هل أصاب القرار روح القانون أم ألغى نصاً في القانون

[عمر الحاج محمد]

اقتباس: (( ولما كان الأصل في التبليغ هو تسليم الأوراق للشخص المطلوب تبليغه بالذات وكان الاستثناء هو التبليغ بالواسطة أو لصقاً ، ولما كان التبليغ بالذات أو بواسطة من يقطن مع المطلوب تبليغه أو لصقاٍ بحضور المختار أو شاهدين يومي بالثقة حول صحة العنوان المصرّح به من قبل المدعي كون المختار أو الشاهدين أو من يقيم مع المطلوب تبليغه يؤكدون صحة هذا العنوان ، وحيث أن تعديل القانون بإضافة المادة 33 مكرر جاء دون أن ينص على ما يؤكد صحة العنوان أو صحة الظروف الاستثنائية التي بسببها تعذر التبليغ وللمحكمة أن تتصدى لهذا الأمر من تلقاء نفسها تطبيقاً لروح القانون والغاية منه لذلك تقرر: التريث بالبت بطلب التبليغ بالصحف لما بعد تأكيد الظروف الاستثنائية وتأكيد صحة عنوان المدعى عليه بوثيقة رسمية))

بهذا الاجتهاد استقبلتنا المحكمة الموقرة بعد أن طلبنا إخطار المدعى عليه عبر الصحف لعدة مرات وكان يجابه طلبنا بالرفض ولكن وبعد صدور قانون التبليغ في حال وجود ظروف استثنائية خرج القاضي بهذا الاجتهاد الذي أراد بمضمونه ان يطبق روح القانون فقام بنسف هذه المادة من أساسها حين اضفى عليها فكرة صحة العنوان
ولدى مناقشتي للقاضي حول هذا القرار الإعدادي
فطلب مني إحضار سند إقامة للمدعى عليه من المختار أو أي وثيقة رسمية تدل على صحة العنوان
فناقشته حول أن مذكرة الدعوة بلغت على نفس العنوان لصقا وبحضور المختار الذي أضفى على سند مذكرة الدعوة خاتمه الرسمي وبالتالي فإن قرارك جعل من مذكرة الدعوة باطلة
ولما ناقشته حول أن الفقرة الثانية هي من تحتاج إلى تعليمات تنفيذية أجاب بلا فالنص كله يحتاج إلى تعليمات تنفيذية مع ان النص واضح حول أن تأكيد التبليغ إلكترونيا هو من يحتاج إلى تعليمات تنفيذية وليس التبليغ عبر الصحف كونه موجود بنص المادة والقانون صريحاً
ثم إن مذكرة الإخطار التي جاء الشرح فيها
تعذر التبليغ لأسباب أمنية كون مركز عملنا حاليا هو في منطقة جرمانا والمطلوب إخطاره في منطقة سقبا
وكان ممهوراً بخاتم مدير ناحية كفر بطنا وتوقيعه مما يجعل من الظرف الاستثنائية واضحة من شرح مدير الناحية على سند مذكرة الإخطار
لا أعلم هل أصابت المحكمة روح القانون أم نسفت نص المادة المذكورة بإثقالها عليها بما لم يرده المشرع.
وأتمنى من الزملاء المحامين والقضاة في هذا المنتدى أن يتحفونا بآرائهم عسى أن نتوصل إلى حل قانوني لا نشعر فيه بالغبن ولا نظلم فيه أحداً.

[المحامي عارف الشعَّال]

أريد أن أطرح الفرضية التالية :

إذا أراد أحد الأشخاص المغرضين استغلال الظروف التي نمر بها للكيد بأحد خصومه ، فأقام عليه دعوى مطالباً إياه بدفع مبلغ مليون ليرة سورية باقية بذمته ، و وضع عنوانه في منطقة : ( القدم _ خلف محطة القطارات - جانب السمان أبو محمد - بيت عربي - معروف من الجوار ) و قام بتحرير التبليغ على هذا الموطن ، و أخذه لدائرة المحضرين ، في هذه الحالة سيقوم المحضر فوراً و هو جالس خلف الطاولة بشرح هذا التبليغ و كتابة العبارة المألوفة : ( تعذر التبليغ لأسباب أمنية ) .
فيقوم القاضي بإصدار قرار التبليغ و الإخطار بالصحف ، و بعد الشروع بالمحاكمة يقوم المدعي بطلب إثبات دعواه بتوجيه اليمين الحاسمة ، و يقوم بتصوير اليمين بالصيغة التي تناسبه ، فيقرر القاضي تبليغ اليمين بالصحف على غرار النهج الذي سار عليه بالدعوى ، و بعد تبليغ اليمين بالصحف ، تصبح الدعوى مكتملة و جاهزة للفصل .

