السيف والطبل

[المحامي عمر الشامي]

- السيف والطبل - شعر الشاعر عبد اللطيف محرز من ديوان شجرات الدماء


[إذا كان بعض الناس سيفاً لدولةٍ

ففي الناس أبواق لها وطبول]



وقد يهمل السيف الصقيل فينزوي

وينفخ (طبل) بطنه ويصول



ويصهل (بوق) في ميادين صوته

وتحمر أعناق لـه وتطول



إذا ساد عهد الطبل والزمر في الورى

فللعدل عنهم غيبة ورحيل



تُقرَّب تكريماً طوال ذنوبهم

وتبعد عن حقل الحياة أصول



وينهق في الهيجا (أتان) مبجل

وتخنق غيظاً بالصهيل خيول



وهل يجتني نصر أصيلٌ إذا انزوت

رماح أباة في الوغى ونصول؟



وهل يجتلى صبح الحقيقة عارياً

إذا كفنت بالترهات عقول؟


وهل يرتجى خير إذا انخفضت ثرىً

جباه وطالت للسماء ذيول؟



ألا إن أقدار الحياة صريحة

ولا تكذب الأقدار حين تقول



إذا رام شعب أن يعيش بعزة

فليس لـه إلا الجهاد سبيل



فليس لـه إلا فؤاد تلهبت

مجامره لا يعتريه خمول



وسيف إذا ما سل في ليل عتمة

يذوب الدجى والنيرات تسيل



ولن يحمي الأوطان إلا سيوفها

إذا ما انتضاها في الصِيال فحول




فبادر إلى درب الجهادين منهجاً

ليرجى إلى ما تبتغيه وصول


***


تدور بعقلي نحلة أبجدية

ولحن جناحيها شَجٍٍٍ وسَؤولُ



عن الزهر في شعبي وكيف يصيبه

على عجل قبل النمو ذبول



وكيف تعرَّى من شموخ إبائها

جبال وتقتات الجفاف سهول



تكاثر فوق الأرض تعداد نسلنا

ولكن فعل الأكثرين قليل



ونحن ابتداءً أيقظ الكون صبحهم

وسار الورى طراً ونحن دليل



ومن حرفنا شعت حضارة عالم

ومن نبضنا جاء الآثام رسول



عصرنا عناقيد السماء سلافة

فضاءت بأرواح الشعوب شمول



ولكن مزجنا الوحي في خمر لهونا

وفارت على نار الغرور ميول



فأطفئ جمر في نشيد دمائنا..

وأخمد في ساح الفتوح صهيل



وجف رحيق الروح في صبواتنا

وغال طموح العبقرية غول



تشظت رؤانا وافترقنا تناثراً

ففي كل ريع فرقة وقبيل



وجاء غزاة واستبيحت مكارم

وظل من الإرث القديم طلول



وما راق للغازين في خط سيرهم

رحيل جيوش تارة وقفول



فشدوا لكي يبقى لهم في بلادنا

لكل زمان موطئ ووكيل



وجاؤوا بمخلوق عجيب وماله

على حلبات العالمين مثيل



له مخلب ضم السموم جميعها

وخد جميل، فاتن وأسيل



له في مدى قلب حدائق أنيب

وطرف جميل عاشق وكحيل



فتاة تعرت للعصور وما استحت

تميل مع اللذات حيث تميل



تعشقها قلب الغزاة كأنهم

زناة لنعمى حسنها وبعول



أقاموا سرير العشق في بيت لحمنا

وصاحت بهم أم هناك بتول



ونادت يسوع الابن عوناً بربه

وهزت بجذع فاستعاذ نخيل



ألا يابن عذراء الهدى، يابن مريم

أفق، وانطلق إن المصاب جليل



وأيقظ أخاً قد جاء بعدك خاتماً

ليخضرَّ مجد لا يموت أثيل



ليسري بالقرآن في كل مهجة

فيولد جيل للكفاح وجيل


***


أيا أمتي قد آن أن ينتضى وغىً

حسامٌ، سليل المكرمات، صقيل



ويا (آيةً للسيف)، يا من طريقها

بإيصالنا للأمنيات كفيل



ألا فاشعلي في العرب جمر ألوهة

ليغرب عن أرض السماء دخيل



لتغرب عن أرض النبوات ظلمة

وشر –إذا لم نستعد- وبيل



ويوأد سلم في ملوحة (ميّت)

ويصمت قال، لا يفيد، وقيل



إذا زغردت كل السيوف لدولة

ستقرع في عرس الفداء طبول


***