تسفك الدماء البريئة, وتتصاعد صرخات الألم وتشق السكون شهقات الموت(هدى, سمر, رئيفة, وهند وغيرهن)..ذهبت حياتهن أدراج الرياح, وحل محلها صمت القبور وأنباء الفاجعة..
وحين تسأل عن هذا الدم المهدور بلا رحمة, تتباطأ الألسنة, تخجل, تنطق الجواب بحياء,لأن في الجواب نصف الحقيقة, ونصفها الآخر ظلم وانتقام والذريعة دائماً (الشرف الرفيع).
النساء في مجتمعاتنا يتعرضن لاعتداءات جسيمة من قبل أقاربهن وذويهن, يتوجها سفك دماؤهن تحت ذريعة الشرف وغسل العار..
ويبدو أن المعنى الواسع لهذه العبارة, قد فتح الباب على مصراعيه للتخلص من النساء بإزهاق أرواحهن بصورة بشعة, لأسباب متعددة ليس أولها الإرث, ولا آخرها الزواج المختلط ولكن بذرائع مختلفة وتحت مظلة الشرف المزعوم.
والقانون يهادن هذه الجريمة, ويعطي الأسباب المخففة للجاني, مهملاً الأسباب الحقيقية, راضياً المجتمع والتقاليد التي تساند الجاني, بل وتشد على يده, وتطلق زغرودة فرح بانتصاره, فقد غسل عاره بالدماء, وأعاد الشرف المكلوم.
في سورية أكثر من 40 حادثة قتل بذريعة الشرف سنوياً, هذا العدد الظاهر والمعروف, وسورية للأسف الشديد مصنفة في المرتبة الخامسة في العالم بجرائم الشرف,بحسب تقرير للأمم المتحدة.
فهل حقاً هي جرائم شرف? وهل تقبلها الشريعة والأديان والضمائر الحية? وإلى متى يحمي القانون مرتكبي هذه الجرائم, وخاصة المادة 548 من قانون العقوبات التي تمنح العذر المحل للقاتل?? هنا بعض الجرائم, ونترك لكم الحكم إن كانت تمت للشرف بصلة..
> منذ أسابيع قليلة وفي حي الميدان الدمشقي قتل شاب شقيقاته الثلاث واحدة متزوجة واثنتان عازبتان وبسبب التكتم الشديد من قبل الشرطة لم تصلنا إلا معلومات تفيد بأن الشقيقات استنجدن بأخيهن بسبب تحرش بعض الشباب فما كان منه إلا أن أطلق النار عليهن والحجة الدارجة هي غسل العار.. وحماية الشرف وقال بعض المعارف والجيران, أن مشكلات عديدة وخلافات كانت قائمة بين الضحايا وأخيهن.. فهل هذه جريمة شرف أم.. انتقام??
> رئيفة,فتاة جميلة من ريف حلب, رفضت الزواج من ابن عمها, بسبب جهله وشخصيته المنفرة, وحين تقدم لها شاب كان زميلها في الجامعة..
رفض أخوها زواجها, حرصاً على أرض العائلة, وبإصرار على عدم دخول غريب يستفيد من إرث رئيفة وهي أرض كبيرة, ورغم المحاولات الكثيرة من العائلة لثنيها عن قرارها بالزواج من زميلها رفضت, فما كان من أخيها وابن عمها, إلا أن قتلاها وكانت حجة الشرف المطعون, مبرراً لخروجهما من السجن قبل أن يبرد دمها.
> داليا فتاة من ريف حمص.. الفقر والجهل كانا يحيطان بها من كل اتجاه, حملت سفاحاً من ابن عمتها, تستر الأهل على الفضيحة, حتى ولدت فدفنوا المولود حياً.. وانتهت الحكاية, ونامت سنة ونصف,حتى تعارك أخوها مع قريب له, فنعته بأخو ال,.. عندها فقط فار الدم وذهب مسرعاً ليرديها برصاصة, ربما أنهت عذابها الممتد خلال تلك الفترة, وليخرج هو من سجن الأحداث مرفوع الرأس, ولتستقبله العائلة بكل فرح وفخر.
