قوانين "النسخ و اللصق" و تقصير نقابة المحامين بحق منتسبيها !!
هل يلتزم المحامون بمسك السجل المنصوص عليه بالمرسوم التشريعي رقم 33 لعلم 2005 الخاص بغسيل الأموال و مكافحة الإرهاب ؟؟
إذا توخينا الواقعية و الصراحة بالإجابة على السؤال ، فبالتأكيد : الجواب هو " لا " ,,,
رغم أن عقوبة هذه المخالفة هي السجن حتى سنة و الغرامة حتى مليون ليرة ، فإن المحامين لن يمسكوا هذا السجل لسبب بسيط ، و هو أن طبيعة عمل المحامي في سوريا لا تسمح له بمزاولة الفعاليات المطلوب تسجيلها في السجل المذكور .
فالمحامي لا يدير أموال الموكل أو أوراقه المالية أو أية أصول أخرى ، و المحامي لا يدير أية حسابات مصرفية أو ادخار أو استثمار في الأسواق المالية المحلية و الدولية لموكليه ، و إنما هي من واجبات شركات الخدمات المالية المنصوص عليها بالقانون 55 لعام 2006 .
أما وظيفة المحامي في سوريا تجاه موكليه فقد حددتها المادة الثانية من النظام الداخلي لنقابة المحامين و قصرتها على :
1. التوكل عن الأفراد و الهيئات للادعاء بالحقوق والحضور و الدفاع عنها لدى جميع المحاكم و الدوائر و اللجان القضائية ..........
2. تقديم المشورة و أعداد الدراسات القانونية و تنظيم العقود .
3. تقديم المعونة القضائية للمواطنين و تيسير العدالة لهم أمام كل المراجع المختصة .
و عليه فإن الفعاليات التي أشارت إليها المادة 4 من المرسوم التشريعي رقم 33/2005 الخاص بغسيل الأموال تخرج عن مهام المحامي ، حتى انه إذا مارسها قد يتعرض لمساءلة مسلكية بسبب مزاولته مهنة أخرى غير المحاماة ، لذلك فإن المحامين لن يلتزموا بهذا النص ، و يعتبروه شذوذ تشريعي يجب تلافيه .
أما سبب هذا الشذوذ التشريعي فهو أن القانون برمته ( مكافحة غسيل الأموال ) مستورد من إحدى البلدان الغربية التي تكافح مثل هذه الفعاليات التي تعتبرها جرائم ، في حين أن بلدنا لم يألف هذا النوع من الجرائم لانعدام الشفافية بالمعاملات المالية بين الأفراد .
و للأسف هذا القانون مستورد بطريقة ( النسخ و اللصق ) بدون أن يعرض على رجال القانون لتنقيحه ، و ملاءمته مع البيئة التشريعية في سوريا ، و الأدهى من ذلك أنه لم يعرض على المؤسسات المعنية كنقابة المحامين لتبدي رأيها فيه ، و لو عرض فبالتأكيد لاعترضت على هذه المادة التي تجرم المحامي على فعل لا ناقة له فيه و لا جمل .
و الملفت للنظر أن نقابة المحامين بوصفها الجهة المكلفة بالدفاع عن مصالح النقابة ومصالح أعضائها المتعلقة بمزاولة المهنة ( المادة 4 قانون المحاماة ) لم تحرك ساكناً للاعتراض على هذا النص و العمل على إلغائه ، بسبب خطورته على المحامين ، فهو بما يتمتع به من مؤيد جزائي بالسجن و الغرامة يعتبر كالسيف المسلط على رقاب المحامين ، يمكن أن يطال أياً منهم على اعتبار أن النصوص الجزائية لا تعطل و يعمل بها حتى تلغى بنص تشريعي ، و بموجب هذا النص غير المنطقي و غير الواقعي قد يتعرض أي محام لما لا تحمد عقباه .
لذلك ندعو نقابة المحامين لممارسة دورها و العمل على إلغاء النص أو تعديله بما يتوافق مع أصول مزاولة المهنة ، مع التنويه أن النص يعمل به منذ العام 2005 و أنها تأخرت كثيراً بالقيام بواجبها هذا .
و نذكر بهذا الصدد بما قاله المرحوم " فارس الخوري " في كتابه أصول المحاكمات الحقوقية – طبعة 1936 – ص108 :
(( لا تقتصر وظيفة المحامين على الدفاع عن حقوق عملائهم أمام القضاء ، بل هم يراقبون حالة التشريع ، و كيفية تطبيق القوانين في البلاد ، و يرفعون بواسطة وزارة العدلية اقتراحاتهم في إصلاح هذه القوانين و تعديلها ))