أطهر ذهني وعقلي من السياسة والحكومات المؤقتة والحكومات الدائمة والمؤبدة
أحاول الابتعاد عن التفكير بالحروب والتطهير والعصابات المسلحة والجهات المختصة والتضليل الإعلامي
أخلع عني كل الحلول الداخلية والخارجية .. الأمنية والسياسية .. الواقعية والسفسطائية .. الوطنية والانتهازية
وأمشي في شوارع بلادي فأرى شيوخاً وأطفالاً شردتهم وأفقرتهم وأنهكتم السياسة وسائسوها
أطفال وشيوخ على إشارات المرور .. على أرصفة ما تبقى من شوارع .. وفي كل مكان يبيعون المحارم والدخان وعلب الكبريت والعلكة والأقلام وكأننا في زمن بائعة الكبريت وزمن فيكتور هيجو..
لاتهمهم أصوات الانفجارات وأزيز الرصاص وأصوات الطائرات والدبابات والمصفحات
تنتابني الأفكار والكوابيس والهواجس
لم يعد أول همي من ينتصر .. لم يعد أكثر ما يشغلني من سوف يحكم .. لم تعد تهمني الحلول .. لم تعد تهمني الحكومات المؤقتة ولا الإصلاحية
أكثر ما يهمني ويقلقني الآن هو المصير المجهول لأبنائي وأبناء بلادي
لا أريد لأبنائي وأبناء بلدي أن يصيروا متسولين
ولا باعة جوالين
ولا أميين
ولا أنصاف متعلمين
ولا خريجي جامعات بشهادات منقوصة مشكوك بقيمتها العلمية
ولا عاطلين عن العمل
ولا موظفين مكدسين في مكاتب
ولا نهبا للقلق والخوف من المجهول ومن الملاحقات الأمنية .. ومن غموض المصير
ولا مهاجرين أو مشاريع مهاجرين
ولا أيتاماً بائسين أو أبناء لأباء مختفين
أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض ... أريد لهم أن يكون مشيهم على أرضنا آمنا ومتزنا وواثقاً .. حاضرا ومستقبلا
أبنائي وأبناء وطني لم يخلقوا للصراخ في طرقاته وشوارعه لبيع غير مجدٍ شبيه بالتسول .. ولا للتشرد فيها.
إنهم المستقبل. ولا مستقبل لوطن أبناؤه في الشوارع.
لهؤلاء حقوق عليه.. وله عليهم بعد ذلك ومقابله واجبات.
لهم عليه حقوق مواطنية كاملة .. حقوق الوصول إلى العمل الشريف .. حقوق الحرية .. وتوفير الكرامة الإنسانية
لهم حق المساواة مع غيرهم ممن يعيش في هذا الوطن ويعتبر نفسه المالك الشرعي له..
لهم الحق في طفولة متزنة ومستقرة. وتنمية شاملة .. جسدية ونفسية.
لهم الحق في تعليم مجاني .. في كل المراحل.. هادف ومخطط وعصري.
لهم الحق في علاج مجاني وحق الضمان الاجتماعي ..
لهم حق البقاء مع أسرهم والعيش بامن وبأمان ..
لهم حق ممارسة مهن شريفة غير مهينة أو ممتهنة ..
لهم حق الأمل بالمستقبل ..
فهل يا ترى سنرى ويرى أبناءنا ذاك اليوم؟؟!!