> وسمر التي أحبت صديق أخيها, وتبادلا العواطف والمشاعر الإنسانية, وطلب يدها من أهلها, لكنهم رفضوا فهربت معه.
وبعد فترة حصل بينهما شجار, ومارس أهله عليها ضغطاً نفسياً وحبسوها, ما أدى إلى هروبها إلى قريتها, وتدخل عقلاء القرية وحلوا المشكلة بعقد زواج شرعي, وتعهد من الزوج ألا يطلقها قبل خمس سنوات, وعندما عادت معه عادت عليها الضغوط, فهربت مرة أخرى إلى قريتها, فما كان من أخيها إلا أن ذبحها في ساحة القرية, أمام أعين الحاضرين من أبناء القرية, الذين هللوا وغنوا له, وحملوها على أكتافهم, فيما علت الزغاريد لاستعادة الشرف الذي تعفر بالتراب..
> أما زينب, والتي كانت الشعلة لإطلاق صرخة تأخرت كثيراً, لإيقاف قتل النساء.
فقد حزت سكين التخلف عنقها لأنها اقدمت على زواج مختلط ولم تكن جريمة قتلها حادثة فريدة, هناك العشرات قبلها قتلن تحت مسمى الشرف, وعشرات ربما يصبحن مثلها, ولكن أريد لمقتلها أن يكون نقطة على آخر السطر, في جرائم لا علاقة لها بالشرف..
والآن نسأل, مامعنى جرائم الشرف?
وهل ينطبق تعريفها وتصنيفها على هذه الحوادث?
وأي قانون ذاك الذي يخرج القاتل كالشعرة من العجين, رغم أنه أزهق روحاً وارتكب جريمة?
تناقض غير منطقي
> المحامي عبد الله علي مدير موقع سورية للقضاة والمحاماة, يقول: في القانون لايوجد شيء اسمه جرائم الشرف.وإنما هو من المصطلحات التي جرى عليها العرف بين الناس ويقصد به كل جريمة يرتكبها شخص باسم الشرف أو بدافع منه.
في البداية لا بد أن نلاحظ أن مصطلح جرائم الشرف, يحمل في طياته تناقضاً غير منطقي, فهو يضيف الشرف الذي هو القيمة التي يكسبها الإنسان نتيجة التزامه المبادىء السامية, والمثل العليا, إلى الجريمة التي تمثل التعبير العملي لمدى الانحطاط الاخلاقي أو القانوني.لدى الفرد أو المجتمع, وهنا يكمن التناقض فالشرف قيمة معنوية لايمكن أن تكون دافعاً لارتكاب جريمة, خاصة ازهاق الروح.. كما أن الجريمة لا يمكن أن تضفي على مرتكبها صفة الشرف, لأن الشرف لا يؤخذ من الاستسلام لدوافع الإجرام وغرائزه وإنما من مقاومة هذه الدوافع والتغلب عليها.
ومن المؤسف أن المشرع السوري وقع في شرك التناقض حيث تبنى جرائم الشرف, وتطرف في إسباغ الشرعية عليها, وقضى بعدم معاقبة مرتكبها, كما تنص المادة 548 من قانون العقوبات والتي جاء في فقرتها الأولى
يستفيد من العذر المحل من فأجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد).
ومقتضى النص أن المشرع السوري لا يعاقب الرجل الذي يقتل إحدى قريباته الإناث, عندما يراها متلبسة بجرم الزنا أوبصلات جنسية فحشاء مع شخص آخر..
وسبب عدم العقاب هو الاستفزاز الذي يشعر به الرجل في هذه الحالة.
