منتدى محامي سوريا

العودة   منتدى محامي سوريا > منتدى القضاء > تطوير القضاء

تطوير القضاء العدل أساس الملك. والقضاء والمحاماة جناحا العدالة. ولن يحلق طير العدالة عالياً إلا بجناحين متساويين سليمين..

إضافة رد
المشاهدات 7098 التعليقات 5
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-2012, 12:05 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد شوربه
عضو جديد مشارك
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


محمد شوربه غير متواجد حالياً


افتراضي ورقة عمل في الإصلاح القضائي

ورقة عمل تحضيرية وتشاورية في


النقاط الأساسية لإصلاح وتطوير الهيكل القضائي في سوريا


نحو عدالة أسمى وقانون مُلتزَم.


قيل عنه بأن سلامته تؤدي حتماً إلى سلامة الجميع، ومكانته وقوته تصور حقيقة واقع الحياة ومستقبلها، وأحكامه لا بد أن تعكس إما مطابقة أو مفارقة......فإن تطابقت ...سلمنا وعرفنا مفاصل الخلل ومكامن الداء، وعندها نواجه النتائج بالحلول.
وإن افترقت أحكامه ..... ضعنا في متاهات لا نعلمها ولا نعلم بدايتها ولا نهايتها، وتشتت بذلك جميع إمكانياتنا وثرواتنا.
إنه القضاء....... قلم الحق .... حيث لا أب ولا أم ولا إرث ولا حزب ولا قبلية ولا مال ولا جاه..........
وحيث أن الكلام عن أهمية القضاء يطول ويتشعب، ورغبتنا أن نواجه ما نحن فيه من مصيبة تكمن في خلل واقعنا القضائي، لذا كان لا بد من الولوج في ثنايا هذه الإشكالية وتفاصيلها ، علنا بتوفيق من الله تعالى أن نرسم الخيوط الأولى لتأسيس قضاء متين وسليم.
ولعرض النقاط الرئيسية في هذه الدراسة سأنتهج نهج الأفكار الطليقة المركزة في عناوين محددة، بحيث يبقى للقارئ تتبعها وترتيبها والربط بينها.
وهذه النقاط هي:
1- الارتباط والمرجعية.
2- التعيين والاختيار.
3- التنقل والتدرج والتخصص.
4- الرقابة والمسؤولية.


أولاً: الارتباط والمرجعية:
ليست هذه الفكرة عبثاً من فراغ أو أملاً في تحقيق هدف، بل هي راسخة في بنيان الدول والحضارات العظمى وخصوصاً تلك التي عاشت أحنك الأوقات فقدمت العدل والخير والمساواة، ووضعت القضاء في أبهى صوره حكماً وهيبة.
وهذه الفكرة متجسدة في مبدأ " استقلال القضاء " أي أن القاضي عندما ينظر في ما يحكم فلا تبعية لحكمه ولا ارتباط لقراره مع أي شخص كان ومع أي جهة كانت، وأن المبعث الأساسي في اتخاذه لقراراته هو القانون بخطوطه العريضة والضيقة دون تقصير أو شطط ودون انحراف أو إهمال.
إذاً لا مكان لوزير إداري أن يتدخل بشؤون القضاء، ولا اعتبار لضغط أمني أن يغير من تكيف القضاء، ولا تابع ومتبوع، بل هو النص القانوني الملزم.
وهذه الاستقلالية لا تعني التفرد والإهمال والتستر بها للجنوح و اللامسؤولية بل هي استقلالية مصونة بالتركيبة القضائية ذاتها وبالقانون، فدرجات التقاضي هي أول ما يصون هذه الاستقلالية، وقوة القانون هو خير ما ينصفها.
فالطعن في الدعاوى بكافة أشكاله وطرقه العادية والاستثنائية، هو الذي يحفظ جنوح القضاء عن القانون والحق لا يخدش استقلال القضاء، كما أن هذه الاستقلالية لا تعني أيضاً التفلت من الرقابة والمسؤولية، بل هناك رقابة قضائية ذات طبيعة خاصة نابعة من القضاء ذاته كسلطة ثالثة في حكم الدولة، يرأسها مجلس قضائي مستقل له مهامه وتركيبته الخاصة، وهذه الرقابة سوف نتحدث عنها في النقطة الأخيرة من دراستنا هذه.
ومن الجوانب التي يثيرها هذا الاستقلال على سير التقاضي هي النقاط التالية:
أ‌- إن عدم تبعية القاضي لوزارة تنفيذية من شأنه أن يقوي مكانة القاضي في إصدار أحكامه فالقاضي غالباً ما تنتابه مخاوف النقل والإبعاد، أو حتى الفصل أو العزل، فيقوم بمجاراتِ ما يحكم به ليتحاشى الترتيبات الزجرية التي يفرضها حكماً التبعية لوزارة العدل.
ب‌-من شأن استقلالية القضاء أن تعزز هيبة القضاء والقضاة في المجتمع، فكم هو شنيع أن نسمع بأن القاضي يُشترى من هذا وذاك، وأن القاضي مضمون بتبعيته لشخص أو جهة. وكم هو سليم وعادل أن يكون أكبر مسؤول أو تاجر أو أي شخص نافذ غير قادر على تغيير قناعة قاضي أو حرف قراراته.
ت‌-إن القضاء خلق بالأساس لنصرة أصحاب الحقوق والضعفاء المظلومين الذين لا يملكون ما يعززون به المطالبة بحقوقهم، فمثل هؤلاء ليس لديهم سوى الالتجاء للقضاء لتحصيل حقوقهم، فكيف بهم إن ردهم القضاء عن ذلك، وإلى من يلتجئون لاسترداد حقوقهم إذا وجدوا أن القضاء المنصف قد حابى القوي وصاحب القول والمال والسلطة، إذا باستقلال القضاء نعزز هدفه الأساسي بنصرة الحق والذود عن المظلوم.

