول، وأن النبوة قد انقطعت والرسالة، إنما يريد بها التشريع."

(قرة العينين في تفضيل الشيخين لولي الله الدهلوي ص319 المكتبة السلفية شيش محل رود لاهور باكستان)



ثامنًا: وقال الحافظ محمد برخوردار (وهو ابن الشيخ نو شاه غنج قدس الله سره، إمام المدرسة النوشاهية القادرية) بهامش كتاب "النبراس" للعلامة عبد العزيز الفرهاري - شارحًا الحديث "لا نبي بعدي":
"والمعنى لا نبي بنبوة التشريع بعدي، إلا ما شاء الله من الأنبياء الأولياء." (شرح لشرح العقائد المسمى بالنبراس، ص445 مكتبة رضوية لاهور)


تاسعًا: ويقول السيد نواب نور الحسن خان بن نواب صديق حسن خان:
"الحديث "لا وحي بعد موتي" لا أصل له، غير أنه ورد "لا نبي بعدي"، ومعناه عند أهل العلم أنه لن يأتي بعدي نبي بشريعة تنسخ شريعتي."
(اقتراب الساعة ص162)

فترى أن العلماء القدامى الربانيين والسلف الصالح ظلوا على الدوام يستنبطون نفس المعنى الذي استنبطه سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام. أفليس من الظلم والجور حقا أنه عندما يستنتج حضرته عليه السلام هذا المعنى يستاء منه المعارضون كثيرا، فيصبح كافرا عندهم، وإذا استنبط العلماء القدامى المعنى نفسه يبقون مؤمنين بل يحتلون رأس قائمة أولياء الأمة.

حديث اللبنة الأخيرة
هلم ننظر الآن في حديث أخير كثيرا ما يقدمه الفهم التقليدي للاستدلال على ما ذهب إليه:
"عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل قصر أحسن بنيانه، فترك منه موضع لبنة. فطاف به النظّار يتعجبون من حسن بنيانه إلا موضع تلك اللبنة... فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة، فتم بي البنيان وخُتم بي الرسل. وفي رواية قال: فأنا اللّبنة وأنا خاتم النّبيّين."


(البخاري كتاب المناقب، مسلم كتاب الفضائل، الترمذي كتاب المناقب، ومسند أحمد بن حنبل، كنـز العمال: تتمة الإكمال من فضائل متفرقة تنبئ عن التحدث بالنعم)


إن أنصار الفهم التقليدي يستنتجون من هذا الحديث أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان مجرد اللبنة الأخيرة في هذا القصر المشيد سابقا! إن النظر إلى النص

بسطحية لا شك سيعطي هذا المعنى، ولكن هل يمكن القبول بهذا المعنى الذي ينال من مقام الرسول صلى الله عليه وسلم!.

ولننظر ماذا قال اثنان من كبار علماء السلف الصالح حول هذا الحديث. يقول العلامة ابن حجر العسقلاني في شرحه:
"فالمراد هنا النظر إلى الأكمل بالنسبة إلى الشريعة المحمدية مع ما مضى من الشرائع الكاملة."

(فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني كتاب المناقب، باب خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم)


كذلك فإن العلامة ابن خلدون يقول في هذا الصدد:
"فيفسرون خاتم النبيين باللبنة التي أكملت البنيان. ومعناه النبي الذي حصلت له النبوة الكاملة." (مقدمة ابن خلدون ص300 المكتبة العصرية سيدا بيروت عام 1988) وهكذا فإن أنصار الفهم التقليدي يريدون أن يجعلوا الرسول صلى الله عليه وسلم مجرد لبنة واحدة في قصر كبير، بينما المفهوم الشامل للخاتمية يجعله صلى الله عليه وسلم القصر كله ويجعله مكمل البناء ومتممه ومالكه.

حديث "إني آخر الأنبياء"
أما الذين يحتجون بالحديث الذي يقول: "إني آخر الأنبياء"، فلا بد أنهم يعلمون جيدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه قد بين معناه في الجملة التالية من نفس الحديث.

إذ الحديث الكامل هو كالآتي: "إني آخر الأنبياء، وإن مسجدي آخر المساجد" (مسلم كتاب الحج، وسنن النسائي كتاب المساجد). فهل يعني ذلك أنه لم يُبْنَ في الإسلام أي مسجد بعد مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؟ عقيدة السلف الصالح في "خاتم النبيين".

إن مفهوم خاتم النبيين الذي نتبناه هو المفهوم القرآني ومفهوم الحديث الشريف ومفهوم علماء الأمة وصلحائها من السلف، وسنذكر فيما يلي بعضا من أقوال علماء الأمة وصلحائها ممن يفسرون "خاتم النبيين" بأفضلهم، وينقضون تفسيره بآخرهم مبعثا.

يقول الصوفي المعروف الإمام عبد الوهاب الشعراني:
"اعلم أن النبوة لم ترتفع مطلقا بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما ارتفع نبوة التشريع فقط."

(اليواقيت والجواهر ج 2 ص 35 دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت عام 1900م )



أما الشاه ولي الله الدهلوي فيقول:
"وخُتم به النبييون.. أي لا يوجد من يأمره الله سبحانه بالتشريع على الناس."

(التفهيمات الإلهية، ج2 ص85 بتصحيح وتحشية الأستاذ غلام مصطفى القاسمي، أكادمية الشاه ولي الله الدهلوي حيدر آباد باكستان)



ويقول الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي:
"فالنبوة سارية إلى يوم القيامة في الخلق وإنْ كان التشريع قد انقطع. فالتشريع جزء من أجزاء النبوة."

(الفتوحات المكية ج 3 ص 159، الباب الثالث والسبعون في معرفة عدد ما يحصل من الأسرار للمشاهد مكتبة القاهرة بمصر عام 1994م)


ويتابع فيقول:
"فإن النبوة التي انقطعت بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي نبوة التشريع، لا مقامها، فلا شرع يكون ناسخا لشرعه صلى الله عليه وسلم، ولا يزيد في حكمه شرعا آخر. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي. أي لا نبي بعدي يكون على شرع يخالف شرعي، بل إذا كان يكون تحت حكم شريعتي، ولا رسول أي لا رسول بعدي إلى أحد من خلق الله بشرع يدعوهم إليه. فهذا هو الذي انقطع وسدّ بابه، لا مقام النبوة."

(المرجع السابق ص4)



يقول الشيخ بالي أفندي (المتوفى 960 هـ):
"فخاتم الرسل هو الذي لا يوجد بعده نبي مشرع."

(شرح فصوص الحكم ص56 المطبعة النفيسة العثمانية، 1309هـ)



يقول السيد عبد الكريم الجيلي:
"فانقطع حكم نبوة التشريع بعده، وكان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، لأنه جاء بالكمال ولم يجئ أحد بذلك."

(الإنسان الكامل ج 1 ص 115 الطبعة الثالثة عام 1970م شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر)



ويشرح الشيخ محمد وسيم الكردستاني مفهوم خاتم النبيين ويقول:
"... معنى كونه خاتم النبيين هو أنه لا يُبعث بعده نبيٌّ آخر بشريعة أخرى."

(حاشية الشيخ محمد وسيم الكردستاني على "تقريب المرام في شرح تهذيب الكلام" للشيخ عبد القادر الكردستاني، ج2 ص233 المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة 1319هـ)



أما الإمام الرباني الشيخ أحمد السرهندي (المتوفى 1034هـ)، أحد الأقطاب وأولياء الله الكبار حسب اعتقاد أهل السنة بالقارة الهندية، فيقول ما تعريبه:
"إن حصول المتبعين على كمالات النبوة عن طريق الاتّباع والوراثة بعد بعثة النبيّ صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل - عليه وعلى جميع الأنبياء والرسل الصلوات والتحيات - لا ينافي كونه خاتم النبيين، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، فلا تكن من الممترين."

(مكتوبات الإمام الرباني، الدفتر الأول مكتوب301 ج5 ص141 مطبعة منشي نول كشور في لكهناؤ بالهند)



يقول الصوفي المعروف محمد بن علي الحسن الحكيم الترمذي (المتوفى عام 308 هـ):
"فإن الذي عَمِيَ عن خبرِ هذا يظنّ أن خاتم النبيين تأويله أنه آخرهم مبعثا. فأي منقبة في هذا؟ وأي علم في هذا؟ هذا تأويل البُلْهِ الجَهَلة."

(كتاب ختم الأولياء، ص341 المطبعة الكاثوليكية بيروت 1965م)



ويقول المولوي محمد قاسم النانوتوي مؤسس مدرسة "ديوبند" الشهيرة بالهند:
"العامة يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بمعنى أن زمنه كان بعد الأنبياء السابقين وهو آخر الأنبياء كلهم. غير أن أهل الفهم يدركون جيدًا أنه ليس في التقدم أو التأخر من حيث الزمن أية فضيلة في حد ذاته. لو كان الأمر كما يظن العامة فكيف يصح أن يقول الله تعالى في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم: (وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ؟) أما إذا لم نعتبر قوله تعالى هذا مدحًا، ولم نعتبر هذه المنـزلة ثناءً، فقد يصح أن يكون مفهوم خاتم النبيين بمعنى التأخر الزمني. ولكنني أعرف أن هذا الكلام لن يروق لأحد من أهل الإسلام."

(تحذير الناس لمحمد قاسم النانوتوي ص4-5 مطبعة دار الإشاعة أردو بازار كراتشي باكستان)



ويقول السيد أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكهنوي:
"لا يستحيل وجود نبي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو بعده، بل يمتنع أن يكون بشريعة جديدة."

(أثر ابن عباس في دافع الوسواس ص16 الطبعة الثانية مطبعة يوسفي فرنغي محل لكهناؤ الهند)

ويصرح بأن ذلك ليس اعتقاده هو فحسب، بل ما زال علماء أهل السنة أيضا يصرحون بذلك، فيقول:
"ما زال علماء أهل السنة يصرّحون أنه لا يمكن أن يكون في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم نبي بشريعة جديدة، فإن نبوته صلى الله عليه وسلم عامة. فالنبي الذي يكون في عصره صلى الله عليه وسلم يكون تابعا للشريعة المحمدية."

(مجموعة الفتاوى لمحمد عبد الحي اللكهنوي ج1 ص17 مطبعة ايجوكيشنل بريس كراتشي باكستان)

قصور الفهم التقليدي ومساسه بالخاتمية
إن الفهم التقليدي الذي يحصر معنى خاتم النبيين في كونه آخرهم، يسيء إلى مفهوم الخاتمية ويقزّمه بل وينقضه أيضا.

فكما ذكرنا سابقا، فإن الخاتمية ترتكز على أربع ركائز وهي: كمال الرسول؛ وكمال الإسلام؛ وكمال القرآن؛ وكمال الأمة. وإن المفهوم الصحيح الحقيقي لخاتم النبيين

يحافظ على هذا الكمال ويبرزه في أحسن صورة. أما الفهم التقليدي فهو في أحسن الأحوال غير قادر على أن يبرهن على كمال الأمة، بل يؤكد العكس تماما، ويقدم

دليلا على قصور الأمة وعدم كمالها. وهذا القصور يؤدي تلقائيا إلى تدمير ركيزة من ركائز الأفضلية المطلقة للرسول صلى الله عليه وسلم.

سؤال هام
ن حَجْب النبوة عن الأمة الإسلامية، ومنعها من الوصول إلى ما وصلت إليه الأمم السابقة، لهو أمر يستدعي الوقوف عنده والتأمل. فلماذا ستُحجب النبوة عن الأمة؟

وهل حجبها هو نعمة أو نقمة؟ وهل يمكن أن تُعتبر الأمة هي خير أمة أخرجت للناس بغياب النبوة عنها؟

إن القرآن الكريم يبين بكل وضوح أن أكبر وأتم نعمة يمكن أن يصل إليها الإنسان هي النبوة، حيث يقول تعالى:



(يوسف: 7)


فالنبوة حسب القرآن الكريم هي أتمّ نعمة ينالها الإنسان. فهل يمكن أن تكون الأمة كاملة بدون أن توهب النبوة لأحد منها؟
إن ما يطلبه كل مسلم في كل ركعة من صلاته هو أن يهديه الله الصراط المستقيم، وهو صراط الذين أنعم الله عليهم. فمن هؤلاء الذين أنعم الله عليهم؟ أليسوا هم الذين قال الله فيهم:


(النساء: 70)



الخاتمية ونـزول عيسى عليه السلام وإشكالات تواجه الفهم التقليدي
إضافة إلى ما وضحناه سابقا حول هشاشة نظرية الفهم التقليدي عن خاتمية الرسول صلى الله عليه وسلم وحول مخالفتها للمنطق والقرآن الكريم ولمفهوم العلماء والفقهاء من السلف الصالح، كذلك فإنها لا تستطيع الصمود مقابل معتقدات هامة أخرى، من أهمها نـزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام التي هي من العقائد الراسخة عند غالبية المسلمين. إن عقيدة نـزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام - كيفما كان هذا النـزول - تنقض نظرية الفهم التقليدي وتثبت بطلانها، وتضع أمامها كمًّا من التساؤلات والتناقضات التي يستحيل حلها.

إن المسيح عندما سيأتي، سيكون نبيا كما كان سابقا، فكيف سيبقى النبي صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء مبعثا، وقد جاء المسيح بعده؟

قد يقال بأنه نبي سابق وهذا لا ينقض الآخرية! فنقول إن لم تَرَوه ينقض الآخرية فإنه ينقض الخاتمية. فهو بذلك ينقض كمال القرآن لأن قدومه كنبي في الأمة الإسلامية يخالف ما ورد في القرآن الكريم حول مهمته ودوره، حيث يقول تعالى:



(آل عمران: 50)


فهذه الآية ونـزول عيسى بشخصه لا يمكن أن يجتمعا. فإما أن يعلن في أول يوم من نـزولـه نسخَ هذه الآية أو سيأتي بغيرها ويضعها في مكانها ليقال إنه رسول إلى أمة المصطفى خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم! هذا إضافة إلى أن نـزوله بشخصه سيعطل عددا لا حصر له من الآيات الأخرى المرتبطة به مباشرة وبشكل غير مباشر. وهكذا يصبح القرآن الكريم رهينة هذا النـزول وهذه البعثة.

أسئلة أخرى
وثمة سؤال آخر يفرض نفسه: ألم يكن نبينا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم يعلم أنه خاتم النبيين، وأن عيسى الذي يبشر بمجيئه بعده أيضًا نبي من أنبياء الله؟ ألم يكن يدرك أن مجيء عيسى سيكسر ختم نبوته صلى الله عليه وسلم؟ ألم يعلم صلى الله عليه وسلم أن الدين قد اكتمل، وأن نعمة الله قد تمت، وأن القرآن موجود،
والسنة موجودة، ولا حاجة بعد ذلك إلى أي شخص يُبعث من عند الله تعالى؟

وإذا كان مجيء عيسى بن مريم، الذي كان رسولاً إلى بني إسرائيل والذي ينتظرون نـزوله، لا يكسر ختمَ نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم في رأيهم، فكيف يكسر ختمَ نبوة الرسول مجيءُ شخص من الأمة لأداء نفس المهمة التي سيؤديها عيسى عليه السلام؟

ثم هناك سؤال هام آخر:
هل سينشر عيسى عليه السلام عند نـزوله تعليم القرآن، أم سيأتي ليقدم دروس الإنجيل الذي أُوحِيَ إليه؟ إذًا فكيف يتلقى علوم القرآن وهو لم يوح إليه؟ طبعًا إنه لن يتعلم القرآن على أيدي المشايخ والعلماء الذين سيأتي لإصلاحهم، بل سيتلقى معارف القرآن من عند الله تعالى بالوحي والإلهام، لأنه الطريق الوحيد الذي يعلّم الله به عبادَه ما أراد أن يعلّمهم من أمور الدين مباشرةً. إذًا فلِمَ يستاءون عندما يسمعون من شخص من أمة المصطفى أنه يتلقى من الله تعالى هذا النوع من الوحي أي الذي ليس فيه أي تشريع جديد، بل هو المبشرات وتفسير للقرآن وشرح للحديث فقط؟

كذلك لماذا يستعيرون لهذا الغرض نبيًّا إسرائيليًّا؟ هل الوحي مقصور على بني إسرائيل؟ هل هذه الأمة محرومة من وحي تعليم القرآن؟ أم أنهم يرون أن أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم لا تستحق هذا التكريم وإنما تستحقه الأمة الإسرائيلية؟ فلم لا يعلنون إذًا صراحة أن أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم ليست خيرَ أمة أُخرجتْ للناس - والعياذ بالله - بل إن الأمة الإسرائيلية هي خير أمة حيث إنها أرسلت أحد أنبيائها لنجدة المسلمين!!

أم أنهم يرون أن عيسى سيُبعث مسلوبَ النبوة؟ وإذا كان هذا ظنهم فليعلموا أن القرآن الكريم والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يقل أبدًا أن عيسى ستُسلب منه نبوته في يوم من الأيام. وعلى النقيض قد أطلق المصطفى صلى الله عليه وسلم تسمية "نبيّ الله" على عيسى الموعود لأمته وذلك أربع مرات في حديث واحد، كما أشرنا من قبل إلى حديث مسلم في كتاب الفتن؛ وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس بيني وبينه نبي"


(البخاري كتاب أحاديث الأنبياء، ومسلم كتاب الفضائل)


كما أن السلف الصالح من الأمة قد أفتوا أن مَن قال بسلب نبوة عيسى عند نـزوله في الزمن الأخير فقد كفَر.

(انظُرْ كتاب "نـزول عيسى ابن مريم آخر الزمان"، للسيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت ص 53)


أم أنهم يرون أنه ليس ثمة حاجة لأي مبعوث من عند الله تعالى ولو كان تابعًا للرسول صلى الله عليه وسلم؟ إنه لا يمكن الجمع بين القول بأن محمدا صلى الله عليه وسلم آخر النبيين، وبين نـزول المسيح، إلا بالرضى بنقض خاتمية الرسول صلى الله عليه وسلم وبالأخص نقض كمال القرآن الكريم وكمال الأمة، أو برفض نـزول عيسى عليه السلام جملة وتفصيلا بضرب أدلة نـزوله الثابتة بعرض الحائط. وكلا الاحتمالين هلاك.

الزمان يدعو مصلحًا سماويا
ونقول للذين ينكرون بعثة مصلح من عند الله تعالى لتدارك وضع الأمة محتجين بتواجد القرآن والسنة بين ظهرانينا؛ أننا لا نختلف معهم إطلاقًا بتواجد القرآن الكريم بيننا غير محرف ولا مبدل، ولكن القولَ بأنه لا حاجة إلى مصلح سماوي بسبب وجود القرآن بين ظهرانينا غير مبدّل، قولٌ يرفضه القرآن نفسه رفضا باتّا. يقول الله سبحانه وتعالى:



(الفرقان:31)


كم هي أليمة الشكوى التي يرفعها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى فيما يتعلق بهذا الكتاب الكامل. فما هو المراد من هذه الآية، وكيف سيهجر الناسُ القرآنَ الكريم؟

يوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر أيضا بنفسه فيقول:
"يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه."

(مشكاة المصابيح كتاب العلم الفصل الثالث، ورواه البيهقي في شعب الإيمان، وكنـز العمال ج11 باب تتمة الفتن من الإكمال)


وليكن معلومًا أن الصحابة أيضًا كانوا قد استغربوا من نبأ انحراف المسلمين وفسادهم، رغم وجود الكتاب الكامل والسنة الشريفة في الظاهر بين ظهرانيهم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بتصحيح أفكارهم. حيث ورد:
"عن زياد بن لبيد قال ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا فقال: ذاك عند أوان ذهاب العلم. قلت يا رسول الله، وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن، ونُقرئه أبناءَنا، ويُقرئه أبناؤنا أبناءَهم إلى يوم القيامة!؟
قال: ثَكِلتْك أُمُّك زيادُ، إنْ كنتُ لأراك مِن أفقهِ رجلٍ بالمدينة! أوليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل، لا يعمَلون بشيء مما فيهما."

(ابن ماجة، كتاب الفتن)


وفي رواية أخرى:"هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فماذا تُغني عنهم؟"

(الترمذي، كتاب العلم)

تشابهت قلوبهم
ومن المعلوم أن الفهم التقليدي السائد ليس بظاهرة جديدة في التاريخ الديني، بل هي ظاهرة معروفة جدا. وهي كانت دوما السلاح الذي يشهره الناس في وجه مبعوثيهم، فإن صدقوا بمبعوث بعد جهد جهيد، بادروا إلى إشهاره في وجه الذي يليه. يقول الله تعالى:



(غافر:35-36)


ويقول الله تعالى مبينا سفاهة من يظن أنه لن يبعث الله تعالى أحدا:


(الجن: 5-8)



النبوة في أمة محمد صلى الله عليه وسلم
كما يتبين من التاريخ الذي يذكره القرآن أن الأنبياء كانوا يُبعثون فيما سبق لكل مرض روحي مهما كان صغيرا، فقام الأنبياء فقط دون غيرهم بالإصلاح، رغم أن الكتب السماوية كانت موجودة في أقوامهم مسبقا. ليس هناك مرض روحي يمكن أن يتصوره الإنسان إلا وهو منتشر على نطاق واسع في أيامنا هذه، ومع ذلك يرفضون بشدة إمكانية مجيء مصلح من الله تعالى. وكأنهم يقولون لو ظهرالدجالون الكذابون فلا بأس، لكن يجب ألا يأتي نبي من الله فإننا لا نقدر على تحمله.

وهناك آيات صريحة في القرآن الكريم تؤكد بجلاء وجود النبوة وإمكانية الحصول عليها. يقول الله تعالى:



(سورة النساء:70-71)


فالله تعالى يعلن هنا أن الذين يطيعون الله والرسول أي محمدًا (رسول الله) صلى الله عليه وسلم طاعة صادقة، سوف يحوزون على درجات الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين.

ولكن البعض يقول: كلا، بل المعنى أن المطيعين لله والرسول صلى الله عليه وسلم يكونون في صحبة المنعم عليهم ولن يكونوا من المنعم عليهم. فيجب أن نرى أوّلاً ماالذي تعلنه الآيات المذكورة؟

تقول الآية: "من يطع الله والرسول" أي محمدًا صلى الله عليه وسلم. ما أعظمَه من إعلان! ألا ترى أنه كان من المفروض أن يكون هذا الإنعام على أتباع النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من أتباع الأنبياء الآخرين لكونهم خير أمة أخرجت للناس؟

ثم هل الناس من الأمم السابقة الذين أطاعوا رسلهم كانوا يتلقون الجواب بأنهم إذا أطاعوا رسولهم فسوف يكونون في صحبة المنعَم عليهم فقط ولن يكونوا منهم أبدًا؟

ألا ترى أن هذا المفهوم بهتان عظيم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى القرآن الكريم؟ أليس هذا الاستنتاج إساءة كبيرة للنبي صلى الله عليه وسلم؟ كما أنه إهانة لأمته صلى الله عليه وسلم حيث حُرمتْ من الإنعامات التي كان يتلقاها أتباع الأمم السابقة. هذا التفسير خاطئ ولاغٍ بكل المعايير، ويكذبه القرآن الكريم بنفسه، لأن "مع" هنا هي في محل المدح، ومن المعلوم أن كلمة "مع" تعطي معنى المعية ومعنى "مِن" أيضا.

وهناك أمثلة كثيرة على ذلك منها قول الله تعالى في القرآن الكريم:


(آل عمران: 54)






(النساء: 147)





(المائدة: 84)








(الحِجر: 33)


فترى أن "مع" في كل هذه الآيات جاء بمعنى "مِن" لا غير.

ثم علّمنا الله تعالى دعاء:


(آل عمران: 194)


فهل يعني هذا أن ندعو الله تعالى ليلَ نهارَ أنه كلما مات أحد من الأبرار فاقبِضْ روحنا أيضا يا رب؟ أهذا هو الدعاء الذي يعلمنا الله سبحانه وتعالى في كلامه المجيد يا ترى؟ كلا بل المعنى: توفنا يا ربنا ونحن من الأبرار في نظرك.

فثبت أن القرآن الكريم يؤكد أن الذين يطيعون الله والرسول صلى الله عليه وسلم حقًّا يكونون من النبيين وليس في معيتهم فقط، ومن الصديقين أيضا وليس في معيتهم فقط، ومن الشهداء أيضا وليس في رفقتهم فحسب، ومن الصالحين أيضا، وليس معهم فحسب.

آية الاصطفاء


(الحج: 76)


يقول البعض: هذه الآية نـزلت حين كان الله عز وجل قد امتنع عن اصطفاء الرسل من الناس. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصبح آخر النبيين. ولكن الحقيقة أن الله تعالى يخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه يصطفي رسلا من الناس، ولم يقل "كان يصطفي". ولو كانت النبوة قد انقطعت نهائيا، فما هو الغرض الذي تفيده هذه الآية؟ إن كلمة "يصطفي" جاءت في صيغة المضارع وتفيد الاستمرار، ليتهم يفهمون هذه النكتة البسيطة.

آية أخذ الميثاق من النبي صلى الله عليه وسلم
يذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن المجيد ميثاقا ويقول:



(آل عمران: 82)


ثم يقول سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب التي وردت فيها آية خاتم النبيين:


(الأحزاب: 8-9)


فميثاق النبيين لم يؤخذ من الأنبياء السابقين فقط، وإنما أُخِذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا كما هو واضح من كلمة "منك". فإذا كان من المقدر أنه لن يأتي بعده صلى الله عليه وسلم نبي من أي نوع كان، فلماذا أُخِذ منه صلى الله عليه وسلم هذا الميثاق؟ فالمراد أنه لو جاء نبي بحسب الشروط الواردة في آية الميثاق، مؤيدا لتعاليمه صلى الله عليه وسلم لوجب عليه، أي على أمته صلى الله عليه وسلم، أن تنصره وتؤيده.

علمًا أن المراد من كلمة "منك" هو أمته صلى الله عليه وسلم إذ ليس من الممكن أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأموات لتأييد ونصرة نبي يأتي بعده صلى الله عليه وسلم. فلا يمكن أن يكون المراد هنا إلا أتباعه صلى الله عليه وسلم. ونرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ائتمر بهذا الأمر الإلهي، فأوصى أمته بتصديق هذا المبعوث الموعود، بل وشدد على هذا الأمر لدرجة أن قال "...

فبايِعوه ولو حبوًا على الثلج، فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ الْمَهْدِيُّ."

(ابن ماجة، كتاب الفتن، باب خروج المهدي)

آية "وآخرين منهم"
يقول الله سبحانه وتعالى:



(الجمعة :3-5)


وهنا ذكر الله تعالى بعثة ثانية للرسول صلى الله عليه وسلم في الذين لم يلتحقوا بالصحابة. وما دام الرسول قد توفي فلا بد أن يمثله في هذه البعثة الثانية الروحانية أحد من خدامه المتفانين في حبه وطاعته صلى الله عليه وسلم.

يحاول البعض الفرار من هذا الموقف قائلين إن المراد من "آخرين منهم" هنا أولئك الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.. أي أولئك الذين لم يلتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعد، بل سيأتون في الفترة اللاحقة من عصر النبي صلى الله عليه وسلم نفسه. ولكنه تأويل قد رفضه الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه. فقد جاءت في صحيح البخاري رواية يصعب العثور على رواية أقوى منها:
"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنّا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأُنـزلت عليه سورة الجمعة: (وآخَرين منهم لـمّا يلحقوا بهم(. قال، قلت: من هم يا رسول اللّه؟ فلم يراجعه، حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسيّ. وضع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: "لو كان الإيمان عند الثريّا لناله رجال أو رجل من هؤلاء."

(البخاري: كتاب التفسير، سورة الجمعة)


الأمر الأول الذي يتبين من جواب النبي صلى الله عليه وسلم هو أن الآخرين المقصود بهم هنا هم أولئك الذين سوف يأتون في وقت متأخر جدا. ولأجل ذلك وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي، الشخص الوحيد الذي كان من غير العرب.. ولم يضع يده على أحد من العرب.. وقال: لو ارتفع الإسلام إلى الثريا سيكون هناك رجال عظام من قوم سلمان الفارسي رضي الله عنه أي من أهل فارس سوف يعيدونه إلى الأرض.

إذن مَن هم "آخرين منهم"؟ هم أولئك الذين يظهرون حين يكون الإيمان بالثريا. وهل يُعقل أن يحدث ذلك ويرتفع الإيمان إلى الثريا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه صلى الله عليه وسلم بنفسه يعلن: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب."

هنا يقول النبي بأن القرون الثلاثة الأولى بعد فجر الإسلام ستكون مستنيرة، أي إن نوري لن يختفي فجأة. أنا شمس عظيمة، ويبقى نوري مضيئًا إلى ثلاثة قرون بعد وفاتي، وسوف ترون هذا النور بأم أعينكم، ثم يأتي عصر الظلام. ولن يُبعث أثناءه أحدٌ حتى يطول هذا الليل المظلم، وسيبدو وكأن الإيمان قد اختفى من الدنيا وأصبح
بالثريا.

مهلا.. فالنبوة ليست مفتوحة لكل من هب ودب
لعل من أهم الأسباب التي صاغت الفهم التقليدي هو الخوف على الدين والغيرة على مقام الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن المفهوم الحقيقي لخاتم النبيين لا يترك أي مجال لذلك.

وينبغي ألا يفهم مما سبق أن النبوة مفتوحة لكل من هبّ ودب، ولكن المقصود هو أن مقام النبوة هو أحد المقامات التي ينالها المؤمنون كما ينالون الصديقية والشهادة والصالحية. ومقام النبوة في الأمة الإسلامية مقيد بقيود كثيرة تجعله لا يعدو كونه درجة عند الله تعالى.

ومع أن هذا المقام في الأمة الإسلامية هو مقام عظيم، ومع أن الصلحاء من الأمة سينالونه بفضل خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، إلا أنه لا سبيل لهم إلى ذلك سوى التفاني الكامل في خدمة الإسلام والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم في حب جم. وهؤلاء الصالحون يتصلون بالله ويكونون على علاقة به، ولكن لا يكلفهم الله تعالى إلا بخدمة الدين ولا يعطيهم إلا فهم القرآن الكريم، ويجعلهم كالمنارات التي تهدي الناس إلى دين الإسلام.

إن ختم النبوة يستتبع أن من خرج على كلمة أو حرف أو نقطة من الإسلام ومن القرآن الكريم، ومن قال بخلافه ولو مثقال ذرة، فهو كاذب وليس من الأمة ولا هو تحت عباءة الرسول صلى الله عليه وسلم وخاتميته.

إن وصول المؤمنين الصادقين إلى هذا المقام بطاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم هو من مقتضيات خاتمه ومما يظهر مكانته السامية أيضا. فمن من الأنبياء ملك هذا الخاتم؟ ومن الذي يخرج عن سيادته من السابقين واللاحقين؟

أقوال الإمام المهدي في تبيان مفهوم خاتم النبيين
وننهي هذا البحث بأقوال فيصلة من حضرة المؤسس عليه السلام نفسه في تبيان مفهوم خاتم النبيين ونوع النبوة التي وُهبها من عند الله تعالى.

يقول عليه السلام ما نصه:
"إنّا مسلمون.. نؤمن بكتاب الله الفرقانِ، ونؤمن بأنَّ سيّدَنا محمدًا نبيُّه ورسولُه، وأنه جاء بخير الأديانِ، ونؤمن بأنه خاتَمُ الأنبياءِ لا نبيَّ بعدَه، إلا الذي رُبِّيَ من فيضِه وأظهرَه وَعْدُه. ولله مكالماتٌ ومخاطباتٌ مع أوليائه في هذه الأمَّة، وإنهم يُعطَون صبغةَ الأنبياء وليسوا نبيّين في الحقيقة، فإن القرآن أكمَلَ وَطَرَ الشريعةِ، ولا يُعْطَون إلا فهمَ القرآنِ، ولا يزيدون عليه ولا ينقصون منه، ومن زاد أو نقَصَ فأولئك من الشياطين الفَجَرةِ.

ونعني بخَتْمِ النبوةِ ختمَ كمالاتِها على نبيِّنا الذي هو أفضلُ رسُلِ اللهِ وأنبيائِه، ونعتَقِد بأنه لا نبيَّ بعدَه إلا الذي هو من أمته ومِن أكمَلِ أتباعه، الذي وَجَدَ الفيضَ كلَّه من رُوحانيته وأضاءَ بضيائه. فهناك لا غيرَ ولا مقامَ الغِيرة، وليست بنبوّة أخرَى ولا محلَّ للحيرة. بل هو أحمدُ تجلَّى في سَجَنْجَلٍ آخَرَ، ولا يَغارُ رجلٌ على صورته التي
أراه اللهُ في مرآةٍ وأظهَرَ. فإن الغيرةَ لا تهيجُ على التلامذة والأبناءِ، فمن كان من النبي.. وفي النبي.. فإنما هُوَ هُوَ، لأنه في أَتَمِّ مقامِ الفناء، ومُصبَّغٌ بصبغَتِه ومُرتَدٍ بتلك الرداءِ، وقد وجد الوجودَ منهُ وبلغَ منهُ كمالَ النُّشُوِّ والنماءِ.

وهذا هو الحقُّ الذي يَشهدُ على بركاتِ نبيِّنا، ويُرِي الناسَ حُسنَه في حُلَلِ التابعين الفانين فيه بكمال المحبّةِ والصفاءِ، ومِنَ الجهلِ أن يقومَ أحدٌ للمِراء، بل هذا هو ثبوتٌ من الله لنَفْي كَونِه أَبترَ، ولا حاجةَ إلى تفصيلٍ لمن تدبَّرَ. وإنه ما كان أبا أحدٍ من الرجالِ من حيثُ الجِسمانية، ولكنه أبٌ من حيثُ فيض الرسالة لمن كُمِّل في الروحانية.... وإنه خاتم النبيين وعَلَمُ المقبولين. ولا يدخلُ الحضرةَ أبدًا إلا الذي معه نقشُ خاتَمه، وآثارُ سُنّته، ولن يُقبلَ عملٌ ولا عبادةٌ إلا بعد الإقرار برسالته، والثباتِ على دينه وملّته.

وقد هلَك من ترَكه وما تبِعه في جميع سُنَنِه، على قَدْر وُسْعِه وطاقته. ولا شريعةَ بعده، ولا ناسخَ لكتابه ووصيته، ولا مبدِّلَ لكلمته، ولا قطرَ كمُزْنته. ومَن خرَج مثقال ذرة من القرآن فقد خرج من الإيمان. ولن يفلح أحد حتى يتبع كلَّ ما ثبت من نبينا المصطفى، ومن ترَك مقدار ذرة من وصاياه فقد هَوَى."

(مواهب الرحمن، الخزائن الروحانية مجلد 19 ص 285-287)



ويقول عليه السلام ما تعريبه:
"لا يمكن أن نحرز أية مرتبة من مراتب الكمال والشرف والعز والقرب إطلاقا دون اقتداء كامل بنبينا صلى الله عليه وسلم. كل ما نناله إنما هو بصورة ظلية وبواسطته صلى الله عليه وسلم."

(إزالة أوهام، الخزائن الروحانية ج 3 ص 170)




ويقول عليه السلام ما تعريبه:
"إن نبينا صلى الله عليه وسلم، وسيدنا ومولانا - عليه ألف سلام - قد سبق الأنبياءَ كلهم من حيث بركاته الروحانية، لأن بركات الأنبياء السابقين قد انقطعت عند حد معين. فهؤلاء الأقوام وتلك الأديان ميتة الآن لا حياة فيها، إلا أن الفيض الروحاني للنبي صلى الله عليه وسلم مستمر إلى يوم القيامة. فبسبب استمرار بركات النبي صلى الله عليه وسلم، لم يعد ضروريّا لهذه الأمة أن يأتي المسيح من خارجها، بل إن تلقى شخص عادي تربيةً في ظله صلى الله عليه وسلم يمكن أن يجعل منه مسيحا كما جعلني أنا الضعيف."