ويضيف الاستاذ عبد الله: إن المشرع السوري ناقض نفسه عندما وضع أحكام المادة 548 فهو لايعاقب على الزنا إلا إذا كان أحد الطرفين متزوجاً, أما إذا ارتكب الفعل شخصان عازبان بالغان راشدان برضاهما فإن القانون يعتبر ذلك عملاً مشروعاً ومن قبيل الحرية الشخصية, والسؤال:
كيف يمكن للمشرع أن يعتبر فعلاً مشروعاً كالعلاقة بين شخصين عازبين سبباً قانونياً وعذراً محلاً لإعفاء قاتل هذين الشخصين من العقاب..
يبدو المشرع السوري وهو يقرر استفادة الرجل من عذر محل عند ارتكابه جريمة القتل لدافع الشرف كأنه يساير الغرائز الشريرة في النفس البشرية ويسمح لها بالانطلاق من قمقمها المسجونة فيه, لأن علة الاستفزاز التي يستند إليها لتبرير إعفاء الرجل من العقاب يمكن أن تتوفر لدى مجرمين آخرين وفي أنواع جرائم أخرى..
ويبدي الاستاذ عبد الله ملاحظة أن التطبيق العملي لنص هذه المادة يناقض مضمونها القانوني لأنه بموجب هذه المادة, لا تمييز بالعذر بين ذكر وأنثى لكن هذا غير مانراه في التطبيق العملي لأنه لايعفي من العقاب إلا الرجل الذي يقتل قريبته الأنثى حصراً وهذا يخالف نص المادة 548 بألفاظها الواردة.
وخلاصة القول كما يؤكد الاستاذ عبد الله علي أنه يجب الغاء هذه المادة لأن المشرع السوري خالفه التوفيق في صياغته لنصها شكلاً ومضموناً, وأنه أياً كانت الاعتبارات القديمة التي دعته إلى تبني نصها, وأياً كانت وجاهة هذه الاعتبارات وحظها من المنطق لديه, فإننا نرى أن هذه الاعتبارات سقطت في اختبارات الحياة الواقعية, وتجاوزتها تطورات هذه الحياة, بمضامينها الاجتماعية والأخلاقية.
الإسلام وجرائم الشرف
> الدكتور محمد حبش مدير مركز الدراسات الإسلامية بدمشق قال: بداية إن الذين يفعلون هذه الجرائم ليس لهم شرف ولا عقل ولا دين... لقد جاء الإسلام بحرمة دم الإنسان, وكان واضحاً أن القتل بكل أنواعه كبيرة من أكبر الكبائر, وقد شرع القصاص في الإسلام لرد أي شكل من أشكال الاعتداء على الحياة الإنسانية وظاهرة القتل بدافع الشرف هي أحد أشكال التخلف التي يعانيها المجتمع العربي عموماً, وهو منطق مرفوض إسلامياً وفق آلة الفقه الإسلامي وأصوله.
وهذه الجرائم فيها ثلاث مخالفات شرعية ظاهرة وكل واحدة منها تعد من أكبر الكبائر:
الأولى: إنه إثبات لحد بغير نية شرعية, ولا حد بدون بينة, ومعلوم أن البينة الشرعية تقتضي أربعة شهود بشروط صارمة, تجعل من المستحيل إثبات هذا اللون من الجرائم عن طريق البينة.
الكبيرة الثانية: وهي الافتئات, ومعناها إقامة الحدود عن طريق الأفراد وهذا حرام شرعاً, وهو من الكبائر, فلا يجوز شرعاً إقامة أي حد إلا عن طريق ولي الأمر الشرعي.
الكبيرة الثالثة: هدر دم المسلم بغير حجة, وقد قال رسول الله ] : (لو أن أحدكم هدم الكعبة حجراً حجراً, لكان أهون على الله من قتل مؤمن).
وهنا نقول: المادة 548 من قانون العقوبات تجاهلت الشريعة واختارت أن تجامل التخلف والبعد عن الدين, فنصت على إعذار القتلة بالعذر المحل حين تتوافر لديهم هذه الدوافع, والحق أن هذه المخالفة لمسؤولية القانون الذي يفترض أن يقود الناس إلى مكارم الأخلاق وأحكام الشريعة بالنصوص الواضحة.
