[align=justify]
الدستور و القانون
سلسلة دراسات نتناول فيها بعض القوانين النافذة والتي نرى أنها مخالفة لدستور 2012 ، جعلنا هذا المقال مقدمة لها .
تمهيـــــــــد :
نصت المادة الرابعة والخمسون بعد المائة من دستور 2012 :
" تبقى التشريعات النافذة والصادرة قبل إقرار هذا الدستور سارية المفعول إلى أن تعدل بما يتوافق مع أحكامه ، على أن يتم التعديل خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ميلادية ."
جاءت هذه المادة بحكم دستوري - سبق ولحظه دستور 1973 في المادة 153 - هو استجابة للتحولات والمتغيرات في حركة المجتمع بحيث يأتي التشريع ملازما لهذه التحولات والمتغيرات محققا ارتقاءه وتطوره إذ :
• قررت أن بعضا من القوانين النافذة قبل صدور الدستور مخالفة له.
• ولكي لا تتوقف حركة المجتمع فيقع في فراغ قانوني ، أبقت على العمل بها مدة محددة .
• أوجبت تعديلها خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات لتأتي متوافقة مع أحكامه.
ويبقى السؤال ما هي هذه القوانين ومن هي الهيئة التي تقرر مخالفتها للدستور ؛ ما هي إجراءات هذا التعديل ، خاصة ، وأن إلغـاء قانـون مـا أو تعـــديله
لا يتم إلاّ بقانون يقره مجلس الشعب ويصدره رئيس الجمهورية أو بمرسوم تشريعي يصدره رئيس الجمهورية استنادا إلى صلاحياته الدستورية ويعرض على مجلس الشعب للمصادقة عليه ؟ وهل هنالك دور للمحكمة الدستورية العليا في ذلك على الرغم من أن صلاحياتها حددت في المادة / 146 / من الدستور على وجه الحصر فيما يتعلق بمراقبة دستورية القوانين :
• الاعتراض على دستورية قانون أقره مجلس الشعب ، من قبل رئيس الجمهورية أو من خُمس أعضاء المجلس ،
• اعتراض خُمس أعضاء مجلس الشعب على مرسوم تشريعي أصدره رئيس الجمهوري بحسب صلاحياته الدستورية ،
• إحالة محكمة الطعن ، طعنا رفع إليها كان من بين أسبابه أن الحكم الطعين أقام قضاءه بالتأسيس على قانون مخالف للدستور.
وإذا كانت هذه التساؤلات تلقى محلها ، فلا بد من الإجابة عليها ،لأن الدستور لم يلحظ في مواده ما يقدم الجواب و يغني عن السؤال خاصة وأن من صلاحيات :
• مجلس الشعب إقرار القوانين – المادة الخامسة والسبعون
• مجلس الوزراء إعداد مشروعات القوانين – المادة السابعة والعشرون بعد المئة –
• أن النظام الداخلي لمجلس الشعب الصادر في العام 1974 حدد القواعد والأسس التي يجب إتباعها والعمل بموجبها لإعداد مشروعات واقتراحات القوانين ، المادة السابعة والتسعون
• ومن أحكام قانون السلطة القضائية المادة واحد/ج المتعلقة بإدارة التشريع تحضير ودراسة مشروعات القوانين .
وإذا كان الدستور لم يحدد القوانين المخالفة والجهة والقواعد الواجبة الإتباع وصولا إلى التعديل ، فقد أفسح بذلك المجال للعاملين في حلبة القانون من قضاة ومحامين ، و للأحزاب و رجال الفكر من أدباء ونحويين وقادة سياسيين إضافة إلى كل من عنده المِكنةَ العلميةَ والثقافية ، القيام بهذا الواجب القومي .
ونحن نرى أن الأمة التي وضعت أول تشريع في التاريخ ، نرى أن من واجبات أبنائها ، المساهمة في هذا المجال الذي يشكل أحد التزاماته القومية، والعمل على تقديم دراسات قانونية نسلط فيها ضوء الدستور على ما نراه من القوانين النافذة مخالفاً لأحكامه وبيان أوجه المخالفة مع اقتراحات التصويب ، إضافة إلى اقتراح ما نراه ضروريا لتعديل بعد النصوص التي نرى ضرورتها لتحقيق التوافق بين التشريع و حركة تطور المجتمع .
