هناك سلطة مجلس الوزراء في حل نقابة المحامين
الثلاثاء 2006-11-16
نقابة المحامين تنظيم مهني اجتماعي يضم جميع المحامين العاملين في الجمهورية العربية السورية ، ويتمتع بالاستقلال المالي والإداري . وبخلاف بعض دول العالم فإن نقابة المحامين في سورية هي نقابة موحدة مركزها مدينة دمشق ولها فروع في جميع المحافظات . ويتكون الهرم التنظيمي لنقابة المحامين من المجالس والهيئات التالية :
1) المؤتمر العام لنقابة المحامين وهو أعلى هيئة فيها ويتألف من : أ- أعضاء مجلس النقابة السابق الذي انتهت ولايته . ب – أعضاء مجلس النقابة المنتخب. جـ - أعضاء مجالس الفروع . د – الأعضاء المتممون الذين يتم انتخابهم من قبل الهيئات العامة للفروع . ويختص المؤتمر العام : بانتخاب أعضاء مجلس النقابة وإقرار السياسة العامة للنقابة والسهر على تنفيذها ومناقشة وإقرار التقرير السنوي للنقابة وإقرار النظام الداخلي والمالي وسحب الثقة من نقيب المحامين وأعضاء مجلس النقابة . وغيرها من الاختصاصات الأخرى المذكورة في نص المادة 34 من قانون تنظيم المهنة .
2) مجلس النقابة : ويتألف مجلس النقابة من أحد عشر عضواً من المحامين الأساتذة الذين لا تقل مدة مزاولتهم للمهنة بهذه الصفة عن خمس سنوات . ويتم انتخاب أعضاء المجلس من قبل المؤتمر العام بالاقتراع السري وبأكثرية الحاضرين النسبية . ومجلس النقابة هو بمثابة الجهاز التنفيذي لنقابة المحامين ويختص أساساً بتنفيذ القرارات الصادرة عن المؤتمر العام وإدارة جميع الشؤون المتعلقة بمهنة المحاماة . ويكون مجلس النقابة مسؤولاً في ممارسة نشاطه أمام المؤتمر العام الذي يملك صلاحية سحب الثقة منه أو من أحد أعضائه .
3) الهيئة العامة للفرع : تتكون الهيئة العامة للفرع من مجموع المحامين الأساتذة والمتمرنين المسجلين في الجدول العائد للفرع . ويعود للهيئة العامة للفرع ممارسة الصلاحيات التالية : انتخاب أعضاء مجلس الفرع وانتخاب الأعضاء المتممين للمؤتمر العام ومناقشة التقرير السنوي لأعمال مجلس الفرع وسحب الثقة من رئيس الفرع أو مجلس الفرع أو أحد أعضاء مجلس الفرع وغيرها من الصلاحيات الأخرى المذكورة في المادة 48 من قانون تنظيم المهنة .
4) مجلس الفرع : يتكون مجلس الفرع من خمسة إلى سبعة أعضاء ، وذلك بحسب عدد أعضاء الهيئة العامة للفرع . فإذا كان عدد أعضاء الهيئة العامة خمسمائة عضواً أو أقل يكون عدد أعضاء مجلس الفرع خمسة أعضاء . وإذا كان عدد أعضاء الهيئة العامة للفرع أكثر من خمسمائة عضواً يكون عدد أعضاء مجلس الفرع سبعة أعضاء . ومجلس الفرع صورة مصغرة عن مجلس النقابة وهو الجهاز التنفيذي على مستوى فروع النقابة ويختص بتنفيذ قرارات المؤتمر العام ومجلس النقابة وقرارات هيئته العامة وبتسيير كافة شؤون المهنة في إطار المحافظة التي يتبع لها الفرع . ويكون مجلس الفرع مسؤولاً في تنفيذ المهام المنوطة به أمام هيئته العامة التي تملك حق سحب الثقة منه أو من أحد أعضائه . وبذلك تكون قد اكتملت البنية الهرمية التي تتألف منها نقابة المحامين . ونلاحظ أن المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه في