في أواخر القرن التاسع عشر، عاش حكيم مع ابنه الصغير، في كوخ بالقرب من ضريح (مزار) دفن فيه ولي صالح. بمرور الايام، اكتسب المكان قدسية؟ لدرجة ان الحجاج كانوا يأتون من أماكن بعيدة ومتفرقة، من افريقيا، وآسيا ليتلوا الصلوات ويتضرعوا اليه.
عندما وصل الابن الى عتبة الرجولة، قرر ان يرحل بحثا عن الحقيقة والمعرفة، فذهب يطلب مصيره..
اعطاه ابوه حمارا ليركبه في اسفاره.. مر عبر المدن الشهيرة في العلوم والتنظير.. القاهرة.. بغداد.. دمشق.. الجزائر..، جالسا امام المعلمين، ثم حول اتجاهه الى روسيا. وعندما وصل الى موسكو بعد عدة سنوات، كان الارهاق والفقر والعوز قد اضناه، فشد الرحيل عائدا الى موطنه.. واختار بيروت..
وعندما وصلها، سقط الحمار فجأة مريضا، ثم مات، فجلس الابن حزينا يبكي جواره. كان غير قادر على تحديد ماذا يفعل. دفن صديقه الوحيد، وقعد مكروبا فوق الكومة التي دفن حماره تحتها.
سأله بعض المسافرين المارين ماذا يحزنه؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
فأجاب (صديقي وصاحبي مدفون هنا. هو الوحيد الذي لم يخذلني ابدا. هو ملهمي، وكان وسيلة تعيشي وتقدمي). تأثروا بعمق من كلامه، فافترضوا بانه يتحدث عن معلم روحي، فاعطوه بعض المال ليبني قبة قبر ذلك الشخص الذي لا بد وان تكون له تلك الاهمية التي احزنت الشاب كل هذا الحزن.
لم يتراجع الفتى (يعرب) ابدا، ولم ينظر الى الخلف.
مرت سنوات عديدة، وجد (قحطان) ابو (يعرب) ان دخل مزاره في القاهرة قد بدأ يقل، بسبب تحول الحجاج الى هذا المقام الجديد الاعلى قداسة في بيروت.
فقرر السفر الى هناك ليرى من هذا الشيخ الصالح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بمجرد ان رآه (يعرب) انهار واعترف بالحقيقة، فقال الحكيم:
اعرف يا بني بان كل شيء مقدر سلفا. لقد اراد الله ان يقام هنا ضريح تكون انت حاميه.
لا اخفي عليك بان قبر الولي المدفون في مقامي، هو البقعة التي دفن فيها (ابو حمارك) في ظروف مشابهة بالضبط.
2
منذ زمن طويل تجاوز الخمسين عاما، كان أبو سعيد يملك سعيدا، وحيدا، فريدا، مع أخيه أبو سلطان، ولكن العاصفة اجتاحت أخيه وذهب كما يقول المثل (مع الريح). بقي أبو سعيد وحيدا، بعد رحيل أخيه. وجاءه الصداع الكلي، وتألم كثيرا. وبدأ رحلة ألمه ووجعها، واحتار بما يجب أن يفعل.
أرشدوه إلى طبيب عظيم، وبعد معاينته أوصى باستئصال خصيتيه لأنهم حسب رأي الطبيب تضغطان على الأعصاب، وتسببان الصداع الكلي.
فكر أبو سعيد طويلا.. كيف سيقص خصيتيه؟ خصيتاه اللتان أنجبتا كل(الأعضاء). خصيتاه اللتان كانتا رفيقتا حياته الطويلة! وفكر، ولكنهما أيضا سبب ألمه وصداعه المتكرر، والأفضل استئصالهم قبل أن يستفحل الألم ويطير الرأس من شدة الصداع.
سارع أبو سعيد إلى الطبيب طالبا منه استئصال الخصيتين. وفي الشهر السادس تم له ما أراد. خرج أبو سعيد من المستشفى، مقررا أن يبدأ حياة جديدة. فدخل إلى مكان فيه ألبسة.
وطلب( طقما) جديدا. فاجأه صاحب المحل قائلا: أنت قياسك (52).
نعم نعم يا لك من بائع ماهر.
وتحتاج إلى قميص طول أكمامه ،(36) وقبته (17).
نعم نعم يا لك من بائع ماهر.. فعلا هذه مقاساتي.
وبما أنك تريد أن تبدأ من جديد.. ما رأيك (بطقم) ملابس داخلي؟
نعم لا بأس، ولكن ما هو مقاسي؟
بسيطة، أنت تحتاج إلى مقاس كبير شعبي.
لا، لا هنا أخطأت، أنا لا ألبس إلا (كيلوت) صغير.
هذا خطا، يا سيدي، لأن (الكيلوت) الصغير، يضغط على (خصيتيك) ويسبب الصداع؟؟
3
دخل أبو علي المصوفن إلى بنك الدم ليتبرع لصالح المقاومة؟ وما أن أدخلوا في يده المحقن، حتى سقط مغشيا عليه، ولدى إجراء الفحوص السريرة والسر سرية عليه، تبين إصابته بفقر دم حاد، مما استدعى نقل كيسين من الدم له، وتقديم الطعام والشراب، وعندما استعاد وعيه ونشاطه، انطلق مسرورا صائحا: لا تنسوا أنا في خدمة القضية دائما!
منقول