الهيئة العامة لسوق رأس المال السوري ..
أم هيئة الأوراق المالية السورية.. القصد واحد
منذ مايقرب الأربع سنوات أخذت تطفو على السطح بوادر التوجه نحو اقتصاد السوق في سوريا قد رافق ذلك حزمة من التشريعات والقوانين التي تثبت نية هذا التوجه ومباركته ...إلىأن’حسم الأمر’مؤخرا أمام القيادة السياسية ومجلس الوزراء وأصبح حقيقة واقعة جعلت كل فرد أمام مسؤولية..تناط به من الواجب التعامل معها بأمانة وقد تحدث المتخصصين والمهتمين عن هذه المرحلة وعن القوانين والتشريعات التي رافقتها بإسهاب وجميعها لاشك هامة لكن الأكثر أهمية هو إلغاء محاكم اللأمن الإقتصادي و إلغاء القانون 24 لعام1986 الخاص بحيازة وتداول الأموال ,وماترتب عليه, وقد كبح التعاملات التجارية سنين طوال وأثر سلبا على الحياة الإقتصادية فشبهه الكثيرين كالسيف المسلط على الرقاب واليوم بإلغائه ولادة حقبة جديدة في النشاط التجاري والإقتصاد بشكل عام ...........
-قد تغيرت صيغة التعاطي مع الأمور..... وماكان في الأمس مستحيلاَ أصبح اليوم ممكن التحقيق -سوق الأوراق المالية...كان فيما مضى حلما واليوم أصبح في متناولنا يطرق الأبواب ..
لكن هذه الظاهرة رغم أنها مألوفة نوعاًَما في البدان العربية عامة لآتزال غربية عن واقعنا المحلي ........بل مغيبة تماماً عن الساحة الاقتصادية .ولفترة ليست قصيرة امتد ت من خمسينيات القرن الماضي حيث كان يوجد في دمشق سوق نشط وكان يسمى" سوق الصيارفة"في سوق الحميد ية لتداول القيم المنقولة ....والمعادن الثمينة والقطع بصورة كيفية, ولكن لم تكن هناك بورصة رسمية أو غير رسمية للمتعاملين للاجتماع بها .....ووضع التشريع اللازم لتنظيم السوق المالي 1962 ولم يكتب له الظهور إلى حيز الوجود......... و غاب مع المتغيرات السياسية .............ليعود الحديث عنه في نهاية ثمانينيات القرن الماضي تحديداَ1987 ..بإنشاء مكتب بيع وشراء الأسهم , وعارضه من عارضه وتطورت الفكرة لكنها لم تأتي ناضجة ............................!
.ففي .1.8 2001 صدر مشروع قانون بإحداث السوق السورية للأ سهم والأوراق المالية ولم يرقى لمستوى الآمال ,وتم تعديله وصدرفي 5.26لنفس العام لكنه لم يثلج الصدور .....!!.
وبقيت الفكرة معطّلة لكن المحاولات ازدادت جدّية خاصّةَ مع بدايات هذا العام و منذ مايقارب السنة حيث أ’وكِلَ الأمر لوزارة المالية فالمهتم بهذا الموضوع يلحظ الجهود المبذولة وبمتابعة شخصّية من السيّد الدكتور محمد الحسين وزير المالية .
-إن خيار سوق الأورق المالية خيار هام وهو بداية لمشوار طويل وشاق ونجاحه لايكون بقرار أو أمر سلطوي إنما بتضافر الجهود على جميع المستويات وأهمها ما’يناط بالسياسة الإقتصادية و المالية والنقد ية والبنية التشريعية والكثير الكثير من الأولويات التتي تحدث عنها الختصون بإسهاب لتوفير المناخ الملائم لقيام ونجاح السوق ... حتى أن سياسة الحكومة باتجاه تحسين المستوى المعيشي للأفراد تحظى بجانب من الأهمية ولانغفل الدور الهام الذي تلعبها لسياسة الإعلانية والإعلام عمومًا باعتبار أن مايقدّ مونه هو الجسر الواصل بين
المستثمر والحقيقة التي يجب الإفصاح عنها في كل مايتعلق بالعملية الإستثمارية وذلك حتى لايتم استغلال الخلل التشريعي في بعض قوانيناوالتي ترتبط ارتباطاَوثيقاَ بوجود السوق, كما حدث مؤخراَ باستغلال قدم القانون التجاري السوري ...من قبل بعض الأفراد , حيث قاموا بتحويل بعض الشركات العائلية إلى شركات مساهمة دون نص قانوني واضح كما أنه لم يتضمن مايتعلق بزيادة رأسمال الشركة .