وتطبيق هذا المبدأ يكون بإعطاء مجلس القضاء الأعلى السلطة الحقيقية في تسيير القضاء وإبعاد أي شخصية حكومية أو تنفيذية عن تسيير شؤونه، بالإضافة إلى تأهيل القضاة تأهيلاً يكفل صون هذه الاستقلالية وترسيخها.

ثانياً: التعيين والاختيار:
لا بد لنا قبل الغوص في آليات التعيين والاختيار أن نبين أن القضاء هو تكليف ومسؤولية وليس تشريفاً ومنصباً رفيعاً، وعلى هذه المفارقة يجب أن يكون محور التعيين، فالقاضي هو الشخص الذي سوف ينصف المظلوم ولو كان الظالم أباه، وهو الذي سوف يحكم القاتل ولو كان أخاه، وهو الذي سيحجز على أموال تاجر ولو كان يوماً صديقه وجاره. وبالتالي لا يمكن له أن يدخل القضاء وهو يرتجي المنصب العالي والمال الوفير، لأن ذلك سيتوفر له بمهادنة والده ومحاباة أخاه ومجاراة صديقه.....
أنا لا أقول بأن القاضي الذي يطلب استقراراً مادياً وراحةً اقتصادية قد يكون ممن تحدثهم نفسهم بالفساد .... لا إطلاقاً ... لكن هنالك فرق بين من يدخل السلك القضائي بهدف جني ثروة وسلطة ... ومن يدخل بهدف صون القضاء وتعزيز مكانته.
ولهذا يجب على الدولة إضافة لتوفر الكفاءة في القضاة أن توفر لهم كل ما يتطلبه العيش الكريم، حتى لا يجنح للرشوة، فيُؤمَّن للقاضي حاجاته الأساسية والكمالية وبشكل ثابت.
وحتى لا نذهب بعيداً، فآلية تعيين القضاة هي الخطوة الأولى لبناء قضاء سليم، فإن تعثرت، تعثر القضاء كله، وإن سلِمت، سلِم القضاء كله.
وقبل كل شيء، علينا أن نُقِرَّ بأن آلية التعيين المعمول بها حالياً في سوريا لم تصلح أبداً لبناء قضاء سليم، وتعتمد في مجملها على الجهود الشخصية لبعض القضاة المعينين، ونحن في هذا المكان لسنا بصدد العودة للوراء ومعالجة ما فَسُدَ وسرى، بل سنبدأ من هذه اللحظة، علنا نستدرك ما فات، مع العلم بأن أية آلية للتعيين والاختيار لا بد لها من زمن معين حتى تزهر و تنتج ثمارها.
ونحن هنا لن نضع آلية محددة للتعيين، بل سندرس بعض المعايير والإشكاليات ومن ثم تنبثق الآلية المراد الاعتماد عليها وفق الإمكانيات المتاحة.
ولا بد لنا في هذا الصدد، أن نقتبس من الدول المشهورة بنجاح نظامها القضائي الآليات المتبعة لتعيين القضاة فيها، ولا ضير في ذلك، لأن الهدف هو التطبيق الصحيح، وليس التقليد الأعمى، لذلك أرجو ممن يقرأ هذا المقال أن يبحث بنفسه عن أسس نجاح أنظمة قضائية عربية أو أجنبية، وأن يحاول أخذ العبر والمفاهيم منها.
وسنعالج هنا أهم المعايير الحاسمة في تعيين واختيار القضاة: السِن القضائي-الكفاءة – الذكورة والأنوثة -
1- السِن القضائي:
وكما أسلفنا سابقاً، بأن القضاء هو تكليف ومسؤولية، وبالتالي لا يجب أن ينظر إلى آلية التعيين القضائي بشكل مشابه لآلية التوظيف، فالدولة عندما تريد توظيف عدد من الأشخاص ترغب بأن يكون السن في التوظيف صغيراً، وذلك حتى تستفيد من ثلاث نقاط:
الأولى: الاستفادة من طاقة الشباب وهمتهم العالية.
الثانية: الابتعاد عن معالجة السن التقاعدية، والحالات المرضية.
الثالثة: إعداده ليكون ذا خبرة عالية عندما يتجاوز الأربعين من عمره.
لكن القضاء مختلف تماماً عن المهام الوظيفية، فالقاضي يجب عليه أن يتمتع بخبرة وافية عند تعيينه، وإلا ضاعت الحقوق وتعثرت مصالح البشر.
وهذه الخبرة ليست خبرة قضائية مستمدة من العمل كقاضٍ، بل خبرة حياتية نابعة من كبر سنه إلى حد ما، واستقراره المعيشي، وتأهيله العلمي والمهني، واقترابه من السلك الحقوقي، فكم هنالك فرق بين قاضٍ لم يتجاوز السادسة والعشرين وهو ينظر في قضايا احتيال وجمع للأموال واغتصاب وتعرض للأخلاق العامة وغيرها، وبين ما إذا كان القاضي قد تجاوز الأربعين، إن الأول بالتأكيد سيضيع وقته في قراءة القصة المثيرة.....ثم يحاول الجنوح للعثرات الشكلية هذا عدا أن يبتعد ما أمكنه عن اتخاذ قرار حازم....
هذا بالإضافة إلى أن القضاة في بداية طريقهم، قد لا يتسنى لهم معرفة الصادق من الكاذب، فتغريهم الأشكال والألوان، وتأخذهم الكلمات والمقدمات، وهم في ذلك يكونون قد أضاعوا الحقوق وأصابوا العدالة في مقتل.

بعد كل هذا أقترح بأن يكون السن القضائي عند التعيين ما يجاوز الأربعين سنة، وهذا مقترح شخصي ولكم الفصل والتمحيص والتعليق.