(عين المسيحية، الخزائن الروحانية ج20 ص389)



ويقول عليه السلام ما تعريبه:
"لقد أعطِي سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم شرفا خاصا أنه خاتم الأنبياء بمعنى أنه قد خُتمت عليه كمالات النبوة كلها من ناحية، ومن ناحية أخرى لن يكون بعده رسول بشرع جديد أو نبي من خارج أمته صلى الله عليه وسلم، بل كل من يتشرف بالمكالمة الإلهية إنما يتشرف بها بفضله وواسطته صلى الله عليه وسلم، ويُدعَى أمّتيّا وليس نبيا مستقلا."

(عين المعرفة، الخزائن الروحانية ج23 ص380)



وقال عليه السلام ما تعريبه:
"لقد تشرَّفتُ بها (أي بمكالمة الله تعالى) فقط نتيجة اتّباعي لنبينا صلى الله عليه وسلم. فلو لم أكن من أمته ولم أتّبعه لما كان لي أن أحظى بهذه المخاطبة الإلهية أبدًا ولو كانت أعمالي مثل جبال الدنيا كلها."

(التجليات الإلهية، الخزائن الروحانية ج 20 ص 411 و412)



وقال عليه السلام ما نصه:
"النبوّة قد انقطعت بعد نبيّنا صلى الله عليه وسلم، ولا كتابَ بعد الفرقان الذي هو خير الصحف السابقة، ولا شريعةَ بعد الشريعة المحمّدية، بَيْدَ أني سُمّيتُ نبيًّا على لسان خير البريّة، وذلك أمرٌ ظِلّيٌ من بركات المتابَعة، وما أرى في نفسي خيرًا، ووجدتُ كل ما وجدتُ من هذه النفس المقدّسة. وما عَنَى اللهُ من نبوّتي إلا كثرة
المكالمة والمخاطبة، ولعنةُ الله على من أراد فوق ذلك، أو حَسِبَ نفسه شيئًا، أو أخرج عُنُقَه من الربقة النبويّة. وإنّ رسولَنا خاتَمُ النبيين، عليه انقطعت سلسلةُ المرسلين.

فليس حقُّ أحدٍ أن يدّعي النبوّة بعد رسولنا المصطفى على الطريقة المستقلّة، وما بقي بعده إلا كثرة المكالمة، وهو بشرط الاتّباع لا بغير متابَعَةِ خيرِ البريّة. وواللهِ ما حصل لي هذا المقام إلا من أنوارِ اتّباعِ الأشعّة المصطفوية، وسُمّيتُ نبيًّا من الله على طريق المجاز لا على وجه الحقيقة. فلا تهيج ههنا غيرةُ الله ولا غيرةُ رسوله، فإني أُرَبَّى تحت جناح النبيّ، وقدمي هذه تحت الأقدام النبويّة."

(الاستفتاء، الخزائن الروحانية ج22 ص 688 ،689)



وفي الأخير، نقتبس من آخر رسالة كتبها حضرته عليه السلام في حياته المباركة، وبعثها إلى جريدة "أخبار عام"، ونُشرت في هذه الجريدة نفسها يوم وفاته.

قال فيها ما تعريبه:
"لم أزل أُخبر الناس بواسطة كتبي - وها إني أكشف لهم الآن أيضًا - أنني أُتـَّهم كذبًا وزورًا بأني قد ادعيتُ النبوة بحيث لا علاقة لي بالإسلام.. وكأني أعتبر نفسي نبيًّا مستقلا بحيث لا أرى أي حاجة لاتّباع القرآن الكريم، وأتخذ لي شهادةً مستقلّةً، وقبلةً مستقلّة، وأنسخ شرع الإسلام، وأخرج عن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به! كلا، إنها لتهمة باطلة تمامًا."

(جريدة "أخبار عام" الصادرة من لاهور عدد يوم 26 مايو 1908)







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 03:37 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المحامي حازم زهور عدي
عضو أساسي ركن
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي حازم زهور عدي غير متواجد حالياً


افتراضي

http://www.alwatanvoice.com/arabic/news.php?go=show&id=54233

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8% ... 9%8A%D8%A9

http://www.alarabiya.net/articles/2006/02/04/20825.htm

الأزهر حظر تداول كتاب يحمل عنوان "كارثة الخليج والنظام العالمي الجديد" لأنه "يروج للمذهب القادياني ويتضمن خطبا لخليفة مؤسس هذا المذهب تسيء لرسول الإسلام محمد كونه يعتبر نفسه الموعود الذي بشر به رسولنا، وأنه يتلقى الوحي من الله".

وأضاف الحداد لـ"العربية.نت" أن الكتاب الذي ألفه الخليفة الرابع للمذهب مرزا طاهر أحمد ، يروّج لأفكار المذهب القادياني، وهو يقع في 287 صفحة، وجاء من خارج مصر وطلب منا مراجعته من أجل النشر".

وجاء في تقرير فحص الكتاب الصادر عن مجمع البحوث الإسلامية أن "مصر تتعرض الآن لحملات مكثفة لمثل هذه الأفكار الهدامة التي تهدف إلى زعزعة العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين وإدخالهم في دائرة البلبلة وفقدان الهوية".
وحذر التقرير من "الترويج لهذه الكتب التي تدعو لأفكار وملل باطلة تهدف لزعزعة الإيمان الصحيح، ونشر الفتن بين أبناء الإسلام".

والقاديانية مذهب ديني ظهر أواخر القرن التاسع عشر في قرية قاديان، إحدى قرى البنجاب الهندية. وتأسس المذهب على يد أحمد القادياني الذي بدأ بالدعوة للإسلام، وعنما تنامى عدد اتباعه أضفى على نفسه القداسة، وقال إن لديه القدرة على كشف الغيب والتنبؤ بأحداث المستقبل، كما تشير الدراسات والبحوث عن هذا المذهب.

وتقول معلومات تاريخية عن هذا المذهب إنه في فترة لاحقة زعم رئيسه أحمد القادياني أنه "المسيح الموعود الذي بعثه الله من جديد لتخليص العالم من آلامه وشروره"، ليعلن عام 1900 النبوة المستقلة، وقال: "إنني صادق كموسى وعيسى وداود ومحمد، وقد أنزل الله لتصديقي آيات سماوية تربو على عشرة آلاف، وقد شهد لي القرآن، وشهد لي الرسول، وقد عين الأنبياء زمن بعثتي، وذلك هو عصرنا هذا". كما أنشأ في قاديان مسجدا، جعله قبلة للحج لأتباعه بدلا من الحج إلى مكة، وأن النبوة لم تختتم بمحمد صلى الله عليه وسلم.




لماذا حظر الأزهر الكتاب؟

وأرجع ماهر الحداد قرار مجمع بحوث الأزهر حظر الكتاب إلى أمور عدديدة منها أن "هذا الكتاب مخالف لنصوص القرآن كثيرا، حيث يدعي كاتبه خليفة المذهب القادياني أنه الموعود الذي بشر به سيدنا محمد وأنه يتلقى الوحي من الله وأن الله قد شرفه بكلامه، ومن ضمن أقواله أيضا إن ربي بشرني بالعرب، وألهمني أن أريهم طريقهم وأصلح له شؤونهم. وهذا مخالف لديننا لأنه لا وحي بعد الرسول محمد. ويدعو أتباعه إلى تعاليم المسيح والإمام المهدي. نحن حظرنا الكتاب حفاظا على عقيدة أهل السنة والجماعة وما يدعو إليه الأزهر دائما منع كل ما يبلبل الفكر والعقيدة".

وأوضح "الكتاب عبارة عن خطب خليفة المذهب القادياني في أتباعه، وقبل حظره نتبع نظاما إداريا لدينا حيث يعرض الكتاب على فاحص متخصص وبعد ذلك يطالعه الفاحص ويكتب تقريره، و إذا أوصى التقرير بالمنع يحول إلى مجلس المجمع المؤلف من 38 عضوا ويعرض عليهم فيوافقوا أو لا يوافقوا ".

وتابع "مجمع بحوث الأزهر أوصى بعدم التداول وهناك جهات تنفيذية هي التي تحظر"، قبل أن يشير إلى فتوى صدرت عن الأزهر بحكم القاديانية منذ الستينات. وقال "بعد فتوى الأزهر التي اعتبرت المذهب القادياني باطلا وثورة على النبوة المحمدية والإسلام، حاول أتباع هذا المذهب هذه الأيام أن يعيدوا فتح هذا الأمر وطلبنا منهم بعض الكتب التي تبين مبادئهم وأخلاقياتهم وأسسهم فلم يحضروها".

انتشار القاديانية في العالم ..
ومؤلف الكتاب مرزا طاهر أحمد هو الخليفة الرابع للمذهب، توفي عام 2003 ، ليخلفه مرزا مسرور أحمد الذي لايزال خليفة للمذهب الذي يعرف أيضا باسم "الأحمدية" حتى اليوم.

وتسلم مرزا طاهر أحمد خلافة الجماعة القاديانية سنة 1982م ، ومن مؤلفاته: "سيرة حضرة فضل عمر"، "القتل باسم الدين"، "حقيقة عقوبة الردة في الإسلام"، "كارثة الخليج والنظام العالمي الجديد" ،"المسيحية، رحلة من الحقائق إلى الخيال"، "الإسلام والتحديات المعاصرة"، "العلاج بالمثل" و"الوحي، العقلانية، المعرفة والحق".

وحسبما يذكر الموقع الرسمي للمذهب فقد حققت القاديانية في عهد خليفتها الرابع (صاحب الكتاب) انتشارا واسعا حيث وصلت إلى أكثر من 152 بلدا، "وفي عام 1987 -كما يذكر الموقع- دخل ملكان من ملوك العشائر في نيجيريا في الجماعة الإسلامية الأحمدية".

ويضيف الموقع " زار ميرزا طاهر خلال تواجده في أوروبا معظم الدول الأوربية وأسس مراكز تبشيرية في مختلف دولها، كما سافر إلى كندا حيث وضع حجر الأساس لأول مسجد أحمدي في كندا. في عام 1988 سافر إلى أفريقيا حيث استقبل استقبالا حاشدا في كل من غامبيا وسيراليون وليبيريا وساحل العاج وغانا ونيجيريا".

وقال الموقع "تأسست في عهده أول قناة إسلامية فضائية وهي قناة التلفزيون الإسلامي الأحمدي التي تبث إلى جميع أنحاء العالم بأكثر من خمس لغات وتم إنشاؤها من تبرعات أعضاء الجماعة الإسلامية الأحمدية من جميع أنحاء العالم". توفي عام 2003.

وأما الخليفة الخامس الحالي فهو مرزا مسرور أحمد الذي عين سنة 1997م ناظرا أعلى وأميرا للجماعة في الباكستان. وفي الثاني والعشرين من نيسان (أبريل) من عام 2003 م انتُخب خليفة للجماعة.

وحاول مذهب القاديانية بث أفكاره بشكل لافت في العالم العربي من خلال إرسال شخصيات بارزة فيه للدراسات في الدول العربية على مر السنوات. ويذكر موقعهم أن من بين هؤلاء "نور الحق تنوير" الذي درس في الأزهر في الخمسينيات، و"ملك مبارك احمد" الذي درس في مصر وسوريا في أوائل الخمسينيات ، وتولى رئاسة تحرير مجلة (البشرى ) العربية في باكستان حوالي 10 سنين.



لا إله إلا الله ، أجدنى أهتف بها بعد قراءتى لأى رد من أتباع الغلام السليط الهالك ( ميرزا غلام القاديانى ) ، أتباع الغلام لا يتورعون عن الكذب الفاحش ، والتدليس الفاجر ، والتصورات الممجوجة السخيفة .
لقد استغل أتباع الغلام السليط ما يحدث للمسلمين من قبل الصليبين الحاقدين وأهل الكفر فى كل مكان من أرجاء المعمورة ، ليروجوا لفكرهم الشاذ العقيم فى زحمة هذه الأحداث وليكسبوا تأييد وتعاطف المسلمين ، والذين باتوا يتعلقون بأى شئ يستشعرون فيه أنه يقف بجانبهم أو يناصرهم ، لذلك فقد عمدت قناة أتباع الغلام الفضائية ( mta ) إلى ترويج الأفكار الهدامة المنحرفة ، والتى تدعو المسلمين إلى التخاذل والضعف والهوان بحجة أنهم مع الجهاد الدفاعى !! والحق أنهم مع الولاء للمستعمر والمحتل لأى وطن مسلم ، ويشهد غلامهم البذئ على ذلك ، والذى كان يأتيه الوحى من بريطانيا العظمى ..ليُشرع ويقنن تشريعات وقوانيين ، ما أنزل الله بها من سلطان ، فما تأمره به حكومة بريطانيا يزعم أنه وحى مقدس آتاه من السماء !!
كتب الميرزا بناءً على وحي أتاه من بريطانيا : ((ولا يجوز لمسلم أن يقاتل ضد هذه الحكومة مهما كان )) ( نور الحق )
وقال أيضاً : ((إني من أول عهد عمري إلى هذا الوقت وهو قرابة ستين عاماً اشتغل في هذا الأمر المهم بلساني وقلمي لأجذب قلوب المسلمين نحو الحكومة البريطانية العظمى، كما أبذر في قلوبهم بذور الحب الصادق والصداقة المباركة، كما أبعد وأزيل من قلوب بعض الذين لا يعقلون عقيدة الجهاد الخاطئة، التي تعكر من الصفاء وتضع العقبات في سبيل العلاقات البرئية والاخلاص مع الحكومة البريطانية )) ( تبليغ الرسالة )
ويقول الغلام الأفاق : (( رأيت فى الكشف أن الملكة المعظمة ( قيصرة الهند ) سلمها الله تجلت وتفضلت فى بيتنا فقلت لأحد من أصحابى أن الملكة المعظمة شرفتنا بكمال الحب والألفة وسكنت يومين فى بيتنا فلابد لنا أن نشكرها )) ( مكاشفات الغلام للمنظور القاديانى ص 17 )
ويقول أيضا الكذاب الفاجر : (( نحن نتحمل كل البلايا لأجل حكومتنا المحسنة وسنتحمل أيضا فى المستقبل لأنه واجب علينا أن نشكرها لاحسانها ومنتها علينا ، ولا شك نحن فداء ، بأرواحنا وأموالنا للحكومة الانكليزية ، ودوما ندعو لعلوها ومجدها سرا وعلانية )) ( آرية دهرم ص 79 و80 للغلام ) .
هذا هو النبى المزعوم .. هذا هو ربيب الاستعمار وحكومة الصليبيين البريطانية ، والباعث على الجنون أن أتباع الغلام الوقح ، يُقارنون بين خيانة ونذالة الغلام البائد وموقفه المحابى لحكومة إنجلترا ، وبين موقف المصطفى صلى الله عليه وسلم من النجاشى رضى الله عنه ، والذى كان ملكاً للحبشة وكان نصرانياً ، وشرح الله صدره للإسلام .. شتان شتان يا أتباع الغلام السليط بين موقف دجالكم وبين موقف رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم ، لم يقل الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، أنه سيفتدى النصارى بأمواله وأرواحه ، لمجرد أن ألنجاشى رضى الله عنه آوى أصحابه وأنصاره المضطهدين ، فى حين أن الدجال الهالك البائد تقاتل من أجل إثبات أنه خادم مطيع ويتفانى فى خدمة حكومة الملكة المعظمة على حد قوله ..
ويتبجح أتباع الغلام فى الرد على خيانة وعمالة دجالهم الهالك بالقول أن الإسلام كان يشهد اضهاداً من قبل الهندوس ، ولما جاء جنود القيصرة المعظمة فإنها رفعت الظلم الواقع عن الإسلام وأتباعه !!!
هل هذا السفه يدخل عقل أحداً من الناس ؟؟؟
ألا يصطدم هذا مع حقيقة قرآنية ثابتة وهى : ((وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ .... )) ( البقرة : 120 ) ؟؟؟؟
فإذا كانت حكومة بريطانيا رضيت عن الميرزا البائد فهذا دليل عظيم على أنه كان نصرانيا أى اتبع ملتهم ، فما رأى أتباع الغلام السليط ؟؟؟؟
يتبين لنا أن الغلام البائد مجرد صنيعة صليبية إنجليزية لتخدير المسلمين ، وجعلهم فريسة سهلة للمحتل الغاصب الغشوم .
ولأتباع الغلام السليط منطق عجيب جدا بل شاذ ، ها هو أحد أتباع الغلام الكذاب ، السيد (( تميم أبو دقة )) ، يحاول تسويف موقف القاديانية وعداءها للإسلام ، فيقول فى تعليق نشرته جريدة ( دنيا الوطن الإلكترونية ) حول مقال للأستاذ الدكتور (( إبراهيم محمد خان )) قائلاً : ((إن أي إنسان يتعرف على الأحمديين سيكتشف بسهولة بالغة أنهم لا دين لهم إلا الإسلام ولا كتاب لهم إلا القرآن ولا نبي لهم إلا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. وما الإمام المهدي إلا شخص من أمة محمد جاء لمهمة أنبأ بها سيدنا محمد بنفسه ويتفق عليها الغالبية العظمى من المسلمين. كل المسألة أننا نُعِّرف هذا المقام (وهو مقام الإمام المهدي والمسيح الموعود، بغض النظر عمن يشغله) بأنه مقام نبوة ونقدم الدلائل القوية على ذلك، والتي يتفق معنا فيه عدد من علماء السلف أيضا! إن من يعرفنا سيعرف بسهولة أننا نصلى صلاة المسلمين ونصوم صيامهم ونحج إلى بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة حوله ونزكي ونؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. )) !!!!!!!!
ونقول للسيد تميم : العب غيرها ، فالحقائق القاطعة تكذب ما ادعيته أنت من أقوال خاطئة كاذبة ، وسنفضح كذب السيد تميم ، من خلال أقوال القاديانية ، فمن فم أسياده القاديانيين ندينه .
يقول الخليفة الثانى : ((لا تشاركوا المسلمين في حفلات الزواج ولا غيرها، ولا تصلوا على جنائزهم، لأنه ليس لنا أي علاقة بهم، وبعد أن قطعت الروابط والصلات ولم يعد يهمنا ما يهمهم، فمن أين لنا أن نصلي على أمواتهم )) جريدة الفضل 18/6/1916م، عن القاديانية لظهير. ص39
ويقول الغلام البائد : (( إن المكفرين ومن يختار طريق التكذيب قوم هالكون، فلا يستحقون أن يصلي خلفهم أحد من جماعتي، وهل يصلي الحي وراء الميت؟ فأعلموا أنه حرام عليكم قطعياً، كما أخبرني الله أن تصلوا خلف كل مكفر أو مكذب أو متردد، وليكن أمامكم منكم وإلى هذا جاءت الإشارة في حديث البخاري "أمامكم منكم" أي عندما ينزل المسيح فعليكم أن تفارقوا جميع الفرق التي تدعي الإسلام )) تحفة لوكرة. ص28، عن موقف الأمة. ص31
ويقول أيضاً : ((هذا هو مذهبي المعروف: أنه لا يجوز لكم أن تصلوا خلف غير القاديانيين مهما يكن ومن يكن، ومهما يمدحه الناس، فهذا حكم الله وهذا ما يريده الله )) جريدة الحكم القاديانية. في 10/12/1904م، عن القاديانية لظهير. ص36.
يا سيد تميم المثل يقول : (( كذب متساوى ولا صدق منعكش )) ، وأنت لم تعرف الصدق ، ولم تتقن الكذب المتساوى فلماذا تتحدث وكأنك تخاطب طلاب رياض الأطفال ؟؟!!
أنتم لا تصلون صلاة المسلمين ، ولا تعتقدون اعتقاد المسلمين ، وخرجتم عن النص ، وابتدعتم فى الأصل ، ولن يشفع لكم صلاةً قاديانية أو زكاة وحج طالما أخللتم نظاماً فى الإسلام ، وهو ختم النبوة بمحمداً صلى الله عليه وسلم
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :
(( إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي)) رواه الترمذي.
وأيضاً : ((وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "كانت بني إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي، خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي" صحيح البخاري.))
وليس معنى بعث عيسى عليه السلام أن هذا يصطدم مع الحديث الشريف بأنه لا نبى بعد المصطفى ، ذلك أن عيسى نبى الله حقاً ، وأتى قبل الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فما يقصده المصطفى هو أمثال دجالكم البائد الغلام السليط .
وعن دجالكم الكذاب يقول المصطفى محذراً منه ومن غيره : ((لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله )) صحيح البخاري وصحيح مسلم
وأيضاً : (( إنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي )) صحيح مسلم .
ماذا بعد هذا يا سيد تميم ؟؟
أما زلت تعتقد بنبوة هذا الغلام المدعى الفاجر ؟؟
إذا يا عزيزى لا تقل أنك مسلم ، بل قل أنك قاديانى ، لأننا لا نعتقد بنبوة بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم ، أو أى مسمى ممكن تطلقه على نبيك الدجال ، وكان بودنا أن نعرف من هم علماء السلف الذين شهدوا للغلام السليط بالنبوة ؟؟!!
يقول الأستاذ تميم أبو دقة : ((أما القاعود، فهو كان قد اتصل بالجماعة وبالأستاذ مصطفى ثابت تحديدا بعد أن أُعجب ببرنامج أجوبة عن الإيمان،وقام بنفسه بنشر هذه الحلقات في مواقع عديدة. ثم ما أن علم أن الأستاذ مصطفى أحمدي تناسى كل شيء وتحول للتحالف مع العطار! ))
وأقول نعم يا عزيزى أنا من بادر بالاتصال بالأستاذ مصطفى ثابت ، وأُعجبت ببرنامجه ولا أزال معجباً به ، فليس معنى الاختلاف الفكرى أو العقائدى أن أذم الأشخاص لمجرد اختلافهم معى ، وأجحدهم فضلهم وحقهم ، وإن كانت هناك بعض الأمور التى لم ترق لى فى ردود الأستاذ ثابت مثل نظرية الإغماء وغيرها من الأفكار التى تولدت لديه من الفكر الأحمدى القاديانى ، وقد قمت بنشر حلقات البرنامج على نطاق واسع لأنى رأيت بها خيراً كثيراً يخدم قضيتنا فى الرد على حقراء النصارى الذين يتطاولون بالليل والنهار على شريعة الإسلام الغراء ، لكن ليس معنى هذا أن أقول لأتباع الغلام البائد آمين فى كل شئ ، لا وألف لا يا سيد تميم ، إنكم بهذا تفعلون فعل زكريا بطرس ، حينما يُبشر بالنصرانية ولكن عن طريق نقد الإسلام ، وأنتم كذلك تُبشرون بالقاديانية عن طريق نقد النصرانية ، فتجذبوا أنظار المشاهد للردود على زكريا بطرس ، ثم تحدثونه عن الغلام رسول الله !!!
ويُشير السيد تميم إلى تحالف بينى وبينى الأستاذ الفاضل / فؤاد العطار والذى حطم أسطورة هذا الميرزا الدجال الكذاب ، وأقول للسيد تميم إن تحالفاً من أجل فضح عقيدة ضالة أفضل من الانسياق وراء دجال .
ويقول السيد تميم : ((. فقد أقتبس القاعود بعض المقاطع من رد لي على سؤال حول التكفير والفرقة الناجية وتعمد القفز عن بعض الجمل والاقتطاع لقد يشوه الفكرة. وبهذا فقد تعمد ارتكاب تشويه مقصود وخان الأمانة العملية. ويكفي للقارئ أن يراجع موقعنا ليطلع على ما قلت كاملا ليكتشف أنه يخالف ما أراد القاعود الإيحاء به. هذا بالإضافة إلى أنه قد ذكر بعض الأمور التي لم نقل بها مطلقا في يوم من الأيام مثل (ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) بأنها تعني الإمام المهدي!! ولا أدري من أين حصل على هذه الفكرة؟! وللقارئ أن ينتبه أنه لم يذكر المصادر في غالبية ما كتب.))
ونقول يا سيد تميم لما هذا الكذب والافتراء ؟؟؟
أنت تقول بالحرف الواحد : ((نعم نحن الفرقة الناجية الوحيدة وباقى الجماعات الإسلامية على ضلال )) فهل عدلت عن رأيك ؟؟؟
ما علاقة ما قبل أو بعد كلامك ، بقولك بنجاة الأحمدية فقط ؟؟
أم أنك عدلت عن رأيك لتقول أن جميع الفرق الإسلامية ناجية ؟؟!!!
لماذا هذا الكذب المفضوح ؟؟ أتعتقد أنك بهذا الكذب ستُزيد مجد الغلام الهالك ، كما يقول بولس أنه سيزداد مجد الله بكذبه ؟؟!!
وهل يا سيد تميم إذا راجع القراء موقعكم سيجدوا فيه أنك تقول : (( نعم أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية الوحيدة وباقى الجماعات الإسلامية على ضلال ) ؟؟!!!
ما هذا العبث ؟؟؟
تقول يا سيد تميم أنى ذكرت بعض الأمور التى لم تقل بها الأحمدية على الإطلاق فى يوم من الأيام ، واستشهدت بتعليقى حول : ((وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ )) ولا أعلم يا سيد تميم أتقول هذا عن جهل أم عن كذب واضح ؟؟؟
إذا كنت تدرى يا سيد تميم فتلك مصيبة ، وإن كنت لا تدرى فالمصيبة أعظم .
لو أنك يا سيد تميم راجعت تفسير (( مالك غلام فريد )) والذى يؤول فيه القرآن الكريم وفق مزاجه الشخصى ، لما سألت مثل هذا السؤال وأحرجت نفسك .
يقول مالك غلام فريد معلقا على الآية السابقة : (( هذه النبؤة يمكن أن تشير إلى غلام أحمد القاديانى بوصفه المجئ الثانى للرسول ( محمد عليه الصلاة والسلام ) ، وبخاصة أن النبى القاديانى هو أيضاً اسمه غلام أحمد )) ( تفسير مالك غلام فريد : مكتوب بالإنجليزية ، طبعة 1981م ص 1207 – 1208 / ه 3037 ) .
ويقول مالك غلام فريد : (( إننا إذا فهمنا هذه الآية على أنها نبؤة فى حق غلام أحمد يكون معنى قوله تعالى فى الآية التالية : ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) أن المسيح الموعود سوف يُدعى من قبل أولئك المسمّمين ب " المدافعين " عن الإسلام " إلى التوبة فيُصبح مسلماً مثلهم ، بعدما خرج عن الإسلام بادعائه النبوة )) ( تفسير مالك غلام فريد : ص 1208 / ه 3038 )
أرأيت يا سيد تميم أنك تُضحك القراء عليك إذ تكذبنى فتأتى أقوال أسيادك القاديانيين لتفضح تهافت ما رميتنى به ؟؟؟
يا سيد تميم إن كنت تشك فى مصادرى فرجاء تكذيبى أمام القراء ، بدلا من إلقاء التهم دون سند أو دليل .
إن الأحمدية القاديانية فرقة ضالة ومنحرفة ، تبشر بغلامها عن طريق كسب ود السذج والبسطاء والذين يعتقدون أن رد الأحمدية على النصارى عمل خارق للعادة ، والدليل أنهم لا يقصدون من مهاجمة النصرانية سوى التبشير بالغلام أنهم – ومنهم السيد تميم أبودقة – يرون فى ردودى على القمص زكريا بطرس أقوالاً فاحشة ، هكذا قالوا .. إنهم يريدون منا أن ندير خدودنا اليسرى بعد أن يصفع زكريا بطرس اليمنى ، زكريا بطرس يطعن فى السيدة عائشة رضى الله عنها ويسب الرسول بأقذع الألفاظ وأتباع الغلام يتحسبون لإيذاء مشاعر القمص العاهر الفاحش !!
تناسوا أن القرآن الكريم يقول : ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) ( التوبة : 61 )
وأيضاً : ((الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا )) ( الأحزاب : 57 )
وأيضاً : ((وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ )) ( النحل : 126 )
هذه هى أقوالنا الحقة فى الرد على تميم أبودقة ، وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا الأعظم الصادق الأمين وصحابته الغر الميامين وآله الطيبين وسلم تسليماً كثيراً
محمود القاعود فى 24 – 8 – 2006م



ادى اعلان حركة فتح عن ترشيح ابو مازن لمنصب الرئاسة الى توزيع نص الفتوى التي صدرت عن الازهر الشريف بتكفير البهائيين خاصة وان الفلسطينيين يقولون ان ابو مازن بهائي الديانة وانه يتوجه في صلاته الى عكا وليس الى مكة والبهائية فرقة دينية منحرفة وفقا لبيان الازهر الشريف ووفقا لما يقولوه الفلسطينيون فانه لا يعقل ان يكون اول رئيس فلسطيني والمخول بالتفاوض على القدس بهائيا .

والبهائية كما تقول مواقع اسلامية على الانترنيت هي نحلة شيعية رافضية أسسها أحد كبار أئمة الشيعة في إيران، و قد قامت على أساس أنه ليس لله وجود مطلق بأسمائه وصفاته التي وصف بها نفسه في كتب أنبيائه بل إن وجوده تعالى مفتقر إلى مظاهر أمره الذين جاؤوا - بزعمهم - ليبشروا بمظهره الأبهى الذي لقبوه ببهاء الله ( اسمه حسين علي المازندراني ) . فبهاء الله هو الرب الذي بشرت به الديانات كلها وهو المشرع العلى الذي تنبأت بظهوره البوذية والبرهمية واليهودية والمسيحية والإسلامية وكل هذه الديانات وغيرها كانت - بزعمه وزعمهم - مقدمات لظهوره . والبهاء هو مظهر صفات الله فهو المتصف بها من دون الله وهو مصدر أفعال الله فهو فاعلها من دون الله.

ويقولون كما أن الإسلام نسخ الديانات السابقة فالبهائية نسخت الإسلام وكل الأديان كانت ناقصة وبدائية وإنما جاءت لتُكمَّل بدين البهاء الكامل ومع ذلك فإن البهاء يتظاهر باحترام الأديان الخرى ليقول لأتباعها : إن دياناتكم جاءت لتبشر بقيامي . ولقد نسبت إلى ربهم كتب يؤمنون بأنها هي وحي الله ومنها - ولعله أولها - كتاب (إيقان) الذي طبعه محفلهم المركزي في مصر سنة 1352هـ وهو في 200 صفحة ويقول عنه أعظم دعاتهم الجرفادقاني في رسالته الثانية من مجموعة رسائله المطبوعة بمطبعة السعادة بالقاهرة ص 36 عند كلامه على المعاد والرجعة :
( إن إرادة حضرة المحبوب لازالت أقطار الأرض منروة بأنواروجهه ورياض العالم مزينة بأزهار أمره ...... فعليك بالاعتراف من معين ( الإيقان ) الذي جرى من قلم الرحمن هذه الزمان ...... به فك ختم النبيين ( أي بطل به كون محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ) .ومن العجيب أن كتاب ( إيقان ) هذا يتنازعه البهاء المازندراني وأخوه المخالف له يحيى المازندراني فكل منهما يدعيه لنفسه .

وبعد أن مات بهاء الله خلفه من بعده ابنه الملقب بـ( عبد البهاء ) الذي روجت له وسائل الإعلام الغربية وعقدت له الندوات الصحفية والتي كشف فيها عن هويته الصليبية اليهودية وراح يدعو للخلفاء ضد الخلافة الإسلامية ، وقد كشفت البهائية عن صلتها الجذرية بالصهيونية عندما عقد في إسرائيل سنة 1968 المؤتمر البهائي العالمي فقد كانت مقررات هذا المؤتمر هي بعينها أهداف الماسونية والصهيونية وحينما مات ( عبد البهاء ) لم يسر في جنازته إلا حاكم القدس الصهيوني وعدد من اليهود . وقد تولى أمر البهائية بعده صهيوني أمريكي يدعى ( ميسون ) ليكون رئيساً روحيا لهذه الطائفة في العالم كله وفقا لما نشرته مواقع اسلامية على الانترنيت.

ومن بعض تعاليمهم : أن جميع الاديان صحيحة وأن التوراة والإنجيل غير محرفين ولا بد من توحيد جميع الأديان في دين واحد هو البهائية وترك دين الإسلام . ومن تعاليمهم أيضاً رفض حقائق الشريعة والعبادات الإسلامية من الصلاة والصيام والزكاة والحج والقصاص والجهاد .....
فالصلاة عندهم تسع ركعات عند الزوال وفي البكور والقبلة عندهم ( عكا ) وصلاة الجماعة ممنوعة إلا على الميت والحج لا يكون إلى مكة بل إلى شيراز مولد مؤسس الفرقة أو إلى عكة التي فيها قبر الميرزا حسين المازندراني . . والله المستعان .(وهذه النقولات من كتاب البهائية للكاتب الإسلامي محب الدين الخطيب رحمه الله ، باختصار)

أبرز الشخصيات البهائية

- أسسها الميرزا علي محمد رضا الشيرازي 1235_1266 ( 1819 _ 1850 م ) .
- في عام 1259 م ذهب إلى بغداد وبدأ يرتاد مجلس إمام الشيخية في زمانه كاظم الرشتي ويدرس أفكاره وآراء الشيخية . وفي مجالس الرشتي تعرف عليه الجاسوس الروسي كينازد الغوركي والمدعي الإسلام باسم عيسى النكراني والذي بدأ يلقي في روعهم أن الميرزا علي محمد الشيرازي هو المهدي المنتظر والباب الموصل إلى الحقيقة الإلهية والذي سيظهر بعد وفاة الرشتي وذلك لما وجده مؤهلاً لتحقيق خطته في تمزيق وحدة المسلمين . - في ليلية الخميس 5 جمادى الأولى 1260 ه‍ _ 23 مارس 1844مأعلن أنه الباب نسبة إلى ما يعتقده الشيعة الشيخية من ظهوره بعد وفاة الرشتي المتوفى 1259 ه‍ وأنه رسول كموسى وعيسى ومحمد - عليهم السلام - أفضل منهم شأناً . - فآمن به تلاميذ الرشتي وانخدع به العامة واختار ثمانية عشرة مبشراً لدعوته أطلق عليهم حروف الحي إلا أنه في عام 1261 ه‍ قبض عليه فأعلن توبته على منبر مسجد الوكيل بعد أن عاث وأتباعه في الأرض فساداً وتقتيلاً وتكفيراً للمسلمين . - في عام 1266 ه‍ ادعى الباب حلول الإلهية في شخصه حلولاً مادياً وجسمانياً، لكن بعد أن ناقشه العلماء حاول التظاهر بالتوبة والرجوع ، ولم يصدقوه فقد عرف بالجبن والتنصل عند المواجهة . وحكم عليه بالإعدام هو والزنوزي وكاتب وحيه حسين اليزدي الذي تاب وتبرأ من البابية قبل الإعدام فأفرج عنه وذلك في 27 شعبان سنة 1266 ه‍ _ 8 يوليو 1850 م .

