مسؤولية نقابة المحامين عن سمعتهم

[المحامي عارف الشعَّال]

مسؤولية نقابة المحامين عن سمعتهم

منذ أكثر من خمس و سبعين عاماً قام رابع نقيب للمحامين بسوريا الأستاذ " بهجت الشهابي " بمخاطبة المحامين في العدد الأول لمجلة المحامون - آب 1935 بلهجة شديدة ,, قوية , فقال :

(( لن تستطيع النقابة تأمين الغاية المنشودة من تأسيسها و هي العمل لما فيه صالح المحامين و المحاماة ، و حمل الناس و القضاة على احترام المنتسبين إلى هذه المهنة و النظر إليهم نظرة نظير و مثل ، ما لم تكن حازمة في موضع الحزم ، تسعى جهدها لأن يكون المنضوون تحت لوائها ذوي ضمائر حية ، لا يخرجون على القانون و لا يحنثون فيما أقسموا على احترامه و عدم الإخلال به ، و ذلك بفرض العقوبات التي منحها إياها القانون دونما رحمة أو تهيب .
فالمحاماة ليست مأوى عجزة يلتجئ إليها كل من انقطع رزقه ، و عبست الدنيا في وجهه لتتركه يعيث في قضايا الناس فساداً دون أن تقف حائلاً بينه و بين ما يخبط به خبط عشواء .
كما و أنها ليست مسرحاً لإظهار ضروب الخبث و الحيل في سبيل ابتزاز أموال الناس ، بل هي مهنة أقل ما يفترض في أصحابها احترام القانون و العمل بما يوجبه و الرجوع عما ينهى عنه .
و إذا لم يكن المحامون شرفاء متصفين بمزايا خلقية سامية تأتلف و ما حصلوا عليه من ثقافة عالية فمن الصعب أن نحمل الناس و الحكام على قدرهم و احترامهم ، لأن احترام الإنسان نفسه و سواه بترفعه و عدم تخلقه بأخلاق السفلة ، و عدم حرصه على اقتناص الدرهم من وجه غير مشروع ))

بعد ثلاثة أرباع القرن على هذا الكلام ، مازال بضعة محامين يعيثون فساداً في عملهم ، لا يهمهم سوى الدرهم و الدينار ، و لو على حساب الحق و العدالة و الأمانة و الفضيلة ,, يسيئون بسلوكهم هذا لجيش من الشرفاء و لمهنة كاملة يفترض أن تقترن بالفروسية بسبب تقصير النقابة و توانيها عن محاسبتهم ، فكانت بئس الخلف لخير سلف .

[المحامي عارف الشعَّال]

((.... لا يزال اسم المحامي مقروناً بوصف الكاذب - عند الناس - و لا عمل له في اعتقادهم إلا جعل الباطل حقاً و الحق باطلاً .

و إذا كانت وظيفة المحامي إظهار الحق , فبئس المهنة مهنته لأن الحق لا يحتاج إلى من يظهره أو يدلل عليه .

في ظل هذه العقيدة نشأت المحاماة في معناها الصحيح في بلادنا ، و كان عليها أن تصمد حتى تبلغ المنزلة اللائقة بها ، و حتى تزيل ما علق بالأذهان عن المحامي و المحاماة ؟

و كان على نقابة المحامين أن تعمل بحزم في سبيل تلك الغاية ، و أن تضرب بعصا من حديد على أييدي بعض العابثين ممن جُعلوا محامين ، إذ من السخف أن تكلف الناس أن يحترموا المحاماة و المحامين و هم لا يزالون يرون بين ظهرانيهم ، و تحت سمع النقابة و بصرها من يهزأ بالضمير و يدوس القانون في سبيل الدرهم ... ))

الأستاذ " بهجت الشهابي " رابع نقيب للمحامين
مجلة المحامون - العدد الأول - آب - 1935