تشكيل مجالس وهيئات النقابة واختيار أعضاء هذه المجالس والهيئات هو الانتخاب . فمجلس النقابة ينتخب من قبل المؤتمر العام ، ومجلس الفرع ينتخب من قبل الهيئة العامة . وكذلك فإن أعضاء المؤتمر العام يتم اختيار معظمهم عن طريق الانتخاب ،وذلك باستثناء أعضاء مجلس النقابة السابق حيث تكون ولايتهم القانونية قد انتهت مما يتعذر معه وصفهم بالمنتخبين . أما الهيئة العامة للفرع فلا يسري عليها مبدأ الانتخاب وذلك بحكم تكوينها وتشكيلها إذ أنها تضم جميع المحامين الأساتذة والمتمرنين المسجلين في جدول الفرع فلا مكان للانتخاب فيها. ومن الثابت قانوناً أن ولاية كل من المؤتمر العام ومجلس النقابة ومجلس الفرع تستمر لمدة أربع سنوات (المواد 32 و 40 و 51 ) تتمتع خلالها بجميع الصلاحيات والسلطات المنصوص عليها في القانون . والسؤال الذي يعرض نفسه : هل يفترض استمرار المجالس والهيئات في ممارسة صلاحياتها إلى أن تنتهي مدة الولاية القانونية المحدد بأربع سنوات ؟ أم هناك طرقاً لإنهاء هذه الولاية قبل اكتمال مدتها ؟ وما هي هذه الطرق ؟؟ الأصل أن تستمر ولاية المجالس والهيئات حتى انقضاء المدة المحددة قانوناً وهي أربع سنوات. لكن بما أن هذه المجالس والهيئات تشكلت على أساس الانتخابات واكتسبت شرعيتها من ثقة الناخبين بها فإن استمرار ولايتها القانونية يظل مرهوناً باستمرار حيازتها على ثقة هؤلاء الناخبين . فإذا طرأ طارئ ما وأدى إلى فقدان ثقة الناخبين بعمل هذه المجالس والهيئات وعدم رضاهم عن طريقتها وأسلوبها في إدارة شؤونهم وقناعتهم بأنها لا تحقق مصالحهم المتوخاة فإن ذلك يؤدي إلى زوال الأساس الذي تقوم عليه هذه المجالس والهيئات وانتهاء ولايتها ولو لم تنقض المدة القانونية لولايتها . وهذا ما يسمى بحجب الثقة ، فما هي أحكامه القانونية ؟ حجب الثقة عن مجلس النقابة ومجلس الفرع : المؤتمر العام هو الهيئة العليا في نقابة المحامين فلا يمكن إجراء حجب الثقة عنه لأنه مصدر أنظمتها ومنبع سلطاتها ولعدم وجود سلطة فوقه مخولة بحجب الثقة عنه . وبالتالي فإن حجب الثقة يقتصر على مجلس النقابة ومجلس الفرع لأنهما منتخبان من قبل المؤتمر العام أو الهيئة العامة ومسؤولان أمامهما عن أداء المهام المنوطة بهما فإذا قصرا في تأدية هذه المهام فلا شيء يلزم المؤتمر العام أو الهيئة العامة بالاستمرار في منحهما الثقة اللازمة لوجودهما . والمبدأ أن الجهة التي تعطي الثقة هي نفسها التي تملك حجبها . وبما أن مجلس النقابة ينتخب من قبل المؤتمر العام فإن هذا الأخير هو الذي يملك صلاحية حجب الثقة عنه ، وعلى هذا نصت الفقرة 6 من المادة 34 من قانون تنظيم المهنة : " يختص المؤتمر العام بما يلي : 6- سحب الثقة من النقيب أو مجلس النقابة أو أحد أعضائه وذلك بأكثرية ثلثي أعضاء المؤتمر . " . أما مجلس الفرع فإن حجب الثقة عنه يكون من صلاحية هيئته العامة لأنه منتخب من قبلها وعلى هذا نصت الفقرة 6 من المادة 48 من قانون تنظيم المهنة : " تتمتع الهيئة العامة للفرع بما يلي : ........ . 