ولما كان مجلس الشعب ساحة التشريع وهو الذي يقر القوانين لتصبح نافذة بعد أن يصدرها رئيس الجمهورية ، فإن أول ما يجب تسليط أنوار الدستور على أحكامه ، هو ، النظام الداخلي لمجلس الشعب باعتباره حجر الأساس في آلية توافق التشريعات مع الدستور .
إننا في هذه لدراسة لا نهدف إلى تقديم دراسة تخص النظام الداخلي لمجلس الشعب ، إنما سنعرض للمواد ذات العلاقة بسلامة صدور التشريعات من حيث توافقها مع الدستور فحسب .
النظام الداخلي لمجلس الشعب و الدستور – المواد المخالفة -
بتاريخ 6/6 1974 صدر عن السيد رئيس مجلس الشعب النظام الداخلي للمجلس ، واضعاً في الفصل الثاني منه القواعد القانونية الناظمة لأحكام الاعتراض على دستورية القوانين ، المنصوص عليها في المادتين 112 و 113 اللتين حددتا النصاب القانوني لصحة الاعتراض حيث نصتا :
" المادة 112/أ إذا اعترض رئيس الجمهورية أو رٌبع أعضــاء مجلس الشعب على دستورية قانون قبل إصداره يوقف إصداره إلى أن تبتَ المحكمة
الدستورية العليا فيه خلال مدة خمسة عشر يوما من تاريخ تسجيل الاعتراض لديها.
ب / ...
ج / فور تقديم الاعتراض من ربع أعضاء المجلس إلى الرئيس يسجل في ديوان المجلس ويتثبت الرئيس من تواقيع مقدميه وعددهم ويبلغ إلى المحكمة الدستورية العليا كما يبلغ نسخة منه إلى السيد رئيس الجمهورية ."
هذا ما هو معمول به ونافذ في الوقت الحاضر، وبالرجوع إلى المادة السابعة والأربعون بعد المئة من الدستور والتي نصها:
" 1- النظر بعدم دستورية قانون والبت فيها وفقا لما يلي:
أ – إذا اعترض رئيس الجمهورية أو خُمس أعضاء مجلس الشعب
قبل إصداره يوقف إصداره إلى أن تبتَ المحكمـة فـيه خـــلال
مدة خمسة عشر يوما من تاريخ تسجيل الاعتراض لديها ....
ب – إذا اعترض خُمس أعضاء مجلس الشعب على دستورية
مرسوم تشريعي خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تسجيل
الاعتراض لديها ......................................... "
ففي حين حددت المادتان 112و113 من نظام المجلس النافذ بفقرات كل منها نصاب الاعتراض برُبع أعضاء المجلس ، حددت المادة السابعة والأربعون بعد المئة من الدستور نصاب الاعتراض بخُمس أعضاء المجلس ، إننا أمام نصين مختلفين ، نص له قوة القانون- النظام الداخلي – " المادة 193 من النظام " ونص دستوري .
ولما كان الدستور هو القانون الأعلى وأن كافة التشريعات يجب أن تصدر متفقة مع أحكامه ، وأن سبيل ذلك قواعد قررها النظام الداخلي لمجلس الشعب المبحوث فيه الأمر الذي يوجب أن تكون هذه القواعد ذاتها التي على وقعها تضبط سلامة التشريعات متوافقة مع أحكام الدستور وإلاً صدرت مخالفة له .
وحيث أنه تم تشكيل لجنة لتعديل النظام الداخلي لمجلس الشعب ، وكان تعديل النظام الداخلي للمجلس من اختصاص المجلس نفسه بحسب نص المادة 194/أ من النظام ووفق القواعد التي نصت عليها الفقرات ب ، ج من هذه المادة ، فإننا نضع هذه الدراسة أما ممثلي الشعب ، آملين أخذها بعين الاعتبار خلال إعدادهم مشروع التعديل ومن السادة أعضاء المجلس حين مناقشة المشروع لإقراره .
نقله للمنتدى المحامي ناهل المصري
[/align]
المصدر: https://www.facebook.com/permalink.p...31998820194838