- قرة العين واسمها الحقيقي أم سلمى ولدت في قزوين سنة 1231 ه‍ أو 1233 ه‍ أو 1235 ه‍ للملا محمد صالح القزويني أحد علماء الشيعة ودرست عليه العلوم ومالت إلى الشيخية بواسطة عمها الأصغر الملا علي الشيخي وتأثرت بأفكارهم ومعتقداتهم ، ثم رافقت الباب في الدراسة عند كاظم الرشتي بكربلاء حتى قيل إنها مهندسة أفكاره. - في رجب 1264 ه‍ اجتمعت مع زعماء البابية في مؤتمر بيدشت وكانت خطيبة القوم ومحرضة الأتباع على الخروج في مظاهرات احتجاج على اعتقال الباب ، وفيه أعلنت نسخ الشريعة الإسلامية .

- اشتركت في مؤامرة قتل الشاه ناصر الدين القاجاري فقبض عليها وحكم بأن تحرق حية ولكن الجلاد خنقها قبل أن تحرق في اول ذي القعدة 1268 ه‍ الموافق 1852 م .

- الميرزا يحي علي : أخو البهاء والملقب بصبح أزل ، أوصى له الباب بخلافته وسمي أصحابه بالأزليين فنازعه أخوه الميرزا حسين البهاء في الخلافة ثم في الرسالة والإلهية وحاول كل منهما دس السم لأخيه . ولشدة الخلافات بينهم وبين الشيعة تم نفيهم إلى أدرنة بتركيا في عام 1863 م حيث كان يعيش اليهود ، ولاستمرار الخلافات بين أتباع صبح أزل وأتباع البهاء نفى السلطان العثماني البهاء واتباعه مع بعض اتباع أخيه إلى عكا ونفى صبح أزل مع اتباعه إلى قبرص حتى مات ودفن بها في 29 إبريل 1912 م صباحاً عن عمر يناهز 82 عاما أوصى بالخلافة لابنه الذي تنصر وانفض من حوله الأتباع .

- الميرزا حسين علي الملقب بهاء الله المولود 1817م نازع أخاه خلافة الباب وأعلن في بغداد أمام مريديه انه المظهر الكامل الذي أشار إليه الباب وانه رسول الله الذي حلت فيه الروح الإلهية لتنهي العمل الذي بشر به الباب وان دعوته هي المرحلة الثانية في الدورة العقائدية .

- حاول قتل أخيه صبح أزل ، وكان على علاقة باليهود في أدرنة بسالونيك في تركيا والتي يطلق عليها البهائيون أرض السر التي ارسل منها إلى عكا فقتل من أتباع أخيه صبح أزل الكثير ، وفي عام 1092 م قتله بعض الأزليين ودفن بالبهجة بعكا وكانت كتبه تدعو للتجمع الصهيوني على أرض فلسطين .

- عباس أفندي : الملقب ب‍ـ عبد البهاء ولد في 23 مايو 1844 م نفس يوم إعلان دعوة الباب ، أوصى له والده البهاء بخلافته فكان ذا شخصية جادة لدرجة أن معظم المؤرخين يقولون بأنه : لولا العباس لما قامت للبابية والبهائية قائمة ، ويعتقد البهائيون أنه معصوم غير مشرع ، وكان يضفي على والده صفة الربوبية القادرة على الخلق .

- زار سويسرا وحضر مؤتمرات الصهيونية ومنها مؤتمر بال 1911 م وحاول تكوين طابور خامس وسط العرب لتأييد الصهيونية ، كما استقبل الجنرال اللنبي لما أتى إلى فلسطين بالترحاب لدرجة أن كرمته بريطانيا بمنحه لقب سير فضلاً عن أرفع الأوسمة الأخرى .

- زار لندن وأمريكا وألمانيا والمجر والنمسا والإسكندرية للخروج بالدعوة من حيز الكيان الإسلامي فأسس في شيكاغو أكبر محفل للبهائية ، رحل إلى حيفا 1913 م ثم إلى القاهرة حيث هلك بها في 1921 م / 1340 ه‍ بعد أن نسخ بعض تعاليم أبيه وأضاف إليها من العهد القديم ما يؤيد أقواله .

- شوقي أفندي : خلف جده عبد البهاء وهو ابن الرابعة والعشرين من العمر في عام 1921 م / 1340 ه‍ وسار على نهجه في إعداد الجماعات البهائية في العلم لإنتخاب بيت العدالة الدولي ، ومات بلندن بأزمة قلبية ودفن بها في أرض قدمتها الحكومة البريطانية هدية للطائفة البهائية .

- في عام 1963 م تولى تسعة من البهائيين شؤون البهائية بتأسيس بيت العدالة الدولي من تسعة أعضاء أربعة من أمريكا ، واثنان من إنجلترا وثلاثة من إيران وذلك برئاسة فرناندو سانت ثم تولى رئاستها من بعده اليهودي الصهيوني ميسون الأمريكي الجنسية. أهم العقائد

- يعتقد البهائيون أن الباب هو الذي خلق كل شيء بكلمته وهو المبدأ الذي ظهرت عنه جمع الأشياء .

- يقولون بالحلول والاتحاد والتناسخ وخلود الكائنات وان الثواب والعقاب إنما يكونان للأرواح فقط على وجه يشبه الخيال .

- يقدسون العدد 19 ويجعلون عدد الشهور 19 شهراً وعدد الأيام 19 يوماً ، وقد تابعهم في هذا محمد رشاد خليفة حين ادعى قدسية خاصة للرقم 19 ، وحاول إثبات أن القرآن الكريم قائم في نظمه من حيث عدد الكلمات والحروف على 19 .

- يقولون بنبوة بوذا وكنفوشيوس وبراهما وزاردشت وأمثالهم من حكماء الهند والصين والفرس الأول .

- يوافقون اليهود والنصارى في القول بصلب المسيح .

- يؤولون القرآن تأويلات باطنية ليتوافق مع مذهبهم .

- ينكرون معجزات الأنبياء وحقيقة الملائكة والجن كما ينكرون الجنة والنار .

- يحرمون الحجاب على المرأة ويحللون المتعة وشيوعية النساء والأموال .

- يقولون إن دين الباب ناسخ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم .

- يؤولون القيامة بظهور البهاء ، أما قبلتهم فهي إلى البهجة بعكا بفلسطين بدلاً من المسجد الحرام .

- والصلاة تؤدي في تسع ركعات ثلاث مرات والوضوء بماء الورد وإن لم يوجد فالبسملة بسم الله الأطهر الأطهر خمس مرات .

-

لا توجد صلاة الجماعة إلا في الصلاة على الميت وهي ست تكبيرات يقول كل تكبيرة (الله أبهى).

- الصيام عندهم في الشهر التاسع عشر شهر العلا فيجب فيه الامتناع عن تناول الطعام من الشروق إلى الغروب مدة تسعة عشر يوماً ( شهر بهائي ) ويكون آخرها عيد النيروز 21 آذار وذلك من سن 11 إلى 42 فقط يعفى البهائيون من الصيام .

- تحريم الجهاد وحمل السلاح وإشهاره ضد الأعداء خدمة للمصالح الاستعمارية .

- ينكرون أن محمداً - خاتم النبيين مدعين استمرار الوحي وقد وضعوا كتباً معارضة للقرآن الكريم مليئة بالأخطاء اللغوية والركاكة في الأسلوب .

- يبطلون الحج إلى مكة وحجهم حيث دفن بهاء الله في البهجة بعكا بفلسطين .

البهاء من رحم الباب خرج وأفسد

في قرية "نور" محمد نواحي "مازندران" بإيران ولد "حسين علي بن عباس بزرك"، الملقب بالبهاء مؤسس البهائية. كان أبوه موظفا كبيرا في وزارة المالية، ومن أسرة يشغل أبناؤها المناصب المهمة في المصالح والوزارات الحكومية.

لم يتلق "حسين علي" تعليما نظاميا في مدرسة أو معهد، وإنما عهد به أبوه إلى من يعلمه في المنزل، ولما نال قسطا من التعليم اعتمد على نفسه في المطالعة والقراءة، فقرأ كتب الصوفية والشيعة، وشغف بقراءة كتب فرقة الإسماعيلية، وكتب الفلاسفة القدماء، وتأثر بأفكار بعض الأديان الوضعية كالبرهمية، والبوذية والزرادشتية، واشتهر بالقدرة على المناظرة والجدل.

الالتقاء بـ"الباب"

وفي سنة (1260هـ = 1844م) انضم حسين علي إلى دعوة الميرزا "علي محمد الشيرازي" المعروف بـ"الباب" الذي ادَّعى النبوة والرسالة، والتفّ حوله الأتباع والدعاة من غلاة الباطنية، وكان "حسين علي" من بين هؤلاء الدعاة.

وقد بدأت الدعوة البابية في الانتشار، مستغلة سوء نظام الحكم في فارس، والجهل بأحكام الدين وحقائق الإسلام، كما أنها نشرت دعوتها سرا ولم تواجه الناس بحقيقتها. ولما شاع أمر "البابية" قبضت الحكومة الإيرانية على الميرزا علي محمد الشيرازي، وأودعته قلعة "ماه كو" في "أذربيجان" وذلك في (ربيع الآخر 1263هـ = مارس 1847م) غير أن هذا لم يمنع أتباعه من زيارته في سجنه والاجتماع به، وبدءوا يجهرون بالدعوة بعدما كانوا يكتمونها عن عامة الناس، واستعدوا لعقد مؤتمر يجتمع فيه أقطاب البابية لبحث إمكانية تخليص الباب من سجنه، وإعلان نسخ الشريعة الإسلامية بظهور "الباب" وإبطال العمل بها.

وفي هذا المؤتمر الذي عقد في صحراء "بدشت" بإيران في (رجب 1264هـ= يونيه 1488م) برز اسم "حسين علي"، حيث استطاع أن يؤثر في الحاضرين بهذه الفكرة الخبيثة، وأن يُلقَّب نفسه باسم "بهاء الله".

اشترك "البهاء حسين" في عملية اغتيال الملك "ناصر الدين" شاه إيران، ولما فشلت المؤامرة فر إلى السفارة الروسية التي حمته ولم تسلمه إلى السلطات الإيرانية إلا بعدما اطمأنت أنه لن يُعدم، وبعد أن اعتقل فترة نفته حكومة الشاة إلى بغداد في (جمادى الآخرة 1269هـ = إبريل 1853م) مع أخيه "الميرزا يحيى"، المعروف بـ"صبح الأزل" الذي تجمعت حوله البابية بعد مقتل الميرزا علي محمد الشيرازي بوصية منه.

وفي بغداد أصبح "البهاء حسين" وكيلا عن أخيه يحيى صبح الأزل ونائبا عنه في تصريف أمور البابية، لكنه بدأ في تنفيذ خطة للاستقلال بالزعامة، والاستئثار بالأمر دون أخيه، فحجبه عن الناس بحجة أن ذاته مقدسة لا تغيب عن الأحباب، وإن كانوا لا يرونها، وبهذه الحيلة وثق صلته بالأتباع الذين ضعف ارتباطهم بيحيى شيئا فشيئا، وفي الوقت نفسه قرَّب إليه نفرا من الأتباع المخلصين، وتخلص من الشخصيات الكبيرة التي يخشى منافستها.

إبعاد ولكن..

وفي أثناء ذلك طلبت الحكومة الإيرانية من دولة الخلافة العثمانية نقل البابيين إلى مكان بعيد عن الحدود الإيرانية لخطورتهم على أهالي إيران، فنُقلوا جميعا إلي إستانبول في (ذي القعدة 1279هـ = إبريل 1863م)، وأقام البهاء حسين في حديقة نجيب باشا خارج المدينة اثنى عشر يوما قبل الرحيل إلى "أدرنة"، وخلال هذه المدة أعلن البهاء دعوته في نطاق ضيق من أتباعه، وفي سرية تامة، حتى لا يعلم أخوه يحيى بذلك، وزعم أنه هو الوريث الحقيقي للباب علي محمد الشيرازي.

ثم نقلوا جميعًا إلى أدرنة بعد أربعة أشهر، ومكثوا هناك نحو أربع سنوات ونصف، قام البهاء خلالها بنشر دعوته بين عامة الناس، فالتف حوله مجموعة من الأتباع سموا بالبهائية، على حين بقيت مجموعة أخرى تتبع أخاه فسميت بالأزلية أو البابية، وأدى هذا بطبيعة الحال إلى وقوع الخلاف بين الأخوين، وأن يكيد كل منهما للآخر، ويحاول التخلص منه، ووصل الحال بينهما إلى أن يقوم البهاء بدس السم لأخيه.

ولما أدركت الدولة العثمانية خطورتهما على الناس قررت نفيهما، فنفت "يحيى صبح الأزل" إلى قبرص، وظل بها حتى توفي، في حين نفت "البهاء حسين" إلى عكا ومعه بعض أتباعه فنزل بها سنة (1285هـ = 1868م)، وهناك لقي حفاوة من اليهود فأغدقوا عليه الأموال، وأحاطوه بالرعاية والأمن، وسهلوه له الحركة، على الرغم من صدور الفرمانات من الباب العالي بمنع تجوله وخروجه إلى الناس أو اتصالهم به، وأصبحت عكا منذ هذا التاريخ مقرا دائمًا للبهائية، ومكانا مقدسا لهم.
ضريح البهاء

وفي عكا بذل البهاء جهدا كبيرا في نشر دعوته وكسب الأنصار والأتباع، مطمئنا إلى حمايته، فأعلن حقيقة شخصه، وأبطل ما كان يدعيه "الباب" حتى انسلخ هو وأتباعه من شريعة الباب، ولم يبق من كلامه إلا ما كان فيه إشارة أو إيماءة تبشر بمقدم البهاء، ولم يكتف بادعاء النبوة، بل تجاوزها إلى ادعاء الألوهية، وأنه القيوم الذي سيبقى ويخلد، وأنه روح الله، وهو الذي بعث الأنبياء والرسل، وأوحى بالأديان، وزعم أن الباب لم يكن إلا نبيا مهمته التبشير بظهوره.

وجعل البهاء الصلاة ثلاث مرات: صبحا وظهرا ومساء، في كل مرة ثلاث ركعات، وأبطل الصلاة في جماعة إلا في الصلاة على الميت، وقصر الوضوء على غسل الوجه واليدين وتلاوة دعاءين قصيرين. وحدد شهر الصوم بتسعة عشر يوما من كل عام الذي هو عنده تسعة عشر شهرا. ويكون الصوم في شهر "العلاء" (21:2 مارس) وهذا الشهر هو آخر الشهور البهائية. وجعل الحج إلى مقامه في "عكا" وهو واجب على الرجال دون النساء، وليس له زمن معين أو كيفية محددة لأدائه، كما غيّر في أحكام الزواج والمواريث وبدل في أحكام العقوبات، وفرض نوعا من الضرائب على أتباعه لتنظيم شئونهم تقدر بنسبة (19%) من رأس المال وتدفع مرة واحدة فقط.

وكان من تعاليم "البهاء" إسقاط تشريع الجهاد وتحريم الحرب تحريما تاما، ومصادرة الحريات إلا حرية الاستماع إلى تعاليم البهاء، وإلغاء فكرة الأوطان تحت دعوى فكرة الوطن العام، والدعوة إلى وحدة اللغة التي لم تكن إلا وسيلة خادعة لفصل الأمم عن تراثها، وبخاصة الأمة الإسلامية حتى تنقطع عن كتابها وتاريخها.

وترك البهاء عدة كتب منها "الإيقان" و"مجموعة اللوائح المباركة" و"الأقدس" وهو أخطر كتب البهاء حيث ادعى أنه ناسخ لجميع الكتب السماوية بما فيها القرآن.

وأصيب البهاء في آخر حياته بالجنون، فاضطر ابنه عباس إلى حبسه حتى لا يراه الناس، وتحدث باسمه إلى أن هلك في (2 من ذي القعدة 1309هـ = 1892م) وخلفه ابنه "عباس عبد البهاء" في رئاسة البهائية.

وفيما يلي نص بيان من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف عن: البهائية والبهائيين وهو منشور في موقع اسلام اون لاين الذي يديره يوسف القرضاوي

القاهرة- صبحي مجاهد- إسلام أون لاين. نت/ 15-12-2003
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه...

وبعد:

فقد ظهرت البابية أو البهائية في بلاد فارس بدعة نشرها نفر من الخارجين على الإسلام، بل وعن سائر الديانات السماوية الأخرى. وقد حمل وزرها رجل يدعى: "ميرزا علي محمد الشيرازي" الذي أطلق على نفسه لقب (الباب) أي الواسطة الموصلة إلى الحقيقة الإلهية، وكان هذا اللقب من قبل شائعا عند الشيعة التي ظهرت بينها هذه البدعة مأخوذة من حديث الترمذي: "أنا مدينة العلم وعلي بابها".

ومن ثم أطلق على هذه البدعة (البابية).

ثم كان من خلفاء هذا المبتدع رجل اسمه (حسين نوري) أطلق على نفسه لقب (بهاء الله) وأطلق على هذه البدعة اسم (البهائية).

وكان من آخر زعمائها وأشهرهم (عباس أفندي عبد البهاء) المتوفى عام 1923 ثم (شوقي أفندي الرباني) المتوفى عام 1957. ولقد كان مصير صاحب هذه البدعة الأول القتل في عام 1850م بمعرفة الحكومة الإيرانية القائمة في ذلك الوقت. استجابة لآراء العلماء والفقهاء الذين أفتوا بردته عن الإسلام.

كما نفت حكومة إيران خليفته ميرزا (حسين علي نوري) إلى تركيا حيث انتقل إلى أرض فلسطين ومات فيها ودفن في حيفا عام 1892م.

والبابية أو البهائية فكر خليط من فلسفات وأديان متعددة، ليس فيها جديد تحتاجه الأمة الإسلامية لإصلاح شأنها وجمع شملها، بل وضح أنها تعمل لخدمة الصهيونية والاستعمار، فهي سليلة أفكار ونحل ابتليت بها الأمة الإسلامية حربا على الإسلام وباسم الدين.

ومبادئ هذه البدعة كلها منافية للإسلام ومن أبرزها:

1- القول بالحلول بمعنى: أن الله سبحانه وتعالى بعد ظهوره في الأئمة الاثنى عشر وهم أئمة الشيعة ظهر في شخص اسمه (أحمد الأحسائي) ثم في شخص الباب ثم في أشخاص من تزعّموا هذه الدعوة من بعده.

ولقد ادعى "بهاء الله" أولا: أنه الباب، ثم ادعى أنه الهدى، ثم ادعى النبوة الخاصة، ثم ادعى النبوة العامة، ثم الألوهية. وذلك كله باطل ومخالفة صريحة لنص القرآن الكريم.

فالله سبحانه منزه عن المكان وبالتالي عن الحلول، وادعاء النبوة تكذيب للقرآن الكريم أو جحود له إذ قال سبحانه (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله وخاتم النبيين).

2 - جحود البهائيين (يوم القيامة) المعروف في الإسلام، ويقولون إن المراد به ظهور المظهر الإلهي، وأن الجنة هي الحياة الروحانية. وأن النار هي الموت الروحاني.

3 - ادعاء بعضهم نزول الوحي عليهم وأن بعضهم أفضل من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ووضعهم كتبا تعارض القرآن، وادعاء أن إعجازها أكبر من إعجاز القرآن.

وتلك قضايا يضللون بها الناس، ويصرفونهم عما جاء به القرآن في شأن كل أفاك أثيم.

4 - ادعاء أن بدعتهم هذه بتطوراتها منذ نشأت ناسخة لجميع الأديان.

5 - الإسراف في تأويل القرآن والميل بآياته إلى ما يوافق مذهبهم، حتى شرعوا من الأحكام ما يخالف ما أجمع عليه المسلمون من ذلك أنهم:

1 - جعلوا الصلاة تسع ركعات والقبلة حيث يكون بهاء الله. وهم يتجهون إلى حيفا بدلا من المسجد الحرام مخالفين قول الله سبحانه: "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره".

إذ صارت قبلة المسلمين هذه أمرا معلوما من الدين بالضرورة لا يحل لمسلم إنكاره أو التحول عن هذه القبلة، وكذلك عدد الصلوات ومواقيتها وركعاتها وسجداتها وما يتلى فيها من القرآن، وما يبدي فيها من دعاء كل ذلك مجمع عليه من المسلمين بعد ثبوته ومعلوم من الدين بالضرورة.

2 - إبطال الحج إلى مكة، وحجهم حيث (بهاء الله) إلى حيفا مخالفين بهذا صريح القرآن الكريم في شأن فريضة الحج.

3 - تقديسهم العدد 19 ووضع تفريعات كثيرة عليه فهم يقولون: الصوم تسعة عشر يوما بالمخالفة لنصوص القرآن في الصوم وأنه مفروض به صيام شهر رمضان.

ويقولون: إن السنة تسعة عشر شهرا، والشهر تسعة عشر يوما، مخالفين قول الله سبحانه: "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض" وقول الله تعالى: "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج" ومخالفين الأمر المحسوس المحسوب أن الشهر القمري إما تسعة وعشرون يوما وإما ثلاثون يوما، وهو أيضا ما أنبأ به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

4 - إلغاؤهم فريضة الجهاد ضد الأعداء الثابتة بصريح القرآن، وصحيح السنة النبوية ودعوتهم هذه قضاء على الأمة الإسلامية، بل وعلى كل دولة من دولها. إذ في الاستجابة لها قضاء على روح الكفاح ودعوة إلى الاستسلام للمستعمرين والمغامرين، وهذا ما يؤكد انتماءهم للصهيونية العالمية، بل وإنهم نبت يعيش في ظلها وبأموالها وجاهها.

مقاومة المجتمع الإسلامي لهذه البدعة:

لقد عارض الشعب الإيراني وعلماؤه وحكومته هذه البدعة حين ظهورها، وناظروا مبتدعها الأول (الباب) وحكم عليه بالردة وأعدم في تبرير في شهر يولية سنة 1850.

وحين وفدت هذه البهائية إلى مصر قاومتها كل السلطات على الوجه التالي:

أولا:

1 - أفتى الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر يكفر (ميرزا عباس) زعيم البهائيين ونشرت هذه الفتوى في جريدة مصر الفتاة في 27-12-1910 بالعدد 692.

2 - صدر حكم محكمة المحلة الكبرى الشرعية في 30-6-1946 بطلاق امرأة اعتنق زوجها البهائية باعتباره مرتدا.

3 - أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر في 23-9-1947، وفي 3-9-1949 فتويين بردة من يعتنق البهائية.

4 - صدرت فتاوى دار الإفتاء المصرية في 11-3-1939، وفي 25-3-1968، وفي 13-4-1950 بأن البهائيين مرتدون عن الإسلام.

5 - وأخيرا أجابت أمانة مجمع البحوث الإسلامية على استفسار نيابة أمن الدولة العليا عن حكم البهائية، بأنها نحلة باطلة لخروجها عن الإسلام بدعوتها للإلحاد وللكفر، وأن من يعتنقها يكون مرتدا عن الإسلام.

ثانيا:

عندما سجل البهائيون محفلهم في المحاكم المختلطة برقم 776 في 26-12-1934م حاولوا أن يوجدوا لهم صفة الشرعية لكن الحكومة قاومتهم ويتضح هذا مما يلي:

1 - قدم المحفل الروحاني المركزي للبهائيين بمصر والسودان طلبا إلى وزارة الشئون الاجتماعية لتسجيله، وقد رفض هذا الطلب بناء على ما رأته إدارة قضايا الحكومة في 5-7-1947.

كما رفض طلب صرف إعانة له من هذه الوزارة.

2 - رأت إدارة الرأي بوزارتي الداخلية والشئون البلدية والقروية في 8-12-1951م أن في قيام المحفل البهائي إخلالا بالأمن العام، وأنه يمكن لوزارة الداخلية منع إقامة الشعائر الدينية الخاصة بالبهائيين.

وقد تأيد هذا بما رآه مجلس الدولة في 26-5-1958 من عدم الموافقة على طبع إعلان دعاية لمذهب البهائية لأنه ينطوي على تبشير غير مشروع، ودعوة سافرة للخروج على أحكام الدين الإسلامي، وغيره من الأديان المعترف بها، ورأى منع ذلك لمخالفته للنظام العام في البلاد الإسلامية.

3 - حكمت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في مصر في القضية رقم 195 لسنة 4ق بتاريخ 26-5-1952 برفض دعوى أقامها بهائي وجاء في تسبيب هذا الحكم تقريرها: أن البهائيين مرتدون عن الإسلام.

4 - صدر القرار الجمهوري رقم 263 لسنة 1960م ونص في مادته الأولى على أنه:

تحل المحافل البهائية ومراكزها الموجودة في الجمهورية ويوقف نشاطها ويحظر على الأفراد والمؤسسات والهيئات القيام بأن نشاط مما كانت تباشره هذه المحافل والمراكز.

ونص في مادته الأخيرة على تجريم كل مخالف وعقابه بالحبس وبالغرامة.

5 - وتنفيذا لهذا القرار بقانون أصدر وزير الداخلية قراره الرقيم 106 لسنة 1960 بتاريخ 31-7-1960 بأيلولة أموال وموجودات المحافل البهائية ومراكزها إلى جمعية المحافظة على القرآن الكريم.

6 - حكم بالحبس والغرامة في القضية رقم 316 لسنة 1965 على عناصر من أتباع البهائية لقيامهم بممارسة نشاطهم في القاهرة، كما قبض على غيرهم في طنطا في سنة 1972 وكذلك في سوهاج.

7 - قبض على مجموعة منهم أخيرا في فبراير سنة 1985 برئاسة أحد الصحفيين، وقد اعترفوا بإيمانهم برسولهم بهاء الله وكتابهم المقدس، وأن قبلتهم جبل الكرمل بحيفا في إسرائيل.

وقد وجهت إليهم تهمة مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في البلاد والترويج لأفكار متطرفة بقصد تحقير وازدراء الأديان السماوية الأخرى.

8 - أوصى المؤتمر العالمي الرابع للسيرة والسنة النبوية بتحريم هذا المذهب وتجريم معتنقيه.. وبعد..

فإن فيما تقدم تعرية للبهائية وكشفا لخطوطها الفكرية الموجهة نحو العقيدة الإسلامية وجوهرها .







آخر تعديل المحامي عارف الشعَّال يوم 30-10-2009 في 10:06 PM.
رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 03:56 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

أخي حازم أريد التحاور معك إذا أمكن لأبين لك بعض اللبس الذي وقعت فيه
فهل تتكرم وتمنحني شرف الحور معك







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:08 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

اين أنت يا أخي حازم أم انك لا تحب المواجهة العلنية وتحب العمل في الخفاء







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:20 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

من عادة المكذبين والمشككين واللعانين والسبابين والمحقرين انهم يعملون في الخفاء
وليست لدهم الجرأة على النقاش والحوار الهادف فأرجوا من الله ان لا تكون منهم أخي حازم وأن تتشجع قليلا وتظهر لمحاورتي بدلا من الإختفاء وراء آراء الآخرين كما فعل البابا في إقتباسه
وفهمك كفاية ما زلت أحتفظ بحقي في حوار هادف مع حضرتك علك تقنعني بأدلتك القيمه !! من السب والشتائم هذا إذا كنت مواف على الإسلوب الذي كتب به المقال







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:37 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

الاعتراض الأول:
يزعم المعارضون أن الجماعة الإسلامية الأحمدية غراس الإنجليز وأُقيمت لتحقيق مصالحهم. فما هو الرد على ذلك؟

الجــواب:

خلفية تاريخية
موقف مؤسس الجماعة من الإنجليز
العلماء المسلمون يمدحون الإنجليز
الإنجليز هم الدجّال المعهود
معارضوه عليه السلام يتهمونه بكونه خطرا على الإنجليز!
الإنجليز كانوا يعتبرون مؤسس الجماعة عدوا لهم
الانتقام الإلهي
مؤسس الجماعة يدعو الملكة فيكتوريا إلى الإسلام
سؤال إلى معارضي الجماعة
غراس مالك الملك العزيز الحميد


خلفية تاريخية
في الأيام التي ولد فيها مؤسس الجماعة الأحمدية عليه السلام كان المسلمون في البنجاب يلقون العذاب والإيذاء من قِبَل السيخ الحاكمين هناك (الذين يُدعَون أيضًا "الخالصة") حيث كانوا يمنعونهم من القيام بشعائرهم الدينية، مثل الأذان والصلاة وما إلى ذلك، وكانت الحرية الدينية بالنسبة للمسلمين مفقودة تماما. نقدم فيما يلي قولين اثنين، أحدهما من شخص غير مسلم، والآخر لأحد المسلمين غير الأحمديين؛ وكلاهما يوضح الحالة التعيسة للمسلمين التي كانوا يعيشونها في ظل حكم السيخ.

يقول السيد "تُلسي رام" أحد علماء الهندوس:

"في بداية حكم السيخ كان شغلهم الشاغل قطعَ الطرق والقتلَ والنهبَ وتقسيمَ "الغنائم" فيما بينهم. وكانوا يبغضون المسلمين بغضاً شديداً حتى إنهم كانوا لا يسمحون لهم برفع الأذان للصلاة. لقد استولَوا على مساجدهم، وقرؤوا فيها "جرنث" كتابهم المقدس." (كتاب "شير فنجاب" طبعة 1872م).

ويذكر السيد محمد جعفر الثانيسري في كتابه "سوانح أحمدي" حكاية بلسان سيد أحمد البريلوي رحمه الله تعالى يقول: "أثناء سفرنا في منطقة البنجاب وردنا على بئر لشرب الماء، فوجدنا عندها بعض نساء السيخ يستسقين. ولما كنا لا نعرف لغة تلك المنطقة أشرنا إليهن بأيدينا أننا عطاشى، ونريد الماء. فنظرن فيما حولهن، وقلن لنا باللغة الأفغانية: إننا مسلمات ومن أولاد المسلمين الأفغان القاطنين في المنطقة الفلانية والقرية الفلانية، وهؤلاء السيخ قد اختطفونا من هناك.

" هذا، وقد ذكر ت دائرة المعارف: (Encyclopedia of Sikh Literature) تفاصيلَ الاضطهادات المروعة التي وقعت من السيخ علىالمسلمين..

كتعرض المسلمات للاختطاف والاغتصاب بكثرة، وهدم ِالمساجد وتحويلِها إلى مرابط للحمير والأبقار، والقتلِ العام للمسلمين، وخاصة قتلِهم بسبب رفع الأذان للصلاة وغيرها من الأمور الدينية، حتى إنهم حرموا المسلمين من كل حق إنساني. أثناء تلك الظروف الفظيعة التي كانت سائدة في بلاد البنجاب، دخل الإنجليز تلك البلاد فيما بين 1846م و 1849م، ونزعوا الحكم من أيدي السيخ، فاستتب الأمن في بلاد البنجاب بعد استيلاء الإنجليز عليها، وتمتع المسلمون بالحرية الدينية. وكان مؤسس الجماعة إذ ذاك بين الحادية عشرة والرابعة عشرة من عمره.



موقف مؤسس الجماعة من الإنجليز
يصف سيدنا أحمد عليه السلام تلك الفترة العصيبة التي عانى فيها المسلمون في البنجاب ما تعريبه:
"يعلم المعمَّرون إلى الستين والسبعين جيدا أنه قد مرّ علينا عهد السيخ الحافل بأنواع الآفات التي ترتعد لذكرها الفرائص، وتنخلع لهولها القلوب. فقد حُرِّم على المسلمين يومذاك القيام بالعبادات والشعائر الدينية التي كانت أحب وأعز شيء إلى نفوسهم، وكان من المحظور أن يرفع أحد صوته بالأذان الذي نستهل به صلاتنا، ولو جهر المؤذن بالتكبير سهوًا قُتل فورا. كما أنهم تدخَّلوا في أمور المسلمين المتعلقة بالحلال والحرام، وحدث مرة أن قُتل خمسة آلاف من المسلمين في قضية ذبح بقرة". (تقرير حول الاجتماع للدعاء، الخزائن الروحانية ج 5 ص 605).

وبعد قدوم الإنجليز وبسط سلطانهم على الهند، فقد تغيرت هذه الظروف القاسية التي فرضها السيخ في البنجاب، وأصبح المسلمون يتمتعون بالحرية الدينية بفضل هذه الحكومة، فيقول حضرته عليه السلام ما نصه:

"ألم تروا كيف نعيش أحرارًا تحت ظل هذه السلطنة، وكيف خُيّرنا في ديننا وأوتينا حريّة في مباحث المِلّة الإسلامية.... وكنّا، في زمن دولة "الخالصة"، أوذينا بالسيوف والأسنّة، وما كان لنا أن نقيم الصلاة على طريق السُنّة، ونؤذّن بالجهر كما نُدب عليه في المِلّة. ولم يكن بدٌّ من الصمتِ على إيذائهم، ولم يكن سبيل لدفع جفائهم، فرُددنا إلى الأمن والأمان عند مجيء هذه السلطنة... ولا ننسى إحسان هذه الحكومة، فإنها عصمت أموالنا وأعراضنا ودماءنا من أيدي الفئة الظالمة، فالآن تحت ظلها نعيش بخفض وراحة، ولا نَرِدُ مورد غرامة من غير جريمة، ولا نحلّ دار ذلّة من غير معصية، بل نأمن كل تهمة وآفة، ونُكفَى غوائلَ فَجَرةٍ وكَفَرة، فكيف نكفر نعم المنعمين؟

وكنا نمشي كأقزل قبل هذه الأيام، وما كان لنا أن نتكلم بشيء في دعوة دين خير الأنام، وكان زمان "الخالصة" وزمان الذلة والمصيبة، صُغّر فيه الشرفاء، وأسادت الإماء، وصُبّت علينا مصائب ينشق القلم بذكرها، وخرجنا من أوطاننا باكين. فقُلّب أمرنا بهذه الدولة من بؤسٍ إلى رَخاء، ومن زعزع إلى رُخاء، وفُتح لنا بعناياتها الفَرج، وأوتينا الحريّة بعد الأسر والعَرج، وصرنا متنعمين مرموق الرخاء، بعد ما كنّا في أنواع البلاء. ورأينا لنا هذه الدولة كريف بعد الإمحال، أو كصحّة بعد الاعتلال، فلأجل تلك المنن والآلاء والإحسانات، وجب شكرها بصدق طويّة وإخلاص النيّات". (البلاغ، الخزائن الروحانية ج13 ص442، 450-453).

ويذكر حضرته أمثلة على ما أصبح يتمتع به المسلمون من حرية بعد اضطهاد الهندوس والسيخ لهم، فيقول عليه السلام أيضًا ما تعريبه:

"سمعت أن الإنجليز لما احتلوا هذه البلاد في أول الأمر أذّن مؤذن بصوت عال في مدينة هوشياربور. وبما أن الهندوس والسيخ كانوا حديثي العهد بالإنجليز وكانوا يظنون أنهم هم الآخرون أيضًا سيمنعون المسلمين من الأذان... فأمسكوا المؤذنَ الذي جهر بالأذان، وذهبوا به إلى المتصرف البريطاني في حشد كبير من الناس، بينهم رؤساء الهندوس وكبار تجارهم، وشكوا إليه أن عجينهم وأوانيهم قد تنجست بسبب أذانه. فاستغرب الإنجليزي غاية الاستغراب أن يكون للأذان هذا التأثير الغريب في المأكولات، وقال لمساعده يجب أن لا نفصل في الأمر حتى نجرب تأثير الأذان هذا.

فأمر المؤذنَ أن يعيد الأذان بصوت عال كما فعل من قبل، فخاف المسكين على نفسه من عقاب الجرم المتكرر، وأحجم عن الأذان. ولما طمأنه الحاكم وسكّن روعه.. رفع صوته بالأذان، فقال الحاكم حينذاك: لم يصبني شيء من الدنس بأذانه. ثم سأل مساعده: هل أصابه شيء من الدنس؟ فنفى ذلك بالطبع، فأطلق سراح المؤذن وسمح له بالأذان كما يشاء...

