عقد الإيجار الرسمي وعقدة التنفيذ
بعد صدور قانون الإيجار رقم /6/2001 وتعديله بالقانون /10/2006 حيث شمل جميع عقود الإيجار التي تنطبق عليها أحكام الفقرة /أ/ من القانون المذكور والمسجلة وفق أحكام المادة /3/منه , أصبحت جميع هذه العقود تأخذ قوة الأسناد التنفيذية, حيث نصت المادة/4/ فقرة/أ/ بأنه ((أ- يعتبرعقدالإيجارالمشمول بأحكام الفقرة /أ/ من المادة الأولى المسجل وفق المادة /3/ سندا تنفيذيا من الأسناد المنصوص عليها في المادة / 273/ من قانون أصول المحاكمات المدنية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /84/ لعام /1953/ وتعديلاته ويحق للمؤجر استرداد عقاره عند انتهاء المدة المحددة في عقد الإيجار عن طريق دائرة التنفيذ.))
وقد عرفت المادة /273/ من قانون أصول المحاكمات المدنية الأسناد التنفيذية بقولها :
((التنفيذ الجبري لا يكون إلا لسند تنفيذي.
الأسناد التنفيذية هي الأحكام والقرارات والعقودالرسمية والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون قوة التنفيذ))
(أي لها حجية قطعية وتنفذ بواسطة دائرة التنفيذ مباشرة دون الرجوع إلى محاكم الموضوع)
وبالرغم من الإيجابيات الكثيرة باعتبار عقد الإيجار سند تنفيذي ,والتي كان من أهمها استرداد المأجور بسرعة في حال امتنع المستأجر عن التسليم ,فقد ظهرت بعض السلبيات التي أدت إلى ضياع الحقوق من أصحابها يمكن الإشارة إليها من خلال الأمثلة العملية التالية:
-مالك العقار ينظم عقد إيجار رسمي مع شخص ما,وهذا الشخص لايقيم في العقار ,وذلك بغاية إخلاء الشخص الفعلي الذي يشغل العقار لأي سبب كان , و قد لاحظت رئاسة التنفيذ لمثل هذه الحالة وردت طلب التنفيذ لعقد الإيجار ,وخاصة إذا ثبت لها أن المنفذ عليه (المستأجر الوهمي) لم يشغل العقار موضوع الملف نهائياً. لأن العقد كان بالتواطؤ بين طرفيه للإضرار بشاغل العقار ,
-مالك العقار ينظم عقد إيجار لمستأجر فعلي ويسلمه العقار المأجور وفي اليوم التالي يستطيع المستأجر أن يدلس ويحتال على شخص آخر ,ويسلمه العقار الذي استأجره بموجب عقد رهن ويقبض منه مبلغ كبير من المال ,ثم يرحل . ويترك مالك العقار والمسترهن (الشاغل الجديد للعقار) أمام معضلة قانونية معقدة ,اختلفت فيها الحلول وتناقضت فيها الاجتهادات. واخذت كل حالة حل مختلف عن الأخرى بل ومتناقض معها , ووقع ظلم شديد دون مبرر قانوني للبعض,مما انعكس سلباً على سمعة القضاء.التي نطمح دائماً لأن تكون بمنئ عن الشبهات.
فمن بعض الآراء من ذهب إلى اعتبار عقد الإيجار عقد شخصي وبالتالي فهو لا ينفذ إلا بين طرفيه وإن وجود شخص غير المستأجر في العقار ومهما كانت صفته ,يستدعي رفض تنفيذ .وعلى صاحب المصلحة مراجعة القضاء المختص.
الرأي ألآخر قال بوجوب تنفيذ عقد الإيجار وإخلاء الشاغل من العقار طالما ثبت أنه تسلم العقار من المستأجر المنفذ عليه ومهما كان المستند الذي يحمله الشاغل ,وعليه مراجعة القضاء المختص إن كان لذلك وجه قانوني.
وقد اتجهت رئاسة التنفيذ (وأقصد بذلك قاضي التنفيذ أو محكمة الاستئناف التنفيذية) إلى وضع معيار موضوعي محدد ,وهو تكليف مأمور التنفيذ لإجراء تحقيق محلي للتأكد من حقيقة إشغال المستأجر الفعلي للعقار (المأجور) ولو لمدة زمنية بسيطة ,و حتى أن بعض الآراء قالها ولو لساعة واحدة ,وفي هذه الحالة اتجهت رئاسة التنفيذ إلى وجوب تنفيذ عقد الإيجار وإخلاء الشاغل للعقار مهما كان, أما إذا تبين من خلال التحقيق المحلي أن المستأجر الفعلي (المنفذ عليه) لم يشغل العقار إطلاقاً ,فهذا يستدعي رفض تنفيذ العقد لعدم ثبوت إشغال المستأجر للعقار(المأجور). وفي الحقيقة وحسب وجهة نظري فقد تبين من الناحية العملية أن اهذا المعيار(أقصد معيار التحقيق المحلي) لم يكن مجدياً من الناحية العملية ,ولم يكن دقيقاً ,ويخضع لضمير مأمور التنفيذ ولضمير وإفادة الأشخاص الذين سوف يستقي منهم المعلومات , وخاصة أنه يترتب عليه نتائج قانونية خطيرة (الإخلاء وتنفيذ العقد ,أو رفض التنفيذ ,- والعاملين في مجال القانون يقدرون الأثر الكبير لمثل هذا القرار-)وحيث أن ما عرضناه أعلاه يشكل معاناة يومية للعاملين في مجال القانون ,ويمس حقوق لفئة كبيرة من المواطنين لذلك فإني أبدي وجهة نظري القانونية وفق ما يلي:1- اعتبار عقد الإيجار الذي يستوفي الشروط القانونية واجب التنفيذ في مواجهة المنفذ عليه أو الشاغل أي كان . 2- في حال كان الشاغل غير المنفذ عليه المستأجر ولا يملك سند رسمي يوضح صفة إشغاله , وإنما لديه سند عادي ,يعطى مهلة إدارية لا تقل عن ثلاثة أشهر يستطيع من خلالها مراجعة القضاء المختص لتثبيت حقوقه وتأمين المسكن البديل المناسب. 3- إن تأخر المالك (المؤجر) في استلام عقاره مدة ثلاثة أشهر لن يفوت عليه فرصة لا تزال ممكنة لاستلام العقار,بينما التنفيذ المباشر وبدون مهلة مناسبة قد يلحق ضرراً شديداً بشاغل العقار الذي يفاجئ بصدور قرار يلزمه بتسليم العقار,ويرتب عليه آثار لا يمكن تداركها ,وقد يجد نفسه وأسرته في الشارع بدون مأوى. نرجو النظر بهذه الملاحظات من أصحاب القرار ,لعل ذلك يكون أقرب إلى العدالة والإنصاف. 25/10/2011 المحامي أحمد الرجوب