2- الكفاءة والنزاهة:
هما قلب الموضوع وفؤاده، فبهما يتزين المرء مهما اختلف اختصاصه وتبدلت وظائفه، كيف لا، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز" إن خير من استأجرت القوي الأمين".
ولعل المرء يقف حائراً أمام هاذين المعنيين، كيف يمكن إسقاطهما على واقع القضاء عندنا، أم أن الكلام مسموح والتطبيق ممنوع ومستبعد.
إن الكفاءة في القضاء تعني الفهم القانوني والعلم الصحيح بمبادئ القانون، والإلمام بالخطوط العريضة التي ينص عليها القانون، والوعي لآلية تطبيق الاجتهاد القانوني، والمساحة الحقيقية التي يمكن للقاضي أن يبدي فيه قناعته واجتهاده، كل هذا يجب أن يتوفر في القاضي وبحدوده الدنيا عند تعيينه وبدء إشغاله لمنصبه حقيقةً، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نعوّل على ممارسته للقضاء كوسيلة لرفد كفاءته وازدياد علمه، فبمثل ذلك يضيع القضاء حتى يصل القاضي إلى الفهم القانوني المطلوب وتضيع معه حقوق الناس.
ولا يمكن أبداً أن نعتقد بأن صقل القاضي في معهد أو مدرسة أو دروس عملية من شأنها أن تنمي كفاءة القاضي وحنكته، وإلا أصبح القضاء مهنة كسائر المهن والحرف، تكتسب بالتعليم وتزداد بالممارسة.... لا إطلاقاً، إن القضاء هو الحكم بين الناس بالعدل وهذا لا بد أن تتوفر بوادره منذ التعيين، وإلا ضاع القضاء واختلطت عندنا مفاهيم التوظيف والتشغيل مع مفاهيم الحكم وشؤون العدالة.
والسؤال هنا، ما هي الآلية المثلى للتحقق من الكفاءة عند التعيين؟
سنذكر بعض المعايير على سبيل المثال لا الحصر والتعيين تطبق مجتمعةً:
- معدل الطالب الحقوقي خلال دراسته، وجهده المبذول في جامعته والملموس من قبل أعضاء الهيئة التدريسية، بحيث يتم انتقاء الأكفأ وتعيينهم مباشرة بمجرد تخرجهم / هذه الفكرة متبعة في المملكة العربية السعودية وتتم من غير علم الطالب/.
- مقترحات تقدم من قبل المجالس النقابية والمؤسسات التحكيمية وغيرها من المؤسسات ذات الطابع القانوني المحكّم، بحيث تقترح أسماء لامعة ومعروفة بكفائتها العالية لتشغل مناصب قضائية هامة.
- إعداد المعهد القضائي كوسيلة لتمييز المتقدمين، بحيث يتم اختيار خمسين شخصاً من كل دفعة، وهذا يعطي للمتقدمين حافز الدراسة والتتبع، ولا يبقى أمر النجاح في المعهد القضائي نتيجة حكمية، وهذا يعتمد على مدى الكوادر التدريسية في المعهد وبرنامجه التعليمي وقوة مواضيعه. / في حال تم الإبقاء على المعهد القضائي/
- قد يكون الاكتفاء بتعيين محامين ممارسين لمهنتهم مدة من الزمن الوسيلة الأكثر نجاحاً، خصوصاً أن الواقع العملي أثبت ذلك فالقاضي الذي مارس مهنة المحاماة مدة من الزمن عالم بالإشكاليات القضائية وبالتالي سوف يقومها ويصححها، وكذلك عالم بمداخل ومخارج المحامين الغير الملتزمين وبالتالي سيقوم على رصدها وإيقافها، وكذلك عنده الثقة الكبيرة بالمحامين الصادقين، وبذلك يساهم في تسيير شؤون الناس ومعرفة مواطن الخلل في سير العملية القضائية.

طبعاً كل هذه النقاط هي عبارة عن أفكار مبدئية وسطحية، والهدف هو إيجاد آلية لاختيار الأكفأ.... فمن وجد خير من هذا فليدلنا عليه.

أما بالنسبة للنزاهة ....
فإنه لأمر عصيب البيان، ذلك لأنه من الأمور الداخلية التي لا يطلع عليها سوى القريب والمحتك، وهي تتبدل صعوداً وهبوطاً بحسب الشخص ومدى وعيه وكفاءته، وحيث أن بيان مدى النزاهة ابتاءاً قد يكون مستحيلاً فإننا نقترح التالي:
- إعداد آلية لتقيم عمل القاضي خلال فترات محددة، بحيث يتم قياس نتائج عمله ومدى الدعاوى المرفوعة ضده، وهذا الأمر تم البدء به في عدد من الدول المجاورة.
- تفعيل آلية الرقابة التي يمارسها المجلس القضائي الأعلى، سواء ابتداءً بالتعيين والاختيار أو من خلال السلطات الممنوحة له بالمكافأة أو النقل أو العزل أو الفصل، وسندرس آلية الرقابة الفاعلة في نقطة لاحقة.