وفي قريتنا هذه.. حيث مسجدنا الجامع.. كان هناك مكتب للحكومة، وكنت صغيرا آنذاك، فسمعت من أناس ثقات أن القانون السابق ظل معمولا به أياما عدة بعد دخول الإنجليز. وفي تلك الأيام قدم هنا مأمور جديد، بصحبة أحد رجال الشرطة من المسلمين. فدخل الشرطي المسلم المسجدَ وأمر المؤذن أن يؤذن، فأذن المؤذن خائفا وبصوت خافت. ولما استفسره الشرطي المسلم أجابه بأننا نؤذن على هذه الصورة، فأمره الشرطي بالصعود إلى سطح المسجد ورفع الأذان بصوت جهوري قدر الإمكان. فخاف المؤذن من سوء العاقبة، ولكنه أذّن بصوت عال بعد إصرار الشرطي. فإذا بالمسجد يزدحم بالهندوس الذين أمسكوا المؤذن، فذعر المسكين ذعرا شديدا، وظن أن المأمور سوف يشنقه، ولكن الشرطي المسلم سكّن جزعه بقولـه: لا تخف إني معك. وساقه البراهمة القساة السفاكون إلى مأمور الحكومة، وشكوا إليه أن المؤذن دنّسهم جميعا. وكان المأمور يعلم أن الحكومة قد تغيرت، ولم يبق ثمة مجال للاستبداد السيخي. ومع ذلك سأل المؤذنَ بصوت خافت: لماذا رفعت الصوت بالأذان؟ فتقدم الشرطي المسلم وقال: أنا الذي أذّنت وليس هو. فقال المأمور للبراهمة: ويلكم.. لماذا هذا الضجيج كله؟ إن الأبقار تُذبح علانية في مدينة لاهور، وأنتم ترفعون العقيرة على الأذان! اذهبوا وألزموا دُوركم صامتين". (تقرير حول الاجتماع للدعاء، الخزائن الروحانية ج15 ص608-610).

بعد فهم الخلفية التاريخية لهذه الحقبة من الزمن وتقدير الظروف المروعة التي كان يعيشها المسلمون في ظل حكم السيخ.. فإننا نسأل أولئك الذين يوجهون انتقاداتهم إلينا.. هل كان على مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية أن يذم الإنجليز على إعطائهم المسلمين الحرية الدينية، أم يشكرهم على ذلك كما فعل غيره من علماء الدين والقادة والرؤساء المسلمين آنذاك؟ إن ذمهم كان يعني الموافقة على سياسة السيخ وتأييدهم في منع المسلمين من الأذان والصلاة، وهدم المساجد أو تحويلها إلى اصطبلات للخيل والأبقار، ومنع دراسة الدين، وهتك أعراض النساء، وقطع الأيدي والقتل والنهب ومصادرة الأملاك لأتفه الأسباب. لعل مؤسس الجماعة لو كان قد فعل هذا لأثلج صدر أعداء الجماعة، ولكنه لم يفعل، بل مدح أولئك الذين رفعوا تلك المظالم عن المسلمين في ذلك الماضي المظلم الحالك.

فالحق أن وقف الاضطهاد السيخي الغاشم الذي كان يُعاني منه المسلمون، وإعادة الأمن إلى البلاد، ومنح الحرية الدينية للمسلمين هو الذي حدا بمؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عليه السلام أن يشكر الإنجليز. وقد شكرهم اعترافًا بالحقيقة وإيماناً منه بأن شكر صانع الجميل أدب إسلامي. يقول حضرته ما تعريبه:

"إنني لا أداهن هذه الحكومة أبداً، وإنما الأمر الواقع بأن أية حكومة لا تعتدي على دين الإسلام، ولا تمنعنا من أداء الشعائر الإسلامية، ولا تشهِّر السيف في وجوهنا لنشر دينها.. فإن القرآن الشريف يحرّم علينا أن نحاربها حرباً دينية، لأنها أيضا لا تحاربنا حرباً دينية." (سفينة نوح، الخزائن الروحانية ج 19 ص 75).



العلماء المسلمون يمدحون الإنجليز
هذا، وإن كان مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عليه السلام قد شكر الإنجليز على إحسانهم إلى المسلمين دون مداهنة ودون إفراط ولا تفريط، فهناك غيره من كبار زعماء المسلمين وعلمائهم الذين شكروا الإنجليز ومدحوهم بسبب عدلهم وإنصافهم للرعية وإعطائهم للناس الحرية الدينية، بل منهم من بالغ في مدحه وإطرائه لهم، وإليكم بعض ما قالوا:

أولا: يقول الشيخ محمد عبده:

"إن الأمة الإنجليزية هي وحدها الأمة المسيحية التي تُقدّر التسامح حق قدره. فلنا أن نقول ولا نخشى لائما إن هذه الخصلة من أجَلِّ الخصال التي ورثها غير المسلمين عن المسلمين. ألا ترون أن نظامهم في ذلك يقرب من نظام المسلمين يوم كانوا مسلمين لا يُفرّقون بين دين ودين". (الإسلام والنصرانية ص165).

ثانيا: ويقول أبو الأعلى المودودي ما تعريبه:

"كانت الهند دارا للحرب، ولا شك، حين كان الإنجليز في سعيهم وراء محو السلطنة الإسلامية منها، وكان من واجب المسلمين وقتئذ أن يُقاتلوهم ليحفظوا كيانهم أو أن يُهاجروا من الدولة بعد أن خُذلوا في سعيهم ذاك .... أمّا الآن وقد غُلبوا على أمرهم واستقام الأمر للحكومة البريطانية ورضي المسلمون بالبقاء في ظلها مع ما لهم من حرية العمل وفقا لقوانينهم الشخصية، فلم يعد هذا القطر دارا للحرب. وذلك لأنها ما ألغت هنا القوانين الإسلامية، فلا يُصَدُّ المسلمون عن العمل بأحكام شريعتهم، ولا يُكرهون على العمل خلافها في حياتهم الفردية أو في معيشتهم الاجتماعية. فلا يسوغ قطعا من حيث أصول القانون الإسلامي أن يصير بلد هذا شأنه دارا للحرب." ("الربا" ص 77).

ثالثا: أما ندوة العلماء- التي هي أكبر مؤسسة إسلامية في الهند، والتي من علمائها المشهورين في عدائهم للأحمدية الشيخ سليمان الندوي - فقد أعلنت عن هدفها يوم تأسيسها فيما نصه:

"ومع أن مدرستنا لا تقدر على إحداث طائفة يصلحون للتوظف في أعمال الدولة، ولكن نحن على ثقة أن مدرستنا تنشئ رجالا يقدرون على إطفاء الثورات الحالية... رجالاً يكون من شيمتهم الاستكانة للأكابر والمواساة للجار والتواضع للعامة، وفوق كل ذلك الانقياد للحكومة والخضوع لها. ... ونحن على يقين أن المسلمين كما يسلم إذعانهم لحكومتهم يزيدون من هؤلاء العلماء الناشئين طاعة وانقيادًا للحكومة. والآن نقدم إلى جنابكم أزكى التشكرات حيث تفضلتم علينا بقطيعة من الأرض لنرفع عليها قواعد مدرستنا." (مجلة "الندوة" عدد ديسمبر 1908م، ص 7).

وقالت أيضا ما تعريبه:

"صحيح أن الندوة في معزل عن السياسة، ولكن لما كان هدفها الأساسي تخريج علماء مستنيرين، فمن واجب هؤلاء العلماء إطلاع القوم على بركات هذه الحكومة "الإنجليزية" ونشرِ أفكارٍ تساعد أهل البلاد على الوفاء لها." (مجلة الندوة، عدد يوليو 1908م ص1).

رابعا: عند وفاة الملكة فكتوريا رثاها الشاعر محمد إقبال - الذي يقال اليوم إنه صاحب فكرة تأسيس باكستان - بمرثية طويلة قال فيها ما تعريبه:

لقد رفعوا نعش الملكة.. قُمْ تعظيما لها يا إقبال، وكُنْ ترابًا في طريق نعشها.
أيها الشهر، شكلك مثل شكل شهر محرَّم. ولا بأس لو سميناك أنت الآخر محرَّماً. (يعني: لا عجب لو أطلقنا على هذا الشهر الذي توفيت فيه الملكة اسم "محرم"، إذ أن حادث وفاة الملكة لا يختلف كثيراً عن حادث الاستشهاد المروع لسيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه حفيد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي وقع في شهر محرَّم) ثم يقول:

يقولون: اليوم يوم العيد. فهنيئاً لكم العيد. أما نحن فالموت خير لنا من هذا العيد. يا بلاد الهند قد زال عنكِ ظل الله. حُرمتِ من التي كانت تواسي وتعطف على أهلك. هذا البكاء الذي يهتز له عرش الرحمن هو بكاء الناس إياها. وهذه الجنازة هي جنازة التي كانت زينة لك، يا بلاد الهند. (باقيات إقبال لعبد الواحد المعيني ص73، 76، 81، 90).

خامسا: أما شمس العلماء بالهند المولوي نذير أحمد الدهلوي، فقال عن الإنجليز ما تعريبه:

"من مصلحة الهند كلها أن يحكمها حاكم أجنبي، لا هو هندوسي، ولا مسلم، وإنما يجب أن يكون من أحد سلاطين الغرب، ومِن عناية الله العظمى أن الإنجليز تولَّوا الحكم.... هل هذه الحكومة قاسية ومتشددة؟ كلا، ثم كلا، بل هي أكثر عطفاً وحناناً من الوالدين... كنت أنظر، بمنظار معلوماتي، إلى ولاة الهند عندئذ. كما كنت أجول بفكري إلى بورما، ونيبال، وأفغانستان، بل إلى فارس ومصر والعرب، فلم أجد في كل هذه البلاد من أقصاها إلى أقصاها أحداً أسلِّم إليه حكم الهند، وما رأيت فيمن يريدون السيطرة على الحكم أحداً أحق من هؤلاء. فقررت عندئذ أن الإنجليز هم أحق وأولى بحكم الهند، ويجب أن يستمر الحكم فيهم." (مجموعة محاضرات مولوي نذير أحمد الدهلوي، ص 4 و5 و19 و26).

سادسا: والآن إليكم ما قاله أعدى أعداء سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام وهو المولوي محمد حسين البطالوي. يقول ما تعريبه:

"لا شك أن سلطان الروم (يعني السلطان التركي) ملِكٌ مسلم، ولكننا، نحن المسلمين، لسنا أقل منهم اعتزازاً وافتخاراً بالحكومة البريطانية نظرًا لحسن نظامها.. بصرف النظر عن الدين.. وإن فرقة "أهل الحديث" على الأخص، لما تتمتع به من أمن وحرية من قبل هذه الحكومة، لتفتخر أمام جميع الدول الإسلامية الحالية، سواء في الروم أو في إيران أو خراسان. فنظراً للأمن والاستقرار والحرية العامة وحسن النظام الذي تتحلى به الحكومة البريطانية، فإن فرقة أهل الحديث بالهند تعتبرها غنيمة عظيمة، وتُفضّل أن تكون من رعاياها بدل أن تكون من رعايا الدول الإسلامية." (مجلة إشاعة السنة، مجلد 10 ص 292- 293).

سابعا: يقول المولوي ظفر علي خان محرر جريدة "زميندار":

"إن المسلمين.. لا يمكن أن يسيئوا الظن بهذه الحكومة (أي الإنجليزية) للحظة واحدة.. ولو أن شقياً من المسلمين تجاسر على الخروج على الحكومة فإننا نقول علناً بأنه ليس مسلماً" (جريدة زميندار، لاهور 11 نوفمبر 1911م) ثم يقول نيابة عن جميع مسلمي الهند: "نحن مستعدون لإراقة دمائنا نظير كل حبة عرق تسقط من جبين ملِكنا المعظم ملجأ العالم. وهذا هو حال جميع مسلمي الهند." (نفس الجريدة، 23 نوفمبر 1911م) ثم يقول في إحدى قصائده ما معناه:

"اِنحنَى رأسي بفرط الاحترام والإجلال كلما سمعتُ ذكر الملك المعظم. الجلالة نفسها تعتز به اعتزازاً، فهو ملك البر والبحر. ليتني أحظى بنظرة واحدة من جلالته." (المرجع السابق عدد 19 أكتوبر 1911م).

هذا ما قاله العلماء المسلمون أنفسهم، وكلهم كانوا ممن عارض أو عادى مؤسس الجماعة عليه السلام؛ واليوم يأتي أتباعهم ويقولون إن الميرزا كان عميلا للإنجليز ولأجل ذلك مدحهم. فلم لا يقولون نفس الكلام عن مشايخهم هؤلاء لأنهم أيضًا مدحوا الإنجليز؟ لِمَ سياسة المكيالين هذه؟



الإنجليز هم الدجّال المعهود
من المؤسف حقا أن المعارضين للجماعة الإسلامية الأحمدية يملأون الدنيا صخبا وضجيجا لأن مؤسس الجماعة قد شكر الإنجليز بسبب عدلهم وإنصافهم في حكم رعيتهم وتوفير الحرية الدينية لكل المواطنين بدون تمييز، ولكنهم يزمّون شفاههم ويصمتون صمت الصخر والحجر الأصم عن ذكر أنه هو الوحيد بين جميع الزعماء الدينين في عصره الذي أثبت بالأدلة الواضحة أن الإنجليز هم "المسيح الدجّال المعهود"، وقد أعلن ذلك على الملأ غير خائف لومة لائم.

يقول عليه السلام في تعيين الدجال ويأجوج ومأجوج ما نصه:

"فاعلموا.. أرشدكم الله تعالى.. إن هذان الاسمان لقوم تفرّق شعبهم في زماننا هذا آخرِ الزمان وهم في وصف متشاركون. وهم قوم الروس وقوم البراطنة وإخوانهم، والدجال فيهم فَيجُ قسيسين ودعاةُ الإنجيل الذين يخلطون الباطل بالحق ويدجلون." (مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج5 ص 459-460).

وصرّح عليه السلام قائلا ما تعريبه:

"مَنْ ذا الذي لا يُقدّر مبلغ الأضرار التي لحقت بالإسلام على يد هؤلاء الناس، ومقدار ما قتلوا الحق والإنصاف، ومدى ما أفسدوه وأتوه من المنكرات؟ ألا لم يكن لهذه الفتن جميعها من أثر يُذكر قبل القرن الثالث عشر الهجري، ولكن ما أن انتصف هذا القرن ونيف إلا وخرجت هذه الطغمة الدجّالة، وأخذت تتقدم حتى بلغ عدد المتنصرين في أواخر هذا القرن في الهند وحدها ما ينوف عن النصف مليون نسمة على حد قول القسيس (هيكر) الذي قدر دخول مائة ألف نسمة في المسيحية كل اثني عشر عاما يُنادون العبد العاجز (المسيح): "أيها الرب إلهنا".

ومما لا يخفى على العارفين أن فئة كبيرة من المسلمين، أو بتعبير آخر من صعاليك الإسلام، الخُمْص البطون وعراة الأجسام، قد استحوذ عليهم القساوسة بما لوّحوا لهم بالرغيف والثوب، ومن لم يطمع منهم في رغيفهم افتتنوه بنسائهم، ومن نجا من شَرَكِهم هذا أتوا عليه عن طريق الفلسفة الملحدة والمضلة، فوقع فريسةً لها ألوفٌ مؤلفة من الناشئة الأحداث من أبناء المسلمين، ممن يضحكون على الصلاة، يسخرون من الصوم، ويرون الوحي والإلهام من أضغاث الأحلام.

وألّفوا ونشروا لمن قصر باعه عن دراسة الفلسفة، القصص الكثيرة الملفقة التي كانت من ترّهات القساوسة، هجوا فيها الإسلام بأسلوب روائي، وألّفوا ما لا يُحصى من الكتب في الطعن بالإسلام وتكذيب سيد الأنام سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، ووزعوها بين الناس مجانا، ونقلوا أكثرها إلى اللغات العديدة ونشروها في الدنيا كلها... لقد وزّعوا خلال إحدى وعشرين سنة ما ينوف عن سبعين مليون كتاب لنشر أفكارهم المليئة بالمهاترات والتلبيسات. كل ذلك لكي يُقلع عن الإسلام أهله، وليؤمنوا بألوهية المسيح. فالله أكبر! إن لم يكن هؤلاء الدجّال المعهود من الدرجة الأولى في نظر قومنا، وإن كانوا لا يرون أية حاجة للمسيح الحق لإفحامهم فماذا عسى أن تكون حال هذا القوم؟" (إزالة أوهام، الخزائن الروحانية ج 3 ص 364-365).

فهل من المعقول أن يقوم رجل غرسه الإنجليز، كما يزعم أعداء الجماعة، بانتقاد الإنجليز وقساوستهم ومبشريهم بهذا الأسلوب الذي يليق بأعمالهم المتدنية، بينما الفريق الثاني يسمع ويسكت؟



معارضوه عليه السلام يتهمونه بكونه خطرا على الإنجليز!
والأمر الأكثر غرابة هو أن المشايخ المعارضين كانوا من ناحية يثيرون مشاعر المسلمين ضد سيدنا المسيح الموعود عليه السلام قائلين بأنه يمدح الإنجليز، ومن ناحية أخرى كانوا لا يبرحون يمدحون الإنجليز بالكلمات التي أوردنا بعضها، ومن ناحية ثالثة وَشَوا بحضرته إلى الحكومة الإنجليزية، سرًّا وعلانية، بأن هذا الرجل يشكل خطراً كبيراً على حكمهم، فعليهم ألا ينخدعوا بأقواله، إذ يدَّعي بكونه مهديًّا. إنه مهدي دموي قام لإبادة مملكتهم! نورد فيما يلي مقتبسين في هذا الصدد:

الأول: كتب الشيخ محمد حسين البطالوي في مجلته "إشاعة السُنّة"، محذّرا الحكومة الإنجليزية من مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية:

"ومما يدل على خداعه أنه يؤمن في قلبه بإبادة كل حكومة غير إسلامية، واستباحة أموالها. لذا ينبغي ألا تنخدع الحكومة منه، بل عليها بالحذر منه، وإلا نخشى أن يُلحق هذا المهديُ القادياني بالحكومة من الأضرار ما لم يستطع المهدي السُوداني إلحاقَه." (مجلة إشاعة السنة، ج 16، ص 4 عام 1893م).

الثاني: حذر المنشي محمد عبد الله الإنجليزَ من حضرته عليه السلام قائلا لهم:
"إنه يحض أتباعه على محاربة الحكومة مستشهدًا بالآيات القرآنية." (شهادت قرآني، ص 20).


وبالفعل تأثر الناس جداً من هذه الدعاية المسعورة الباطلة، وكان من بين المتأثرين محرر جريدة (Civil and Military Gazette)، الصادرة في لاهور - وكانت من كبريات الجرائد اليومية الصادرة باللغة الإنجليزية، كانت تُعتبر لسان حال الإنجليز وترجمانهم السياسي في البنجاب - فنُشر ي إحدى افتتاحياتها مقالٌ أثار الحكام الإنجليز ضد سيدنا أحمد عليه السلام، محذراً إياهم بأنه رجل خطير جداً، ويجب ألا يغتروا ببياناته وأقواله الداعية إلى الصلح والوئام، وإلا سوف يقضي على حكومتهم.

الحق أن كل هذه الافتراءات والوشايات والشكايات هي التي دفعت مؤسس الجماعة عليه السلام للكتابة من حين لحين في هذا الموضوع، ليشرح موقفه للحكومة، ويبين مبادئه ومعتقداته في هذا الشأن.

فعندما مدح مؤسس الجماعة عليه السلام الإنجليزَ على جميلهم الذي أسدوه إلى جميع المسلمين اتهمه المشايخ بأنه غراس الإنجليز على الرغم من أنه كان يؤدي واجبه الديني عملا بالحديث النبوي الشريف: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله." وعندما ذمّ مؤسس الجماعة عليه السلام الإنجليز بسبب معتقداتهم الخاطئة وجراء الحملة التنصيرية التي قام بها القساوسة في الهند في ظل هذه الحكومة الإنجليزية، فإن المشايخ وشوا به إلى الحكومة قائلين: إنه أكبر عدو للحكومة ويريد إبادتها.

والسؤال المطروح الآن: أي العملَين صواب؟ هل ما فعله المشايخ أم ما قام به مؤسس الجماعة عليه السلام؟



الإنجليز كانوا يعتبرون مؤسس الجماعة عدوا لهم
لقد كان الإنجليز يكرهون مؤسس الجماعة عليه السلام بسبب دعواه بالمهدوية، ثم بسبب دفاعه المجيد عن الإسلام، ولهجومه الشديد على العقائد المسيحية الباطلة، وردّه على المبشرين والقساوسة المسيحيين، وبالتالي إيقافه المد الجارف للمسيحية في الهند في حين كانوا يحلمون بتنصير الهند كلها وإخضاع أهلها لحكمهم للأبد. وكانت الشرطة الإنجليزية تراقبه وتتبع أنشطته هو وجماعته بعد المناظرة التي جرت بينه وبين المتنصر عبد الله آتهم أحد الزعماء المسيحيين. وقد اعترفت بذلك جريدة Civil And Military Gazette، في مقال طويل ضد مؤسس الجماعة عليه السلام تحت عنوان: "مجنون ديني مخيف" حيث قالت:

"إن في البنجاب مجنونا دينيا مخيفا ومشهورا، يقيم الآن في مقاطعة غورداسبور، وهو يعتبر نفسه مسلما ويزعم أنه هو المسيح الموعود .... وإن هذا المجنون المخبوط بدينه تحت رقابة الشرطة اليوم .... إن الشيخ القادياني لم يزل تحت مراقبتنا منذ أعوام، وإنا لنؤيد الرأي المذكور أعلاه استنادا لمعلوماتنا الذاتية عن شخصيته وأعماله. إنه كما نرى يزداد قوة وتمكنا يوما بعد يوم، وقد يضطرنا في المستقبل القريب إلى الالتفات إليه بأكثر اهتمام". (العدد الصادر في 24 أكتوبر 1894م). وهذا كله يدل على أن الحكومة قد رابها أمره عليه السلام، وتوجست منه خوفًا، وتوقعت منه خطرا كالخطر الذي كابدته من المهدي السوداني.

فهل هذا هو شأن الرجل الذي يزعم أعداء الجماعة أن الحكومة الإنجليزية هي التي أقامته لتحقيق مصالحهم البغيضة؟ هل من المعقول أن من كان "غرسة الإنجليز"، كما يزعم أعداء الجماعة، يكون تحت مراقبة الشرطة لرصد حركاته وسكناته، ويكرهه القساوسة الإنجليز إلى الحد الذي يتهمونه في المحاكم بأنه تآمر لارتكاب جناية قتل، تمهيدا للتخلص منه وإلقائه في غياهب السجون؟ يا قوم! أليس منكم رجل رشيد؟



الانتقام الإلهي
ومن عجائب القدر أن الله تعالى انتقم للأحمدية وأظهر الحقَّ بلسان أعدائها، حيث تبادلتْ هذه الفرق الإسلامية نفس التهمة فيما بينها، وسمَّتْ بعضها بعضا بأنها "غراس الإنجليز". فقد ورد في مجلة "جتان" الأردية عن البريلويين ما تعريبه:

"إنهم أَفتَوا بأن الإنجليز هم أولو الأمر، وأن الهند دار الإسلام. ثم تحَوَّل هذا الغراس الذي غرسه الإنجليز بعد أيام إلى حركة دينية." (مجلة "جتان" لاهور 15أكتوبر 1963م).

وكتبت جريدة "طوفان" الأردية عن الوهابيين ما تعريبه: "بكل مكرٍ ودهاءٍ غَرَسَ الإنجليز غراس الحركة النجدية (أي الوهابية) في الهند أيضا، وتولَّوا رعايتها بأنفسهم إلى أن اكتمل نماؤها وازدهارها." (مجلة "طُوفان" الباكستانية 7 نوفمبر 1962م).


مؤسس الجماعة يدعو الملكة فيكتوريا إلى الإسلام
فالحق أن مؤسس الجماعة عليه السلام قد سلك السبيل الحق، وقال للحق بكل شجاعة إنه الحق، كما قال للباطل إنه الباطل، غير خائف من لومة لائم. والدليل على ذلك أنه قال للملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا العظمى عام 1893، إنها على الخطأ فيما يتعلق بالدين، وأن عليها أن تتوب وتدخل في الإسلام. فقال في رسالة طويلة ما نصه:

"أيتها المليكة الكريمة الجليلة، أعجبني (أي أثار عجبي) أنك مع كمال فضلك، وعلمك وفراستك، تنكرين لدين الإسلام، ولا تُمعِنين فيه بعيون التي تمعنين بها في الأمور العظام. قد رأيت في ليلٍ دجى، والآن لاحت الشمس.. فما لك لا تَرَينَ في الضحى؟....

أيتها الملكة الكريمة، لقد كان عليك فضل الله في آلاء الدنيا فضلا كبيرا، فارغبي الآن في مُلك الآخرة، وتوبي واقنتي لرب وحيد لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك وكبّريه تكبيرا. أتتخذون من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يُخلقون؟ وإن كنتِ في شك من الإسلام فها أنا قائم لإراءة آيات صدقه...يا قيصـرة، توبي توبي، واسمعي اسمعي!... يا مليكة الأرض، أسلمي تسلمين". (مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج5 ص530- 534).

هذا هو الفرق بين مؤسس الجماعة عليه السلام والمشايخ الآخرين. فإنه عليه السلام أعطى كل شيء حقه؛ لقد شكر الإنجليز على ما يستحقون عليه الشكر، وذمهم على ما يستحقون عليه الذم. أما المشايخ فلم يسعهم ذلك، حتى لم يخطر ببالهم، لأنهم ما كانوا يتحلون بهذه الشجاعة الإيمانية والغيرة الصادقة على الإسلام، أما الذي أدى هذا الواجب الديني فرموه بالتهم الشنيعة.



سؤال إلى معارضي الجماعة
إن الجهاد العظيم الذي قام به مؤسس الجماعة عليه السلام ضد القسس قد اعترف به المنصفون من المسلمين وأشادوا به أيما إشادة. فعندما توفي سيدنا أحمد عليه السلام قال أبو الكلام آزاد، العالم الهندي الشهير في جريدة "وكيل"، في رثائه عليه السلام ما تعريبه:

"إن عظمة السيد الميرزا - رغم وجود الخلافات الشديدة حول بعض معتقداته ودعاويه - جعلت المسلمين، نَعَمْ! المسلمين المثقفين المتنورين، يشعرون لدى وفاته أن رجلا كبيرا منهم قد فارقهم... وهذا الدفاع المجيد حطم تأثيرَ الغزو المسيحي الذي كان في الواقع قوة المسيحية التي كانت تحظى بها المسيحيةُ تحت ظلال الحكومة الإنجليزية. وهكذا فقد نجا آلافٌ من المسلمين، بل مئات الآلاف، من هجوم المسيحية الذي كان يشكل خطرًا وشيكًا أفدح، وهكذا جعل سحرَ المسيحية نفسها يتبخَّر في الهواء كالدخان. لقد غيّر حضرته أسلوب الدفاع وجعَل المغلوبَ غالبًا." (جريدة "وكيل" أمرتسار، يونيو 1908م)

وكتب الميرزا حيرت الدهلوي مدير جريدة "كرزن غزت" في عددها 1/6/1908م مقالاً جاء فيه:
"الخدمات الجليلة التي أداها المرحوم للإسلام في مواجهة الآريا الهندوس والمسيحيين لجديرة بالتقدير الكبير حقًّا... ليس لكوني مسلما فحسب بل بصفتي باحثا أيضا، أعترف أنه لم يكن بوسع أي من الآريا أو القساوسة أن يواجه المرحوم. والكتب الفريدة التي ألفها ردًّا على المسيحية والآريا، والأجوبة المفحمة التي وجهها إلى معارضي الإسلام، لم نر أحدًا، لحد الآن، قد استطاع أن يكتب ردا معقولا عليها."

واعترف المولوي ظفر علي خان (أحد ألد أعداء الأحمدية) قائلا:
"لقد تصدى السيد الميرزا لهجمات الهندوسية والمسيحية بكفاءة متناهية، وألَّف ضد الآريا والمسيحيين كتبًا قيّمة مثل "سرمه جشم آريا" و"جشمه مسيحي." (جريدة "زميندار" عدد 12 سبتمبر 1923م)

وكتب المولوي نور محمد النقشبندي الجشتي ما يلي:

"في تلك الأيام قدِم إلى الهند القسيس ليفراي من إنجلترا، مصطحبًا مجموعة كبيرة من القساوسة، وحالفًا بتنصير الهند كلها في أيام قليلة. وبفضل أموال طائلة ووعود متكررة مؤكدة من الإنجليز بالمساعدة المالية أحدثَ زلزالا في كل أنحاء الهند. لقد وجد القسيس في عقيدة حياة المسيح عيسى عليه السلام في السماء بجسده المادي وفي كون غيره من الأنبياء الكرام أمواتًا مدفونين تحت الأرض، سلاحًا ماضيًا على عامة الناس. فقام الشيخ غلام أحمد القادياني للتصدي لهذه الجماعة، وقال: إن عيسى الذي تتكلمون عنه قد مات ودُفن كغيره من البشر، أما عيسى الذي وُعد بمجيئه فهو أنا؛ فصدِّقوني إن كنتم من السعداء. وبهذه الحيلة ضيّق الخناق على القسيس ليفراي وجماعته حتى صعب عليه التخلص من يده، وأنـزل بهذه الحجة هزيمة نكراء بكل القساوسة من الهند إلى إنجلترا." (مقدمة النقشبندي للترجمة الأردية لمعاني القرآن الكريم ص 30).

والآن نسأل المعارضين الذين يتهمون الجماعة الإسلامية الأحمدية بأنها غراس الإنجليز.. إذا كان مؤسس الجماعة قد أُقيم من قِبَلِ الإنجليز حسب زعمكم، فكيف تمكّن من تحطيم تلك القوة السحرية التي كانت تحظى بها المسيحية تحت ظلال الحكومة الإنجليزية؟ وكيف جعل سحر المسيحية يتبخر في الهواء؟ وكيف سكّتهم وبكّتهم؟ وكيف هزم كل القساوسة هزيمة نكراء من الهند إلى إنجلترا؟ ولماذا فشل غيره من علماء المسلمين المعاصرين في هذا الأمر؟ فهل مكّن الله عميلاً للإنجليز من الدفاع المجيد عن بيضة الإسلام ولم يهب هذه القدرة للذين يعتبرون أنفسهم أكبر المدافعين عن حياض الإسلام؟



غراس مالك الملك العزيز الحميد
فخلاصة القول، إن مؤسس الجماعة عليه السلام لم يكن غراس الإنجليز ولا غيرهم، وإنما كان غراسا سماويًا غرسه الله تعالى بيده.

يقول حضرته عليه السلام:

"الدنيا لا تعرفني، ولكن يعرفني من بعثني. إنهم بسبب خطئهم وشقاوتهم الشديدة يريدون إبادتي. إنني ذلك الغراس الذي غرسه المالك الحقيقي بيده...أيها الناس، تأكدوا أن معي يداً لن تزال وفيَّةً معي إلى آخر الأمر. ولئن اجتمع رجالكم ونساؤكم، وشبابكم وشيوخكم، وصغاركم وكباركم كلهم، وابتَهَلُوا إلى الله تعالى ودَعَوا لهلاكي في اضطرار وحرارة حتى تسقط أنوفهم وتشلّ أيديهم، فلن يستجيب الله لهم، ولن يبرح حتى يُتمَّ ما أراد... فلا تظلموا أنفسكم. إن للكاذبين وجوهاً غير وجوه الصادقين. والله تعالى لا يترك أمراً دون أن يحسمه... فكما أن الله حكم بين أنبيائه ومكذبيهم في الماضي، فإنه تعالى سوف يحكم الآن أيضًا. إن لمجيء أنبياء الله موسماً ولرحيلهم موسماً كذلك. فتأكدوا أنني لم آتِ بدون موسم، ولن أذهب بدون موسم. فلا تختصموا مع الله، فلن تستطيعوا إبادتي." (تحفة جولروية، الخزائن الروحانية ج 17 ص 12- 13).







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:39 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

الاعتراض الثاني:
الأحمديون عملاء لإسرائيل والدليل على ذلك مركزهم في حيفا .

الجــواب:

إن كل ما في الأمر هو مجرد وجود مركز لها في قرية "الكبابير" (بحيفا) التي كانت دخلت كلها الأحمدية في وسط العشرينيات، وقد أقيم هذا المركز عام 1928 أي قبل قيام دولة إسرائيل بعشرين سنة! وعندما نشبت الحرب الفلسطينية بين العرب واليهود سنة 1948 استسلمت الكبابير مع مدينة حيفا والمدن العربية الأخرى، ورأى أهلُها، الذين لم يتجاوز عددهم آنئذ بضع مئات، أن يظلوا في بيوتهم وعلى أرضهم وأن لا يتركوا وطنهم ليصبحوا لاجئين في بلاد الغُربة. وهكذا فعل كثيرون غيرهم من أهل القرى والمدن العربية، وبقي داخلَ حدود دولة إسرائيل حوالي مائتي ألف مسلم، واليوم يراوح عددهم المليون.

ولكن اتخذ هؤلاء الظالمون من تمسك المسلمين الأحمديين بأرضهم وديارهم حجةً، فراحوا يتهموننا بالتآمر مع الصهيونية ضد الإسلام والمسلمين. فإذا كان التمسك بأرض الوطن جريمةً ومؤامرةً مع الصهاينة فلماذا لا يعتبرون المسلمين العرب الآخرين المتمسكين هنالك بأرضهم وديارهم خونةً للإسلام وعملاءَ للصهاينة؟

لقد فقد هؤلاء الحياء لدرجة أنهم نشروا في الصحف سنة 1984كذبًا وزورًا أن أبناء الأحمدية يحاربون في صفوف الجيش الإسرائيلي ويقتلون إخوانهم المسلمين، ويتدرب المئات منهم في معسكرات الجيش الإسرائيلي. وردًا على هذه الاتهامات نشرت الجماعة في مجلتها العالمية Review of Religion (نقد الأديان) نيسان سنة 1985 عشر وثائق من شخصيات مسلمة معروفة في إسرائيل تدحض هذه الادعاءات الكاذبة. وهذه الشخصيات العشر هي:

1- الشيخ محمد حبيشي - قاضي عكا وحيفا الشرعي
2- الشيخ فريد وجدي الطبري - قاضي يافا والقدس الغربية الشرعي
3- السيد محمد وتد - نائب برلمان من جت
4- الدكتور سامي مرعي - أستاذ محاضر في جامعة حيفا من عرعرة
5- الدكتور محمود طبعوني من الناصرة - مهندس بناء ومحاضر في التخنيون بحيفا
6- السيد محمد مصاروة - محام ورئيس المجلس المحلي في كفر قرع
7- السيد إبراهيم نمر حسين - رئيس بلدية شفا عمرو ورئيس لجنة السلطات المحلية العربية في إسرائيل
8- السيد سمير درويش - رئيس المجلس المحلي باقة الغربية
9- الدكتور محمود مصالحة - مدير المدرسة الثانوية دبوريه
10- السيد فتحي فوراني - رئيس جمعية المبادرة الإسلامية بحيفا

ألا يخجل هؤلاء الظالمون من إذاعة هذه الأخبار الكاذبة، أم يظنون أنهم يخدمون بذلك الإسلام ويحسنون صُنعًا؟ كلا سيعلمون، ثم كلا سيعلمون حين يقفون أمام الله ليحاسبهم يوم القيامة.

