عقد فرع نقابة المحامين بالحسكة مؤتمره السنوي نهار الثلاثاء الموافق للأول من شهر آذار وقد تلا المحامي إبراهيم حسين عضو مجلس الفرع وهو كردي مستقل المداخلة التالية :
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله ..
أيتها الزميلات أيها الزملاء ..
ها هي ذي السنين الأربع المخصصة لنا كأعضاء منتخبين من قبلكم في مجلس الفرع تقارب على الانتهاء .. ودون شك فإن هذه الفترة تركت في الخاطر أفراحاً وأتراحاً تماماً كما نمّت لدينا روح الزمالة .. لن أتحدث لكم عن المسرات بل اسمحوا لي أن أتحدث عن الصدمات .. قد يخطر في البال أن الصدمة انتابتنا بسبب أمراض نقابية لمسناها وعرفناها .. قد تعتقدون أننا صدمنا لأن الفساد موجود في أوساطنا كمحامين .. لكن الأمر ليس كذلك ، فالفساد مستشر في كل زمان ومكان ومن الطبيعي أن يمس حواف نقابتنا بعضٌ من تأثيراته .. والحمد لله عزينا أنفسنا بأن الفاسدين في أوساطنا قلة وبترهم إن تعاضدنا سهل وممكن .. لم تكن الصدمة بسبب وجود زملاء أخصائيين ( وهنا ربما يجب أن نطالب بتعديل قانون تنظيم مهنتنا لنسمح لهؤلاء الأخصائيين بإضافة اختصاصاتهم التي حصلوا عليها بطرق ملتوية إلى كروت الدعاية ولوحات الإعلان ) فهذا مختص بدعاوى التأمين وذاك بدعاوى الأحوال المدنية والثالث يختص بالقضاء العسكري والرابع تنزل عليه وكالات الموقوفين في السجن من السماء وآخرون تهل عليهم الدعاوى بسبب ارتباطات عائلية مع بعض السادة القضاة .. هذه مشكلة بالتأكيد ل كن حلها ممكن وسهل ومجلس الفرع سعى إلى هذا الحل وإن لم تبتر هؤلاء الفاسدين فإنها على الأقل حاولت ..
إذاً لماذا الصدمة ؟ الصدمة هي بسبب غياب المحبة .. فنقابة المحامين لمن نسي هي تنظيم اجتماعي مثل ماهي تنظيم مهني .. وروح الوئام عن هذا التنظيم غائبة فلماذا ؟ لماذا ننظر إلى بعضنا وكأننا خصوم علماً أن الذي يجمعنا أكبر بكثير من الذي يميز بعضنا عن بعض .. لماذا نتعامل مع بعضنا على أساس شرائحي فهذا المحامي عربي وذاك كردي والآخر سرياني .. لماذا يغيب عن بالنا أننا جميعاً سوريون .. أخوة في الله وشركاء في الوطن .. لماذا نزاود وننافق مع أن زمن المزاودات والمزاودين ولّى ..
لماذا نفاجئ بوجود من يتلذذ بكتابة التقارير بزملائه المحامين لدى جهات معينة .. ألا يعلم هؤلاء أنهم يصبحون منبوذين عند الجميع بما فيهم هذه الجهات نفسها ؟
باختصار لماذا نكره بعضنا ؟ إن الحياة أيها الأخوة محطة .. وقد أدركتم جميعاً عندما تعرض أخي الحبيب الأستاذ جمال العيدان ( أمين سر المجلس ) لحادث سير مؤلم كيف اتحدنا جميعاً مسيحيين ومسلمين ، كرداً وعرباً دامعي العين نلهج لله بالدعاء كي يشفيه .. اتحدنا جميعاً حول مفهومين اثنين .. الأول ذوبان الفروقات المصطنعة الغريبة أو التي كانت غريبة ومستنكرة في مجتمعنا والتي ثبت أنها واهية وغير قادرة على المس بتماسكنا عند الشدائد .. والمفهوم الثاني هو أننا أصبحنا مؤمنين بأن الحياة لا تساوي جناح بعوضة وأن ليس هناك ما يستأهل أن نحزن إخواننا الآخرين من أجله ..
والآن وقد منّ الله علينا وأعاد لنا أمين سرنا سالماً معافى ألا يجدر بنا أن نتعظ مما جرى .. وأن نفتح قلوبنا .. وإذا فتحنا هذه القلوب ستسقط الحواجز المدسوسة وستسقط الأفكار المقرفة والمفرقة لأن لغة الحوار كفيلة بأن تجعلنا نتفق ..
وإذا انفتحت قلوبنا واتفقت عقولنا هان علينا أن نحلّ كل القضايا العالقة التي لن أدخل في تفاصيلها لأنها سبق وطرحت مراراً في مؤتمراتنا ..
بلغة المحبة هذه نحن قادرون على خلق أسمى حالات التماسك والوحدة الوطنية الحقيقية الكفيلة برد أي عدوان غاشم أو تهديد سافر ضد بلدنا الذي نعشق و نحب ..
بهذه اللغة سنتمكن من خلق حالة من الانسجام الوطني بين أحزاب السلطة وباقي التيارات الحزبية وسنكون نحن المستقلون مع الطرفين في طروحاتهما الوطنية وستزال الغصات التي طالما أصبنا بها كلما نظرت إلينا السلطة على أننا فئة مشبوهة ويزدرينا المسيسون الآخرون لأننا في نظرهم نكرة دون قيمة ..
بلغة المحبة أيها الأخوة سنتمكن من رؤية إخواني المحامين العرب وهم يطالبون بحل مشكلة الأجانب في المحافظة .. وبلغة المحبة سنرى المحامين الأكراد وهم ينددون بقلب صادق بتهديدات أمريكا ضد عاصمتنا دمشق ..
بلغة المحبة سنتفق جميعاً على ضرورة تغيير العديد من القوانين المجحفة والمتخلفة وسنزيل تأثيراتها السلبية على مجتمعنا ومحافظتنا..
بهذه اللغة وحدها سندرك أننا مغيبون عن ساحة اتخاذ القرارات في قطرنا وسنعرف أن حصة محافظتنا في المناصب القيادية على مستوى الوطن لا تتناسب أبداً مع أهميتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .. بهذه اللغة سنغير الانطباع المتشكل لدى الكثيرين عن محافظتنا والذي مفاده أن بعضنا يميني وبعضنا انفصالي وبعضنا مرتبط ..
أيها الأخوة والأخوات ( واسمحوا لي أن أناديكم بذلك لأن رابط الأخوة أقوى من رابط الزمالة ) أدعوكم بل أناشدكم أن نعمل جميعاً على التمسك بالحوار .. أناشدكم أن نتعامل مع بعضنا البعض بلغة المحبة ..
أناشدكم أن نقف معاً أمام حقيقة مهمة وهي أن السفينة التي تضمنا إن غرقت سنغرق كلنا ..
والسلام عليكم