3- تأنيث أو تذكير القضاء:
لقد تلكأت كثيراً في عرض هذه النقطة، متردداً، عالماً بأن الواقع الذكوري الذي هيمن لفترة في الفصل والتقرير له آثاره، لكنني رأيت أن ذلك قد اندثر، فيوم بعد يوم، تفتقد الحياة لمكونات الرجل.
وإنني متيقن بأن الأصل في دراستي و الهدف هو إيجاد الأكفأ والأسلم، وليس إملاء الفراغات وإرضاء الأهواء.
لقد عايش الجميع من خلال عملهم واقع القضاء، معاناة قاضية، وتعطيل محكمة، وتأجيل وإهمال لحقوق الناس، سببها كان أهواءً أنثوية، وقدرات تزيد في ذلك على الإمكانات.... وتُشكر أيضاً جهود عظيمة بذلها آخرون، فأثبتوا كفاءتهم ووجودهم، وإن تعطلت حياتهم وأماكنهم الاجتماعية.
بعد هذا أرغب بعرض بعض النقاط:
أ‌- إن اقتصار المنصب القضائي على الذكور فيه إجحاف وظلم كبيرين لا يمكن للتاريخ أن يتجاوزهما، وكذلك أيضاً فإن تعطيل محكمة كاملة وشؤون الناس من أجل وضع أنثى في منصب معين يحقق ذات النتيجة عملاً وواقعاً وهو ظلم وجور بحق المتقاضين.
ب‌- لذلك لا بد من تفعيل فكرة التخصص القضائي للمرأة، فما يناسب طبيعتها والتزاماتها الاجتماعية ولا يتعارض مع مهامها القضائية يكون واجب الالتزام، وما يتعارض مع ذلك يوجب الهدر.
ت‌- إن تحديد شروط إضافية على القاضي الجاري تعيينه، والتي تشمل الاستقرار الاجتماعي، من شأنه أن تعود بالإيجاب، وخصوصاً المرأة فالقاضي في ريعان عمره تختلف نظرته عن المستقر في حياته والخبير في شؤونه، والمتأهل والمتأهلة، يفترقان في أدائهما لمهامهما عن العزاب.
ث‌- قد يكون الأفضل أن تأخذ المرأة مهام المساعد القضائي أو المستشار، فبذلك لا تحما ما هو فوق طاقاتها.
إنني عالم بأن هنالك حواجب قد ضاقت غضباً فيما أوردت من أفكار، ولكن هذه الأفكار تأسست على فكرة أن القضاء مسؤولية وتكليف، وليس تقليداً ومنصباً وجيهاً، لذلك آليت أن أواجه المشكلة بمعالجتها لا بالاختباء خلفها، فالمرأة عظيمة ولا يزود عليها أحد، وهي عظيمة بما تملكه من خصوصية، والقضاء يحتاج منا إلى وقفة مشرفة تعود بالخير على الجميع.

ثالثاً: التنقل والتدرج والاختصاص:
غريب هو هذا القانون، يمتلك في ثناياه وقواعده الكثير الظاهر والأكثر الخفي الضامر، ومع كل يوم وفي معرض أي نزاع، يكتشف القانوني الباحث أن ما يمتلكه من البحر هو قطرات في يديه، تهرب وتجف، فيُقرُّ بالجهل ويقرُّ بإلزامية البحث والتقصي والمعرفة.
والقاضي هو الاختصاصي القانوني، الذي يشخص الحالة لديه ويكيفها ويحلل وقائعها، ويختار لها طريقاً للمعالجة، ثم يصدر قراره بها .... وهو بذلك يغوص في القانون عامه وخاصه، جانباً مدنياً أم شقاً جزائياً، بأنواعه الشرعية والمذهبية، وبدراجاته الصلحية أم البدائية، وبنطاقه العادي أم الاستثنائي.... فما أعظم القاضي الذي يمتلك كل هذه العموميات ويغوص في تفاصيلها ويميز في اختلافاتها.