الواقع أنه لم ينخرط في الجيش الإسرائيلي ولا أحمدي واحد منذ تأسيس الدولة الإسرائيلية حتى ولا في سلك الشرطة. وإننا نتحداهم أن يأتوا بمثال واحد للأحمدي الذي انخرط في الجيش أو الشرطة الإسرائيلية، ولكن لن يستطيعوا ذلك إلى يوم القيامة ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا، لأن هذا كذب بواح، وما نملك إزاءه إلا أن نقول: لعنة الله على الكاذبين؛ وإنما نشكو بثنا وحزننا إلى الله بعيونٍ جارية وقلوب دامية، والله المستعان على ما تصفون. بل إننا لا ننخرط حتى في الأحزاب السياسية.

بينما نرى الكثيرين من إخواننا المسلمين في إسرائيل نشيطين في مجال السياسة، ينخرطون بحُرية تامة في الأحزاب الصهيونية منها وغير الصهيونية. ومنهم أعضاء في البرلمان الإسرائيلي، وكثير منهم يخدمون في قوات الشرطة وفي الجيش. والأهم من كل ذلك أن الذين يعملون منهم في الخدمات الدينية، سواء القضاة والأئمة أو غيرهم من المسلمين، يتقاضون مرتَّباتٍ من الحكومة الإسرائيلية. ولكن يبدو أن معارضي الأحمدية لا يرون من الحق ولا من العدالة والذوق أن يوجّهوا إلى هؤلاء الإخوة المسلمين أصبعَ الاتهام ويكفي أن يوجّهوها ضد المسلمين الأحمديين فقط، رغم أنهم بريئون من كل هذه الأمور. وكأن الأحمديين في نظر هؤلاء الأعداء كَفَّارةٌ عن غيرهم، أو لأنهم وحدهم يمثلون الإسلام؟ إن هذا أعجب العجائب وأغرب الغرائب، ونترك للقارئ أن يقرر لنفسه الموقف المناسب من كل ذلك.







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:40 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

الاعتراض الثالث:
الأحمدية تتعاون مع الماسونية لهدم العقيدة الإسلامية.

الجــواب:

الحق أن الواقع هو عكس ذلك تمامًا. فليكن معلومًا أن إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة ميرزا محمود أحمد رضي الله عنه - الخليفة الثاني لمؤسس الأحمدية عليه السلام - كان من أوائل من كشفوا الستار عن خفايا الماسونية وأخطارها، وذلك في وقت كان أبرز زعماء المسلمين وقادتهم الروحيين أعضاءً في هذه المنظمة، ومنهم من لا يزالون يرأسون محافل الماسونية في بلادهم. لقد تصدت الجماعة الإسلامية الأحمدية للحركة الماسونية زمنًا طويلاً. صحيح أنه كثر الحديث مؤخرًا عن هذه الحركة السرية وبأنها صنيعة الصهيونية، وحذر مؤتمرُ المنظمات الإسلامية سنة 1974 مِن خطرها ومِن قبول أي مسلم ينتمي إلى هذه الحركة لمنصب إسلامي أيا كان، ولكن ما الذي حدث؟ هل طهرت المراكز الدينية والسياسية والثقافية في الدول الإسلامية من الماسونية؟ كلا ثم كلا، إنه لا زال المسلمون الكثيرون من قادة الفكر وكبار السياسيين ورجال الدين من قضاة وغيرهم ماسونيين.

وكما قلنا لقد حذرت الجماعةُ الإسلامية الأحمدية من هذه الحركة الهدامة للدين في الثلاثينات من القرن الماضي (راجع مجلة البشرى، الكبابير، كانون الأول سنة 1934). لا، بل قبل ذلك بكثير حيث نبّه الله تعالى سيدَنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام بالوحي من خطر الماسونية على العالم، وذلك في وقت لم تكن الدنيا على علمٍ بأهداف وأسرار الحركة الماسونية الهدامة. والإلهام المشار إليه هو باللغة الأردية وتعريبه:
"لن يُسمَح للماسونيين ليتسلَّطوا فيُهلِكوه". (التذكرة ص411)

إن الماسونية في الأساس قامت ضد الأديان السماوية، ولذا كيف يمكن أن تكون الأحمدية مع العدو الذي حذر الله منه مؤسّسَها بالوحي!؟ كلا، ليس هناك ولا أحمدي واحد عضوًا في هذه الحركة. وإننا لنتحدى جميعَ من يتهمنا بأننا حلفاء للماسونية أن يأتوا ولو بمثال واحد لأحمدي انضم إلى هذه الحركة. بينما هناك العشرات بل المئات من المسلمين من الرؤساء والملوك والعلماء والقضاة والزعماء الذين هم أعضاء رسميون في الماسونية إلى يومنا هذا.

لذا فإننا نناشد هؤلاء العلماء والأعداء أن يطهروا أنفسهم وصفوفهم أولاً من الماسونية التي غزتهم وأصبحت جذورُها عميقةً راسخة فيهم. ولسنا ندرى إن كان بمقدورهم فعلا الخلاصُ منها والتنكر لها؟







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:46 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

سيرته ودعواه
مولده ونشأته ومسيرته
دعواه


مولده ونشأته ومسيرته
ولد حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام في قرية قاديان من أعمال البنجاب في الهند سنة 1250هـ الموافق 1835م. وهو ينحدر من أسرة نبيلة من الفرس هاجرت إلى الهند إبان الدولة المغولية. وقد حضر أجداده من سمرقند واستوطنوا في البنجاب حيث اقتطع لهم الإمبراطور المغولي "بابر" عدداً من القرى والضياع.

ولما تراجع نفوذ الدولة المغولية، وقعت منطقة البنجاب تحت قبضة السيخ الذين تمردوا عليها. وقد قاسى المسلمون في البنجاب الأمرّين على يد السيخ الذين قتلوهم وشردوهم وحولوا مساجدهم إلى إسطبلات للخيول والأبقار.

وفي تلك الفترة، كانت بريطانيا قد بدأت حملتها في الهند. وما لبث أن امتد حكمها إلى البنجاب وأدى ذلك إلى نوع من التحسن في أحوال المسلمين نتيجة رفع ظلم واضطهاد السيخ عنهم. إلا أن الإنجليز جاؤوا بالقساوسة الذين سعوا إلى نشر المسيحية في الهند. وقد كان انتشار المسيحية في الهند أحد الأدوات التي رغبت بريطانيا من خلالها في بسط نفوذها على تلك البلاد وإخضاع أهلها إلى الأبد. فبدأ هؤلاء القساوسة بالهجوم على الإسلام والقدح في عرض سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم بطريقة شرسة لم يسبق لها مثيل. وقد حدث أن اعتنق عديد من المشايخ السفهاء المسيحية وأخذوا يهاجمون الإسلام بشراسة. وقد حرّض هذا الهجوم المسيحي أتباع الديانات الأخرى أيضًا على محاولة النيل من الإسلام أيضاً. فقامت لأول مرة في التاريخ حركات هندوسية تهاجم الإسلام وتدعو إلى عودة المسلمين الهنود إلى دين آبائهم وأجدادهم.

وفي تلك الفترة، إنبرى حضرة مرزا غلام أحمد عليه السلام للذّود عن حياض الإسلام وعن عرض المصطفى صلى الله عليه وسلّم، فقام بالرد على مطاعنهم وشبهاتهم. وبدأ بالرد من خلال المقالات في الصحف والرسائل. ثم عمد إلى تأليف كتاب أسماه "البراهين الأحمدية"، وقد ضمّنه أدلة وبراهين على صدق الإسلام وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلّم، وتحدى أتباع الديانات الأخرى، وقام بتأليف المجلد تلو المجلد من الكتب العظيمة حتى وصل عددها إلى نيف وثمانين كتابًا.

واتجه حضرته إلى دراسة الكتب المقدسة لهذه الأديان وبخاصة المسيحية، فاكتشف كمًّا هائلاً من التناقضات، مما جعله قادراً على إفحامهم في المناظرات وفي الكتب والمقالات.

وقد كان دفاعه عن الإسلام محطّ إعجاب المسلمين جميعاً في الهند. وقد لقبوه ببطل الإسلام، حيث كانوا يجدونه الوحيد القادر على رد الهجمات على الإسلام وعلى إفحام الأعداء. فمدحه المشايخ والعلماء في الهند، ووصفوا كتابه "البراهين" بأنه من أعظم الكتب في الإسلام.

وقد أعلن حضرته أن الله تعالى أبلغه أنه الإمام المهدي الذي وعد بقدومه في آخر الزمان، فكان هذا القول مقبولاً عموماً من المسلمين ولم يلقَ معارضة شديدة، وهذا بسبب ثقتهم به ومعرفتهم بتاريخه وسيرة حياته الطاهرة المطهرة. ولكن ما إنْ أعلن أن الله تعالى قد أخبره بأن عيسى ابن مريم عليه السلام قد مات وأنه هو مثيل ابن مريم، حتى تألب عليه المشايخ المعارضون ووقف كثير منهم في صفٍ واحدٍ مع المسيحيين والهندوس في معاداته، وأصدروا الفتاوى بتكفيره. فرد على هذه الشبهات في كتبه وبيّن دعواه بشكل واضح وجلي.

وقد سبّب دفاعه عن الإسلام تألُب النصارى عليه بشكل خاص، فسعى القساوسة إلى رميه بتهم جنائية باطلة لإلقائه في السجن. ولكن الله خيّب مسعاهم دائماً، وفضح خططهم، فباؤوا بالخيبة والخسران في كل مرة. كما أن مخططهم في تنصير الهند قد خاب بسبب دفاعه المستميت عن الإسلام. فقد أصبحت المسيحية في وضع لا تُحسَد عليه بسبب كشفه عليه السلام لزيفها وبطلانها من مصادر شتى ومنها كتبهم المقدسة.

ورغم كل المعارضة والمعاندة من الأعداء، فإن الله تعالى أيده بنصره عليهم، وحقق له الغلبة على أعداء الإسلام، كما حقق نبوءاته وبشاراته التي بشر بها. وأسس عليه السلام بأمر من الله تعالى الجماعة الإسلامية الأحمدية المنتشرة اليوم في كل أصقاع العالم. كل ذلك بعد أن كان إنساناً وحيداً، تقف الدنيا كلها في وجهه. ولعل انتشار هذه الجماعة وازدهارها المستمر الذي أصبح جلياً للعيان في هذا الوقت، لدليل على أن يد الله كانت مع هذه الجماعة التي ما كانت لتنجح في ظل تلك الظروف غير المؤاتية، ورغم كل الصعوبات والعقبات.



دعواه
يقول حضرته عليه السلام في تبيان دعواه ما نصه:
"قد بينتُ مرارًا وأظهرتُ للناس إظهارًا أني أنا المسيح الموعود والمهدي المعهود، وكذلك أُمرتُ، وما كان لي أن أعصيَ أمرَ ربي وأُلْحَقَ بالمجرمين. فلا تعجَلوا علي، وتدبَّروا أمري حق التدبر إن كنتم متقين. وعسى أن تكذِّبوا امرأً وهو من عند الله، وعسى أن تفسِّقوا رجلا وهو من الصالحين."
(إعجاز المسيح، الخزائن الروحانية مجلد 18 ص 7-9)


وقال حضرته عليه السلام في هذا السياق أيضاً ما نصه:
"إني امرؤ ربَّانيَ الله برحمة من عنده، وأنعم عليَّ بإنعام تام، وما أَلَـتَـني من شيء، وجعلني من المكلَّمين الملهَمين. وعلّمني من لدنه علمًا، وهداني مَسالكَ مرضاته وسِكَكَ تُقاته، وكشف عليَّ أسراره العليا. فطَورًا أيّدني بالمكالمات التي لا غبارَ عليها ولا شبهةَ فيها ولا خفاء، وتارةً نوّرني بنور الكشوف التي تُشبه الضحى. ومِن أعظم المِنن أنه جعلني لهذا العصر ولهذا الزمان إمامًا وخليفةً، وبعثني على رأس هذه المائة مجدِّدًا، لأُخرج الناسَ إلى النور من الدّجَى...
ومن آياته المباركة أنه إذا وجد فساد المتنصرين، ورآهم أنهم يصدّون عن الدين صدودًا، ورأى أنهم يؤذون رسول الله ويحتقرونه، ويُطرون ابنَ مريم إطراءً كبيرًا.. فاشتد غضبُه غيرةً من عنده، ونادانى وقال: إني جاعلك عيسى ابنَ مريم، وكان الله على كل شيءٍ مقتدِرًا. فأنا غيرة الله التي فارت في وقتها، لكي يعلَمَ الذين غَلَوْا في عيسى أنّ عيسى ما تفرَّدَ كتفرُّدِ الله، وأن الله قادر على أن يجعل عيسى واحدًا من أمة نبيه، وكان هذا وعدًا مفعولا."
(مِرآةُ كمالاتِ الإسلام، الخزائن الروحانية مجلد 5 ص 422-426)


وقال عليه السلام ما نصه:
"اِسمعوا يا سادة، هداكم الله إلى طرق السعادة، إني أنا المستفتي وأنا المدعي. وما أتكلم بحجاب، بل إني على بصيرة من رب وهاب. بعثني الله على رأس المائة... لأجدّد الدين وأنوّر وجهَ الملة، وأكسِّر الصليب وأُطفئ نارَ النصرانية، وأقيمَ سنةَ خير البرية، ولأصلحَ ما فسد وأروِّجَ ما كسد. وأنا المسيح الموعود والمهدي المعهود. منَّ الله عليَّ بالوحي والإلهام، وكلّمني كما كلّم برسله الكرام، وشهد على صدقي بآيات تشاهدونها، وأرى وجهي بأنوار تعرفونها.

ولا أقول لكم أن تقبلوني من غير برهان، وأن تؤمنوا بي من غير سلطان، بل أنادي بينكم أن تقوموا لله مقسطين، ثم إلى ما أنـزل الله لي من الآيات والبراهين والشهادات. فإن لم تجدوا آياتي كمثل ما جرت عادةُ الله في الصادقين وخلَتْ سنتُه في النبيين الأولين، فرُدُّوني ولا تقبَلوني يا معشرَ المنكرين".
(الاستفتاء، الخزائن الروحانية ج 22 ص 641)







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:48 PM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

بعض آيات صدقه عليه السلام
لا بد هنا من إيراد بعض الحقائق المبدئية التي يُستدل بها على صدق المرسلين من عند الله تعالى، ثم تطبيق هذه الحقائق والمعايير على دعوى حضرة مؤسس جماعتنا الإسلامية الأحمدية عليه السلام، لأنه إذا تحقق في الواقع صدق أحد من المرسلين وجب عندئذ الإيمان به، لأن العقل السليم لا يمكن أن يقتنع بكون أحد مرسلاً من ربه وخادعا للناس في الوقت نفسه مبعِداً إياهم عن الله تعالى.

إن السؤال المهم هنا هو: هل مؤسس جماعتنا الأحمدية الذي يدعي أنه مبعوث من عند الله صادق في دعواه أم لا؟ فإذا تحقق صدقه تحققت بذلك جميع دعاويه أيضا، وإذا لم يتحقق صدقه، كان البحث عن دعاويه عبثاً.

إن أدلة صدق أي نبي يمكن تقسيمها إلى ثلاث أقسام، أولها ما يتعلق بما قبل بعثته، مثل نبوءات الأنبياء السابقين بشأنه. ثانيها ما يتعلق بأمور حاصلة خلال بعثته، مثل تحقُُّق ما يعده الله به، ونجاحه وانتصاره على أعدائه، وإهلاك الله إياهم، والمعجزات التي يظهرها اللهُ له، والإنجازات الدينية والخلقية والروحانية التي يحققها. والقسم الثالث يتعلق بما بعد وفاته، وأبرزها نصر الله لدعوته وجماعته، ثم استمرارية تحقق نبوءاته التي تنبأ بها، لتظل شاهدا مستمرا على صدقه.

وفيما يلي نذكر هذه الأدلة والمعايير التي يستدل بها على صدق أي نبي، مع تطبيقها على حضرته عليه السلام باختصار شديد نظرا لضيق المجال.





الدليل الأول: شهادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
الدليل الثاني: طهارة حياة المدعي قبل دعواه
الدليل الثالث: التأييد الإلهي بالآيات والمعجزات


الدليل الأول: شهادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
لا خلاف في أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وصف الحالة التي يظهر فيها الإمام المهدي عليه السلام، حيث تحدث عن الحالة الدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية في أحاديث لا يكاد يجهلها أحد.

وقد تحققت هذه النبوءات في ذلك العصر، فكانت إيذانا بمجيء الإمام المهدي. والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا، بيد أننا نكتفي هنا بعلامة الخسوف والكسوف في شهر رمضان، وعلامة ظهور الدجال.

الخسوف والكسوف في شهر رمضان
لقد حدّد رسول الله صلى الله عليه وسلم علامةً معينة لظهور الإمام المهدي ليس في مقدور أحد من البشر أن يختلقها أو أن يتحكم فيها أو أن يبطلها. فقد جاء في سنن الدار قطني حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه:
"إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض، ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان، وتنكسف الشمس في النصف منه، ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض."
(سنن الدارقطني، كتاب العيدين، باب صفة صلاة الخسوف والكسوف وهيئتهما)


والمعروف أن الليالي الثلاث التي يمكن أن ينخسف فيها القمر هي الليلة الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة من الشهر العربي، وذلك حين تتوسط الأرض بين الشمس والقمر فيقع ظل الأرض على القمر فينخسف. وأما كسوف الشمس فيمكن أن يقع في اليوم السابع والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين من الشهر العربي، وهي الأيام التي يتوسط فيها القمر بين الأرض والشمس فيحجب القمر نور الشمس ويتم بذلك الكسوف.

وبناء على حديث رسول الله صلى الله علبه وسلم فإن خسوف القمر سوف يقع في أول ليلة من ليالي الخسوف، أي في الليلة الثالثة عشرة من الشهر العربي، وكسوف الشمس يقع في منتصف أيام الكسوف، أي في اليوم الثامن والعشرين من الشهر العربي، وأن كلا من الخسوف والكسوف سوف يجتمعان في شهر رمضان، وأن وقوعهما في الأيام المحددة وفي الشهر المحدد سوف يحدث بعد أن يكون الإمام المهدي قد ظهر، وأعلن عن نفسه وعن دعوته، ثم كذبه الناس، فتقع تلك الظواهر الفلكية، تصديقا وتأييدًا لـه، وأنه سيستدل بهما على صدقه.


"إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض، ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان، وتنكسف الشمس في النصف منه، ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض"(سنن الدارقطني، الحديث)

وقد حدث تماما ما أنبأ به رسول الله صلى الله علبه وسلم.. إذ جـاء الإمام المهدي عليه السلام، مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية.. وأعلن عن نفسه وعن دعوته.. فآمن به من آمن وكذبه من كذب. وقد أنشأ جماعته في عام 1889 بأمر الله تعالى. وحيث إنه قد أعلن أنه الإمام المهدي المنتظر.. قال المكذبون والمعارضون كيف يكون هو الإمام المهدي ولم يقع الخسوف والكسوف تصديقا له حسب وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلم يزل حضرتُه يدعو ربَّه عز وجل بحرارة متناهية دعاء المضطر الذي يذوب قلبه ووجدانه أملا ورجاء في نصر الله تعالى وتأييده، حتى جاء نصر الله. وفي مساء يوم الخميس الموافق 21 مارس (آذار) عام 1894 الميلادي، وهو مساء الليلة الثالثة عشرة من رمضان المبارك عام 1311 الهجري، وقع خسوف القمر. وهنا قال الإمام المهدي للناس انظروا إلى الشمس.. فإنها ستنكسف أيضا في اليوم الثامن والعشرين من هذا الشهر المبارك إن شاء الله تعالى. وفعلا وقع كسوف الشمس في اليوم المحدد وهو الموافق 6 نيسان (أبريل) عام 1894. وبهذا تحقق وعد رسول الله صلى الله علبه وسلم، وظهرت الآيتان اللتان ذُكر أنهما ستظهران للإمام المهدي، وأنه سيستدل بهما على صدقه، ولم يحدث قط أن استدل أحد من قبل على صدقه بظهور مثل هاتين الآيتين.

وقد تكررت نفس الظاهرة تمامًا في العام التالي مباشرة في النصف الآخر من الكرة الأرضية في أمريكا عام 1895. وهكذا وقعت المعجزة الفلكية التي ذكرها رسول الله صلى الله علبه وسلم، وأشار إليها القرآن الحكيم في سورة القيامة، واجتمع كسوف الشمس والقمر في شهر رمضان، وسجلت المراصد الفلكية هذا الحدث، ودخل في السجلات إلى الأبد.

فلما وقعت الآية الموعودة سارع كثيرٌ من الناس إلى البحث عن الإمام المهدي وصدقوه، أما المعارضون الذين كانوا يطالبونه بها من على المنابر من قبل فأخذتهم العزة بالإثم، فجحدوا بها بكل شدة، بل بدأوا يرفعون عقيرتهم في المساجد: الآن سيقوم الميرزا بإضلال الناس أكثر! كما أثاروا حول هذه الآية السماوية القاهرة اعتراضات شتى.

فقالوا أن الحديث ينص على أن ينخسف القمر في أول ليلة من رمضان، وليس في أول ليلة من ليالي الخسوف (الليلة الثالثة عشرة)، فرد عليهم حضرته عليه السلام وقال ما نصه:
"... إن عبارة الدارقطني تدل بدلالة صريحة وقرينة واضحة صحيحة، على أن خسوف القمر لا يكون في أول ليلة رمضان أصلا، ولا سبيل إليه جزما وقطعا، فإن عبارته مقيّدة بلفظ القمر، ولا يُطلق اسم القمر على هذا النـيِّر إلا بعد ثلاث ليال إلى آخر الشهر، وسمُي قمرا في تلك الأيام لبياضه التام، وقبل الثلاث هلال وليس فيه مقال، وهذا أمر* اتفق عليه العرب كلهم وجُلّهم إلى هذا الزمان، وما خالفه أحد من أهل اللسان، ولا ينكره إلا من فُقدت بصيرته وماتت معرفته، ولا يخرج كلمة خلاف ذلك من فمٍ إلا من فم غمرٍ جاهل، أو ذي غمر متجاهل، ولا تسمعها من أفواه العاقلين... فلا تُحرّف كلام سيد الأنبياء، وإمام البلغاء والفصحاء، واتق الله يا مسكين. ولا تجترئ في شأن أفصح العجم والعرب، ومقبول الشرق والغرب. أيُفتي قلبك ويرضى سربك بأن الأعرف الأفصح الذي أُعطِيَ له الجوامع والكلام الجامع، وجُعلت كلماته كلها مملوءة من غُرر الفصاحة، ودُرر البلاغة، والنوادر العربية، واللطائف الأدبية، واللبوب اللغوية، والحقائق الحِكَمية، هو يُبتلَى بهذا العثار، ويترك جزل اللفظ ويختار ركيكًا سقْطًا غلطًا غير المختار، بل يخالف مسلّمات القوم ومقبولات بلغاء الديار، ويصير ضحكة الضاحكين؟ ووالله ما يصدر هذا الخطأ المبين والعثار المهين، من فطنة خامدة ورويّة ناضبة، فكيف يصدر من فارس ذلك الميدان، بل سيد الفرسان؟ ما لكم لا تنظرون عزة الله ورسوله يا معشر المجترئين؟ أبُخلكم أحبّ إليكم وأعز إليكم من خاتم النبيين؟... فإنكم عزوتم إلى سيد الأنبياء ما لا يُعزى إلى جهول من الجهلاء، تكاد السماوات تنشق من هذا الاجتراء، فاتقوا الله ذا الكبرياء، ولبّوا دعوة الحق تلبية أهل الاهتداء. قد وقع واقع فلا تميلوا إلى المراء، واتبعوا قول النبي الذي إشارته حُكْمٌ، وطاعته غُنمٌ، ولا تكونوا من الأشقياء، ولا يفرُط وهمُكم إلى الألفاظ من غير دواعٍ كاشفة الخفاء، بل فتِّشوا الحقيقة واعرفوا الطريقة بحسن النيّات، ولا تلاعبوا كالصبيان بالأمور الدينيات."
(نور الحق، الخزائن الروحانية ج 8 ص 198-201)


وقد ردّ حضرته عليه السلام على الذين زعموا أن هذا الحديث من الأحاديث الموضوعة، فقال ما نصه:
"... وقال المعاندون والعلماء المتعصّبون أن هذا الحديث ليس بصحيح، بل هو قول كذّاب وقيح. وما لهم بذلك من علم. كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا، وكذّبوا ما أظهر الله صدقه وجلّى. ما كان حديثا يُفترى، ولكن عُمّيت عليهم وطُبع على قلوبهم طبعًا... أفأنت تشك في حديث حصحصت صحّته وتبيّنت طهارته، أنه ضعيف في أعين القوم، أو هو مورد اللوم، أو في رواته أحد من المطعونين؟ أفذلك مقام الشك أو كنت من المجنونين؟ وقد صدّقه الله وأنار الدليل وبرّأ الرواة مما قيل، وأرَى أنوار صدقه أجلى وأصفى، فهل بقي شك بعد إمارات عظمى؟ أتشكّون في شمس الضحى؟ أتجعلون النّور كالدّجى؟ أتعاميتم أو كنتم من العمين؟ أتقبلون شهادة الإنسان ولا تقبلون شهادة الرحمن وتسعون معتدين؟ أأنت تعتقد أن الله يُظهر على غيبهالكذابين المفترين المزوّرين؟ أتشك في الأخبار بعد ظهور صدقها؟ وإذا حصحص الصدق فلا يشك إلا من كان من قوم عادين. وهذا أمر لا يحتاج إلى التوضيح والتعريف، ولا يخفى على الذكيّ الحنيف، وعلى كل من أمعن كالمتدبرين."
(المرجع السابق ص 206-208)


ثم ذكر أن هذه الآية لم تجتمع من قبل لرجل يقول بأنه الإمام المهدي المنتظر فقال ما نصه:
"... ولا شك أن اجتماع الخسوف والكسوف في شهر رمضان مع هذه الغرابة أمر خارق للعادة، وإذا نظرت معه رجلا يقول إني أنا المسيح الموعود والمهدي المسعود، والملهم المرسل من الحضرة، وكان ظهوره مقروناً بهذه الآية، فلا شك أنها أمور ما سُمِع اجتماعها في أوّل الزمان، ومن ادّعى فعليه أن يثبت وقوعه في حين من الأحيان.
ثم لما ظهرت هذه الآية في هذه الديار وهذا المقام، ولم يظهر أثر منها في بلاد العرب والشام، فهذه شهادة من الله العلاّم لصدق دعوانا يا أهل الإسلام. فقوموا لله فرادى فرادى، واتركوا مَن بَخِل وعادى، ثم تفكّروا ودَعُوا عنادا، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ولا تفسدوا إفسادا، ولا تعرضوا مستعجلين.
يا عباد الله، رحمكم الله. اتقوا الله ولا تتكبّروا، وفكّروا وتدبّروا، أيجوز عندكم أن يكون المهدي في بلاد العرب أو الشام، وآيته تظهر في هذا المقام؟ وأنتم تعلمون أن الحكمة الإلهية لا تُبْعِد الآية من أهلها وصاحبها ومحلّها، فكيف يمكن أن يكون المهدي في مغرب الأرض وآيته تظهر في مشرقها؟ فكفاكم هذا إن كنتم من الطالبين.
ثم مع ذلك لا يخفى عليكم أن بلاد العرب والشام خالية من أهل هذا الادّعاء، ولن تسمع أثرا منه في تلك الأرجاء، ولكنكم تعلمون أني أقول من بضع سنين، بأمر رب العالمين، أني أنا المسيح الموعود والمهدي المسعود."
(المرجع السابق ص 215-217)


ظهور الدجال
أما علامة ظهور الدجال الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث عديدة، فهو ليس بحاجة إلى بحث عميق، فإن نظرة متأنية تؤكد أنهم هؤلاء الشعوب المسيحية الغربية وخصوصا قسسهم القادمون معهم لتنصير المسلمين، ليجعلوا بلادهم سهلة طيعة للاستعمار. هؤلاء القسس المضللون، وهذا الاستعمار الداعم لهم بسياسييه الدجالين، تنطبق عليهم مواصفات الدجال حسب ما وردت في الأحاديث. وحيث إن الدجال قد ظهر، فلا بد أن يأتي المسيح الموعود لقتله. والحقيقة أن المسيح هو نفسه المهدي، وأن القتل هو القتل الفكري لا المادي، لأن مهمة الأنبياء دينية خلقية إصلاحية، لا سياسية ولا عسكرية.

أما كون الدجال فئة وليس شخصا واحدا، فهذا ينبغي ألا يكون فيه ريب، ذلك أن نبوءات الأنبياء المستقبلية ليست إلا رؤى وكشوفات واستعارات بحاجة إلى تأويل، ولا تؤخذ على ظاهرها، لما ينجم عن هذا من تعارض مع بدهيات الدين ومسلمات العقل. ولسنا الآن بصدد تفسير الأحاديث النبوية المتعلقة بالدجال، وربطها بهؤلاء المسيحيين الغربيين، ذلك أنها متوافرة في كتاب "القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح"، الذي يضم في ثناياه علامات ظهور الإمام المهدي.

لكن، لا بأس لو تحدثنا عن حمار الدجال في هذه العجالة، فقد جاء في أحاديث رسول الله صلى الله علبه وسلم نبوءات تتعلّق بوسيلة النقل التي سيستخدمها الدجّال عند ظهوره، وقد أطلق على هذه الوسيلة اسم "حمار الدجّال"، وبيّن أنّ المسيح الدجّال يأتي على هذا الحمار الهائل الذي يأكل النار في أحشائه، وله فتحة يُخرج منها النار والدخان وينطلق في سرعة هائلة برًّا وبحراً وجوّاً، لونه أقمر شديد البياض، أهلب لا شعر له، وطول كل أذن من أذنيه ثلاثون ذراعاً، وعرض ما بين أذنيه سبعون ذراعاً، وما بين حافره إلى حافره مسيرة يوم وليلة. تُطوى له الأرض منهلاً منهلاً، يسبق الشمس إلى مغيبها. طوله في الأرض ستّون خطوة، ولونه أحمر، طعامه الحجارة والنار، لا يُدرى قُبله من دُبُره. يتقدّمه جبل من دخان. يخوض البحر لا يغرق ولا يبلغ الماءُ حقويه، وسرعته كالغيث إذا استدبرته الريح. له سروج وفروج ودويّ يملأ ما بين الخافقين، ويدعو الناس للركوب فيه.

هذا هـو حمار الدجّال في نبوءات سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهل يبقى شك في أن هذه النبوءات متعلقة بوسائل النقل التي تُستخدم فيها النار، والتي هي من مخترعات الدجال ويأجوج ومأجوج الذين معظم أعمالهم بالأجيج أي النار، والذين أتوا من كل حدب ينسلون؟

فإذا تبين أن حمار الدجال هو وسائل النقل الحديثة، من طائرة وسفينة وقطار وسيارة وما إلى ذلك، فهل تصعب معرفة صاحب هذا الحمار؟ إنه هذه الشعوب المسيحية الغربية المستعمرة، التي حذرنا من فتنتها نبينا محمد صلى الله علبه وسلم، وأمرنا بقراءة فواتح سورة الكهف للنجاة من فتنها، وهذه الفواتح تتحدث بوضوح عن الذين قالوا اتخذ الله ولدا.

وإذا أخذ أحدهم النبوءات المتعلقة بهذا الحمار على ظاهرها، فماذا سيقول عن الدجال نفسه الذي يركب هذا الحمار الذي يبدو خرافيا حسب الفهم السطحي له؟ وإذا ثبت تحقق ظهور الدجال، فهو إحدى علامات ظهور الإمام المهدي عليه السلام.





الدليل الثاني: طهارة حياة المدعي قبل دعواه
كان الأنبياء الذين بعثهم اللـه تعالى كلـهم صادقين خلال حياتـهم، وذوي سيرة طاهرة. وهو أمر لا بد منـه، فمن اعتاد الكذب على الناس لا يتورع عن الكذب على اللـه تعالى. أما من لم يكذب في صغائر الأمور، وكان صادقًا في شؤون حياتـه كلـها، لا يعقل أنْ يقرر فجأة أنْ يكذب على اللـه تعالى.

وبـهذا احتج نبينا محمد صلى الله علبه وسلم لإثبات صدقه، وحاجَّ قومَه من خلال ذلك، فقد روى البخاري في صحيحه:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللـه عَنـهمَا قَالَ لَمَّا نـزلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله علبه وسلم عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، لِبُطُونِ قُرَيْشٍ، حَتَّى اجْتَمَعُوا. فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ. فَجَاءَ أَبُو لـهبٍ وَقُرَيْشٌ. فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ؛ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلا صِدْقًا. قَالَ فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ. فَقَالَ أَبُو لـهبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلـهذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنـزلَتْ (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لـهبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنـه مَالـه وَمَا كَسَبَ).


(صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن)

لكنهم لم يقنعوا بهذا الاستدلال، واعتبروه حجة واهية.

لقد أكد اللـه هذه الحقيقة لإثبات صدق نبينا محمد صلى الله علبه وسلم فقال تعالى:



(يونس: 17)

يأمر اللـه تعالى نبيه -في هذه الآية- بأنْ يقول للكافرين المعاندين: قبل أنْ يبعثني اللـه تعالى، وقبل أنْ ينـزل القرآن، كنت موجودًا بين ظهرانيكم مدة طويلة، وكلكم شاهد على طهر سيرتي وكمال صدقي، فهل يمكن أنْ يخطر ببالي أنْ أفتري على اللـه الكذب؟ (أفلا تعقلون)؟ ألا تُعملون عقولكم لتـهديكم إلى الحق؟!

وجاء في الآية التالية:



(يونس: 18)

فلو كنت افتريت على اللـه الكذب لكنت مجرمًا، أمّا إنْ كنت صادقًا، وأنتم مَنْ كذَّب بآيات اللـه، فأنتم المجرمون. وحيث إنَّـه لا يمكن أنْ أكون كاذبًا إذ لبثت فيكم عمرًا طويلا ولم يصدر عني كذب أو منكر، فأنتم المجرمون بتكذيب آيات اللـه ونبيه.

هل كان إمامنا المهدي عليه السلام صادقًا طوال حياتـه، وقبل أنْ يبعثه اللـه تعالى؟

لقد ثبت أنـه كان صادقًا، معروفًا بالتقوى والورع والأمانة طوال حياتـه، ومما يؤكد ذلك ما يلي:

شهادة كبار المسلمين
وهم كثر، ولكننا نكتفي هنا ببعض الشهادات:

جاءت أولاها من قبل الشيخ محمد حسين البطالوي، وهو الذي صار فيما بعد من أشدِّ خصومه عليه السلام، حيث قال وهو يصف مؤسس الجماعة عليه السلام قبل أنْ يبعثه اللـه تعالى، وتعريبه ما يلي:
"إن مؤلف كتاب البراهين الأحمديَّة عديم المثال، إذ قَلَّ أنْ أتى الزمان بمثلـه في الثبات الغريب لخدمة الإسلام، ونصرة الدين الحق بالنفس والنفيس والقلم واللسان والحال والقال.. إنَّ مؤلف البراهين الأحمديَّة في تجارب أعدائه واختبارات أصدقائه - واللـه حسيبـه - لقائم بالشريعة الإسلامية، وتقي، وورع وصدوق." (القول الصريح، ص 145 نقلاً عن مجلة إشاعة السنة، المجلد السادس).


