إشكاليات التبليغ التي يعانيها المحامون
بقلم المحامية زينة طاما
جريدة النور
التبليغ ليس اختصاصنا،
درجت العادة منذ سنوات على قيام المحامي-ة أو وكيله القانوني بتبليغ الخصوم موعد الدعوى وإخطارهم بها أصولاً. ولأجل هذا يتوجب على المحامي بداية: كتابة التبليغ، وربما تصل أعداد الخصوم إلى المئات، ومن ثم ترجي كاتب المحكمة أن يوقعه، ليأخذ من وقت القاضي الثمين بعدها من أجل التوقيع الأخير لينتهي التبليغ بختمه بالديوان بعد أن يكون مستوفياً طوابعه. ثم تبدأ مرحلة العذاب في دائرة المحضرين، هذا إذا كانت إقامة المطلوب تبليغهم ضمن الدائرة المقامة بها الدعوى أو ضمن المنطقة نفسها، بينما إذا كانت خارجاً فتكون المهمة أصعب لأنك هنا عليك إجراءات التبليغ عن طريق مدير الناحية أو المنطقة أو من باختصاصهم، وانتظاره حتى ينتهي من اجتماعاته المتعددة، ومن ثم العيش تحت رحمة الشرطي الذي سيذهب معك ليبلغ بعد أن يكون قد أسمعك موالاً يبدأ بأنه لولا تبليغك لكان وضع البلد بألف خير، لأنك أشغلته عن القيام بمهام خطيرة وضرورية يجب عليه القيام بها وأخذت من وقته الثمين وقطعت عليه شرب المتة والحديث. وعليك أن تستنبط ما يريده منك وفهمك كفاية.
أما بالنسبة إلى دائرة المحضرين بالقصر العدلي فالوضع ليس بالأفضل، يلخصه المثل القائل: من هالك لمالك لقباض الأرواح. والويل والثبور إذا كان لك تبليغ قرار أو أي شيء يتعلق بقضايا الدولة، فإنك سترى الموت حكماً قبل أن يتبلغوا، فلا رقيب ولامحاسب على تبليغهم ولا على طول المدة لزيارة التبليغ لديهم، ويبقى مركوناً هناك حتى يتكرموا بإعادته إليك. وإذا أردت الملاحقة فما عليك إلا بفعل عصري معروف وهذا ليس بمقدور كل إنسان. واليوم بعد تأزم الأوضاع وانغلاق أكثر الطرقات باتت الحجة بحجتين للمحضرين والمبلغين. وإذا أردت التسريع بدعوتك والمضي بها وإرسال التبليغ فمجرد أن تدخل إلى هذه الدائرة وتطلب من أحدهم تتذكر نفسك ومعاناتك مع صاحب التكسي عندما يقف أمامك بالحر أو بالبرد وبكل برودة دم ليقول لك إلى أين ؟ ويشارطك وهو على علم يقين أن مركز القوة كله بيده لا بيدك.
إلى متى سنعاني نحن المحامين؟ وإلى متى سيعاني موكلونا؟ ونزيد عليهم مصاريف هم أصلاً غير مضطرين لها، وهذا ثابت بقانون الأصول: إذ نصت المواد (17 إلى 38) من قانون أصول المحاكمات المدنية السوري على أصول التبليغ، وأهم ماجاء فيها: أن الملزم بالتبليغ ابتداء وانتهاء هو كاتب المحكمة والديوان، وليس المتحاكم أو المحامي. ويقوم المحامي أو موكله تجاوزاً بهذه المهمة نظراً للروتين المعقد، ولرفض أغلبية كتاب المحاكم والدواوين تنظيم التبليغات. ولأن الدعوى لا تقوم ولا تتحرك في حال لم يقم المدعي أو وكيله القانوني بالتبليغ على نفقته ومسؤوليته. والمضحك المبكي هنا عندما تقرر المحكمة التبليغ نهائياً تحت طائلة البت بالدعوى بوضعها الراهن، وهذا وحده قرار معيب، فكيف تطلب ممن لا اختصاص له أساساً في الموضوع القيام به تحت طائلة فصل الدعوى، بدلاً من أن توجه إنذاراً إلى دائرة المحضرين لحثها على التبليغ وعدم المحاباة وغيره مما نعرفه ونلمسه ونعانيه. وكفى الموكل عناء مصاريف دعواه وحجمها وخسارته أساساً بلجوئه للقضاء فكم بالأحرى الابتزاز الذي بات يتعرض له اليوم من مثل هذه الدوائر، التي لا رقيب عليها ولا حسيب..
نقله للمنتدى المحامي ناهل المصري