إن الواقع أثبت أن تنقل القاضي من اختصاص لآخر يوقع المتقاضين في التنقل الجديد بحيرة وارتياب، فيقول الكاتب، إنه قاض جديد فعليك بالصبر والتحمل، فيؤدي ذلك إلى إضاعة للحقوق، سببها أن عمل القاضي باختصاص معين لسنوات يبعده عن المسلمات في اختصاص آخر، فانظر في مذكرة دفاع قدمت لإحدى محاكم الجنايات، فاستدرك القاضي بسؤاله لجهة الإدعاء الشخصي... هل ترغب بالاستمهال !!!!
إذاً مع وجود فكرة التنقل العشوائية، والمستندة لشخص القاضي دون مدى ممارسته واختصاصه وكفاءته... من شأن ذلك كله أن تعيق عملية الإصلاح القضائي وتطوره.
ولوضع حلول ممكنة نقترح:
- أن يعلم القاضي منذ قبوله وقبل نجاحه في الاختبار أنه ذاهب ليكون قاضٍ مدني، أو قاضٍ جزائي، أو قاضٍ شرعي، أو قاضٍ عسكري، أو قاضٍ جمركي.....وذلك يكون إما بحصول مسابقات مستقلة وبحسب الاختصاص، أو أن يتم حصول مفاضلة من المقبولين جميعاً ويكون ذلك حسب معدل النجاح... وهكذا..فالفكرة بجعل الاختصاص القضائي ملازماً للقاضي منذ تعيينه وحتى فصله أو وفاته، والآلية تختلف بحسب منهج التعيين.
- لا بد أيضاً من وضع آلية للتدرج في ذات الاختصاص، فلا يمكن لقاضٍ بدائي أن يصبح في الاستئناف بمجرد مضي سنة أو سنتين أو لمجرد وجود شاغر في الاستئناف!!! بل لا بد من تحديد اختبار وتقييم لمدى كون القاضي مؤهلاً لهذا الانتقال، فمثلاً ينظر إلى عدد دعاوى الرد التي نالت من قراراته، أو حتى قراراته التي لحقها طعن بدهي، أو حتى حصول اختبار حقيقي لكفاءة القاضي يحدد وقته وآليته.
- قد يتأسس مجلس قضائي تخصصي في كل تخصص، وهذا المجلس مهامه تطوير التشريع وتطوير القضاء وإصدار الدراسات القانونية والاجتهادات الحديثة، ويعمل هذا المجلس تحت مظلة المجلس القضائي الأعلى، فيكون هنالك المجلس القضائي للتشريعات المدنية، أو الجزائية، أو الشرعية أو الجمركية، أو العسكرية، أو التجارية.....
- إن فكرة التخصص يمكن إعمالها منذ فترات الدراسة، فمثلاً من الممكن إضافة تخصص لطلاب الحقوق في السنة الثالثة يعتمد على إضافة مواد قضائية عملية، بحيث ينتقى هؤلاء كقضاة بعد تخرجهم... / الآلية قيد الدراسة/
إن العالم كله قد انتهج في التخصص والحرفية منهجاً أساسياً في بناء الدولة وتطور بنيانها، فكيف ذلك بالقضاء، فهو عمود الدولة وأساس قوتها، وبدونه تضيع الحقوق عند أبواب الجهل والسطحية.
رابعاً: الرقابة:

إن خصوصية القضاء يجعل من العمل الرقابي حساساً، فالرقابة المفرطة قد تعيق عمل القاضي واستقلاله في اتخاذ قراراته، وكذلك انعدام الرقابة الموضوعية قد تؤدي إلى فساد يستشري في كافة مفاصلها....
ولا بد من أن نعلم بأن آلية اختيار القاضي الكفء والنزيه، من شأنها أن تضفي رقابة ذاتية من القاضي ذاته، وبهذا يكون المقصد والهدف، ولا حاجة بوجود رقابة لاحقة لمثل هكذا قضاة. لكن يبقى ذلك كمالاً، ولا بد من تشريع رقابةٍ فاعلةٍ وحقيقية.
وحيث أننا أشرنا بداية أن الرقابة الحكومية هي رقابة خارج الإطار الصحيح وتؤدي لانحراف في الهدف والنتيجة.
وحيث أن مجلس القضاء الأعلى هو ركيزة حقيقة في بناء رقابة فاعلة، وتفعيل ذلك يتطلب بناءه بناءً صحيحاً، لذلك لن ندرس بدائل عن هذا المجلس لكن سيكون استقلاله وآلية عمله هي موضع الدراسة والبحث.

فالخطوة الأولى أن يكون أعضاء هذا المجلس مستقلين تماماً عن السلطة التنفيذية والتشريعية، ومقوماتهم تقوم على الهرم القضائي ذاته . فمثلاً وعلى سبيل الخاطرة:
أقدم رئيس سابق لمحكمة النقض على أن لا يتجاوز السبعين من عمره / رئيساً /
رئيس محكمة النقض / نائباً /
رئيس المحكمة الإدارية العليا / عضواً /
رئيس محكمة الاستئناف المدني بدمشق / عضواً /
رئيس محكمة الاستئناف المدني بحلب / عضواً /
القاضي الشرعي الأول بدمشق / عضواً /
ويعين رئيس المجلس ثلاث قضاة آخرين ليتفرغوا لأعمال المجلس ومهامه الرقابية.