وثانيتها: وكان أحد كبار المعجبين الآخرين بكتاب البراهين الأحمدية، هو صوفي أحمد جان من لدهيانة، وكان هو أيضًا من كبار الصالحين المتصوفين. وقد قرّظ الكتاب ومدح مؤلفه بما يلي:
"إن هذا الكتاب قد أرسى دعائم صدق الإسلام.. وصدق نبوة محمد صلى الله علبه وسلم.. وصدق القرآن الكريم. وقد دلل على ذلك بإيراد ثلاثمائة دليل من البراهين القوية التي لا تقبل الجدل، وردّ بأدلة منطقية حاسمة هجوم المسيحية، والآرية، والهندوسية، والبراهموسماج، وكل الأديان المعادية للإسلام.....
إن مؤلف "البراهين الأحمدية" ليس من علماء الدين العاديين، ولا هو واحد من الزعماء الشعبيين، وإنما هو صفيّ الله، الذي اصطفاه واختاره لهذا الغرض، وأيده بوحي منه. إن المئات من جمل الوحي التي تلقاها، والنبوءات، والرؤى الصادقة، والتوجيهات الربانية، والمبشرات التي تتعلق بهذا الكتاب، والتي تحمل بشرى النصر والتأييد الإلهي والهدي الرباني، والتي جاءت بلغات عديدة، كالعربية والفارسية والأردية وحتى اللغة الإنجليزية - رغم أن المؤلف لا يعرف اللغة الإنجليزية - قد وردت في هذا الكتاب، وجاء معها ما يصدقها من شهادة مئات من الناس.. حتى من بين غير المسلمين.. بل ومن بين أعداء الإسلام أنفسهم.. مما يؤكد صدقها ويبرهن على أن المؤلف - دون أدنى شك - يكتب هذا الكتاب وهو تحت توجيه الله وهداه. كذلك.. فإنه حسب حديث رسول الله صلى الله علبه وسلم: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها).. نرى أن مؤلف هذا الكتاب هو مجدد القرن الرابع عشر. وإنه لعالم قدير، وهو من الأفراد الكُمّل في الأمة الإسلامية. وإن هذا أيضا يؤيده حديث آخر لرسول الله صلى الله علبه وسلم الذي يقول فيه: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل."


وثالثتها: تلك التي كتبها المولوي محمد شريف.. وكان محررا لصحيفة "منشور محمدي".. تعليقا على الكتاب أثنى فيه عليه ثناءً كبيرا، وجعل على رأس تعليقه الآية الكريمة: (وقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زهوقًا)، فقال:
"إن الإسلام يهاجَم اليوم من كل اتجاه. فالإلحاد ينتشر ويزدهر، وأتباع البراهموسماج يبذلون كل جهد لإثبات عظمة دينهم وتفوقه على الإسلام، من خلال كتبهم ومقالاتهم الفلسفية. وإخواننا المسيحيون يكرّسون كل أوقاتهم ومجهوداتهم لمحو الإسلام كلية، وإنهم على اقتناع تام بأنه ما دامت شمس الإسلام تلقي بأشعتها على العالم، فإن مجهوداتهم لنشر المسيحية ستضيع هباءً منثورا. وباختصار.. فإن أتباع كل دين يبذلون الجهد الأكبر لإطفاء شمس الإسلام وإخماد أنفاسه.
وقد كنا نتطلع منذ أمد طويل، إلى أن يظهر من بين المسلمين أحد رجالاتهم يكون مؤيدا من الله تعالى، فيتصدى للدفاع عن الإسلام، ويكتب كتابا يليق باحتياجات العصر ومقتضيات هذا الزمان، ويُضمّنه الأدلة العقلية والمنطقية المستوحاة من الكتاب والسُنَّة، ليثبت أن القرآن هو حقا كلام الله ووحيه إلى رسول الله صلى الله علبه وسلم، وأن ذلك الرسول كان بحقٍ الصادق الأمين، الذي اختاره الله رسولا للعالمين. وإننا لنشكر الله تعالى على فضله العظيم لأن آمالنا قد تحققت.. فها هو ذا الكتاب الذي كُنا نأمل ونتطلع لتأليفه ونشره منذ زمن طويل واسمه "البراهين الأحمدية"، وقد ضمّنه المؤلف ثلاثمائة دليل قاطع، على صدق القرآن الكريم، وعلى صدق نبوة محمد صلى الله علبه وسلم. إن مؤلف هذا الكتاب هو أجَلّ العلماء وأقومهم، إنه بحر من العلم عميق الأغوار، وهو فخر مسلمي الهند جميعا.. صفيّ الله تعالى.. المولوي مرزا غلام أحمد، رئيس قاديان في غورداسبور بالبنجاب."

عدم اتـهامه من قبل خصومه بالكذب
وهذا كان في الوقت الذي كانوا يبحثون فيه عن تأويلات محتملة لكلامه ليكفروه من خلالـها، ولو وجدوا عليه كذبًا خلال لحظة من عمره لطاروا بـه كل مطار. رغم أن الخصوم قد اتهموا الإمام المهدي عليه السلام اتـهامات عديدة مختلقة، وصلت حد العمالة للمستعمر، وحد ادعاء النبوّة التشريعية، وحد ادعاء الألوهية، بيد أن أحدا منهم لم يتهمه بالكذب في حياته الأولى، فالسكوتُ في معرض الحاجة إلى بيانٍ بيانٌ.

تحديه إياهم
لقد تحدى إمامنا المهدي عليه السلام مكذبيه، بأنـه لا يمكنـهم أنْ يتـهموه بكذب، حيث قال:
"إنَّكم لعمري لا يمكنكم أنْ تتـهموني بكذب أو افتراء أو خداع في أوائل حياتي بينكم، فتحسبون أنّ من كان هذا شأنـه من عادة الكذب والافتراء لا يبعد أنْ يكون قد اختلق هذا الأمر من عنده. ألا فهل منكم من أحد ينتقد شيئًا من شؤون حياتي؟ وما ذلك إلا فضل منـه عز وجل أنَّـه أقامني على التقوى منذ نعومة أظفاري! وإن في ذلك لآية للمتفكرين."
(تذكرة الشهادتين، الخزئن الروحانية ج20، ص64)





الدليل الثالث: التأييد الإلهي بالآيات والمعجزات
ولقد ظهرت آيات خارقة كثيرة للإمام المهدي عليه السلام نذكر بعضًا منها بإيجاز شديد.

وباء الطاعون
لقد أظهر الله تعالى لصدق الإمام المهدي عليه السلام آية عظيمة بصورة الطاعون. لقد أخبره الله تعالى بتفشي الطاعون قبل الأوان بشهور كثيرة حيث رأى في الرؤيا أن الملائكة تزرع أشجارًا دميمة الشكل مخيفة، وأخبرته أنها الطاعون الذي هو على وشك الانتشار. كما ظهر له الطاعون في رؤيا بصورة الفيل الذي يعيث في الأرض بالهلاك والتدمير، لكنه لما وصل إلى حضرته جلس أمامه خاضعا طائعاً، ومعنى هذه الرؤيا أن ملائكة الطاعون قد أُمرت بتأييد حضرته. ولقد صدق هذا المعنى ما تلقى حضرته مما أوحى الله تعالى إليه بهذا الشأن فقال: "إنّي أُحافِظ كلَّ مَن في الدّار"، وأيضًا ما قال تعالى: "لولا الإكرام لهلك المقام".

فنشر حضرته وحي الله تعالى قبل ظهور الطاعون، وأعلن أن أتباعه سيكونون في مأمن من الطاعون أكثر من غيرهم بفضل الله تعالى. كذلك أعلن حضرته أن قاديان ستكون أمنع للطاعون من سائر القرى والمدن الأخرى، ولا تكون هدفا للطاعون المبيد كمناطق أخرى، وستكون دار حضرته محروسة ومصونة كلها على الإطلاق، ولن تحدث فيها أية إصابة من الطاعون.

وبعد هذه الإعلانات التي استهزأ بها المعارضون كالمعتاد، فتك الطاعون بأهل الهند أشد الفتك، وكان يقضي على مئات الألوف منهم كل سنة، لكن رغم ذلك فقد حظر حضرته على جماعته التطعيمَ ضد الطاعون العلاج الوحيد الذي كان يوثَق به للاحتماء من هذا المرض الوبيل، وقد فعل ذلك بناءًا على وحي الله تعالى الذي أراد بذلك التأكيد على تأييده للمسيح الموعود عليه السلام وجماعته.

وإنها لأعجب آية تدعو أولي الألباب إلى طمأنينة واقتناع: فإن كبار الأطباء الذين كانوا يفرطون في الحيطة والحمية، لم ينجوا من هذا الوباء، كما أن القاطنين في قصور شاهقة منعزلة عن العمران أيضا أصيبوا به ولم يتخلصوا من بطشه. والمطعمون ضد الطاعون أيضا لم يكونوا من الناجين. لكن الساكنين بدار حضرته كانوا بمنجاة منه مع انعدام الأسباب الظاهرية ومع فقدان الأدوية الواقية والوسائل الصحية المواتية، ورغم لزومهم الدار غير هاربين عنها، ورغم أن عدد السكان كان كبيرا وفي زيادة مستمرة، بسبب تقاطر اللاجئين إليها كل يوم.

فلو لم يدخل الطاعون قاديان بتاتا، أو دخله ولم يحدث حول دار حضرته إصابات، فكان من الممكن أن يعزى ذلك إلى المصادفة، لكن تفشي الطاعون بقاديان، وحلوله بالبيوت المتجاورة، ونجاة سكان داره، بل الدواب اللاجئة إليها، بعد أن سبق أن نشر حضرته أن الملائكة تحفظه وتؤيده، لأقوى دليل على أن الملائكة كانت مأمورة بالانقياد لحضرته عليه السلام ومكلفة بحفظه وصيانته ونصرته.

كما أن نجاة أفراد جماعته عمومًا من موت الطاعون كانت آية أخرى من عند الله تعالى. فدخل الناس في هذه الجماعة في أيام الطاعون أفواجًا.

ولتفصيل الحديث عن آية الطاعون هذه يمكن مراجعة كتاب "مواهب الرحمن" و"الهدى والتبصرة لمن يرى" للإمام المهدي عليه السلام.

المباهلات
عندما لقي حضرته عليه السلام التكذيب من المعارضين، وعندما استشرت عداوتهم وكبُر إعراضهم، دعاهم إلى المباهلات لكي يحكم الله بينه وبينهم بالحق وينـزل لعنته على الظالمين. ومن خلال تلك المباهلات، أظهر الله تعالى كثيرا من آيات النصر والتأييد له. فأهلك أعداءه وأخزاهم من المسيحيين والهندوس وبعض المشايخ.

فقد كان عليه السلام يعلن عند كل مباهلة ما كان ينبئه الله عن مصير أعدائه وعاقبتهم إن استمروا في تحديهم له وطغيانهم. وفي آخر المطاف كانت تتحقق تلك الأنباء كلها بشكل عجيب جدا.

إن سجل هذه المباهلات طويل جدا، كما أن نتائجها موثقة لا لبس فيها ولا شك، إلا أن المجال لا يسمح لسرد تفاصيلها التي هي موجودة في كتبه عليه السلام خاصة في الكتابين "الاستفتاء" و"مواهب الرحمن".

ولم يقتصر إعلان المباهلة وظهور الآيات على زمن حضرته عليه السلام بنفسه، بل استمر هذا الأمر في عهد خلفائه. ولقد كانت المباهلة التي أعلنها الخليفة الرابع -رحمه الله– ضد الجنرال ضياء الحق آيةً واضحة شهدها الناس جميعا في عهد قريب قبل سنوات معدودة.

فلقد حكَم الجنرال ضياء الحق باكستان حكما عسكريا ظالما لم تعهده البلاد من قبل. وأصدر مرسومًا رئاسيًّا عسكريًّا يحظر على المسلمين الأحمديين ممارسةَ شعائرهم الدينية، ويمنعهم من أن يعلنوا الشهادة أو أن يلقوا السلام أو أن يشيروا بأي طريق أو كلمة إلى انتمائهم إلى الإسلام. وكان هذا القانون بمنـزلة مبرر لتسويغ ملاحقة الأحمديين واضطهادهم من قبل الحكومة وعامة الناس بحجة مخالفة القانون. فبدأت سلسلة من الاضطهاد والعدوان على الأحمديين المسالمين العزّل المستضعفين، وأدت إلى استشهاد العشرات بل والمئات منهم وتدمير مساجدهم وممتلكاتهم. ولما طفح الكيل بالتكذيب والبهتان والتكفير والاضطهاد، وجّه إمامُ جماعتنا آنذاك ميرزا طاهر أحمد - رحمه الله - دعوةَ المباهلة إلى هذا الجنرال وإلى المشايخ الذين من ورائه، بأن يدعو الفريقان ربهما أن يعاقب الكاذبَ والظالم منهما عقابًا شديدًا يكون عبرة لمن يعتبر؛ وذلك في خطبته للجمعة يوم 10/6/1988.

ثم بعد ثلاثة أسابيع قال حضرته في خطبته للجمعة يوم 1/7/1988: "إننا ما زلنا في انتظار ما سيُظهره الله تعالى من قضائه في صدد الرئيس الباكستاني. ولكن كونوا على يقين أن الله تعالى سيبطش به حتمًا، سواء قبِلَ الآن دعوتي للمباهلة أم لم يقبلها، لأنه رأس المكفّرين لنا، والمسؤول الأول عن كل ما يُصَبّ على الأحمديين الأبرياء من ظلم وعدوان.

ثم في خطبة الجمعة يوم 12/8/1988 أعلن حضرتُه وقال: "إن الله تعالى قد أخبرني البارحةَ أن رحى القدر قد أخذت تدور، وأنه تعالى سوف يمزق هذا الطاغية إربًا، ويجعله هباء منثورًا. فكونوا على يقين أن عقابه قريب، ولن تستطيع قوة في الدنيا إنقاذَه منه أبدًا."

وبعد خمسة أيام فقط من هذا الإنذار الإلهي الذي تم على لسان إمام جماعتنا نـزلت صاعقة قدر الله على هذا الدكتاتور يوم 17/8/1988، حين انفجرت طائرته في جو السماء، فاحترق هو ومن معه من أسياده الأمريكان، وأصبح رمادًا تذروه الرياح، ولم يُعثَر على شيء من جثته سوى سنّه الذهبي، الذي دفنوه في قبره كما يعرف الجميع.

تعلُّم اللغة العربية في ليلة واحدة
لقد كان عليه السلام يجلّ اللغة العربية كثيرا بصفتها لغة القرآن الكريم. وقد كان يعاني في أول أمره من ضعف فيها لعدم أخذه نصيبا كافيا من المهارة بالتعبير بها والتصرف بفنون القول بها، وكان هذا الأمر سببا في انتقاده من قبل معارضيه. فتوجه إلى الله تعالى شاكيا إليه هذا العيب، فكان أن أصلح الله تعالى هذا العيب، وعلّمه اللغة العربية في ليلة واحدة. فكان هذا الأمر مصداقا للنبأ الذي ورد في الحديث الشريف، الذي رواه سيدنا علي رضي الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله علبه وسلم: "المهدي منا أهل البيت يُصلحه الله في ليلة."
(رواه أحمد بن حنبل (1/84)، وابن ماجه (4085)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/177)، وابن عدي في "الكامل" (7/185))


يقول حضرته عليه السلام في هذا الشأن ما نصّه:
"ومن آياتي أنه تعالى وهب لي ملكة خارقة للعادة في اللسان العربية، لتكون آية عند أهل الفكر والفطنة. والسبب في ذلك أني كنت لا أعلم العربية إلا طفيفا لا تُسمّى العلمية، فطفق العلماء يقعضون ويكسرون عود خبري ومخبرتي، ويتزرّون على علمي ومعرفتي... وشهروا من عندهم أن هذا الرجل لا يعلم صيغة من هذه اللسان، ولا يملك قراضة من هذا العقيان. فسألت الله أن يُكمّلني في هذه اللهجة، ويجعلني واحد الدّهر في مناهج البلاغة. وألححت عليه بالابتهال والضراعة، وكثر اطراحي بين يدي حضرة العزّة، وتوالى سؤالي بجهد العزيمة وصدق الهمة وإخلاص المهجة. فأُجيب الدعاء، وأُوتيتُ ما كنتُ أشاء، وفُتِحَت لي أبواب نوادر العربية، واللطائف الأدبية، حتى أمليتُ فيها رسائل مبتكرة، وكتبا محبّرة، ثم عرضتها على العلماء، وقلتُ يا حزب الفضلاء والأدباء.. إنكم حسبتموني أُمّيًّا ومن الجهلاء، والأمر كان كذلك لولا التأييد من حضرة الكبرياء، فالآن أُيّدتُ من الحضرة، وعلّمني ربّي من لدنه بالفضل والرحمة، فأصبحت أديبا ومن المتفرّدين. وألّفتُ رسائل في حُلل البلاغة والفصاحة، وهذه آية من ربي لأولي الألباب والنصفة، وعليكم حُجّة الله ذي الجلال والعزّة. فإن كنتم من المرتابين في صدقي وكمال لساني، والمتشككين في حسن بياني وتبياني، ولا تؤمنون بآيتي هذه وتحسبونها هذياني، وتزعمون أني في قولي هذا من الكاذبين.. فأْتوا بكتاب من مثلها إن كنتم صادقين.... وإن كان الحق عندكم كما أنّكم تزعمون، فسيُبدي الله عزّتكم ولا تُغلبون، ولا ترجعون كالخاسرين. فلا يُعاتبكم بعده مُعاتب، ولا يزدريكم مُخاطب، ويستيقن الناس أنكم من الأمناء ومن الصالحين. وإن كنتم لا تقدرون عليه لقلة العلم والدهاء، فانهضوا وادعوا مشهورين منكم بالتكلم والإملاء، والمعروفين من الأدباء. وإني عرضت عليكم أمرا فيه عزة الصادق وذلّة الكاذب، وسينال الكاذبين خزيٌ ونصبٌ من العذاب اللازب، فاتقوا الله إن كنتم مؤمنين.
فما كان لهم أن يأتوا بمثل كلامي، أو يتوبوا بعد إفحامي، وظهرت على وجوههم سواد وقحول، وضمر وذبول، وغشِيَهم حينٌ وإحجام، وجهلوا كل ما صلفوا ولم يبق لهم كلام. وجاءني حزب منهم تائبين، وكثير حق عليهم ما قال خاتم النبيين، عليه الصلاة والتحيات من رب العالمين."
(نجم الهدى، الخزائن الروحانية ج 14 ص 107-113)


الخطبة الإلهامية
في أحد أعياد الأضحى ألقى عليه السلام خطبة ارتجالية إلهامية، فكانت آية من الآيات.

وقبل إلقائها قال عليه السلام لاثنين من أصحابه: لقد أمرني الله تعالى البارحة بإلقاء الخطبة بالعربية ارتجالا، ووعدني بأنه هو الذي سيُنطقني، فاجلسوا إزائي، واكتبوا. وإذا فاتكم شيء فاسألوني في الحال، لأنني ربما لن أعرفه فيما بعد. فألقى هذه الخطبة التي سماها الخطبة الإلهامية، والتي أتى فيها بمعارف ما سُمعت من قبل من علماء الملة، حيث وصفها بقوله: سميتها خُطْبَـةً إِلْهَامِيَّـةً، وَإِنِّي عُلِّمتُها إلهَامًا من ربِّي وَكَانَتْ آيَةً. ومما قاله فيها:
"يا عباد الله.. فكِّروا في يومكم هذا يومِ الأضحى، فإنه أُودع أسرارا لأولي النهى. وتعلمون أن في هذا اليوم يضحَّى بكثير من العجماوات، وتُنحَر آبال من الجِمال وخناطيلُ من البقرات، وتُذبح أقاطيع من الغنم ابتغاء مرضاة رب الكائنات. وكذلك يُفعل من ابتداء زمان الإسلام، إلى هذه الأيام.
وظني أن الأضاحي في شريعتنا الغراء، قد خرجت من حد الإحصاء، وفاقت ضحايا الذين خلوا من قبل من أمم الأنبياء، وبلغت كثرةُ الذبائح إلى حد غُطّي به وجه الأرض من الدماء؛ حتى لو جُمعت دماؤها وأريد إجراؤها، لجرت منها الأنهار وسالت البحار، وفاضت الغُدر والأودية الكبار.
وقد عُدّ هذا العمل في ملّتنا مما يقرّب إلى الله سبحانه، وحُسب كمطيئة تحاكي البرقَ في السير ولمعانه. فلأجل ذلك سُمّي الضحايا قربانا، بما ورد أنها تزيد قربا ولقيانا، كلَّ مَن قرّب إخلاصا وتعبدا وإيمانا. وإنها من أعظم نسك الشريعة، ولذلك سُميت بالنسيكة. والنسك الطاعة والعبادة في اللسان العربية، وكذلك جاء لفظ النسك بمعنى ذبح الذبيحة. فهذا الاشتراك يدل قطعا على أن العابد في الحقيقة، هو الذي ذبح نفسه وقواه، وكلَّ من أصباه، لرضى رب الخليقة، وذبَّ الهوى، حتى تهافتَ وانمحى، وذاب وغاب واختفى، وهبّتْ عليه عواصف الفناء، وسفَتْ ذراتِه شدائدُ هذه الهوجاء.
ومن فكّر في هذين المفهومين المشتركين، وتدبّرَ المقام بتيقظ القلب وفتح العينين، فلا يبقى له خفاء ولا مراء، في أن هذا إيماء، إلى أن العبادة المنجية من الخسارة، هي ذبحُ النفس الأمّارة، ونحرُها بمدى الانقطاع إلى الله ذي الآلاء والأمر والإمارة، مع تحمُّل أنواع المرارة، لتنجو النفس من موت الغرارة. وهذا هو معنى الإسلام، وحقيقة الانقياد التام. والمسلم من أسلم وجهه لله رب العالمين، وله نحَر ناقة نفسه وتلَّها للجبين، وما نسي الحَينَ في حِين.
فحاصل الكلام.. أن النسك والضحايا في الإسلام، هي تذكرة لهذا المرام، وحثٌّ على تحصيل هذا المقام، وإرهاصٌ لحقيقة تحصُل بعد السلوك التام. فوجب على كل مؤمن ومؤمنة كان يبتغي رضاء الله الودود، أن يفهم هذه الحقيقة ويجعلها عين المقصود، ويُدخلها في نفسه حتى تسري في كل ذرة الوجود، ولا يهدأ ولا يسكن قبل أداء هذه الضحية للرب المعبود، ولا يقنع بنموذج وقشر كالجهلاء والعميان، بل يؤدي حقيقة أضحاته، ويقضي بجميع حصاته وروح تقاته، روحَ القربان. هذا هو منتهى سلوك السالكين، وغاية مقصد العارفين، وعليه يختتم جميع مدارج الأتقياء، وبه يكمل سائر مراحل الصديقين والأصفياء، وإليه ينتهي سير الأولياء.
وإذا بلغتَ إلى هذا فقد بلّغتَ جهدك إلى الانتهاء، وفزتَ بمرتبة الفناء. فحينئذ تبلغ شجرةُ سلوكك إلى أتم النماء، وتصِل عنق روحك إلى لُعاع روضة القدس والكبرياء، كالناقة العنقاء، إذا أوصلتْ عنقها إلى الشجرة الخضراء. وبعد ذلك جذبات ونفحات وتجليات من الحضرة الأحدية، ليقطع بعضَ بقايا عروق البشرية. وبعد ذلك إحياء وإبقاء وإدناء، للنفس المطمئنة الراضية المرضية الفانية، ليستعدّ العبد لقبول الفيض بعد الحياة الثانية. وبعد ذلك يُكسَى الإنسان الكامل حلّةَ الخلافة من الحضرة، ويصبَّغ بصبغ صفات الألوهية، على وجه الظلية، تحقيقا لمقام الخلافة....
فلا تغفلوا عن هذا المقام يا كافة البرايا، ولا عن السر الذي يوجد في الضحايا، واجعلوا الضحايا، لرؤية تلك الحقيقة كالمرايا، ولا تذهَلوا عن هذه الوصايا، ولا تكونوا كالذين نسوا ربهم والمنايا.....
ومَن ضحّى مع علم حقيقة ضحيته، وصدقِ طويته، وخلوص نيته، فقد ضحى بنفسه ومهجته، وأبنائه وحفدته، وله أجر عظيم، كأجر إبراهيم عند ربه الكريم. وإليه أشار سيدنا المصطفى، ورسولنا المجتبى، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، وقال وهو بعد الله أصدق الصادقين: إن الضحايا هي المطايا، توصل إلى رب البرايا، وتمحو الخطايا، وتدفع البلايا. هذا ما بلَغنا مِن خير البرية، عليه صلوات الله والبركات السنيّة، وإنه أومأ فيه إلى حِكم الضحية، بكلمات كالدرر البهية.
فالأسف كل الأسف أن أكثر الناس لا يعلمون هذه النكات الخفية، ولا يتبعون هذه الوصية، وليس عندهم معنى العيد، مِن دون الغسل ولبس الجديد، والخَضْمِ والقَضْم مع الأهل والخدم والعبيد، ثم الخروج بالزينة للتعييد كالصناديد. وترى الأطائبَ من الأطعمة منتهى طربهم في هذا اليوم، والنفائس من الألبسة غايةَ أَرَبِهم لإراءة القوم. ولا يدرون ما الأضحاة، ولأي غرض يُذبح الغنم والبقرات. وعندهم عيدهم من البكرة إلى العشي، ليس إلا للأكل والشرب والعيش الهنيّ، واللباس البهيّ، والفرس الشريّ، واللحم الطريّ. وما ترى عملهم في يومهم هذا إلا اكتساءَ الناعمات، والمشطَ والاكتحال وتضميخ الملبوسات، وتسويةَ الطُّرَر والذوائب كالنساء المتبرجات، ثم نقراتٍ كنقرة الدجاجة في الصلاة، مع عدم الحضور وهجوم الوساوس والشتات، ثم التمايلَ إلى أنواع الأغذية والمطعومات، ومَلْءَ البطون بألوان النِّعم كالنَّعَم والعجماوات، والميلَ إلى الملاهي والملاعب والجهلات، وسرحَ النفوس في مراتع الشهوات، والركوبَ على الأفراس والعجل والعِناس، والجمال والبغال ورقاب الناس، مع أنواع من التزيينات، وإفناءَ اليوم كله في الخزعبيلات، والهدايا من القلايا، والتفاخر بلحوم البقرات والجدايا، والأفراح والمراح، والجذبات والجماح، والضحك والقهقهة بإبداء النواجذ والثنايا، والتشوق إلى رقص البغايا، وبَوسِهن وعِناقهن، وبعد هذا نِطاقهن. فإنا لله على مصائب الإسلام، وانقلاب الأيام. ماتت القلوب، وكثرت الذنوب، واشتدت الكروب.
فعند هذه الليلة الليلاء، وظلمات الهوجاء، اقتضى رحمُ الله نورَ السماء. فأنا ذلك النور، والمجدد المأمور، والعبد المنصور، والمهدي المعهود، والمسيح الموعود."
(الخطبة الإلهامية، الخزائن الروحانية ج 16 ص 31 إلى 51)


انتصار الإسلام على يديه وغلبته على الأديان كلها
أما الجهاد العظيم الذي قام به مؤسس الجماعة عليه السلام دفاعا عن الإسلام وعن عرض المصطفى صلى الله علبه وسلم فقد كان من أبرز الآيات التي أظهر الله فيها نصره وتأييده له. وقد كانت سيرة حياته كلها سجلا حافلا بهذه الانتصارات التي انتصر فيها للدين الحنيف، حيث يطول الحديث في سردها وتبيانها.

ونكتفي حول هذا الأمر بتقديم اعترافات بعض أعيان المسلمين من غير جماعتنا - الذين كانوا أتقياء وعادلين، والذين تُعتبر كتاباتُهم حجة إلى اليوم.


أولا: قال الشيخ أبو الكلام آزاد، العالم الشهير في القارة الهندية، عند وفاة سيدنا أحمد عليه السلام ما تعريبه:
"ذلك الشخص! نَعَمْ ذلك الشخص العظيم الذي كان قلمه سحرًا، ولسانُه طِلَسْمًا، والذي كان تجسيدا للعجائب العقلية، والذي كانت نظرتُه ثورةً وصوتُه حشرًا، والذي كانت أسلاك الثورة مطويةً بأصابعه، والذي كانت يداه بطاريتين كهربائيتين؛ ذلك الشخص الذي ظل بمثابة الزلزال والطوفان في عالم الأديان إلى ثلاثين سنة، وأصبح بمثابة ضجة القيامة، وظلَّ يوقظ الأموات الروحانيين، قد واراه الموتُ، كأسُ السم المرير، تحت الثرى؛ ولكن سوف تبقى ذكرياتُ موته المريرة على ألسن الألوف بل مئات الألوف من الناس."

ثم يقول:
"إن الذين يُحدثون الثورة في عالَم الدين أو العقل لا يجود بهم الدهر كثيرا، بل إن أبطال التاريخ الأفذاذ هؤلاء نادرا ما يظهرون على منصة العالم، ولكنهم عندما يَظهرون يحدثون ثورة في العالَم.
إن عظمة السيد الميرزا -رغم وجود الخلافات الشديدة حول بعض معتقداته ودعاويه- جعلت المسلمين، نَعَمْ! المسلمين المثقفين المتنورين، يشعرون لدى وفاته أن رجلا كبيرا منهم قد فارقهم. لقد ظل يؤدي واجبه كقائد ناجح ضد أعداء الإسلام. وإن ميزته الفريدة هذه تُوجب علينا أن نعترف بهذا اعترافًا واضحًا حتى تبقى تلك الحركة الجليلة، التي داست أعداء الإسلام تحت الأقدام وهزمتهم إلى فترة من الزمن، ساريةً مستمرة في المستقبل أيضا.
إن كُتب السيد الميرزا التي ألفها ضد المسيحيين والآريا الهندوس قد نالت قبولا واسعًا، وإن حضرته لغني عن التعريف من هذه الناحية. ولا بد لنا اليوم أن نقدِّر هذه الكتب -وقد أنجزت مهمتها- ونعترف بعظمتها من الأعماق. إذ لا يمكن أن يُمحى من صفحة القلب ذلك الوقت العصيب حين كان الإسلام عرضة لهجمات أعداء الإسلام من كل حدب وصوب، وحين كان المسلمون -وهم مأمورون بحمايته من قبل الحامي الحقيقي (سبحانه وتعالى)- يتأوهون عقابًا على تقصيراتهم، وكانوا لا يحركون ساكنًا لصالح الإسلام بل ما كانوا على ذلك من القادرين. كانت أسباب الدفاع (عن الإسلام والمسلمين) ضعيفة لدرجة أنه لم تتوفر لهم حتى السهام مقابل المَدَافع. ولم يكن هناك شيء اسمه الهجوم أو الدفاع أبدًا.... ولكن هذا الدفاع المجيد (أي الذي قام به حضرته) حطّم تأثيرَ الغزو المسيحي الذي كان في الواقع قوة المسيحية التي حظيتْ بها تحت ظلال الحكومة الإنجليزية. وهكذا فقد نجا آلافٌ من المسلمين، بل مئات الآلاف، من هجوم المسيحية الذي كان يشكل خطرًا وشيكًا أفدح، وهكذا جعل سحرَ المسيحية نفسها يتبخَّر في الهواء كالدخان. لقد غيّر حضرته أسلوب الدفاع وجعَل المغلوبَ غالبًا."

ويضيف فيقول:
"هذا، وقد أسدى الميرزا المحترم خدمةً كبيرة للإسلام بكسر أنياب الآريا المسمومة... وكتاباتُه ضد الآريا تؤكد أيما تأكيد على أنه لا يمكننا أن نستغني عن هذه الكتابات مهما اتسع نطاق دفاعنا. وليس من المأمول أن يظهر في المستقبل في الأوساط الدينية بالهند شخصٌ بهذا الشأن، بحيث يضحّي بأمنياته السامية من أجل دراسة الدين."

(جريدة "وكيل" أمرتسار، يونيو 1908م، نقلا عن جريدة "بدر" الصادرة في قاديان 18/6/1908 ص2- 3)


ثانيًا: ثم نُشر في جريدة "وكيل" 30/5/1908م مقال عن سيدنا أحمد عليه السلام جاء فيه:
"كان الإسلام قد أخذ منه كل مأخذ. كان يناقش الآريا مرة، وأخرى يؤلف كتبًا مسهبة لتأييد الإسلام وإثبات صدقه. لم تَزُل إلى الآن من القلوب لذةُ مباحثات قام بها في مدينة هوشيار بور عام 1886م. كذلك لم تَزُل إلى الآن حالة الوجد التي استولت على القلوب بسبب مطالعة كتبه الفريدة التي ألفها ردًّا على الأديان الأخرى وتأييدا للإسلام."


ثالثا: وكتب الميرزا حيرت الدهلوي مدير جريدة "كرزن غازت" في عددها الصادر بتاريخ 1/6/1908م مقالاً عن كتابات سيدنا أحمد عليه السلام وتأثيراتها فقال:
"الخدمات الجليلة التي أداها المرحوم للإسلام في مواجهة الآريا الهندوس والمسيحيين لجديرة بالتقدير الكبير حقًّا. إنه غيّر مجرى المناظرة تماما، وأقام أسسًا جديدة للكتب الدينية في الهند. ليس لكوني مسلما فحسب بل بصفتي باحثا أيضا، أعترف أنه لم يكن بوسع أي من الآريا أو القساوسة أن يواجه المرحوم. والكتب الفريدة التي ألفها ردًّا على المسيحية والآريا، والأجوبة المفحمة التي وجهها إلى معارضي الإسلام، لم نر أحدًا، لحد الآن، قد استطاع أن يكتب ردا معقولا عليها... كان قلمه يملك قوة لدرجة لا يوجد في "فنجاب" بل في الهند كلها أحد يستطيع أن يكتب بهذه القوة. كانت المفردات اللغوية الكثيرة والقوية والمفعمة بالحماس الشديد تغزو ذهنه دائما. وكلما جلس للكتابة نـزلت عليه كلمات متناسقة لدرجة يعجز الإنسان عن بيانها... الحق أن قراءة بعض كتاباته تؤدي بالإنسان إلى حالة من الوجد."

(المرجع السابق)


رابعا: وكتب السيد ممتاز علي في مجلة "تهذيب نسوان" الصادرة في لاهور:
"كان حضرة الميرزا رجلاً عابدًا طاهرًا وتقيًّا جدًّا، وكان يملك قوة الحسنة التي كانت تسخِّر القلوب القاسية الشديدة القسوة. كان عالما خبيرا ورفيع العزم ومصلحا ونموذجا حقيقيا للحياة الطاهرة. نحن لا نقبله كمسيح موعود من الناحية الدينية، ولكن تعليمه وقيادته كانت بالفعل بمثابة المسيح للأرواح الميتة."

(نقلا عن مجلة: "تشحيذ الأذهان" ج 3 رقم 10 ص 383 عام 1908م)


خامسا: نقتبس مما كتبه المولوي نور محمد النقشبندي الجشتي ما يلي:
"في تلك الأيام قدِم إلى الهند القسيس ليفراي من إنجلترا، مصطحبًا مجموعة كبيرة من القساوسة، وحالفًا بتنصير الهند كلها في أيام قليلة. وبفضل أموال طائلة ووعود متكررة مؤكدة من الإنجليز بالمساعدة المالية أحدثَ زلزالا في كل أنحاء الهند. لقد وجد القسيس في عقيدة حياة المسيح عيسى عليه السلام في السماء بجسده المادي وفي كون غيره من الأنبياء الكرام أمواتًا مدفونين تحت الأرض، سلاحًا ماضيًا على عامة الناس. فقام الشيخ غلام أحمد القادياني للتصدي لهذه الجماعة، وقال: إن عيسى الذي تتكلمون عنه قد مات ودُفن كغيره من البشر، أما عيسى الذي وُعد بمجيئه فهو أنا؛ فصدِّقوني إن كنتم من السعداء. وبهذه الحيلة ضيّق الخناق على القسيس ليفراي وجماعته حتى صعب عليه التخلص من يده، وأنـزل بهذه الحجة هزيمة نكراء بكل القساوسة من الهند إلى إنجلترا."