وهنا يؤكد د.حبش أنه مع إلغاء هذه المادة من قانون العقوبات, إلغاء كلياً, فهي أيضاً تتضمن مخالفة شرعية حين تفرق بين الرجل والمرأة في العقوبة ويقول إن هذا التمييز بين عقوبة الرجل والمرأة مخالف للشريعة, ولم يقل أي فقيه من الفقهاء بهذا التفريق في العقوبة.
ويضيف د. حبش أن إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات هو أقرب لروح الشريعة, وأدعى إلى حقن الدماء, والتزام أحكام التشريع بإقامة البينات, وإسناد إقامة الحد والعقوبة لولي الأمر دون سائر الأفراد.
وأما تخصيص العذر المحل, والمخفف لنصه القانوني فإني اعتبره مجاملة للتخلف والتزمت, ومجافاة لروح الشريعة التي نصت بوضوح على خلاف ذلك عندما قال رسول الله ] لثابت بن قيس: (البينة أو حداً في ظهرك).
ومن المعلوم أن الشرع فرض عقوبة على القاذف وهو من يتهم شخصاً بالزنا دون بينة, وهي ثمانون جلدة, فإذا كانت هذه عقوبة من يتحدث بالسوء عن امرأة أو رجل بدون بينة, فكيف ستكون عقوبة من يمارس القتل بدون بينة?!
من كان منكم بلا خطيئة!!
> قتل النفس البشرية في كل الأديان حرام, وجريمة كبرى.. والقتل كيفما كان ومهما كانت الأسباب.
هذا ما يؤكده الأرشمندريت أنطون مصلح للروم الكاثوليك يقول: لا يوجد شيء اسمه جريمة شرف, أو غير شرف.
الجريمة جريمة, هذا التفصيل والتعريف في القانون المدني, كي يضعوا لها الأسباب والأعذار المخففة لعقوبة مرتكبها.
فبكل بساطة المادة 548 من قانون العقوبات, تمنح الجاني العذر المخفف, ويكفي أن يرتاب أحد أفراد الأسرة بسلوك فتاتهم حتى يجيز لهم القانون قتلها والاستفادة من العذر المخفف.
وأحياناً يكون القتل لأسباب مادية, أو إرث أو زواج دون موافقة الأهل.. فتقتل الفتاة, ويفلت من العقاب عندما يعزو الجريمة إلى سلوكها الشائن المزعوم, وحتى هناك حل أمثل بأن يقوم شقيقها الحدث إن وجد بقتلها, لأن الاجتهاد القضائي ينص على ( الدافع الشريف والقصر من الأمور القانونية الموجبة لتخفيض العقوبة, وعلى المحكمة أن تبحث عن الطريق الأرحم لتطبيقها).
ويضيف الأب مصلح أن محكمة النقض السورية عرفت الدافع الشريف على أنه (عاطفة نفسية جامحة تسوق الفاعل إلى ارتكاب جريمته تحت تأثير فكرة مقدسة لديه).. فواضع القانون قد لحظ هذا الدافع, ولم يتركه لتقدير القاضي وقناعاته بل نص على اعتباره سبباً مخففاً قانونياً لابد من تطبيقة.
أبهذه البساطة تزهق الروح البشرية وتحرم فتاة من حقها في الحياة?
كلنا ضد القتل والكنيسة بشكل عام لا تسمح بالقتل لا في مثل هذه الحالات ولا غيرها, فالقتل جريمة بعيده عن الآداب والأخلاق الإنسانية والدينية..
وإذا افترضنا جدلاً أن تصرف الفتاة كان شائناً فهل القتل هو الحل?
هل السجن هو الحل?
