(( لا تملك المحكمة وصف القضاء الصادر عنها فتعتبره قطعياً أو غير قطعي ,,, أو تعتبر حكمها حضورياً أو غيابياً ، لأن العبرة بتكييف الحكم وفق المعيار القانوني الذي قرره المشرع .
و لا تلتزم أية محكمة بما فرضته محكمة أخرى من وصف للحكم الصادر عنها ، متى كان هذا الوصف لا يتمشى مع نصوص القانون ))
د . أحمد أبو الوفا – نظرية الأحكام – طبعة 1957 – ص18
درجت المحاكم عند إصدار أحكامها على تذييله بعبارة تفيد فيما إن كان قابلاً للطعن أو الاستئناف ، أو مبرماً . و في الحقيقة هذا العرف الذي درجت عليه المحاكم ليس له أصل أو أساس بالقانون ، و هو عبارة عن بدعة قد يكون لها مساوئها ، فالعبرة لتكييف الحكم فيما إن كان قابلاً للطعن أم مبرماً للقانون كما ذكر العلاّمة أبو الوفا أعلاه .
منذ سنوات رفعنا دعوى ( ترقين إشارة دعوى ) موضوعة على صحيفة عقار اشتراه الموكل قابلاً بها ، و الدعوى الموضوعة إشارتها على صحيفة العقار هي تثبيت بيع مرفوعة أمام محكمة الصلح المدنية انتهت بالرد شكلاً ، و استؤنفت فصدقت محكمة الاستئناف الحكم ، و سهت المحكمة عن ترقين الإشارة بمنطوق القرار ، و حيث أن الموكل لم يكن طرفاً في تلك الدعوى ، و رفض البائع أن يتعاون لرفع الإشارة اضطررنا لرفع دعوى مبتدئة لرفع الإشارة .
فوجئنا عندما استخراج الوثائق لتقديمها للمحكمة ، أن القرار الاستئنافي الذي صدق القرار الصلحي بالرد شكلاً وردت به العبارة المشؤومة :
( قراراً قابلاً للطعن بالنقض )
و هذه العبارة خاطئة بالطبع لأن القرار مبرم حسب نص المادة 75 أصول محاكمات .
و انتبهت المحكمة للعبارة فكلفتنا بيان فيما إن كان القرار قد اكتسب الدرجة القطعية ، فانتبه الخصم لذلك و قام من أجل الكيد بنا بالطعن بالقرار بطريق النقض ، فتقدمنا بمذكرة شرحنا بها أن القرار يعتبر مبرماً بقوة القانون ، و أن المحكمة أخطأت حينما اعتبرت قرارها قابلاً للطعن ، و تقدم الخصم ببيان يفيد أنه طعن بالنقض ، و عبثاً حاولنا إقناع المحكمة أن القرار مبرم و لا قيمة للطعن الكيدي الذي تقدم به الخصم بذلك القرار ، و لكن المحكمة أصرت أن ترى نتيجة الطعن لأنها لا تملك أن تقرر نيابة عن محكمة النقض .
فاضطررنا صاغرين لانتظار قرار محكمة النقض ، و كانت المفاجأة المذهلة أن محكمة النقض قبلت الطعن شكلاً و ردته موضوعاً ، في حين كان من المفترض بها أن ترد الطعن شكلاً ، و لكنها على غرار محكمة الاستئناف ، لم تنتبه أن أساس الدعوى صلحي .
و كانت النتيجة أن تأخرت الدعوى حوالي سنتين من أجل هذا الخطأ البسيط ، و الموكل على نار يريد ترقين الإشارة و التصرف بالعقار .