وقد قامت هذه الشركات بطرح أسهمها للإكتتاب العام بشكل كيفي ..".وهذا سيتم بحثه تفصيلاَ فيمابعد" فلوعدنا لقانون التجارة السوري وفيما يخص الشركات المساهمة لوجدنا المعلومات عامة وفضفاضة بحيث يمكن لكل شركة مساهمة أن تفصّلها على مقاسها وهذا ماحدث بالفعل وتدخلت الحكومة بالأمر.وتدخلها لم يكن اجراءًَ احترازياً ....آنياً..........
إنما هو بداية" وكما ترامى إلى أسماعنا" للقيام بخطوات إيجابية فيما يخص سوق الأوراق المالية....
"تشكيل هيئة عامة حكومية للرقابة والإشراف" تأخذ دورها بإرساء دعائم السوق والإشرف عليه وهذه لاشك مبادرة تدعو للتفاؤل ...كونها خطوة صحيحة وفي المسار الصحيح ..
-.وقد تحدثنا سابقا عن الأزمات التي عصفت بالبورصات العربية و العالمية بسبب غياب الرقابة الحكومية
- وفي هذا المجال يمكن لنا الإستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا وليكن مثلنا في ذلك ما خطته بعض الدول العربية والتي نشطت في العقد الماضي من القرن المنصرم بتطوير أسواقها المالية وإعادة هيكلتها لتواكب أسواق العالم المتقدم,ومن هذه الدول مصرالتي لايخفى على أحد عراقة السوق المالي لديها , ففي عام 1979 صدر القرار الجمهوري 15 october بإنساء هيئة سوق رأس المال بغرض تنظيم وتنمية سوق رأس المال ومراقبة حسن قيامها بوظائفها ولم يكن هناك أي نشاط للبورصة قبل تأسيس الهيئة خلال فتره امتدت منذ ثورة 22 يوليو 1952 وحتى بداية الإنفتاح الإقتصادي عام 1974 بسسب عمليتي التأميم والتمصير وكانت نقطة البداية المؤتمر الإقتصادي الذي دعا إليه الرئيس مبارك .ومع مرحلة الإصلاح الهيكلي بدأ برنامج إعادة تنشيط وتنظيم سوق الأوراق المالية بإصدار قانون سوق رأس المال المصري ولائحته التنفيذية/ /52 لعام1992وهو أول قانون شامل يتناول تنظيم جميع العناصر اللا زمة لتنشيط سوق الأوراق المالية ,حيث تناول هذا القانون تنظيم الإطار القانوني في عدة مجالات منها :
- حرية إصدار جميع أنواع الأوراق المالية المعروف منها والذي يمكن استحداثه .
- تنظيم جميع المؤسسات العاملة في مجال الأوراق المالية , إذ أنه من أبرز سمات سوق الأوراق المالية أن التعامل فيها لا يتم مباشرة بين المستثمرين , بل يتم من خلال الوسطاء والمؤسسات.
- كما تناول التشريع تنظيم الإفصاح وهو من أهم العناصر التي تظهر واقع الشركات وتقييمها فعليا , ومن أهم التطورات فيه اعتماد معايير محاسبية مقبولة دوليا.
ومع بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي ازدادت الجهود في مجالات متعددة لتنظيم سوق الأوراق المالية أبرزها :
تطوير نظم التداول والمقاصة والتسوية وإدخال نظام الحفظ المركزي , وتنظيم حماية المستثمر من المخاطر التجارية وكان من نتائج هذا التطور وضع سوق الأوراق المالية المصري ضمن اهتمام خريطة أسواق الأوراق المالية في العالم ... حيث دخل ضمن مؤشرات مؤسسة التمويل الدولية , ومؤسسة مورغان ستانلي , وعرفت الأسهم المصرية طريقها للقيد في البورصات الدولية .......