السجن سيكون مكاناً مناسباً لتخرج منه الفتاة مجرمة, فوضع شخص ارتكب جرماً بسيطاً مع شخص سيئ.. يعطيه أرضاً خصبة للانحراف.. ولذلك علينا أن نفكر بتفعيل دور الدولة والأسرة من خلال دور إصلاح حقيقية, تشرف على توعية الأشخاص وتهيئتهم على كافة الأصعدة النفسية والتربوية والتثقيفية والمهنية لمواجهة أعاصير الحياة فالإنسان عرضة للخطأ بكل مستوياته.
من منا ينسى عبارة السيد (المسيح).. من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر).
ويؤكد الأب مصلح على أن الزواج المختلط هو السبب الأهم لمثل هذه الجرائم, حيث يرفض الناس خروج بناتهم على الأعراف والتقاليد الاجتماعية السائدة.
كسر حاجز الصمت
> رجال دين من جميع الأديان والطوائف والمذاهب أكدوا تعارض المادة 548 مع الشرائع السماوية وتناقضها مع الدستور وروح قانون العقوبات, وحتى الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها سورية.
لكن ضغط الموروث الشعبي الاجتماعي تغازله بعض المواد القانونية, جعل الجميع مطالباً بإعادة النظر بشكل كامل بما يسمى بقضايا جرائم الشرف والقوانين التي تحميها, ودفع إلى إعلان حملة وطنية, تحت عنوان (أوقفوا جرائم قتل النساء, أوقفوا جرائم الشرف) والتي أطلقها موقع نساء سورية, وعنها تحدث الأستاذ بسام القاضي مشرف الموقع: قبل أن نبدأ في إعلان هذه الحملة كنا نعمل على موضوع العنف ضد المرأة.. وكانت جرائم الشرف جزءاً من هذا العنف, ولكن وللأسف الشديد يوجد تصنيف أو فهرسة للقضايا المفصولة في القضاء على أساس النوعية,وخاصة جرائم الشرف التي تحاط بكتمان شديد.
وكان مقتل الفتاة (هدى) حادثة لا إنسانية ووحشية, وبلا مبرر قضائي, واكتشفنا
أن غالبية هذه الجرائم لا تتعلق بالشرف, بل بأسباب ملكية واستيلاء على الإرث, وهي نادراً ما تكون برد فعل مباشر وشخصي من القاتل.. فكان من الضروري فتح هذا الموضوع للنقاش.
> من خلال الندوات والحوارات التي أجريتموها كيف تصنفون جوانب هذه المشكلة?
>> تتعدد الجوانب المتعلقة بجرائم الشرف أولها: قانوني حيث المادة 548 من قانون العقوبات تسمح للقاتل أن يحل من العقوبة أو تخفف.
والثاني ديني: حيث الثقافة الشعبية والفهم الاجتماعي المغلوط يعتقد أن الدين الإسلامي أو المسيحي يبرر هذا القتل ويجيزه.
وجانب ثالث اجتماعي, من خلال القبول بهذه الجرائم والحض والتحريض على هذا القتل بدوافع التقاليد والتعصب.
أما الجانب الأهم فهو الصمت الإعلامي على هذه القضايا, ومن هنا كان إصرارنا على تبني هذا الدور عبر موقعنا من أجل فتح حوار للوصول إلى الحقيقة.
> هل كان نقاش هذا الموضوع سهلاً, أم واجهتكم عقبات?
>> كانت مشاركة رجال الدين مهمة جداً لإظهار تناقض هذه الجرائم والمادة 548 التي تدعمها, مع الأديان السماوية, وأيضاً مشاركة بعض المحامين لشرح تعارضها مع الدستور السوري وحق الدولة في القصاص.
العقبة الأساسية كانت في قوة العرف والتقاليد التي تمنع الناس من التفكير في مواضيع وقضايا أصبحت تدخل في تفاصيل حياتهم.
إضافة إلى عقبة أنه لا يوجد تقاليد عمل مجتمعي في سورية بل توجد جمعيات خيرية فالمبادرات التي تتعلق بمناقشة قضايا مجتمعية, كانت حكراً على الجهات الرسمية, وشبه الرسمية.