(مقدمة النقشبندي للترجمة الأردية لمعاني القرآن الكريم للمولوي محمد أشرف التهانوي، مطبعة أصح المطابع دلهي الهند ص 30)







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:50 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

حبه لله عز وجل
إن الله عز وجل لم يدع العالم في هذا الزمن يخبط خبط عشواء دون أن يرسل إليه من يرشده إلى السبيل التي تنجيه من تبعات ابتعاده عن تعاليم الله عز وجل إذ بعث جل وعلا سيدنا احمد عليه السلام المسيح الموعود والمهدي المعهود ليكون معلما ومرشدا للبشرية جمعاء في حب الله عز وجل وكل من يبغي هذا السبيل لا بد له من اللحاق به والارتشاف من كأسه الرقراق، هذا الإمام المعلم الذي كان يعج قلبه بحب الله عز وجل قد ضرب أروع مثال وأعلى قدوة بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المضمار.

إن تتبع سيرة حياته وتقصي دقائق أمورها يكشف لنا عن عظمة هذا الإنسان الذي أُنيطت به مهمة إحياء هذا العالم من جديد وتوطيد أمنه واستقراره .إذ إن حب الله بالنسبة له كان أغلى ما لديه في هذا الوجود، وكان يعيش في حضن الله تعالى ويستظل بظله في كل حين، وكان يشعر أن حب الله كنز لا بد أن يُقتنى، لأنه يُغني الإنسان عن كل كنوز الدنيا، ولذلك كان يكتب دائما عن حب الله، ويسعى لكي يعرف الناس الإله الحق، ويعبدوه وحده حق العبادة.

كان يريد للجميع أن يعرفوا الله تعالى كما عرفه هو، ويدركوا أنه هو وحده مصدر كل عزة وكرامة، وأنه الينبوع العذب الذي يعطي الحياة الأبدية لمن اغترف واستقى منه، وأنه المنهل الرقراق الذي يروي العطاشى ويطفئ غليلهم، فكتب يدعو الناس ويقول ما تعريبه:
"... ما أشقى الإنسان الذي لا يعرف أن له إلها قادرا على كل شيء! إن إلهنا هو فردوسنا، وإن أعظم ملذاتنا في ربنا، لأننا رأيناه ووجدنا فيه الحسن كله. إن هذا الكنْز جدير أن يُقتنى ولو افتدى الإنسان به حياته، وهذه الجوهرة حريّة بأن تُشترى ولو ضحّى الإنسان في طلبها بكل وجوده. أيها المحرومون.. هلموا سراعا إلى هذا النبع الدفاق ليروي عطشكم.. إنه ينبوع الحياة الذي فيه نجاتكم. ماذا أفعل، وكيف أقرُّ هذه البشرى في القلوب؟ بأي دف أنادي في الأسواق حتى يعلم الناس أن هذا هو إلهكم؟ وبأي دواء أعالج حتى تتفتح للسمع آذان الناس؟"
(الخزائن الروحانية ج19-كتاب: سفينة نوح ص21-22)



لقد كان قلبه عليه السلام يجيش بالمحبة الإلهية، ويفيض امتنانا بفضل الله تعالى ومننه وآياته التي تتنزل عليه كل حين، فكان مما قاله ما تعريبه:
"ليس بإمكاني أن أعدد تلك الآيات التي أعرفها، لكن الدنيا لا تراها ولا تعرفها. اللهم إني أعرفك حقا لأنك أنت إلهي، لذا فإن روحي تتوثب إليك بسماع اسمك كما يتوثب الرضيع لرؤية أمه، ولكن أكثر الناس لم يعرفوني ولم يقبلوني..."
(الخزائن الروحانية ج15- كتاب: ترياق القلوب ص511)








حادثتان من سيرته الطاهرة واللتان تظهران مدى حبه عليه السلام لله تعالى
مقتطفات وحوادث من سيرته الطاهرة


حادثتان من سيرته الطاهرة واللتان تظهران مدى حبه عليه السلام لله تعالى
فقد حدث ذات مرة أن مرض ابنه الأصغر "مبارك أحمد" الذي كان يبلغ من العمر ثماني سنوات، وتلقى من الله تعالى أنباءً عن قرب وفاته، ومع ذلك ظل يبذل جهده في علاجه والسهر عليه ليل نهار، ولكن هذا لم يشغله لحيظة عن ذكر الله ووصاله، حتى إذا ما جرى قضاء الله، رثاه ببيت من الشعر قال فيه ما تعريبه: "كان ابن ثمان وبضعة أشهر عندما دعاه بارئه.. إن هذا الداعي لأحب إليّ من جميع الكون، فيا قلب افده بنفسك".

وأما الحادثة الثانية فقد جرت معه عليه السلام عندما كان يعمل مع والده في متابعة بعض القضايا في المحكمة فقد حدث مرة أن انتهى من عمله في إحدى القضايا بالمحكمة، وكان يبدو عليه السرور والغبطة الشديدة، فقابله أحد أصدقاء والده، الذي يعلم أن القضية كانت على جانب كبير من الأهمية بالنسبة لوالده، فلما رآه مغتبطا بادي السرور قال له: "إني أراك في غاية السرور، مما يدل على أنك كسبت القضية"، فأجابه قائلا: "لا.. لقد خسرنا القضية". فتعجب الرجل وسأله قائلا: "فما سبب هذا السرور الذي يبدو عليك"؟ فأجابه مرزا غلام أحمد قائلا: "إنني سوف أتفرغ الآن بعض الوقت لعبادة ربي".
("الحياة الطيبة" للسيد عبد القادر سوداغر مل ص15)




مقتطفات وحوادث من سيرته الطاهرة
وقد وصفه المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه يضع الحرب أي يوقف الحروب الدينية ويقر الأمن والاستقرار ولذا فلا بد لي من أن أعرج بعض الشيء على مقتطفات وحوادث من سيرته الطاهرة والتي تظهر لنا مدى حبه لله عز وجل بأقوى وأوضح صوره.

كان سيدنا أحمد عليه السلام منذ حداثة سنه شغوفا بدين الله، مكبّا على القراءة ودراسة القرآن والحديث والكتب الدينية. لم يجد في قلبه أية ميول لاكتساب منصب دنيوي أو الحصول على كسب مادي، بل كان يُفضل العزلة والتزام المسجد، ليقضي أوقاته في ذكر الله وتدبر آيات القرآن الكريم.

إن حب الانزواء والانعزال عن الناس، هو القاسم المشترك في حياة جميع الأنبياء قبل التشرّف بالنبوة، لأنهم في تلك الفترة يشعرون بقوة تجذبهم إليها وتفصلهم عن الدنيا، قوة يشعرون في وجودها بالأمن والاطمئنان، وتتنامَى في قلوبهم أحاسيس الحبور والسرور، حتى إن كل لذة أخرى من لذائذ الدنيا تتلاشى إزاءها، وكل هوى من أهواء النفس يتضاءل أمامها حتى يمّحي تماما، ولا يعمر قلوبهم بعدها سوى محبة الله، وابتغاء قربه، ورجاء نوال وصاله وحبه.

حين بلغ "غلام أحمد" مبلغ الشباب، كان يرى أقرانه من أفراد العائلة يحتلون مناصب عالية، وكان أخوه الأكبر يشغل وظيفة حكومية مرموقة، كما كان لوالده حظوة لدى أولي الأمر، وكل هذه الأمور قد تغري الابن الأصغر على المنافسة، أو التقليد على الأقل. وقد حدث أن أرسل إليه والده أحد أصدقائه، يُبلغه أنه يتمتع بحظوة خاصة لدى الحاكم صاحب السُلطة، وأنه يستطيع أن يظفر له بوظيفة محترمة. ولكن الشاب الذي اعتمر قلبه بحب الله، ونذر نفسه لعبادته والتبتل إليه، لم يعد في قلبه مكان لحب الدنيا وأطايبها، فرد على حامل الرسالة قائلا: "إنني ممتن جدا لعاطفة والدي الأبوية وشفقته عليّ، ولكن قولوا لوالدي إنني قد توظفت عند من أحببت خدمته، فأريحوني من الوظائف الدنيوية". ورغم أن والده قد نجح في تشغيله لمتابعة بعض القضايا الخاصة به، واضطر هو للموافقة طاعة لله بإرضاء والده، إلاّ أن قلبه ظل دائما متعلقا بحب الله تعالى الذي ملأ كل ذرة من ذرات وجدانه.

لقد كان يشعر أنه لم يعد له وجود في هذه الدنيا بل كأنه قد رحل منها، ولم يبق منه سوى قلب ينبض بحب الله، ولسان يلهج بذكر الله، وفؤاد يذوب بحمد الله، ونفس تستنير بنور الله، وروح تحلّق برضَى الله، ووجدان يسعد بقرب الله. إن كل حرف من هذه الكلمات الصادقة ليشهد أنها خرجت من قلبٍ عامرٍ بالإيمان، وتدفقت من صدر يفيض بحب الله المنان، ونبعت من فؤاد يشع ويتوهج بنور الله خالق الأكوان. إن الأدباء والفصحاء والكُتّاب حينما يكتبون عن موضوع ما.. قد يرى المرء في كتاباتهم ما يشوبها من التصنع في اختيار اللفظ وسرد الكلمات، وأما سيدنا أحمد عليه السلام ( فكان أسلوبه رقيقا، كالغدير الذي ينساب من نبع دفاق، وكوثر رقراق، ينبض بالحب والهوى، للمحبوب الأعظم تبارك وتعالى. ولذلك فإنه لما صاغ حبه ووداده أبياتا من الشعر، كانت أبياته تنفذ إلى أعماق القلب، وتصل إلى أغوار النفس، محركة فيها أحاسيس المودة ومشاعر المحبة لله تعالى. ومن بعض ما صاغه شعرا اقتطف هذه الباقة الجميلة، حيث يقول عليه السلام:



عِلْمِي مِنَ الرَّحْمَنِ ذِي الآلاَءِ بِاللهِ حُزْتُ الْفَضْلَ لاَ بِدَهَاءِكَيْفَ الْوُصُولُ إِلَى مَدَارِجِ شُكْرِه نُثْني عَلَيْهِ وَلَيْسَ حـَوْلُ ثَنَاءِ ُبشْرَى لَنَا إِنَّا وَجَدْنَا مُؤْنِساً رَبًّا رَحِيمًا كَاشِـفَ الْغَمَّاءِنَفْسِي نَأَتْ عَنْ كُلِّ مَا هُوَ مُظْلِمٌ فَأَنَخْتُ عِنْدَ مُنَوِّرِي وَجَنَائيِغَلَبَتْ عَلَى نَفْسِي مَحَبَّةُ وَجْهِهِ حَتَّى رَمَيْتُ النَّفْسَ بالإِلْغَاءِلَمَّا رَأَيْتُ النَّفْسَ سَدَّتْ مُهْجَتيِ أَلْقَيْتُهَا كَالْمَيْتِ فيِ الْبَيْدَاءِاللهُ كَهْفُ الأَرْضِ وَالْخَضْرَاءِ رَبٌّ رَحِيمٌ مَّلْجَأُ الأَشْـيَاءِهَذَا هُوَ الْحِبُّ الَّذِي آثَرْتُهُ رَبُّ الْوَرَى عَيْنُ الْهُدَى مَوْلاَئيِ




^







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:50 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

حبه للرسول صلى الله عليه وسلم
حبه للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
أول قصيدة كتبها عليه السلام باللغة العربية


حبه للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
لقد أدرك مرزا غلام أحمد عليه السلام منذ صباه عظمة مقام سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، فحرص على التأسي به في كل أمر من أمور حياته،وكان يلتزم إتباع سنته تماما كما يتبع الظل صاحبه فلا ينفصل برهة عنه ولا يبتعد عنه قيد أنملة. فكان خير من ينطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: "لا يُؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحبّ إليه من نفسه وأهله وماله". ولذلك لم يكن من حب لأحد في قلب سيدنا أحمد عليه السلام بعدحب الله تبارك وتعالى سوى حب رسوله صلى الله عليه وسلم. لقد قرأ عنه منذ صغره، وتعلم صفات وشمائل ذلك الإنسان الأكرم، وأدرك عظمة ذلك النبي الذي كان رحمة للعالمين، فتعلق به قلبه، واستهام به حبا، حتى لكأنه قد أسكره ذلك الحب فصار نشوانا يفيض قلبه بالمحبة، وتنساب أحاسيسه ومشاعره على لسانه في كلمات رقيقة يُناجي بها محبوبه، فلا يهتم لانتقاد المعارضين، ولا يكترث لمطاعن المخالفين، ولا يأبه لفتاوى التكفير، ولا يتأثر بحمم اللعنات التي صبوهاعليه صبا، ومن إحدى قصائده باللغة الفارسية ترجم له الأستاذ نادر الحصني.. وهو أحد الأخوة الأدباء الكرام من سوريا،.. بيتين من الشعر، وصاغهما شعرا رقيقا باللغة العربية فقال:



إِنِّي لَنَشْـوَانٌ بعِـشْقِ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْـدِ حُبِّ اللهِ جَـلَّ جَلاَلُهُإِنْ كَانَ هَذَا الْكُفْرَ إِنِّي لَكَافِرٌ رَبِّي شَهِيـدٌ قَـدْ سَبَانِي جَمَالُهُ
ويذكر حضرة ميرزا بشير أحمد رضي الله عنه مظاهر هذا الحب الذي رآه بنفسه، وهو أحد أنجال سيدنا أحمد، حيث قال:
"لقد وُلدتُ في بيته، وهذه نعمة كبرى من الله تعالى لا يمكن لي أن أشكره عليها حق الشكر. ولا بد لي أن أُسَلّم نفسي إلى الله يوما ما، فأقول مستحلفا بالله: إنه لم يحدث، ولا مرة واحدة، أن ذكر حضرته رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حتى اسم محمد صلى الله عليه وسلم إلاّ واغرورقت عيناه بالدموع. فإن قلبه.. وعقله.. وكل ذرة من ذرات كيانه.. كانت عامرة بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم نابضة بغرامه".
(سيرة المهدي)




هذه شهادة أحد أبنائه الذي قضى في معيته زمنا طويلا، وكان يراقبه عن كثب في جميع أحوال حياته، وهو يُقسم بالله على أن عاطفة المحبة لرسول الله التي كان ينبض بها قلبه، كانت تعبر عنها الدموع التي دائما ما تتقاطر من عينيه كلما ذُكِرَ أمامه اسم حبيبه. وفي مناسبة أخرى كان سيدنا أحمد يجوب صحن المسجد المبارك، وهو مسجد صغير يتصل بداره، وكان يذهب ويجيء وحده وهو يُتمتم بكلمات، بينما تنسكب الدموع من عينيه جارية على خديه. وحدث أن دخل المسجد أحد صحابته، فانزعج لمّا رآه يبكي بهذه الصورة وهو وحده، فظن أن أمرا خطيرا قد ألمّ به، فسأله مضطربا: "ماذا جرى يا سيدي؟" فرد عليه قائلا: "

كنتُ أردد بيتين من شعر سيدنا حسّان، وتمنيت لو كنت أنا قائلهما".
كان البيتان اللذان يرددهما سيدنا أحمد عليه السلام هما قول حسان بن ثابت في رثاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:


كُنْتَ السـَّوَادَ لِنَاظِرِي فَـعَمَى عَلَيْـكَ النَّاظِرُمَن شَـاءَ بَعْدَكَ فَلْيَمُتْ فَعَـلَيْكَ كُنْتُ أُحَـاذِرُ
هكذا كان ذلك الإنسان الذي ملك حب رسول الله قلبه ووجدانه، فرغم أنه تحمّل الكثير من المشاق والنوائب، وكابد العديد من الأهوال والمصاعب، وتعرض للمهول من المحن والمصائب، وهبت عليه هوجاء العواصف والنكبات، وذاق الأمرّين على أيدي أعدائه الذين لم يدّخروا وسعا في إيذائه والإساءة إليه، ورغم أنه صبر على قضاء الله عند وفاة أولاده وأعزائه وصحابته، إلاّ أن مشاعر الحزن والألم تعصر قلبه عند ذكر وفاة حبيبه صلى الله عليه وسلم التي مضت عليها ثلاثةعشر قرنا، ونراه يردد أبيات حسان بن ثابت، وتجود عيناه بفيض من الدموع، وتتدفق عواطفه المتأججة، متمنية لو أن لسانه هو الذي جاد بذلك الشعر الرقيق الجميل.

ما أعظمك يا حبيب رسول الله وما أعظم حبك ووفاءك لسيد خلق الله! وما أشقى هؤلاء الذين اتهموك بالكفر والضلال، فهم لم يعرفوك ولم يتعلموا منك أشرف وأطهر مشاعر الحب، ولم يروا منك أجمل وأحلى ألوان الوداد والغرام!

كان سيدنا أحمد عليه السلام في أكثر مراحل حياته معتل الصحة عليل الجسد، وكان يعاني طوال عمره الشريف من مرضين كانا يلازمانه دائما هما الصداع المزمن وسريان البول، مما جعل ذلك أحد الموانع التي منعته من السفر لتأدية فريضة الحج. وحدث ذات مرة أنه كان مريضا وراقدا في سريره، وكانت زوجه تُجالسه الحجرة ومعهما والدها. وكان الجميع يتجاذبون أطراف الحديث فجرى ذكر الحج، فقال الوالد لابنته إنه قد آن الآوان للاستعداد للسفر لأداء شعائر الحج. كان سيدنا أحمد يسمع هذا الكلام بينما كانت عيناه تفيضان بالدموع، فكان يمسحهما بكفيه ويقول: "هذا صحيح.. ولكم أود ذلك من أعماق قلبي، ولكني أفكر.. هل يمكنني أن أحتمل رؤية قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

يا سبحان الله! هذا حديث عادي من الأحاديث الكثيرة التي تجري عادةً في البيوت، ولكننا نلمح من خلاله ذلك البحر الزاخر من المحبة التي كان يموج بها قلب سيدنا أحمد. إنه على بعد آلاف الأميال من قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن العبرات تتقاطر من عينيه لمجرد تصور أنه يقف أمام ذلك القبر المطهر، ويتساءل.. هل من الممكن أن يحتمل رؤية قبر حبيبه.

لقد كان عليه السلام يحب الرسول صلى الله عليه وسلم حبا جما، كما كان يحب أيضا كل ما يتعلّق بمحبوبه.. فكان يحب العرب، ويحب اللغة العربية، ويحب أرض الحجاز التي شرفتها أقدام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل كان يحب تراب تلك الأرض ويتمنى أن يزورها، ويجعل من ذلك التراب كحلا تكتحل به عيناه. وقد عبّر عليه السلام عن هذه المحبة في الجزء الذي كتبه باللغة العربية من كتاب "مرآة كمالات الإسلام"، فاستهل قائلا في فصل منه وجّه فيه الخطاب إلى مشايخ العرب وصلحائهم:

"السلام عليكم أيها الأتقياء الأصفياء، من العرب العُرَباء. السلام عليكم يا أهلَ أرضِ النبوّةِ وجيرانِ بيتِ اللهِ العُظمَى. أنتم خيرُ أممِ الإسلامِ وخيرُ حزبِ اللهِ الأعلَى. ما كان لقومٍ أن يَبلًغَ شأنكم.. قد زِدتم شرَفًا ومجدًا ومنْزلاً. وكافيكم من فخرٍ أنَّ اللهَ افْتَتحَ وحْيَه من آدمَ وخَتَم على نبيٍّ كانَ منكم ومِن أرضِكم وَطَنًاومَأوًى ومَوْلدًا. وما أدراكم مَن ذلك النبيُّ! محمدٌ المصطفى، سَيِّد الأصفياء، وفخرُ الأنبياء، وخاتَمُ الرسلِ وإمامُ الوَرَى. قد ثبت إحسانُه على كلِّ مَن دَبَّ على رجْلَين ومَشَى. وقد أدْركَ وَحيُه كُلَّ فائتٍ مِن رموزٍٍ وَمَعانٍٍ ونِِكاتٍٍ عُلَى. وأحيَا دينُه كلَّ من كان ميْتًا من معارفِ الحقّ وسُننِ الهدَى. اللهُمّ فصَلِّ وسَلم وبارِكْ علَيه بعَدَدِ كل ما في الأرضِ مِنَ القطراتِ والذرّاتِ، والأحْياءِ والأمْواتِ، وبعدَدِ كلِّ ما في السماواتِ، وبعدَدِ كلِّ ما ظهَرَ وما اختَفَى، وبلّغْه منّا سَلامًا يملأُ أرجاءَ السماءِ. طُوبَى لقومٍ يحملُ نيرَ محمَّدٍ على رقَبَتِهِ، وطُوبى لقَلبٍ أفْضَى إليهِ وخَالَطَهُ وفي حُبه فَنَى.

يا سُكانَ أرضٍ أوطأته قَدَمُ المصطفى.. رحمَكُم اللهُ ورَضِيَ عنكم وأرْضَى! إنَّ ظَني فيكُم جَليلٌ، وفي رُوحِي لِلقائكُم غليلٌ، يا عبادَ الله. وإني أحِنُّ إلى عِِيَان بلادِكُم، وبَرَكاتِ سَوَادِكُم، لأَزُورَ مَوْطِئَ أقْدامِ خَيرِ الوَرَى، وأجْعَلَ كُحْلَ عَيْني تلك الثرَى...".
(الخزائن الروحانية ج5- مرآة كمالات الإسلام ص419-421)



وفي مكان آخر كتب يقول :
"... ومن آياتِ رَحمته العَظيمةِ.. البَدرُ الذِي طَلَعَ مِن أمِّ القُرَى، في ليلةٍ اسْوَدّت ذَوَائِبُها العُظمَى، فرفَعَ الظلمَاتِ كُلَّها، وَوَضع سِراجًا منيرًا أمامَ كلِّ عينٍ تَرَى.

ما عندَنا لفظٌ نشكُر به على مِنَنِه الكبرَى. أيْقظَ العالمينَ كلَّهم ونَفَى عن النّائمينَ الكَرَى. تلقّى كلَّ هَمٍّ وغَمٍّ للدينِ بطيبِ النفْسِ لما انبَرَى، وسَنَّ بَذْلَ النفْسِ للهِ لكل مَن يطلب الموْلى. فَنَى في الله.. وسَعَى لله.. ودعا إلى الله.. وطهّر الأرضَ حقَّ طَهارتها، فَيَا عجبًا للفَتى! رَبِّ.. اجْزِ منَّا هذا الرسولَ الكريمَ خَيرَ ما تجزِي أحدًا مِنَ الوَرَى. وَتَوَفَّنا في زُمْرتِه، واحشُرْنا في أُمَّتِهِ، واسْقِِنا مِنْ عَيْنه، واجعَلهَا لنَا السُقيا. واجْعله لنا الشَّفيعَ المشَفَّع في الأُولى والأُخْرَى. ربِّ.. فتَقَبَّلْ منّا هذا الدُّعاءَ، وآوِِنا هذا الذُّرَى. ربِّ.. يا ربِّ.. صَلِّ وسلِّمْ وبَارِكْ على ذلكَ النَّبيِّ الرءوفِ الرَّحيمِ، وعَلى كلِّ مَن أحبَّه وأطاعَ أمْرَه واتَّبَع الهدَى".
(المرجع السابق)



لم يكن من الغريب إذن لهذا المحب أن يتغنى بمدح حبيبه، ولم يكن من العجيب أن تنساب منه الكلمات عذبة شجية، لا تكلّف فيها ولا تصنّع، وإنما هي كالنسمات الندية.. تهب على قاطن الصحراء بشمسها الحارقة، فتصيبه رطبا وبردا وسلاما، وهي كحبات المياه العذبة الباردة النقية.. تلمس شفتي الظمآن الذي يكاد يموت عطشا، فتُرد إليه الحياة بشرب أعذب السُقيا.

أول قصيدة كتبها عليه السلام باللغة العربية
إن أول قصيدة كتبها عليه السلام باللغة العربية كانت في مدح حبيبه سيد الأنبياء، ومنها نقتطف هذه الأبيات:


يَا عَـيْنَ فَــيْضِ اللهِ وَالْعـِرْفَان ِ يَسْعَى إِلَيْكَ الْخَلْقُ كَالظَّمْآنِيَا بَـحْـرَ فَـضْـلِ الْمُنْعِمِ الْمَنَّـان ِ تَهْوِي إِلَيْكَ الزُّمـرُ بِالْكِيزَانِيَا شَمْسَ مُلْكِ الْحُسْنِ وَالإِحْسَانِ نَوَّرْتَ وَجْــهَ الْبَرِّ وَالْعُمْرَانِلاَ شَـكَّ أَنَّ مُحَمَّدًا خَيْرُ الْوَرَى رَيْقُ الْكِرَامِ وَنُخْـبَةُ الأَعْيَانِتَـمّـَتْ عَلَيْهِ صِفَاتُ كُــلِّ مَزِيَّة ٍ خُـتِمَتْ بِــهِ نَعْمَاءُ كُلِّ زَمَانِهُـوَ فَـخْرُ كُـلِّ مُطَـهَّرٍ وَمُقَدَّسٍ وَبهِ يُبَاهِي العَسْكَرُ الرُّوحَانيِهُـوَ خَـيْرُ كُـلِّ مُـقَـرَّبٍ مُتَقَـدِّمٍ وَالْفَضْلُ بِالْخَيْرَاتِ لاَ بِزَمَانِإِنِّي لَـقَـدْ أُحْـيِـيـتُ مِنْ إِحْيَائِهِ وَاهًـا لإِعْـجَـازٍ فَـمَا أَحْيَـانيِيَـا رَبِّ صَلِّ عَـلَى نَبِيِّكَ دَائِمًـا فيِ هَــذِهِ الدُّنْـيَـا وَبَـعْثٍ ثَانِيَا سَيِّدِي قَـدْ جِئْتُ بَابَكَ لاَهِفاً وَالْقَـوْمُ بِالإِكْـفَـارِ قـَـدْ آذَانيِللهِ دَرُّكَ يَـا إِمَـامَ الْـعَـالَمِ أَنْتَ السَّبُوقُ وَسَيِّدُ الشُّجْعَانِأُنْــظُــرْ إِليَّ بِـرَحْـمَةٍ وَتَحَنُّنٍ يَا سَـيِّدِي أَنَا أَحْقَـرُ الْغِلْمَانِيَا حِبِّ إِنَّكَ قَــدْ دَخَلْتَ مَحبَّـةً فيِ مُهْجَتيِ وَمَدَارِكِي وَجَنَانيِمِنْ ذِكْرِ وَجْهِكَ يَا حَدِيقَةَ بَهْجَتيِ لَمْ أَخْـلُ فيِ لَحْظٍ وَلاَ فيِ آنِجِسْمِي يَطِيرُ إِلَيْكَ مِنْ شَوْقٍ عـَلاَ يَا لَـيْتَ كَانَـتْ قُـوَّةُ الطَّيَرَانِ
(الخزائن الروحانية:ج5 ص594)


حقاً ما أعظمك يا رسول الله، فأنت الذي بعثك الله تعالى رحمة للعالمين، وبفضل اتباعك وطاعتك يصل أحباؤك إلى أعلى الدرجات وأعز المقامات. وما أعظم حبيبك.. الإمام المهدي والمسيح الموعود.. الذي قال الله تعالى له: [أنت مني بمنزلة لا يعلمها الخلق]، ومع ذلك فإن حبيبك هذا يناجيك.. ويدق على بابك لاهفا، ويشتكي إليك أن قومه قد آذوه بالإكفار والتكفير، ولكن كل هذا في سبيل حبك يهون، وتكفيه منك نظرة برحمة وتحنن، ويقف أمامك بكل احترام وخضوع وتقدير، ويقول لك: يا سيدي.. أنا أحقر الغلمان.

أية قسوة تلك التي اعترت هذه القلوب التي آذته بالتكفير، وأي عماية تلك التي أصابت هذه الأعين فلم تبصر نور المحبة التي أضاءت بها أرجاء قلبه، وأي صمم ذلك الذي أصاب تلك الآذان فلم تسمع هذه الكلمات التي تقطر حنانا وودادا ومحبة، بل إنهم وصموه بالكفر، وحاولوا إخراجه هو وأتباعه من دين حبيبه محمد
المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فما أتعسهم حقا.. وما أشقاهم من قوم غافلين!

إنه برغم الخدمات الجليلة التي قدمها للدفاع عن الإسلام، والذوْد عن شرف سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان حين يتقدم إلى سيده صلى الله عليه وسلم ، يخضع له كتلميذ مجِدّ.. غلبه الوفاء تجاه أستاذه العليم، وكان حين يوجه كلامه إلى مُطاعه صلى الله عليه وسلم ، يحدثه كخادم أمين.. ملكته الطاعة والاحترام نحو سيده الكريم. وكان يُقدم إليه كل زهرة يجتنيها.. ويهدي إليه كل ثمرة يقتنيها.. قائلا كل هذا من فضلك وفضل اتّباعك، ولولاك أنتَ لما كنتُ أناشيئا مذكورا. وكتب عليه السلام مرة يقول ما تعريبه:

"... وإنني أقسم به (عز وجل) أنه تعالى كما شرّف بالمكالمة والمخاطبة إبراهيم واسحاق وإسماعيل ويعقوب ويوسف وموسى والمسيح ابن مريم، ثم أخيرا كلّم نبيناصلى الله عليه وسلم - بحيث كان الوحي النازل عليه أوضحَ وأطهرَ ما يكون - كذلك تماما شرّفني بمكالمته ومخاطبته. ولكن قد مُنحتُ هذا الشرف بسبب اقتدائي الكامل بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. فلو لم أكن من أمته لما نلت شرف المكالمة والمخاطبة أبدا وإن كانت أعمالي مثل جبال الدنيا كلها"
(الخزائن الروحانية ج20- كتاب: التجليات الإلهية ص411، 412)



ويقول بالعربية في مكان آخر:
"... ولا يقول هذا العبد إلا ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ولا يُخرِجُ قدمًا مِنَ الهُدَى، ويقولُ إن الله سماني نبيًّا بوَحْيه وكذلك سُمِّيتُ من قبل على لِسَانِ رَسولنا المصطفى، وليس مُراده مِنَ النبوَّة إلا كثرةُ مكالمةِ اللهِ وكثرةُ أنباءٍٍ مِنَ اللهِ وكثرةُ ما يُوحَى. ويقول: ما نَعْني من النبوَّة ما يُعْنَى في الصُحُفِ الأُولى، بل هِيَ درجةٌ لا تُعطَى إلاّ مِنَ اتّباع نَبينا خَيرِ الوَرَى، وكل مَن حَصُلَت له هذه الدرجة.. يُكلّم اللهُ ذلك الرجُلَ بكلامٍ أكثَرَ وأجْلى، والشريعةُ تَبقَى بحالها.. لا يَنقُصُ منها حُكمٌ ولا تَزيدُ هُدًى.

ويقول إني أحدٌ مِنَ الأمة النبويةِ، ثم مع ذلك سمّاني اللهُ نبيًّا تحتَ فَيْض النبوةِ المحمديَّة، وأَوْحَى إليَّ ما أوْحَى. فلَيْست نُبوَّتي إلا نبوته، وليْسَ في جُبَّتي إلا أنْوَاره وأشِعتُه، ولوْلاه.. لما كنتُ شَيْئًا يُذكَرُ أو يُسَمَّى".
(الخزائن الروحانية ج22- كتاب: الاستفتاء ص637)



وفي قصيدة عربية أنشد يقول:


وَفَـوَّضَنِي رَبِّي إِلَى فَـيْضِ نُـورِهِ فَأَصْبَحـْتُ مِـنْ فَيَضَانِ أَحْمَدَ أَحْمَدَا وَهَـذَا مِـنَ النُّـورِ الَّذِي هُوَ أَحْمَـدُ فِـدًى لَكَ رُوحِي يَا مُـحَمَّـدُ سَـرْمَدَاوَوَاللهِ لَــوْلاَ حُـبُّ وَجْـــهِ مُحَمَّــدٍ لَمَا كَـانَ ليِ حَــوْلٌ لأَمْــدَحَ أَحْـمَـدَا
لقد مدح الكثيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنشد الكثير من الشعراء نعتا لخير البرية، وقرأنا الكثير من قريض البلغاء والأدباء والشعراء، ولكننا لم نر أحدا يُعبّر عن مقدار حبه بهذا التعبير، ولم نسمع همسات قلب ينبض بهذه النبضات التي يملؤها الحب والعرفان والتقدير. فهل يمكن أن ينطق لسان كاذب بهذه الكلمات؟ هل يمكن أن ينبض قلب مفتر بهذه النبضات؟ هل حدث في تاريخ الكذابين والمفترين الذين كانوا يفترون على الله الكذب ويدّعون النبوة كذبا أن صاغ واحد منهم حبه وشوقه وتقديره وتبجيله وامتنانه وعرفانه بفضل الرسول صلى الله عليه وسلم عليه وعلى الأمة وعلى الإنسانية كلها، كما فعل هذا الرجل الذي يصمه أعداؤه بأنه كان -والعياذ بالله- كاذبا مفتريا؟ فليُرنا هؤلاء كيف عبّر الكذابون والمفترون عن حبهم لرسول الله، وليأت هؤلاء بأبيات الشعر التي أنشدها مسيلمة الكذاب أو الأسود العنسي أو سجاح الكاهنة أو غيرهم ممن ادعوا النبوة كذبا.. في الزمن القديم أو الزمن الحديث، وليثبتوا لنا وللأمة الإسلامية كلها أن الكذاب الدجال الذي يفتري على الله كذبا يمكن أن تجيش مشاعره بهذا الحب الجياش، ويمكن أن تثور عواطفه بهذه المحبة الدفاقة، فيذوب وجدانه بـأرق الكلمات وأعذب الألفاظ وأجل التعبير وأعلى التقدير وأجمل البيان وأحلى الكلام في حب المصطفى صلى الله عليه وسلم. فإن لم يفعلوا.. وهم حتما لن يفعلوا.. فليتقوا الله ربهم، وليقرؤوا أبياته مرة أخرى، لعل قلوبهم تدرك صدق الإحساس، أويهتز وجدانهم لعمق المشاعر، أو ليقرؤوا هذه الأبيات التالية التي اقتطفناها من قصيدة أخرى يقول فيها:

وَإِنَّ إِمَامِي سَيِّدُ الرُّسُلِ أَحْمَدُ رَضِينَاهُ مَتْبُوعًـا وَّرَبِّي يَنْظُرُوَلاَ شَكَّ أَنَّ مُحَمَّدًا شَمْسُ الْهُدَى إِلَيْهِ رَغِبْنَـا مُؤْمِنِينَ فَنَشْكُرُلَهُ دَرَجَاتٌ فَوْقَ كُلِّ مَدَارِجٍ لَهُ لَمَعَاتٌ لاَ يَلِيـهَا تَصَوُّرُأَبَعْدَ نَبيِّ اللهِ شَيءٌ يَّرُوقُـنيِ أَبَعْدَ رَسُولِ اللهِ وَجْـهٌ مُّنـَوَّرُعَلَيْكَ سَلاَمُ اللهِ يَا مَرْجِعَ الْوَرَى لِكُلِّ ظَلاَمٍ نُورُ وَجْهِكَ نَـيِّرُمَدَحْتُ إِمَامَ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّهُ لأَرْفَعُ مِنْ مَدْحِي وَأَعْلَى وَأَكْبَرُدَعُـوا كُلَّ فَخْرٍ لِلنَّبيِّ مُحَمَّدٍ أَمَامَ جَلاَلَةِ شَأْنِهِ الشَّمْسُ أَحْقَرُوَصَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا أَيُّهَا الْوَرَى وَذَرُوا لَهُ طُرُقَ التَّشَاجُرِ تُؤجَرُواوَوَاللهِ إِنِّي قّـدْ تَبِعْتُ مُحَمَّدًا وَفي كُلِّ آنٍ مِّنْ سَنَاهُ أُنَوَّرُوَفَوَّضَني رَبِّي إِلَى رَوْضِ فَـيْضِهِ وَإِنِّي بِهِ أَجْـني الجَنَى وَأُنَضَّرُوَلِدِينِهِ في جَـذْرِ قَلْبي لَوْعَةٌ وَإِنَّ بَيَانِي عَنْ جَنَانِي يُخَبِّر
(الخزائن الروحانية : الجزء السابع - كتاب:حمامة البشرى ص328-335)



هذه بعض الأمثلة.. نثرا وشعرا.. مما كتبه سيدنا أحمد عليه السلام في اللغة العربية فقط، لا ليمدح به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه يقول إنه لأرفع من مدحي وأعلى وأكبر، وإنما ليُعبر به عن مدى سمو مقام رسول الله العظيم، وعن قدْر محبته له، فتجيش نفسه حبا، ويفيض قلبه غراما، ويذوب فؤاده هياما، وتنساب الكلمات الصادقة معبرة عن الاحترام والتقدير، ويخط قلمه أبياتا تنبئ عن الود والتوقير. وحقا لقد صدق حين قال: "وَإِنَّ بَيَاني عَنْ جَنَاني يُخْبرُ."