واللا فت في هذا القانون فيما يتعلق بطرح الشركات المساهمة أوراقها المالية للإكتتاب العام أنه ذكر في المادة الرابعة منه "لايجوز طرح أوراق مالية لأية شركةبما في ذلك شركات قطاع الأعمال العام وشركات القطاع العا م في اكتتاب عام للجمهور , إلابناء على نشرة اكتتاب معتمدة من الهيئة يتم نشرها في صحيفتين يوميتين صباحيتين واسعتي الإنتشار , إحداهما على الأقل باللغةالعربية,ويجب أن تحرر نشرة الإكتتاب وفقا للنماذج التي تعدها الهيئة وتتضمن الإفصاح عن كل مايتعلق بالمركز المالي للشركة
ومواصفات الأسهم المطروحة وأسماء المؤسسين ومقدار مساهمة كل منهم وخطط الشركة المستقبلية وأسماء أعضاء مجلس الإدارة والمديرين وخبراتهم , أسماءحاملي الأسهم الإسمية الذي يملك كل منهم أكثر من5 % من أسهم الشركة ونسبة ما يملكه كل منهم .
- ومن البلدان التي سارت على نفس النهج سلطنة عمان فلتنظيم سوق رأس المال لديها قامت بإصدار قانون سوق رأس المال العماني عام 1998 وتم إنشاء الهيئة العامة لسوق المال ومن الأعمال الهامة التي تعنى بها تنظيم وترخيص ومراقبة إصدار الأوراق المالية وتداولها...لابل وذهب هذا القانون إلى أبعد من ذلك حيث ذكر في المادةالثانية وفيما يتعلق بإصدار الأوراق المالية"مع عدم الإخلال بما ورد في قانون الشركات التجارية رقم4\ \ 74 المشار إليه من حصول شركات المساهمة على ترخيص بتأسيسها من مدير عام التجارة يجب على كل شركة مساهمة ترغب في إصدار أوراق مالية أ ن تحصل على موافقة الهيئة بذلك قبل الحصول على الترخيص المشار إليه , وذلك دون الإخلال بأي حكم آخر في القوانين المعمول بها ......................
- كما ذكر نفس القانون في المادة الثالثة منه وفيما يتعلق بإصدار الأوراق المالية " لايجوز طرح أوراق مالية لأية شركة مساهمة في اكتتاب عام أو خاص إلا بناء على نشرة اصدار معتمدة من الهيئة يتم نشر ملخص عنها في صحيفتين يوميتين إحداهما على الأقل باللغة العربية ويجب أن تحرر النشرة وفقا للنماذج التي تعدها الهيئة على أن تكون شاملة لجميع البيانات المالية والمعلومات المتعلقة بالجهة المصدرة ,............................وإن دل هذا على شيءإنما يدل على زيادة الحرص من الحكومات بجعل النشاطات في أسواقها المالية بمنأى قدر الإمكان عن الغش والتلاعب وحماية للمستثمرين مماقد يتكبد ونه من خسائر جراء العمليات غير المشروعة.
-مما تقدم نلمس الدور الهام الذي تقوم به الهيئة العامة لسوق رأس المال في البلدان التي دعت إلى إنشائها فمن أهم ما تقوم به هو حماية المستثمرين من الغش والتلاعب وتأمين عملية الإفصاح بحيث يمكن تقييم الشركات بشكل يظهر واقعها الحقيقي للمستثمرين كما تعمل هذه الهيئات على الحد من المخاطر غير النظاميةUNSYSTEMATIC RISKS " وهذا النوع من المخاطر يرجع في العادة إلىأحداث معينة قد تأثر على عوائد وأرباح سهم معين
.........
-ومن المفيد أن نعلم أن سوق الأوراق المالية قد أصبح حقيقة واقعة , وضرورة ’ملحّة لاغنى عنها في ضوء التطور السريع الذي شهد ته أسواق المال العالمية في العقدين الأخيرين من القرن الماضي بفضل تكنولوجية الاتصالات و دخول شبكة الانترنيت مجال التعامل في البورصة, فاتصلت أسواق العالم مع بعضها البعض .... وظهرت العولمة ,, , ,globalaistion وتحول العالم إلى قرية صغيرة , وأصبحت أسواق الأوراق المالية ,البورصات,من أهم وسائل الاستثمار العالمية وأكثرها تقدماً فهي تعبر عن درجة متقدمة من وعي المستثمرين حول ثقتهم بالسوق المالي وبالقوانين التي تحكمه ,وغد ت الأوراق المالية من أهم وسائل تمويل المشاريع الضخمة في الدول الغربية ,وبما أننا أصبحنا جزء من هذه القرية الصّغيرة فَََحَرِي’’بنا ألا ’نحَلّقَ خارج السّرب.........