6- سحب الثقة من رئيس مجلس الفرع أو مجلس الفرع أو أحد أعضاء مجلس الفرع وذلك بأكثرية ثلثي أعضائها. " . ولكن هل حجب الثقة هو السبب القانوني الوحيد الذي يؤدي إلى انتهاء ولاية مجلس النقابة ومجالس الفروع قبل انقضاء المدة القانونية المحددة بأربع سنوات ؟ أم هناك أسباب أخرى ؟؟؟؟ الأصل أن يكون حجب الثقة هو السبب القانوني الوحيد الذي يبرر "بتر" الولاية القانونية لمجالس النقابة قبل انقضاء مدتها . وهذا الأصل يتفق مع مقتضيات المنطق القانوني السليم لأن وجود مجلس النقابة أو مجالس الفروع يقوم على إرادة الناخبين وثقتهم ، لذلك فمن الطبيعي أن ينتهي الوجود القانوني لهذه المجالس إذا انعدم الأساس الذي قامت عليه . ويتفق أيضاً مع مبادئ الديمقراطية والانتخاب التي تعطي للناخبين صلاحية سحب الثقة إذا توافرت مبرراتها . لكن المشرع السوري ، وفي مخالفة صريحة لمبدأ الديمقراطية والانتخاب ولمقتضيات المنطق القانوني السليم ، خالف الأصل السابق فلم يقصر إنهاء ولاية المجالس على حالة حجب الثقة عنها وإنما أوجد طريقة استثنائية لذلك ، حيث أجاز بقرار يصدر عن مجلس الوزراء حل المؤتمر العام ومجلس النقابة ومجالس الفروع وجاء ذلك في نص المادة 107 من قانون تنظيم مهنة المحاماة التي ورد فيها : " يجوز بقرار من مجلس الوزراء حل المؤتمر العام ومجلس النقابة ومجالس الفروع ، في حالة انحراف أي من هذه المجالس أو الهيئات عن مهامها وأهدافها ، ويكون هذا القرار غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن " . وسوف نبحث فيما يلي سلطة مجلس الوزراء في حل مجالس وهيئات نقابة المحامين ، فنبين أولاً ماهية هذه السلطة وصفاتها ومدى شمولها ثم الأسباب التي تبرر استخدام هذه السلطة وطرق الطعن بقرار الحل وإجراءات الحل والآثار التي تترتب على إعطاء مجلس الوزراء مثل هذه السلطة ولاسيما في علاقته مع نقابة المحامين . سلطة مجلس الوزراء في حل نقابة المحامين : بمقتضى نص المادة 107 المذكورة سابقاً ، أصبح مجلس الوزراء يملك سلطة حلِّ مجالس وهيئات نقابة المحامين من المؤتمر العام إلى مجلس النقابة إلى مجالس الفروع . ويمكننا أن نستخلص أهم الصفات التي تميز هذه السلطة :
1) إنها سلطة جوازية : وليست سلطة وجوبية . بمعنى أن مجلس الوزراء ليس ملزماً باستعمال هذه السلطة حتى ولو توافرت الأسباب الموجبة . وإنما يبقى له الخيار في اتخاذ قرار الحل أو عدم اتخاذه بحسب الاعتبارات التي يبني عليها تقديره سلباً أو إيجاباً .
2) سلطة مطلقة : إذ لم يضع المشرع قيوداً تحد من سلطة مجلس الوزراء في اتخاذ قرار الحل ، بل جعل ذلك رهناً بإرادته المطلقة . فإن شاء اتخذ قرار الحل وإن لم يشأ لم يتخذه ، لا إلزام عليه في الحالتين ولا توجد شروط تكبل إرادته في هذا المجال .
3) سلطة استثنائية : لأنها ، كما قلنا سابقاً ، تخالف مبدأ الانتخاب والديمقراطية الذي تتشكل على أساسه مجالس نقابة المحامين وتستبيح إرادة الناخبين وتهدر نتائج الانتخابات. ولأنها تتناقض مع مقتضيات المنطق القانوني السليم الذي يجعل من حجب الثقة السبب الوحيد لإنهاء ولاية المجالس قبل انقضاء مدتها . ولا شك أن هذه المخالفات تؤدي إلى زعزعة استقرار النقابة وتهديد مصالحها ومصالح أعضائها .