طبعاً هذا الكلام على سبيل المثال ويمكن مناقشته وتغييره، لكن الفكرة هي تأسيس مجلس قضائي مستقل في أساسه عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، حتى يتسنى للقضاة على مختلف مراتبهم أن يمارسوا مهمهم بشكل مستقل.
ومن هذا الاستقلال تنبع الرقابة المسؤولة، فيقوم المجلس بمهام التفتيش القضائي، ويساءل القاضي عن جنوحه وإهماله، كل ذلك وفق القانون والاجتهاد، فهم أعلم الناس بالقانون وعثراته.
ويجب على هذا المجلس بمجرد أن اكتشف فساداً في القاضي أن يبادر إلى فصله وعزله، وحتى حرمانه من الاقتراب من السلك القضائي والمهني ثانيةً.
وللمجلس مهام كثيرة ينظمها القانون من شانها أن تضع المهام القضائية على أسسها الصحيحة وبشكل لا يصيب هيبة القضاء في شيء، بل تحفظ له سلطته ومناعته.
وقد يضاف إلى المجلس مهام فرعية من شأنها أن تعز الدور الرقابي على القضاء ومن ذلك:
1- إتاحة المجال لنشر قرارات القاضي بكافة مراحلها، دون أن يذكر أسماء المتداعين، بحيث إذا ما صدر قرار جانح، فإن القاضي سيعلم أن ذلك سيتم نشره وإعلامه، وبالطبع لا يكون ذلك بدون ضوابط أو قيود، فقد يتم ذلك عبر مجلات قانونية وقضائية متخصصة دون غيرها وهكذا...
2- فتح سجل للقاضي يتم فيه حساب الدعاوى التي فصل فيها شكلاً والدعاوى التي فصل فيها موضوعاً، والحد الأكبر لعدد الدعاوى المفصولة سنوياً، وكذلك مآل قرارته بالتصديق أو بالنقض، وأيضاً الدعاوى التي طلب فيها رده والدعاوى التي طلب فيها مخاصمته ...... هذا السجل يعتمد لدراسة وتقييم الكفاءة الحقيقية للقاضي، فيتم على إثرها الترفع والنقل أو العزل..
3- معاقبة القاضي إذا ما تجاوزت دعاوى الرد بحقه عن الثلاثة دعاوى خلال سنتين، وينظم القانون آلية لتفعيل هذا الخيار.

إن الأساس في تفعيل رقابة قضائية حقيقية يكمن في مدى استقلال المجلس القضائي الأعلى ومدى كفاءته وموضوعيته، فبمثل ذلك يحيا القضاء وتحيا الدولة في عدالة سليمة وشاملة.



إن هذه الدراسة ليست إلى خاطرة من خواطر تدور في فلك الجميع، فإن تطابقت فبها ونعمت، وإن اختلفت فذلك حكم الله وشرعته.
وإن فيها يكون النقص وقلة الخبرة، وبنصحكم تكمل وتتقوى، والكمال لله وحده، فلا تقفوا عند حدود القراءة والاستماع، فالإشكال واقع، والمصيبة عامة، وهي كبيرة لا يقدرها إلى من اهتم واعتنق الإصلاح والاستصلاح، فإن تفشت وفاضت دونما أية مقاومة، عمّ البلاء ليشمل الصالح مع غيره، وعند ذلك لا يصلح النداء ولا الترجي.



بقلم المحامي محمد شوربه






رد مع اقتباس
قديم 06-04-2012, 04:14 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المحامية عفاف الرشيد
عضو مساهم نشيط
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامية عفاف الرشيد غير متواجد حالياً


افتراضي رد: ورقة عمل في الإصلاح القضائي

إنها ورقة عمل جيدة في رحاب مسيرة تطوير القضاء
وسبق ان طرحت مواضيع مشابهة
نأمل ان تنال اهتمام ذوي القرار في الوزارة والجهات المعنية بالأمر
اشكر الأستاذ الكريم على طرحه







رد مع اقتباس
قديم 10-04-2012, 10:11 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
samer
عضو جديد مشارك