وأن نحاول اللحاق بالرّكب ولا’نحصي ما قد فاتنا من منافع بل ننظر إلى ما سيتحقق فلا بد أنّه الأهم ....
فمع كل المؤشرات الإيجابية نحو الإنفتا ح والتحول,إنّ وجود سوق أوراق مالية يطوي مرحلة بنواقصها ويأذن بوضع جديد ,لكن لابد من صمّام أمان يحمي هذا السوق من الأزمات, والمستثمرين من الغش والتلاعب ويقوم بدور الرقابة و الإشراف على سوق رأس المال بشقيه الأولي "سوق الإصدار" والثانوي "سوق التداول "ووضع التشريعات اللازمة لضبط العمليات الجارية في هذين السوقين والإشراف على تنفيذها , وفي حال إنشاء هيئة الأوراق المالية أو الهيئة العامة لسوق رأس المال السوري نكون قد ضَمِنّا صّمام الأمان و بدأنا بخطوة متقدمة ولو تأخرت كثيراً..... صحيح أننا بدأنا متأخرين لكن لايجب أن نبدأ متخلفين,ففي أسواق المال يجب أن تبدأ حيث انتهىالآخرون....
وهنالا بد من التنويه أن إ حداث الهيئة العامة لسوق رأس المال السوري أوهيئة الأوراق المالية السورية لن تكون لها العصا السحرية التي ستنقل بومضة واقع السوق السوري من سوق وليد لتضعه في مصاف الأسواق المتحضرة بل من الطبيعي أن يمر كل سوق حديث العهد بالمراحل المألوفة التي مرت بها كل الأسواق بين ازدهار حين....ا وركود حين.....ا أخر وهذا يرتبط بمدى إقبال المستثمرين وثقتهم بالسوق من جهه ,كما يرتبط بوعي و نزاهة المتعاملين بالسوق من جهة ثانية ومدى ابتعادهم عن التصرفات غير القانونية كالمضاربة غير المشروعة التي تؤدي إلى خلق ظروف مصطنعة تعمل على إيهام الأفراد بوقائع ليست صحيحة ,مع العلم أن المضاربة هي أمر طبيعي في جميع البورصات في العالم , وتقوم بتوفير مزايا هامة للإقتصاد طالما ظلت في حدودها المعقولة والمضاربة في السوق تولد سيولة لها وذلك بتوفير تلك الفئة التي تستعد دائما للبيع أوالشراء , فالمضاربة كملح الطعام قليل منه يفيد وكثيره يفسد . وهذا إحدى أشكال التصرفات غير القانونية في بورصات الأوراق المالية في العالم.
لابد من التنويه حول وجود الهيئة وما يترتب عليه من فصل بين المهام التشريعية والرقابية, والمهام التنفيذية وقد وعت مؤخرأ الجهات المعنية في معظم أسواق الأوراق المالية العربية التي لازالت تجمع المهام الرقابية والتنفيذية تحت إدارة سلطة واحدة وهي لجنة السوق , وعت مدى جسامة وأهمية هذه المهام المتداخلة والمتشعبة والمتعارضة في آن وهذا يتطلب العمل بدقة وعدالة وكفاءة لكن وجودها
تحت سلطة واحدة يفقدها الكثير من المصداقية والثقة مما دفع هذه الجهات الى السعي لإنشاء هيئة مستقلة للسوق في هذه البلدان, تشرف على سوقي الإصدار والتداول والعمل على الفصل بين الدورين التشريعي والرقابي والدور التنفيذي , وهذا ل لايقصد به تعقيد المهام إنما لإنتظام العمل وتوزيع المسؤولية وسهولة تحديد مواطن الخلل وإمكانية معالجته لتحقيق الهدف الأهم وهو ضمان حقوق المستثمرين وجميع المتعاملين بالسوق مما يؤدي إلى كسب ثقتهم وبالتالي نجاح هذا السوق وهذا سيتم الحديث عنه فيما بعد بإذن الله .
منقول عن المحامية منيرة مسعود : ( كلنا شركاء) 7/12/2004