4) سلطة غير دستورية : لأن النقابات ، حسب المادة 49 من الدستور السوري ، تشارك في تحقيق الأمور التالية : "....... – 5 – الرقابة الشعبية على أجهزة الحكم " . أي أن نقابة المحامين ،بموجب هذا النص، يقع عليها واجب ممارسة الرقابة على جميع أجهزة الحكم وأهمها مجلس الوزراء ، وهي تتشارك في هذا الواجب مع جميع النقابات والتنظيمات الجماهيرية الأخرى . ويفترض في نقابة المحامين بشكل خاص أن يكون لها دور فعال في ممارسة هذه الرقابة وتحقيق الأهداف المتوخاة منها لأنها الأكفأ من الناحية العلمية والقانونية على ممارسة هذا الدور والاضطلاع بأعبائه . فكيف يمكن التوفيق بين النص الدستوري ونص المادة 107 ؟ أليس ثمة تناقض بين واجب الرقابة الذي تمارسه نقابة المحامين على مجلس الوزراء باعتباره أحد أجهزة الحكم الرئيسية وبين سلطة مجلس الوزراء في حل نقابة المحامين ؟؟ ألا يخشى في هذه الحالة من لجوء مجلس الوزراء إلى استعمال سلطته في حل النقابة لمجرد التخلص من دورها الفعال في ممارسة الرقابة عليه وكشف أخطائه ومخالفاته ؟؟ ثم ألا يعتبر ذلك عرقلة لتطبيق النص الدستوري ؟؟؟ نطاق سلطة مجلس الوزراء في اتخاذ قرار الحل : ثمة مسألتين في غاية الأهمية ، نجد أنه لا بد لنا من توضيح أحكامهما . خاصة وأن نص المادة 107 جاء غامضاً وغير واضح بخصوصهما : الأولى : هل مجلس الوزراء ملزم باتخاذ قرار واحد يتضمن حل كل من المؤتمر العام ومجلس النقابة ومجالس الفروع ؟ أم يستطيع حل كل واحد منها على حدا كأن يقرر حل مجلس النقابة دون حل المؤتمر العام أو مجالس الفروع ، أو أن يقرر حل المؤتمر العام دون حل مجلس النقابة ومجالس الفروع .. وهكذا ؟؟؟؟ قد يفهم من عبارة المادة 107 خاصة الشق الثاني منها ، أن قرار الحل يمكن أن يصدر بشكل منفرد وليس من الضروري أن يشمل جميع الهيئات والمجالس لأنها لدى حديثها عن سبب الحل قالت "في حالة انحراف أي من هذه المجالس والهيئات ... " أي يكون المقصود من ذلك أنه إذا نحرف مجلس النقابة أو أحد مجالس الفروع عن تأدية مهامه فيجوز لمجلس الوزراء اتخاذ قرار بحل المجلس الذي قصر في عمله وانحرف عن المهام الموكولة إليه . وعليه فإن قرار الحل يمكن أن يشمل جميع المجالس ويمكن أن يشمل أحدها فقط . ولكن هذا التفسير يتناقض مع الترابط العضوي الموجود بين المؤتمر العام ومجلس النقابة ومجالس الفروع ، إذ من المعلوم أن أعضاء مجلس النقابة وأعضاء مجالس الفروع هم أيضاً أعضاء في المؤتمر العام . لذلك فإننا نعتقد تفسيراً لنص المادة 107 من قانون تنظيم المهنة أن حل المؤتمر العام يترتب عليه حكماً حل مجلس النقابة وجميع مجالس الفروع . أما حل مجلس النقابة أو أحد مجالس الفروع أو جميعها فلا يترتب عليه حل المؤتمر العام ولا حل بقية المجالس . والثانية : هل يملك مجلس الوزراء سلطة حل الهيئة العامة لفرع النقابة ؟؟ رغم أن المادة 107 لم تذكر الهيئة العامة لفرع النقابة مما يدل على أن مجلس الوزراء ليس له سلطة اتخاذ قرار بحلها . إلا أن الفقرة /ج/ من المادة 108 نصت على أنه : " يقوم مؤقتاً بمهام الهيئة العامة للفرع ويمارس صلاحياتها مجموع أعضاء مجلس النقابة وأعضاء مجلس كل فرع من فروع النقابة " . وهذا يدل على أن إرادة المشرع اتجهت إلى توسيع سلطة مجلس الوزراء حتى تشمل حل الهيئة العامة لفروع النقابة وتعيين بديل عنها يمارس صلاحياتها ، وسوف ندرس لاحقاً الحالة التي يطبق فيها هذا الحكم وإجراءاته وآثاره . لكن المهم في هذا المقام أن نوضح أن سلطة مجلس الوزراء تشمل جميع هيئات ومجالس نقابة المحامين دون استثناء . إذ يمكن لمجلس الوزراء حل المؤتمر العام وفي هذه الحالة كما ذكرنا تعتبر جميع المجالس والهيئات الأخرى منحلة ، كما يمكنه حل مجلس النقابة ومجالس الفروع والهيئات العامة للفروع . وبعبارة أخرى فإن مجلس الوزراء يملك سلطة إصدار قرار بـ "إعدام" نقابة