> البعض يعتقد أن هناك أولويات أهم وأخطر من جرائم الشرف لطرحها ودراستها.
>> عندما يجري الحديث عن المجتمع, ليس هناك أولويات, هناك جوانب متعددة تحتاج إلى عمل وطاقات.. فإذا كان هناك أولوية هل ننتظر لتأكل ما دونها?? واعتقد أن جرائم الشرف موضوع مهم وذو أولوية, لأنه يتعلق بالقتل وإهدار حق الحياة, إضافة إلى أن سورية تحتل الترتيب الخامس في العالم بهذه الجرائم كما ورد في تقرير للأمم المتحدة.
> من خلال النتائج التي توصلتم إليها, هل تنفذ هذه الجرائم في بيئة محددة?
>> للأسف هذه الجرائم لا تختص بمجتمع محدد, فهي تحصل في كل المحافظات, وعند جميع الأديان, وفي مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية.
وأود الإشارة إلى بعض الذين حاولوا اتهامنا بالترويج للقيم الغربية, إن الغرب أو الشرق لايمكنه اختراق جهة أو بلد, إلا إذا كان فيه ثغرات ونحن حين نناقش قضايا مهمة وحساسة في محاولة لإيجاد حلول لها, أو تصويبها, إنما نعمل على سد الثغرات التي يمكن أن تفتح باب الاختراق إلى مجتمعاتنا.
أخيراً
إذا كان هناك إجماع من رجال الدين بكافة أطيافهم على قدسية الحياة, وعلى إدانة الجرائم التي تتخذ من الشرف ذريعة وسبباً للقتل, واتفاق على ضرورة إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات لمخالفتها الشريعة والدين والدستور, فلمصلحة من الإبقاء على مواد قانونية تساهم في تفكك المجتمع, وتغازل التخلف والموروثات الجاهلية?
آراء بعض رجال الدين
في جرائم الشرف والمادة 548
> الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون, مفتي الجمهورية:يجب تعديل قانون العقوبات السوري بحيث تعتبر جريمة القتل بحجة الشرف, جريمة من الدرجة الأولى وإلغاء المادة 548 لمخالفتها الشريعة الإسلامية السمحاء (النور28/9/2005).
> الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي طالب أيضاً بإلغاء المادة للأسباب نفسها, وأوضح أنه لا يوجد سبب شرعي لتخفيف عقوبة القاتل بدافع الشرف (جريدة تشرين 25/6/2001).
> الشيخ أحمد سلمان الهجري شيخ العقل الأول لطائفة الدروز في سورية: النص الديني في مذهبنا حرم القتل, وما يتعارف عليه بفورة الدم والقتل بسببها يبررها العرف والعادة الاجتماعية وليس في مذهبنا ما يشير إلى شرعنة القتل.
(موقع نساء سورية)
> الأستاذ العلامة محمد علي إسبر: خطيب جامع الإمام علي الرضا في جبلة: القتل تحت ذريعة الشرف هو عمل جاهلي, وحيث إن المادة 548 من قانون العقوبات لا يقرها الإسلام ولاأخلاقه ولاقيمه الروحية والإنسانية والحضارية.. فإنه يجب إعادة النظر فيها إحقاقا للحق.
> البطريرك زكا الأول عيواظ بطريرك السريان الأرثوذوكس في أنطاكيا وسائر المشرق قال: القاتل يجب أن يحاسبه القضاء, لأن النفس ملك ربها, والأديان جميعها دعت إلى التسامح.
> الأب فائز محفوض من الكنيسة المارونية بطرطوس: أكد معارضة الكنيسة لهذا الانتقام وقال بضرورة البحث عن أسباب الخطأ الأخلاقي في المجتمع والعادات والتربية بدلاً من قتل المخطىء.
منقول عن الثورة