السؤال الآن : كم نسبة الأطراف الذين يحضرون الدعوى نتيجة قراءتهم للصحف ؟
الجواب : النسبة شبه معدومة .

إزاء هذا الاحتمال الذي يعرفه القاصي و الداني ، و حيث أنه من المعروف أن إحدى حالات إنعدام القرارات القضائية ، صدورها بمثابة الوجاهي إذا كان الموطن الذي جرى إعلان الدعوى عليه ، غير صحيح و مختلق لذلك يجب أن نلتمس كل العذر للقاضي حينما يتشدد بالتثبت من صحة العنوان ، و أن نساعده بتشدده هذا لأن العدالة هي نبراسنا جميعاً ، و من أولى متطلبات العدالة أن يمثل الطرفان أمام المحكمة للإدلاء بدفوعهما و حججهما ، و القاضي ليس كمبيوتراً نلقمه المعطيات ، فيعطينا النتيجة ، و إنما له تقديراته المنطقية التي يدفعها حسه بالعدالة ، و بالتالي يجب العمل على إقناعه في حالة غياب الخصم ، أنه ليس بالأمر مكيدة ، أو سوء نية ، و من هنا أرى وجاهة طلب القاضي سند إقامة رسمي ، أو أية وثيقة تثبت صحة العنوان الذي تم إعلان الدعوى عليه .

و من جهة ثانية ، و من الناحية القانونية البحتة ، هناك أساس لتشدد القاضي هذا يمكن تلمسه من عبارات المرسوم التشريعي 25 لعام 2013 ، حيث أوجب على القاضي حينما يقرر التبليغ بهذه الطريقة أن يعلل قراره ، و أوجب على الموظف المكلف بالتبليغ بيان سبب تعذر التبليغ ، و بالتالي إن عبارة ( تعذر التبليغ لأسباب أمنية ) برأيي غير كافية ليتكئ عليها القاضي للتبليغ بالصحف ، بحسبان أن المرسوم نص على تعذر التبليغ لظروف استثنائية ، و ليس أمنية ، مما يتطلب على الموظف أن يسهب بالتفصيل بماهية التعذر ، مثل وجود اشتباكات ، و انتشار الجثث ، أو منعه من قبل حاجز أمني من الدخول للمنطقة ، أو خشيته على حياته مثلاً ، و غير ذلك .

و حيث أن المشرع طلب من القاضي أن يعلل قراره حينما يلجأ لهذا الطريق الاستثنائي بالتبليغ ، ما يعني بالتفسير الواسع ، أن المشرع يعول على قناعة القاضي بتحقق الظرف الاستثنائي ، و أن يتثبت من صحة عنوان المخاطب بتلك المنطقة .

و من هنا أرى وجاهة تشدد القاضي على النحو المذكور ، و سداد رأيه .

[عمر الحاج محمد]

شكراً أستاذ عارف
وأنا مع التشدد بصحة العنوان
لكن هذه الحالة الخاصة ألغى القرار مذكرة الدعوة
والتي كانت صحيحة وذلك بشكل ضمني والمشكلة جاءت بالإخطار الثاني عندما تقرر الرجوع عن الشروع بسبب عدم ذكر عبارة وإن لم تحضر سيصدر الحكم بحقك بمثابة الوجاعي وتقرر إعادة الإخطار
ولا أنسى بأن المختار كان حاضراً أثناء مذكرتي الدعوة والإخطار التي تقرر أها غير أصولية

[المحامي عارف الشعَّال]

في الحقيقة أبديت رأيي بالقانون بشكل عام و ليس بهذه الحالة بالذات .

و طالما أنه جرى التبليغ و الاخطار على نفس العنوان بحضور المختار و لكن أبطل الاخطار فلا شك أن هذا يعتبر دليل على صحة العنوان .

و لكن يبدة أن القاضي حسم أمره تجاه هذه الحالة ، لذلك أرى من ناحية عملية أن تستجيب له بتسطير كتاب للمختار عن طريق المحكمة يفيد بأن هذا العنوان هو موطن المدعى عليه ، و لا مانع من تصوير مذكرتي الدعوى و الإخطار ليطمئن المختار أن العنوان صحيح ، علماً أن المخاتير في المناطق الساخنة يداومون بالمحافظة حسب ما سمعت .