الصورة الرمزية samer

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


samer غير متواجد حالياً


افتراضي رد: ورقة عمل في الإصلاح القضائي

قبل ما نتحدث عن الاصلاح القضائي هناك نقطة هامة هي من يجب ان يعمل بالقضاء هنالك تقاليد واعراف قديمة للاسف بعض السادة الزملاء العاملين في القضاء لا يملكون الشخصية او الاخلاق التي يجب على من يتولى مهنة القضاء التحلي بها ليس الموضوع ان نفتح معهد للقضاء ونقول للمرتشي تعال نعلكم كيف تصير قاضي لا بد من معايير اخلاقية واجتماعية هامة لم يعد احد ياخذ بها
اما عن ما كتب تم الحديث طويلا عن الاصلاح واليوم هذه هي الموضة كلوا بدو اصلاح حقيقي وهمي بالورق المهم انو نمشي مع الموجة نقول الاعمال الجادة ليست بحاجة الى مقدمات وتبريرات عسى ان نرى يوما ياتي نعمل فيه اكثر مما نتحدث وتحياتي لكم







رد مع اقتباس
قديم 17-12-2012, 12:29 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
المحامي نادر الخليل
عضو مميز

الصورة الرمزية المحامي نادر الخليل

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي نادر الخليل غير متواجد حالياً


افتراضي رد: ورقة عمل في الإصلاح القضائي

في المقاله افكار رائعه واعجبني فيها احتساب عدد مرات الطعن
في دعاوى القاضي واضيف عددمرات الطعن وتصديق هذا القرار من المحكمه يجب ان
يؤخذ بالحسبان , اما ان رفض الطعن فلا يحتسب لان حكم القاضي عندها يكون صحيحا
ايضا موضوع معاقبة القاضي اذا تجاوزت دعاوى الرد الثلاث دعاوى وهي فكرة رائعه
لكني اريد ان اورد مثالا لم يرد في المقاله :
في احدى الدول الاسكندنافيه بعد تعيين القاضي يتم اعطائه بيت يليق به مع سيارة
وسائق ودفتر شيكات موقع والدفتر على بياض مسحوب على احدى المصارف
يمكنه املاء المبلغ الذي يريده , وان اكتشف انه يرتشي يعاقب بشدة (ولا اظنه هنا بحاجة ليرتشي)
طبعا السبب حتى لا يفكر يوما ما بسلوك طريق ملتوي .
تقبلوا تحياتي






التوقيع


اللهم ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا

رد مع اقتباس
قديم 17-12-2012, 04:38 PM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المحامي بشار داغستاني
عضو مساهم
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامي بشار داغستاني غير متواجد حالياً


افتراضي رد: ورقة عمل في الإصلاح القضائي

هناك الكثير من المبادئ القانونية والدستورية المنسية والتي يعد تجاوزها خطأ مهني جسيم لابد من تطبيقها وإرسائها بشكل صحيح قبل أية عملية اصلاح سواء على صعيد القضاء أو المحاماة أو موظفي الضابطة







التوقيع





وفوق كل ذي علم عليم

إن إدعاء العلم بداية للجهل
رد مع اقتباس
قديم 28-12-2012, 02:26 PM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
عمر الحاج محمد
عضو مساهم نشيط جدا

الصورة الرمزية عمر الحاج محمد

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


عمر الحاج محمد غير متواجد حالياً


افتراضي رد: ورقة عمل في الإصلاح القضائي

لو يتم إصلاح طرق الاختبار وعدم وجود أسئلة خاطئة وتغيير لسلم التصحيح بسبب الأخطاء مرتين كما حدث في الدورة السابقة
وعدم إلغاء نتيجة امتحان لأسباب غير مبررة
وبالتالي لم يعد هناك ثقة بالوزارة أصلاً فضلاً عن أن نناقشها نحن لأنها لن تلقى أذناً صاغية .






التوقيع

المحامي عمر الحاج محمد
سوريا دمشق

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة 2001م أحمد الزرابيلي قوانين دولة فلسطين 0 26-11-2009 12:32 AM
تعيين الحارس القضائي و مسؤولياته في القانون المغربي. ميمون بوجمعاوي مقالات قانونية منوعة 0 23-06-2008 12:10 AM
المحكمة الجنائية الدولية - أركان الجرائم المحامي ناهل المصري الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية 1 25-12-2006 04:31 PM
الاتفاقية الخاصة بالسخرة (رقم 29) المحامي محمد فواز درويش الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية 1 30-05-2006 07:09 PM
أركان الجرائم في نظام المحكمة الجنائية الدولية المحامي ناهل المصري الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية 0 27-05-2006 11:24 PM


الساعة الآن 04:59 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Nahel
يسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر>>>جميع المواضيع والردود والتعليقات تعبر عن رأي كاتيبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى أو الموقع