أوتسي رجل الثلوج ....
رجل أطلق عليه اسم أوتسي دفن في الثلج منذ 5300 سنة و بقيت جثته كاملة إلى أن عثر عليها في موقعها بوادي أوتس بجبال التيرول عام 1995م .... نقلت الجثة إلى ثلاجة بمتحف في النمسا... وتم نقلها بعد ذلك في عام 1998 إلى ايطاليا في رحلة كلفت مليون دولار لتستقر أخيرا" في متحف ببلدة بولزانو بايطاليا بعد نزاع قانوني بين الدولتين (النمسا – ايطاليا ) حسم أخيرا" لصالح ايطاليا... ليطلق عليه الايطاليون اسم جديد هو (هيبرناتوس) .
قدمت الجثة للعلماء مادة للدراسة غير مسبوقة.. فقد اعتبر أوتسي أفضل عينة لرجل من العصر الحجري الحديث إذ كانت أعضائه الداخلية كاملة و أنسجته تحتفظ بمائها . وقد أجريت دراسات لاحصر لها على الجثة و اكتشفت الحقائق التالية:
الجثة لرجل طوله 159 سم مات و عمره بين 46 و47 سنة و هذا عمر متقدم بالنسبة لإنسان ذلك العصر الذي كان فيه البشر يتحولون من استخدام الحجر إلى استخدام المعادن.. و مات الرجل في الربيع كما تقول نتائج فحص محتويات معدته حيث كان بمعدته حبوب لقاح شجرة الزان الأبيض و هذه الشجرة تزهر بين شهري آذار و أيار في مناخ أدفأ كثيرا" من المنطقة الجبلية التي عثر عليه بها.. معنى هذا أن الرجل قد قطع في يومه الأخير على قدميه رحلة من الوادي إلى أعلى الجبال طولها على الأقل ست ساعات .
كان الرجل مصابا" باعتلال في المفاصل كما تقول صور الأشعة السينية و لم تكن حالته الصحية على ما يرام بالنظر إلى الديدان السوطية التي وجدت في قولونه.
ظن العلماء في البداية أنه نباتي و ذلك بناء على فحص نسبة النتروجين (ن 14 و ن 15 ) في شعره إذ كانت النسبة تعادل النسبة المعروفة لدى النباتيين المعاصرين و لكن محتويات الأمعاء أكدت أن الوجبة الأخيرة للرجل كانت تتألف من خبز عير مخمر و خضراوات و لحم عنز جبلي .
كان جسمه يحتوي على 47 و شما" و كانت مواقعها تثير الدهشة فالموجود منها على الظهر و الرجلين يقع بالتحديد في مواقع الوخز بالإبر التي تستخدم في عصرنا هذا لمعالجة المرض أو تخفيف الألم.
حسب تقديرات العلماء : إن هذا الرجل كان راعيا"يحيا في مجتمع زراعي و أنه قد هرب من قريته إلى الجبل إثر غارة على قبيلته و هناك فاجأته عاصفة ثلجية أصابه الإرهاق فاتجه إلى أخدود يحميه و يقضي فيه ليلته ...أكل أخر ما كان معه من زاد ... الظلام يحل رويدا"الثلج في الخارج يتساقط بلا انقطاع ...البرد يتخلل ملابسه .. التعب يرهق أطرافه...كان يعرف أن النوم يعني الموت فحاول أن يخرج..تعثرت قدمه و سقط...تغلبت حاجته إلى النوم على قوة إرادته فقد إحساسه ...ووضع ذراعه اليسرى أمامه دون أن يدري و لم يعد يدرك أنه تجمد... فلما جاء الصباح كان قد مات .....لتدفنه الثلوج خمسة ألاف و ثلاثمائة سنة....
هكذا كانت قصة موته كما صورت ....الجثة موجودة حاليا" في متحف بلدة بولزانو بايطاليا.