محكوم بريء من جريمة قتل بلا جثة:
لم تحسم بعد قضية (غيوم سزنيك) التي تؤكد عدة مؤشرات على براءته ..
أحداث هذه القضية تعود لسنة 1923 في فرنسا كان غيوم سيزنيك البالغ وقتها من العمر 45 عاما" يملك منشرة لقطع الخشب في مدينة مورليه في فرنسا وكان على معرفة ودية بصديق سياسي طموح يدعى بيير كيمينير الذي كان يتعاطـى مع شركات أمريكية لعقد صفقات تجارية غير شرعية في كثير من الأحيان .
غادر سيزنيك فجر 24/5/ 1923 مدينته مستقلا"سيارته الخاصة متوجها"إلى العاصمة حيث كان على موعد مع صديقه كيمينير بعدما أقنعه هذا الأخير بصفقة لشراء معدات ووسائط نقل عسكرية من مستودعات الجيش الأمريكي معروضة للبيع .و قبل يومين من ذلك كان الصديقان وقعا وثيقة تعهد فيها كيمينير ببيع سيزنيك منزلا"عائدا" له .
في صباح اليوم التالي غادر الرجلان في طريقهم إلى باريس لعقد صفقة المعدات العسكرية لكن عطل في سيارة سيزنيك أجبره على العزوف عن متابعة الرحلة و العودة إلى مدينته..بينما أصر كيمنير على إكمال السفرة بالقطار ....المشكلة أن كليمينير اختفى إلى الأبد بعد توديعه لصديقه و لم يجد أحد أثر له لا حيا" و لا ميتا".
هنا بدأت متاعب سيزنيك حيث أتهم بقتله صديقه رجل الأعمال المعروف و بعد نحو عام و نصف العام و بعد تحقيقات مقتضبة و مليئة بالنواقص و التقديرات و التأويلات غير المبنية على أســس و معطيات موضوعية تم إصدار حكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على (غيوم سيزنيك) عام 1924 واقتيد المحكوم المسكين إلى قلعة سان جوزيف حيث كان يزج بالمسـاجين المحكومين فترات طويــلة .
بدا جليا" أن بعض المحققين في القضية و بالتواطؤ مع قضاة باعوا ضميرهم أرادوا إيجاد كبش الفدا بأسرع وقت و لعب المحقق بيير بوني دورا"رهيبا" في القضية حيث استغل منصبه لممارسات غير نزيهة و لجمع أموال طائلة لتحريف الوقائع حيث يشك مؤرخو هذه القضية إلى أن المحقق بوني هذا هو الذي زور تعهد البيع الذي قدم على القضاء باعتباره كان دافع سيزنيك لقتل كليمينير. فبغياب مثل هذا الدافع كان من الصعب إدانة المتهم في جريمة بدون جثة وعليه استند القضاة في حكمهم على وثيقة التعهد بالبيع المزورة معتبرين إياها السبب بالقتل و تغاضوا عن العوامـل و الشهادات الأخرى التي كانت لمصلحة المتهم ..و أهم هذه العوامل برقية أرسلها القتيل بعد 18 يوم من اختفائه من مدينة الهافر شمال غرب فرنسا لكن القضاة أصروا على أن القاتل هو الذي ذهب إلى تلك المدينة و أرسل البرقية لتبرئة نفسه..و كذلك شهادات زوجته و أصدقاؤه من انه أوصل القتيل إلى محطة القطار و لم يره بعدها و لم يسمع عنه شيئا".
زج سيزنيك في سجن سان جوزيف و عانى الأمرين من سوء المعيشة هناك ...و بعد 23 سنة أطلق سراحه لحصوله على عفو من الجنرال ديغول الرئيس الفرنسي وقتها ..لكن ذلك لم يمنعه من المطالبة بإعادة محاكمته لإثبات براءته و رد اعتباره و بعد سبعة أعوام من إطلاق سراحه توفي..
وورثت ذريته الملف و قدمت العديد من الطلبات بواسطة محاميها حتى مطلع العام الحالي حيث قدم الورثة الطلب الرابع عشر لإعادة محاكمة جدهم و لم يثنهم رفض الطالبات السابقة عن عزمهم باسترداد شرف الأسرة المهان ..
قدمت قضية سيزنيك و ملابساتها التي لم تنته حتى اليوم فرصة للتنديد بظروف الحبس الغير إنســانية في سجن سان جوزيف و غيره من السجون الأوروبية ..و عمد مؤخرا"دنـي سيزنيك إلى نشر كتاب عن هذا الموضوع استعان لتحريره بمذكرات جده التي كتبها خفية و رسائله على زوجته و شهاداته الشفهية بعد إطلاق سراحه...و القضية حتى الآن لا تزال لغزا" يحتار فيه القضاة الفرنسيين...