المحامين و"إفنائها" ثم بعثها من جديد وفق الشكل والمضمون الذي يريده . وهذه سلطة خطيرة جداً تدل على وهن وضعف نقابة المحامين وضآلة تحصينها وهزالة أساسها ، لأنها بقرار واحد تصبح كأنها لم تكن . الأسباب الموجبة لحل النقابة من قبل مجلس الوزراء : مما يؤكد الطابع المطلق والاستثنائي لسلطة مجلس الوزراء في حل نقابة المحامين بجميع هيئاتها ومجالسها ، هو الغموض والإبهام وعدم التحديد الذي يتسم به السبب الموجب لحل النقابة والذي ذكرته المادة 107 من قانون المهنة حيث جاء فيها : " ... في حالة انحراف أي من هذه المجالس أو الهيئات عن مهامها وأهدافها " . وبمقتضى هذا النص فإن السبب القانوني الذي يبرر قرار مجلس الوزراء بحل نقابة المحامين هو "انحراف مجالس النقابة أو هيئاتها عن مهامها وأهدافها " وتفسير ذلك أن أي انحراف يقع من المؤتمر العام أو مجلس النقابة أو مجالس الفروع في ممارسة المهام المنوطة بهم وتحقيق الأهداف المتوخاة منهم ، أياً كانت درجة الانحراف وخطورته وأياً كان نوع المهمة التي وقع فيها الانحراف ، فإن ذلك يعد بحسب القانون سبباً كافياً لاتخاذ مجلس الوزراء قراره بحل نقابة المحامين . وهذا في اعتقادنا أمر بغاية الخطورة لأنه يضع نقابة المحامين بمجالسها وهيئاتها تحت الوصاية الفعلية لمجلس الوزراء ، ويجيز له التدخل في أدق شؤونها وتفاصيل نشاطها بحجة مراقبة التزام أو عدم التزام مجالس النقابة وهيئاتها بممارسة مهامهم وتحقيق أهدافهم . وخلاصة القول أن مجلس الوزراء نتيجة عدم التحديد الدقيق للأسباب الموجبة لحل النقابة فإنه في الحقيقة إذا أراد حل النقابة فلن يعنته البحث عن سبب لتحقيق ذلك . وكأن المشرع عند صياغته لنص المادة 107 لم يكن معنياً بتقييد سلطة مجلس الوزراء أو ضبطها في حدود معينة بل على العكس سعى إلى كسر جميع القيود التي يمكن أن تكبل سلطة مجلس الوزراء وإلى فتح جميع الأبواب المغلقة أمامه للتسهيل عليه في اختراق حرمة النقابة وزعزعة استقرارها وحل مجالسها وهيئاتها وفرض هيمنته عليها . الطعن في قرار مجلس الوزراء بحل نقابة المحامين : كما هو واضح من نص المادة 107 من قانون تنظيم مهنة المحاماة فإن قرار مجلس الوزراء الصادر بحل نقابة المحامين لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة أو الطعن أمام أي جهة كانت . وهذا يدل بشكل قاطع على اتجاه المشرع إلى إعطاء مجلس الوزراء سلطة مطلقة في حل نقابة المحامين وعدم تقييدها بأي قيد . إذ أن المشرع بعد أن تساهل في موضوع السبب الموجب للحل وتركه مبهماً وغامضاً وشاملاً لكل حالات الانحراف التي يمكن أن تقع دون أن يميز بين انحراف جسيم أو انحراف يسير ، أو بين انحراف في مهمة تمس مصلحة البلاد أو مهمة خاصة بشؤون المهنة ومصالح أعضائها . فقد أسبغ على قرار الحل الصادر عن مجلس الوزراء حصانة قانونية تجعل من المتعذر الطعن فيه أو الاعتراض عليه سواء أمام القضاء أو أمام أي جهة أخرى . ويترتب على ذلك أنه ليس بإمكان المجلس أو الهيئة التي صدر بحقها قرار الحل تقديم اعتراض على هذا القرار أو الطعن فيه بغض النظر عن أوجه الاعتراض وأسباب الطعن التي يمكن أن تثار ضد هذا القرار . فأياً كانت المآخذ على قرار الحل فإنه يصدر مبرماً وقطعياً وواجب التنفيذ . وليس بالإمكان حتى مجادلة مجلس الوزراء أو مخاصمته حول جدية الأسباب التي اعتمد عليها في إصدار قراره ومدى ثبوتها وصحتها . مما يعني أنه مهما كان السبب الذي اعتمد عليه مجلس الوزراء قليل الأهمية وغير ثابت وغير صحيح فإن ذلك لا يمس بقرار الحل ووجوب نفاذه . وأخيراً لا بد من التنبيه إلى أن الحصانة التي يتمتع بها قرار الحل ضد الطعن به ، تنطوي على مخالفة دستورية جسيمة لأنها تخالف نص الفقرة /4/ من المادة الدستورية /28/ التي تقول : " حق التقاضي وسلوك سبل الطعن .... مصون بالقانون " .
المحامي عبد الله علي