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:53 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

حبه للقرآن الكريم
ولد مرزا غلام أحمد في قرية قاديان، وهي قرية صغيرة من قرى الهند، وعاش كل حياته في الهند، ولم يخرج منها طوال حياته، إلى أن مات ودُفن فيها. ولم يكن يعلم من اللغة العربية إلا قشورها، حتى إن معارضيه كانوا يعيرونه بعدم معرفته بهذه اللغة، إلى أن علّمه الله تعالى فنونها وآدابها، وأسبغ عليه فضله العميم ومعرفة أسرار كتابه الكريم. فأوقف حياته كلها لخدمة ذلك الكتاب والدفاع عنه، وصد الهجمات التي كان يشنها عليه جميع أعداء الإسلام. وكان مما أوحى الله تعالى إليه قوله (عز وجل): [الخير كله في القرآن]، ولذلك فقد اتخذ من ذلك الكتاب العزيز خير أنيس، وكان له في وحدته وانزوائه أفضل جليس، وجعل من كلماته نبراسا لحياته، ومن آياته هدى ونورا لكل خطوة من خطواته. كان يقول إنه قبل أن يقوم بأي عمل.. مهما كان عظيما أو تافها.. كان يُسائل نفسه: هل يرضى الله تعالى حسب تعاليمه التي أنزلها في القرآن المجيد عن هذا العمل أم لا؟ فإذا وجد من القرآن أنه لا يُعارض ذلك العمل، قام به، وإلاّ امتنع عنه.

لقد كان القرآن الكريم بالنسبة له الكعبة المشرّفة التي يحج إليها في كل آن ليستشرق النور الذي يهتدي به، وكان المورد الصافي الذي ينهل منه في كل لحظة حتى يستمد منه الحياة، وكان المائدة السماوية التي تحفل بجميع أطايب الطعام غذاءً لروحه وقلبه ووجدانه. حقا لقد كان عاشقا متَيَّما بحب القرآن، حتى إنه قال في إحدى قصائده باللغة الأردية مخاطبا الله تعالى ما تعريبه:



&في قلبي أمنية واحدة وهي أن أقبّل صحيفتك كل حين
ولا أكف عن الطواف حول القرآن فإنه كعبتي#
لقد كان عليه السلام يعتبر القرآن المجيد كنزا يحوي من المعارف ما لا يُحصَى، فهو كهذه الأرض الطيبة التي نعيش عليها، وعاش عليها الملايين من الناس واستمتعوا بخيراتها، ولكن عطاءها لهم لا يفنى ولا ينفد، ومهما مرت عليها الأيام والسنون، فإن خيرها يستمر بغير انقطاع إلى يوم القيامة. كذلك كان يرى أن معاني القرآن الكريم لا تنفذ، وجواهره لا تنتهي، ولآلئه لا تفنى، وموائده لا تُرفع، ومنابعه لا تنضب، وأنواره تبدد الظلمة دائما في كل عصر وفي كل حين. ومالي ألاّ أصف ما قاله هو عن القرآن الكريم.. إنّ أبلغ الكلمات كلماته هو، التي تنبض بما في قلبه من حب وتقدير وتبجيل، لهذا الكتاب العظيم الجليل، ولا ننسى ما ذكره في إحدى قصائده التي استمعنا إليها حيث قال: ”وإن بياني عن جناني يخبر“.

يقول عليه السلام:
”ووالله إنه دُرّةٌ يتيمة. ظاهره نورٌ، وباطنُه نورٌ، وفوقه نورٌ، وتحته نورٌ، وفي كل لفظه وكلمتِه نورٌ. جنّةٌ روحانية، ذُلّلَت قُطُوفُها تَذليلاً، وتجري من تَحتِهِ الأنهَارُ. كُل ثمرَةِ السّعادَةِ تُوجَد فيه، وكلّ قَبَسٍ يُقْتبَسُ منه، ومن دُونه خَرْطُ القَتَادِ. مَوَاردُ فَيضه سائغةٌ، فَطُوبى للشاربين. وقد قُذِفَ في قلبي أنوارٌ منه ما كان لي أن أستحصلَها بطريق آخرَ. ووالله لوْلا القرآن ما كان لي لُطفُ حياتي. رأيتُ حُسنَه أزْيَدَ من مائة ألفِ يوسفَ، فمِلتُ إليه أَشَدَّ مَيْلي، وأُشْرِبَ هو في قلبي. هو ربَّاني كما يُرَبى الجنينُ، وله في قلبي أثَرٌ عجيبٌ، وحُسنُه يُراودني عن نفسي. وإني أدركتُ بالكشف أن حظيرة القدس تُسقَى بماء القرآن، وهو بحرٌ مَوّاجٌ من ماء الحياةِ، من شرب منه فهو يحيا بل يكون من المحيين“.
(الخزائن الروحانية ج5- كتاب: مرآة كمالات الإسلام ص 545-546)







من أقواله الأخرى عن القرآن الكريم


من أقواله الأخرى عن القرآن الكريم
ثم يقول في مكان آخر:
”... إن هذا القرآن يُطهر الصدور، ويُلقي فيها النور، ويُرِي الحبورَ الروحاني والسرور، ومن تبعه يجد نورًا وجده النبيُّون. ولا يَلقَى أنوارَه، إلا الذين لا يريدون عُلوًا في الأرض ولا فسادًا، ويأتونه راغبا في أنواره، فأولئك الذين تُفتّح أعينهم، وتُزَكّى أنفسهم، فإذا هم مبصرون. وإني بفضل الله من الذين أعطاهم الله من أنوار الفرقان، وأصابهم حظ من أتم حظوظ القرآن، فأنار قلبي ووجدت نفسي هداها كما يجده الواصلون. ثم بعد ذلك أرسلني ربي لدعوة الخلق، وآتاني من آياتٍ بيِّنةٍ لأدعو خلقه إلى دينه، فطوبى للذين يقبلونني ويذكرون الموت، أو يطلبون الآيات وبعد رؤيتها يؤمنون“.
(الخزائن الروحانية ج5. كتاب: مرآة كمالات الإسلام ص 531-532)



وفي مكان آخر كتب يرد على أولئك الذين صوّبوا سهام نقدهم للقرآن فقال:
”قد كتبنا غير مرة أن القرآن الكريم قد جمع التعاليم، وأكمل التفهيم، وأنه مشتمل على علوم الأوّلين والآخرين. وهو بعلوّه كأبحر لا كحياض، وفاق كل لُجّة بذيل فضفاض، وفيه نور أصفَى من نور العَيْن، ونقيّ من الدّرَنِ والشّيْن. صحفٌ مطهرة فيها كتبٌ قيمة، وحِكَمٌ معجبة مع حُسن بيان، وبلاغة ذي شأن، تسر الناظرين. وهو إعجاز عظيم بفصاحة كلماته، وبلاغة عباراته، ورِفعة معارفه، وباكورة نِكاته.....

ثم يوجه كلامه إلى أعداء القرآن فيقول:
"أيها الجهلاء.. أنتم تصولون على كلام قد أودعت سر المعارف أسرّتُه، ومأثورةٌ سمعتُه وشهرتُه، ومشهورةٌٌ عصمتُه وطهارتُه، وسُلّمَ نضارُه ونَضرَتُه، واشتهر تأثيرُه وقوّتُه، فلا يُنكره إلاّ مَن فسدتْ فطرتُه. ألا ترون إلى قَصْرٍ شاده القرآن، وإلى علومٍ أكملها الفرقان، وإلى أنوار أترعَ فيه الرحمان؟ ووالله لا نظير له في إحياء الأموات، ونفخ الروح في العظام الرفات. جاء في وقت انقراض حِيَل الصلحاء، وظهر بعد اكفهرار الليلة الليلاء، وَوَجد الخلقَ كمعروق العظم وأخي العَيْلة، أو كنائم في الليلة. فنوّر وجه الناس ولا كإنارة النهار، وناولهم مالا كثيرا من دُرَر العلم وأنواع الأنوار، فانظر هل ترى مثله في تأثير، ثم ارجع البصر هل ترى من نظير؟“
(الخزائن الروحانية: ج8، كتاب: نو الحق الجزء الأول ص178)



وكتب يرد على أحد علماء المسلمين، الذي ارتد عن الإسلام واتبع سبل الشياطين، واحتفظ باسمه الإسلامي فكان يطلق على نفسه اسم عماد الدين، وألّف كتابا سماه "توزين الأقوال"، لينشر به الفساد والكفر والضلال، ويضل به عامة المسلمين، فتصدى له أسد الله المتين، وكتب يقول:

”... ثم إنك ظننتَ أن القرآن ليس في بلاغته إلى حدّ الإعجاز، بل يوجد فيه رائحة التكلف والارتماز، ولا يُميّز رقيق اللفظ من الجزل، والجدّ من الهزل، وفيه ألفاظ وحشية، وكلمات أجنبية، وليس بعربي مبين.

أما الجواب فاعلم أن هذا القول منك ومن أمثالك أعجب العجائب، وأعظم الغرائب، ولا يرضى به أحد من المنصفين. ألا تعلم يا مسكين أنك رجل من الجهال، ولا تدري إلا مكائد الضلال، ولا تعلم أساليب لسان العرب وطرق بلاغة المقال، بل أظن أنك لا تعرف حرفا من العربية، فكيف اجترأت على هذه الغزمرة الكريمة؟ أتصول أيها الجاهل الكاهل على الذي أفحم أكابر بلغاء الزمان، وأتم الحجة على الفصحاء أهل اللسان، وخضعت له أعناق الأدباء، وآمن به نوابغ الشعراء، وجاؤوا خاضعين مُقرّين؟ أأنت أسبق منهم في معرفة مواد الأقاويل، وتمييز الصحيح من العليل، أو أنت من المجنونين؟ ألا تعلم أنهم كانوا أهل اللسان، وقد غُذّوا بلبان البيان، وكانوا يُصْبُون القلوب بأفانين العبارات، ومُلَحِ الأدب ونوادر الإشارات، وكانوا في هذه السلك وعلم محاسنها من الماهرين؟

ألستَ تعلم أن القرآن ما ادّعى إعجاز البلاغة إلا في الرياغة، فإن العرب في زمانه كانوا فصحاء العصر وبلغاء الدهر، وكان مدار تفاخرهم على غرر البيان ودرره، وثمار الكلام وزهره، وكانوا يُناضلون بالقصائد المبتكرة والخطب المحبّرة، ولكن ما كان لهم أن يتكلموا في اللطائف الحِكَمية، وما مسَّتْ بيانهم رائحة المعارف الإلهية، بل كان مسرح أفكارهم إلى الأبيات العشقية، والأضاحيك الملهية، وما كانوا على ترصيع مضامين الحِكَم قادرين؟ وكانوا قد مرَِنوا من سنين على أنواع النظم والنثر ولطائف البيان، وسُلّموا وقُبِلوا في الأقران، وكانوا أهل اللسان وسوابق الميادين.
فخاطبهم الله وقال:
(إِنْ كُنْتُمْ فيِ رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ .... فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتيِ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)......

وقال: ( قُلْ لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلِى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا).

فعجز الكفار عن المقابلة وولوا الدبر كالمغلوبين. ولما عجزوا عن النضال في البيان، مالوا إلى السيف والسنان، متندمين مغتاظين. وكثير منهم أسلموا نظرا على هذه المعجزة، كلبيد بن ربيعة العامري صاحب المعلقة الرابعة، فإنه أدرك الإسلام، وتشرّف به وأرى الإخلاص التام، ومات سنة إحدى وأربعين. وكذلك كثير منهم أقرّوا بأن القرآن مملوّ من العبارات المهذبة، والاستعارات المستعذبة، والأفانين المستملحة، والمضامين الحكميّة الموَشّحة، بل من أمعن منهم النظر فسعى إلى الإسلام، وحضر ودخل في المؤمنين...“.
(المرجع السابق ص144)



إن من يحب القرآن الكريم هذا الحب، ومن يُكرّس حياته للذود والدفاع عنه من صميم القلب، فإن الله تعالى يفتح أمامه سبل العرفان، ويؤتيه كنوز معارف الفرقان، فيكون أقدر الناس على فهم هذا الكتاب العظيم، فإنه كتاب لا يعلم تأويله إلا الله العليم، ولا يمسه إلا المطهرون بيد الله الكريم، وهو وحده سبحانه الذي يستطيع أن يؤتي ذلك التأويل الصحيح، والتفسير الفصيح، لمن شاء من عباده الذين ملأ حب القرآن قلوبهم، وأنار بنوره الوضّاء ظاهرهم وباطنهم. ولكي يدلل سيدنا أحمد على أنه صادق غير كاذب، وأنه قد قام فعلا بأمر الله تعالى، وأن الله تعالى قد جعله من المطهرين، الذين آتاهم سبحانه علوم القرآن المبين، فقد دعا العلماء في البلاد العربية وغيرها، أن يكتبوا تفسيرا لسورة الفاتحة في سبعين يوما، وكتب هو تفسيرا لهذه السورة الجامعة، فكان التفسير ظلا لكلام الله تعالى، بما احتواه من معان لم يُشر إليها أحد من قبل في كافة التفاسير المنشورة. ولولا ضيق الوقت لقرأنا عليكم نبذة من ذلك التفسير، الذي يتضح منه كيف أنه يستنتج المعاني العميقة، من الكلمات التي نقرأها في الصلاة عديدا من المرات، دون أن يفطن أحد إلى أنها تحتوي على تلك اللآلئ من المعاني وكنوز الحكم.

لقد أحبّ سيدنا أحمد القرآن حبًّا جمًّا، فعلّمه الله تعالى من لدنه عِلمًا، وآتاه علوم القرآن، وأنار بصيرته بنور الفرقان، فاستطاع أن يرى بنور الله في الآيات فصوصا من الحكم، بينما لم ير سواه في التفسير غير اللمم. وقد ملك كتاب الله قلبه وفؤاده، فأعطاه الله كل ما سأله وأراده، ولذلك لم يكن له مثيل في الدفاع عن القرآن، لأنه كان على يقين أنه كتاب عظيم الشأن، لا يأتي بمثله إنس ولا جان، ولا يصل إلى حقيقة معانيه إلاّ من طهّره الرحمن. فهو كتاب لا يفهمه إلاّ المؤمنون المخلصون، كما أنه كتاب محفوظ مكنون، لا يمسّ معانيه إلاّ المطهرون.


وكما هو شأن المحبين.. الذين يعبّرون عن هواهم بأعذب الأغنيات، ويصفون غرامهم بأرقّ الكلمات، أنشد سيدنا أحمد عليه السلام يتغنى بمدح القرآن، ونقتطف هذه الباقة من بعض قصائده التي قال فيها:



هَلُمَّ إِلـَى كِتَابِ اللهِ صِـدْقــاً وَّإِيمَانًا بِتَصْدِيقِ الْجَنـَانِوَمَـا الْقُـــرْآنُ إِلاَّ مِـثْلَ دُرٍّ فَرَائِدَ زَانَهَا حُسْنُ الْبَيَانِبِـهِ مَا شِئْـتَ مِنْ عِلـْمٍ وَعَقْـلٍ وَأَسْرَارٍ وَأَبْكـَارِ الْمَعَانِييُسَـكِّتُ كُـلَّ مـَنْ يَعْدُو بـِضِغـْنٍ يُبَـكِّتُ كـُلَّ كـَذَّابٍ وَجــَانرَأَيْـنَا دَرَّ مُزْنــَتِهِ كَثِــيرًا فَدَيْنـَا رَبَّنَا ذَا الامْتِنِانِوَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقُـرآنُ فَيْضًا خَفِيرٌ جَـالِبٌ نَحْوَ الـْجِنَانِلـَهُ نُــورَانِ نـُورٌ مـِّنْ عُلُومٍ وَنـُورٌ مِّنْ بَيـَانٍ كَالْجُمَانِكَـلاَمٌ فـَائِقٌ مَّــا رَاقَ طَرْفـيِ جَمـَالٌ بـَعْدَهُ وَالنّـَـيِّرَانِأيَـاتُ الشَّمْسِ عِنْدَ سَنـَاهُ دَخْنٌ وَمَالِلَّعْلِ وَالسَّبْتِ الْيَمَانيِوَأَيْنَ يَكُــونُ لِلْقُــرآنِ مِثـْلٌ وَلَيْسَ لَهُ بِهَذَا الْفَضْل ثَانِيوَرِثْنَا الصُّحُفَ فَاقَتْ كُـلَّ كُتـُبٍ وَسَبَقَتْ كـُلَّ أَسْفـَارٍ بـِشَـأْنِوَكُلُّ النُّورِ في الْقُـرآنِ لـَكِنْ يَمِيلُ الْهَالِكُونَ إِلَى الدُّخَانِبِـهِ نِلْنَا تُـراثَ الْكَاملِينـاَ بِهِ سِرْنَا إِلَى أَقْصَى الْمَعَانيِفَـقُمْ وَاطـْلُبْ مَعَارِفَهُ بِجُـهْـدٍ وَخَفْ شَرَّ الْعَوَاقِبِ وَالـْهَوَانِوَآخـِرُ كَلِمـِنـَا حَمْـدٌ وَشُـكـْرٌ لِرَبٍّ مُّـحْسِـنٍ ذِي الامـْتـِنَانِ







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:54 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

حبه للعرب
لقد كان حضرته عليه السلام يحب العرب حبًّا جمًّا، وقد كان حبه للعرب منطلقا من إيمانه العظيم ومن حبه لله ولرسوله ولدينه، وعملاً بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "حبُّ العرب من الإيمان". ولقد مدح العرب وذكر مناقبهم في مواضع كثيرة من كتبه، ومنها ما نصه:
"السلام عليكم، أيها الأتقياءُ الأصفياء، مِن العَرَبِ العُرَباء. السلام عليكم، يا أَهْلَ أرضِ النبوّةِ وجيرانَ بيتِ اللهِ العُظمى. أنتم خيرُ أمم الإسلامِ وخيرُ حِزبِ اللهِ الأَعلى. ما كان لقومٍ أن يبلُغ شأنَكم. قد زِدتم شَرَفًا ومَجدًا ومَنـزلاً. وكافِيكم مِن فخرٍ أن اللهَ افتتحَ وحيَه من آدمَ وختَم على نبيٍّ كان منكم ومِن أرضِكم وَطَـنًا ومَأوًى ومَولدًا....
يا سكّانَ أرضٍ وَطِـئَتْها قَدَمُ المصطفى.. رَحِمَكم اللهُ ورَضِيَ عنكم وأَرْضَى.. إن ظني فيكم جليلٌ، وفي روحي للقائكم غليلٌ، يا عبادَ اللهِ. وإني أَحِنُّ إلى عِيانِ بلادكم، وبركاتِ سوادِكم، لأزورَ مَوطِئَ أقدامِ خيرِ الورى، وأجعلَ كُحْلَ عيني تلك الثرى، ولأَزورَ صلاحَها وصُلحاءَها، ومَعالِمَها وعُلماءَها، وتَقَرَّ عيني برؤيةِ أوليائِها، ومَشاهدِها الكبرى. فأَسْأَل اللهَ تعالى أن يرزُقَني رؤيةَ ثراكم، ويَسُرَّني بمَرآكم، بعنايتِه العظمى.
يا إخوان.. إني أُحِبُّكم، وأُحِبُّ بلادَكم، وأُحبُّ رَمْلَ طُرُقِكم وأَحجارَ سِكَكِكم، وأُوثِرُكم على كلِّ ما في الدنيا.
يا أَكبادَ العرب.. قد خَصَّكم اللهُ ببركاتٍ أَثيرة، ومَزايا كثيرةٍ، ومَراحِـمِه الكبرى. فِيكم بيتُ اللهِ التي بُورِكَ بها أُمُّ القُرَى، وفيكم روضةُ النبيِّ المبارك الذي أشاعَ التوحيدَ في أقطارِ العالَمِ وأَظهَرَ جلالَ اللهِ وجَلَّى. وكان منكم قومٌ نصَروا اللهَ ورسولَه بكل القلبِ، وبكل الروحِ، وبكل النّهَى. وبذَلوا أموالَهم وأنفسَهم لإشاعةِ دينِ اللهِ وكتابِه الأَزْكَى. فأنتم المخصوصون بتلك الفضائلِ، ومَن لم يُكرِمْكم فقد جارَ واعتَدَى."
(مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج 5 ص 419-422)


وقال عليه السلام ناصحًا لهم ما نصه:
"إني معكم، يا نجباء العرب بالقلب والروح. وإن ربي قد بشّرني في العرب، وألهَمَني أن أُموِّنَهم وأُرِيَهم طريقَهم، وأُصلِح لهم شؤونهم، وستجدونني في هذا الأمر إن شاء الله من الفائزين.
أيها الأعزة، إن الله تبارك وتعالى قد تجلّى عليَّ لتأييد الإسلام وتجديده بأخصِّ التجليات، ومَنَحَ علي وابلَ البركات، وأنعم عليَّ بأنواع الإنعامات. وبشّرني في وقتِ عبوسٍ للإسلام وعيشِ بؤسٍ لأمة خير الأنام، بالتفضلات والفتوحات والتأييدات؛ فصبَوتُ إلى إشراككم، يا معشرَ العرب، في هذه النعم، وكنت لهذا اليوم من المتشوقين. فهل ترغبون أن تَلحقوا بي لله رب العالمين؟"
(حمامة البشرى، الخزائن الروحانية ج 7 ص 182 و183)


مكانة اللغة العربية عنده
وقد أعلن حضرة الإمام المهدي عليه السلام أن الله تعالى قد أخبره أن اللغة العربية هي أم الألسنة، وأنها الأصل لجميع اللغات، وأنها اللغة التي علّمها الله تعالى لآدم عليه السلام. ودلل على ذلك بدلائل عدة منها أن الله اختار أن يبعث نبيه الخاتم صلى الله عليه وسلم، في قرية هي أم القرى، بلسان هي أم الألسنة، بالقرآن الكريم الذي هو للناس كافة. يقول حضرته عليه السلام في ذلك ما نصّه:
"وتفصيل ذلك أنه صرف قلبي إلى تحقيق الألسنة، وأعان نظري في تنقيد اللغات المتفرّقة، وعلّمني أن العربية أمّها، وجامع كيفها وكمّها، وأنها لسان أصليّ لنوع الإنسان، ولغة إلهامية من حضرة الرحمن، وتتمّة لخلقة البشر من أحسن الخالقين.
ثم عُلّمتُ من كلام الله ذي القدرة، أن العربية مخزن دلائل النبوّة، ومجمع شواهد عظمة هذه الشريعة، فخررتُ ساجدًا لخير المنعمين....
ومع ذلك رأيت لُغاتٍ أخرى كخضراء الدِمَن، ووجدتُ دارها خربة وأهلها في المحن، ووجدتها شادّة الرحال للظعن كالمتغرّبين." (منن الرحمن، الخزائن الروحانية ج9 ص 166-168)
وقد بين أن من أخطاء الملوك والأمراء المسلمين أنهم لم يهتموا باللغة العربية وأشاعوا غيرها من اللغات، مع أن العربية لو كانت هي لغة المسلمين في تلك البلدان لكان هذا خيرا. يقول حضرته في ذلك ما نصّه:
"ثم من معائب هذه الملوك أنهم لا يشيعون العربية، ويشيعون التركية أو الفارسية، وكان من الواجب أن يُشاع هذه اللسان في البلاد الإسلامية، فإنه لسان الله ولسان رسوله ولسان الصحف المطهّرة.... وهذا من أوّل أسباب اختلالهم، وأمارات وبالهم، فإنهم تمايلوا على دِمنة من حديقة مطهّرة، ونبذوا من أيديهم حريبتهم ومزّقوا عيبتهم، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو أرفع وأعلى، وشابهوا قوم موسى. ولو أرادو لجعلوا العربية لسان القوم، ولو سلكوا هذا المسلك لعُصموا من اللوم. فإن العربية أم الألسنة وفيها أصناف العجائب وودائع القدرة."
(الهدى والتبصرة لمن يرى، الخزائن الروحانية ج 18 ص 311-312







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 04:59 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

وثيقة وشروط المبايعة والانضمام
فيما يلي شروط المبايعة للانضمام إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية معربةً من كلام الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام:


أولا: أن يعاهد المبايع بصدق القلب على أن يجتنب الشركَ حتى الممات.


ثانيا: أن يجتنبَ قولَ الزور، ولا يقرَبَ الزنى وخيانةَ الأعين، ويتنكب جميعَ طرق الفسق والفجور والظلم والخيانة والبغي والفساد؛ وألا يَدَعَ الثوائرَ النفسانية تغلبه مهما كان الداعي إليها قويًّا وهامًّا.


ثالثا: أن يواظبَ على إقامة الصلوات الخمس بلا انقطاع تبعًا لأوامر الله ورسوله، وأن يداومَ جهدَ المستطاع على أداء صلاة التهجد، والصلاةِ على النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار وطلبِ العفو من ربه على ذنوبه كل يوم؛ وأن يَذكُرَ نِعَمَ الله ومِنَنَه بخلوص القلب كل يوم، ثم يتخذ من حمده وشكره عليها وِردًا له.


رابعا: ألا يؤذيَ، بغير حق، أحدًا من خلق الله عمومًا والمسلمين خصوصًا من جراء ثوائره النفسية.. لا بيده ولا بلسانه ولا بأي طريق آخر.


خامسا: أن يكونَ وفيًّا لله تعالى وراضيًا بقضائه في جميع الأحوال: حالةِ التَرَح والفَرَح، والعسر واليسر، والضنكِ والنِعَم؛ وأن يكونَ مستعِدًّا لقبول كل ذلة وأذى في سبيله تعالى، وألا يُعرضَ عنه سبحانه وتعالى عند حلول مصيبة، بل يمشي إليه قُدُمًا.


سادسا: أن يكُفَّ عن اتباع التقاليد الفارغة والأهواء النفسانية والأماني الكاذبة، ويقبَلَ حكومةَ القرآن المجيد على نفسه بكل معنى الكلمة، ويتخذَ قولَ الله وقول الرسول دستورًا لعمله في جميع مناهج حياته.


سابعا: أن يطلِّق الكبرَ والزهوَ طلاقًا باتًّا، ويقضيَ أيام حياته بالتواضع والانكسار ودَماثة الأخلاق والحلم والرِّفق.


ثامنا: أن يكونَ الدينُ وعزُّه ومواساةُ الإسلام أعزَّ عليه من نفسه وماله وأولاده ومِن كل ما هو عزيز عليه.


تاسعا: أن يظل مشغولاً في مواساة خلق الله عامةً لوجه الله تعالى خالصةً، وأن ينفعَ أبناء جنسه قدر المستطاع بكلِّ ما رزقه الله من القوى والنِّعَم.


عاشرا: أن يعقدَ مع هذا العبد عهد الأخوّة خالصاً لوجه الله.. على أن يطيعَني في كل ما آمره به من المعروف، ثم لا يَحيد عنه ولا ينكُثه حتى الممات، ويكون في هذا العقد بصورة لا تعدِلها العلاقاتُ الدنيوية.. سواء كانت علاقات قرابةٍ أو صداقةٍ أو خدمةٍ.


(إعلان "تكميل التبليغ" في كانون الثاني / يناير 1889م - مجموعة الإعلانات ج 1 ص 189-190)

قال الله تعالى في كتابه الكريم:

إن الذبن يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق إيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجره عظيما

(الفتح: 11)







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 05:16 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

ما رأيكم ايه الأخوة الكرام اهذا الشخص مفتري كذاب كما يدعي الأخ حازم ومن هم على شاكلته من التكفيريين الذين دأبهم السب والشتم واللعن وتراهم لا يصلون لله ركعة وأن
فعلوها فكعادة لا يبتغون وجه الله بصلاتهم هداهم الله لم يستعجلون بالحكم ويعترضون على إرادة الله وأعلموا أن وحيا نزل على سيدنا ميرزا غلام أحمد القادياني المهدي المعهود والمسيح الموعود يبشر بإهانة المهينين وإعانة المعينين للمهدي عليه السلام ألا وهو (إني معين من أراد إعانتك وإني مهين من أراد إهانتك فإتعظ يا أخي حازم وأرجو منك الدعاء في صلاتك لمعرفة صدق المهدي الذي نؤمن به إماما مهديا وحكما عدلا أرسله الله في آخر الزمان ليحكم بين الملل ويأسس الجماعة التي أخبر عنها رسولنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ليكن دعاؤك في صلاة الإستخارة ولمدة عشرة أيام عسى ا، يريك الله رؤيا صالحة تهديك سواء السبيل
هذا إذا كنت تؤمن أن الله وحده من يستحق السؤال وليس العبد
إني أدعوا لك وأصافيك صديقا وأخا ولنتكاتف معا في سبيل الحق
رفقك الله وهدانا أجمعين الى السراط المستقيم آمين







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
قديم 25-12-2006, 08:36 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
mira-dz
إحصائية العضو






آخر مواضيعي



افتراضي

إذا أنت من الجماعة الإسلامية الأحمدية

اقتباس:
من أكثر الموضوعات التي أُسيء فهمها في عقائد الجماعة الإسلامية الأحمدية هو موضوع ختم النبوة، حتى إنهم يتهموننا بعدم الإيمان بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين. ولما كان مؤسس الجماعة عليه السلام قد أعلن صراحة أنه يتلقى الوحي من الله تعالى وأنه عز وجل قد شرفه بكلامه، فقد وقع بعض علماء زمانه في نفس المفهوم الخاطئ الشائع بين العامة، فاتهموه بإنكار كون الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين.

و تؤكد في موضع آخر ذلك كيف ذلك و كيف يكون بالله عليك نبي و بدون شريعة نبي تلميذ
يأستاذ كيف ذلك

كيف يوحى لشخص بعد نبينا صلى الله عليه و سلم فهو خاتم المرسلين
اقتباس:
رابعًا: بما أن الإسلام هو الدين الكامل والقرآن هو الكتاب الكامل وأمته هي الأمة الكاملة، فلا دين بعد الإسلام، ولا كتاب بعد القرآن، ولا أمة بعد الأمة الإسلامية. ولهذا فإنه لن يأتي الآن نبي بدين جديد، ولا بكتاب جديد، ولا بأمة جديدة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.فهل يمكن أن يأتي نبي بحيث يكون أدنى منـزلة من الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل يمكن أن يأتي نبي يكون تلميذًا له صلى الله عليه وسلم، ولا يأتي بدين ولا كتاب ولا بأمة جديدة؟ وماذا سيفعل إن لم يأتِ بدين أو كتاب أو لم يقم بتأسيس أمة جديدة؟ الجواب نعم بالطبع، وهذه هي الصفة الغالبة على معظم النبيين. فقليل جدا منهم من جاء بدين جديد وشرع جديد، وقليل منهم من أنشأ أمة جديدة، وإنما جاء معظمهم لتجديد الدين السابق وإعادة الناس إلى دينهم الأصلي. وبمراجعة تاريخ الأنبياء يتضح هذا جليا.

كيف يأتي نبي و يكون تلميذا للرسول عليه الصلاة و السلام و تؤكد بنعم
أخي في الإسلام ما الذي جئت به في هذا الموضع
اقتباس:
"لما توفي إبراهيمُ أرسل النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى أمه "مارية"، فجاءته وغسلته وكفّنته. وخرج به وخرج الناس معه فدفنه. وأدخل صلى الله عليه وسلم يده في قبره فقال: أما والله إنه لنبيّ بن نبي." (الفتاوى الحديثية لأحمد شهاب الدين المكي، ص 176 دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت) وبما أن سيدنا عليا رضي الله عنه كان من أهل البيت فروايته هذه أوثق وأجدر بالاعتبار.

كيف ذلك و ابراهيم مات صبيا
أستاذ لا أستطيع أن أناقشك في معتقداتك لكني أقول للك أيضا إتقي الله في معتقداتك
أنا لم أسمع بهذه المعتقد قبل الآن و ليس له وجود في بلادي على حد علمي و الله أعلم مني بما هو كائن و بما سيكون
فصاحب دعواكم هذه ينكر عن نفسه صفة النبي و يقول أنها مجاز
أستاذ الله أعلم لكن الإنسان عليه التحري و هو صاحب القرار
و الله إن شاء الله يجعلنا من الذين يحب هدتايتهم اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم و الحمد لله رب العالمين أن جعلنا من أمة نبيه خاتم المرسلين و السلام عليكم و رحمته و بركاته







رد مع اقتباس
قديم 26-12-2006, 07:20 PM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
ماهر المعاني
عضو مساهم

الصورة الرمزية ماهر المعاني

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ماهر المعاني غير متواجد حالياً


افتراضي

أحسنت فهذا أسلوب المسلمين المتقين المتبعين لسنة الله ورسوله فالدعاء للآخر شيئ محمود وجازاك الله كل خير وسنبدا الحوار الآن بكل وضوح







التوقيع

بسم الله الرحمن الرحيم
وعد الله الذين آمنو منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما إستخلف الذين من قبلهم

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حقيقة الإسراء والمعراج ماهر المعاني حوار مفتوح 0 06-02-2007 03:02 PM
حقيقة صلب المسيح عليه السلام ماهر المعاني حوار مفتوح 10 23-12-2006 12:35 PM
لماذا قانون الكمبيوتر؟ منشورات اتحاد المصارف العربية مقالات قانونية منوعة 2 08-07-2006 08:02 PM
الدين والقانون للدكتور جودت سعيد الدكتور جودت سعيد أبحاث في الفقه الإسلامي 1 15-06-2006 10:01 AM
هموم تؤرق مشتركي الخلوي... المحامية علياء النجار سوريا يا حبيبتي 0 25-05-2006 05:43 PM


الساعة الآن 11:17 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Nahel
يسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر>>>جميع المواضيع والردود والتعليقات تعبر عن رأي كاتيبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى أو الموقع