أمُّ المراثي
غإلي عاصمة الرشيد، مرثيةً لم تكتمل بعدف
آهِ..
حرفان بينهما وجعٌ غامضٌ
لغةٌ..
من فداحة أحزانها ابيضَّت ِالكلماتُ بأجفانها
زمنٌ..
يتساقطُ في قاع أنهارنا
ألمٌ..
حقنتهُ الهزائمُ في رجع موّالنا
بلدٌ..
أرخت ِالبيدُ من ظمأ فوقه وهو قي غابةٍ من مياه.
آهِ من جرحنا كيف من" كربلاءَ" إلي "إيلياءَ"..
من النهر للبحر..للموت للقهر..
ممتدةٌ ضفتاه.
عندما تسقطُ المدنُ الخالداتُ من الأفقِ تسقط كلُ اللغاتِ..
ويهترئُ الشعرُ..
تمشي المعاني عرايا
ويسقط عنها بريقُ الكلامْ.
عندما يتكسرُ في دربهِ نحوَنا الضوءُ..
تسقطُ كلُ النجومِ التي علقتها الخيالاتُ في بهو أجلامنا
والقصائدُ تخرج شوهاءَ مسودَّةً من ضلوع الظلامْ.
عندما يسقطُ الحلْمُ ينفتحُ الجرحُ...ترتجُّ فينا السكينةُ..
نجثو علي جذوةِ الوهم..
يا كلَّ هذي الطيوفِ التي داعبت وهمَ أذهاننا
كيف صرتِ رماداً بأجفاننا
كيف أصبحتِ في مهرجان الفجائع صوتاً..
ينوحُ بقبر الحسينِ
ويخذلُ جند الإمامْ.
كلما أُبتُ ليلاً إلي بهو قافيتي ذكرتني رثاءَ الممالك في شعرنا
كلما قلتُ أشربُ قهوةَ روحيَ محتبياً في دواويننا..
التقي أُختَ صخرٍ..تقدِّمُ لي قهوتي
وتُحدِّثُ أن ضريحاً تحومُ عليه القصائدُ..
يستمطرُ الريحَ
والريحُ مخضوبةٌ من أساه
قلتُ: أطرقُ بابَ "الرشيدِ" لعلِّي أُوافي النواسيَّ شاعرَ بغداد
كان "الرشيدُ" علي جثةِ الوقنِ يبكي "الأمينْ".
قلتُ: فالجسرُ، حيثُ "عيون المها"
غيرَ أن المها راعهنَّ الحديدُ الملبَّدُ
فوق جسورٍ معلّقةٍ بالأنينْ.
قلتُ: أنقعُ روحي بدجلةَ
"يا سيِّدَ الماءِ: ماءٌ لقلبٍ شوتهُ الليالي"
فردَّ الصدي: "مالحٌ كلُّ ماءٍ ببغدادَ..
والنهرُ في ظمأ، من يبلُّ صداه"
قلتُ: أبحثُ عن مرأةٍ
وأُوَطِّنُ قلبي بإيقاعها
ثم صادفتها عند منعرج الوجدِ ملتفَّةً بالأساطير
عانقتها، فتساقطَ عنها أساطيرها
وإذا وجه بغدادَ في غبشِ الحزنِ يجلو رؤاه
قلتُ: أهجرُ بغداد
هذي المدينةُ لا تنتهي من ممواويلِ أحزانها
هي كالشرق دائمةُ الحزنِ
يممتُ وجهي علي ظهر قافيةٍ
أتفيَّأُ ظلَّ الموشح في الغرب
لكن حزن "الرصافةِ"
أينعَ في نخل "غرناطةٍ" نبتتْ من بكاء الرواه
نحن أكثر من كتبوا في المراثي
لأن الدماءَ التي كتبتها دمانا
وأعذبُ من وقفوا بالطلول
لأن الديارَ التي جرفتها السيولُ ديارٌ لنا.
يا مدائننا..
كم من الحزن يشفي..من الشعر يكفي
لنصنعَ "أم المرثي"
لأم المدائن "بغدادَ"
كاهنةِ الشعر
عاصمةِ الألم المتوهِّجِ "دار السلام"
يا مدائننا
يا تصاويرَ أحزاننا
كربلاءَ الحسينْ
إيلياءَ المسيحِ المعذبِ في كل عينْ
ثم بغدادَ
إذ فجرت من مناحاتنا رافدينْ
يا ثري يا غمام
هل ستهتزُّ نخلةُ بغداد
والجذعُ آخرُ عهدٍ لهُ بالندي ألف عام
محمد جميح
شاعر يمني مقيم في المملكة المتحدة
18/11/2006
نقلها للمنتدى المحامي أحمد صالح الحسن