يومك .... يومك

[المحامي نوار الغنوم]

يومك ... يومك

إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، اليوم فحسب ستعيش ، فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره ولا الغد الذي لم يأت إلى الآن .
اليوم الذي أظلتك شمسه وأدركك نهاره هو يومك فحسب ، عمرك يوم واحد فاجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنك وُلدت فيه وتموت فيه ، حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب .
لليوم فقط اصرف تركيزك وإبداعك واهتمامك وكدك وجدك ، فلهذا ........ اليوم لا بد أن تقدم صلاةً خاشعة ، وتلاوةً بتدبر، واطلاعاً بتأمل ، وذكراً بحضور، واتزاناً في الأمور وحسناً في الخلق ، ورضاً بالمقسوم ، واهتماماً بالمظهر واعتناءً بالجسم ، ونفعاً للآخرين .
اليوم هذا الذي أنت فيه تقسم ساعاته وتجعل من دقائقه سنوات ومن ثوانيه شهور، تزرع فيه الخير تسدي فيه الجميل ، تستغفر فيه من الذنب ، تذكر فيه الرب ، تتهيأ للرحيل .
تعيش هذا اليوم فرحاً وسروراً وأمناً وسكينة ، ترضى فيه برزقك بزوجتك بأطفالك بوظيفتك ببيتك بعلمك وبمستواك
( فخذ ماآتيتك وكن من الشاكرين ) تعيش هذا اليوم بلا حزن وسخط وبلا حقد وحسد .
إن عليك أن تكتب على لوح قلبك عبارة واحدة تجعلها أيضاً على مكتبك .
وتقول هذه العبارة : يومك .. يومك .
إذا أكلت خبزاً حاراً شهياً اليوم فهل يضرك خبز الأمس الجاف ؟ أو خبز غد الغائب المنتظر؟
إذا شربت ماءً عذباً زلالاً اليوم فلماذا تحزن من ماء أمس المالح الأجاج أو ماء غد الآسن الحار؟؟ .
إنك لو صدقت مع نفسك بإرادة فولاذية صارمة عارمة لأخضعتها لنظرية ( لن أعيش إلا لهذا اليوم ) .
حينها تستغل كل لحظة في هذا اليوم في بناء كيانك وتنمية مواهبك وتزكية عملك ، فتقول : لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق هجراً أو فحشاً أو سباً أو نميمة .
لليوم فقط أرتب بيتي ومكتبي ، فلا ارتباك ولا بعثرة ......
لليوم فقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي وتأدية صلاتي على أكمل وجه .....
لليوم فقط سأعيش . فيا ماضٍ ذهب وانتهى اغرب كشمسك فلن أبكي عليك ولن تراني أقف لأتذكرك ولو للحظة ، لأنك تركتنا وهجرتنا وارتحلت عنا ولن تعود إلينا أبد الآبدين .
ويا مستقبلاً أنت في عالم الغيب فلن أتعامل مع الأحلام ولن أبيع نفسي إلى الأوهام ولن أتعجل ميلاداً مفقوداً ، لأن غداً لاشيء .. لأنه لم يولد ولأنه لم يكن مذكوراً .
يومك يومك أيها الإنسان ... أروع كلمة في قاموس السعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها وأجمل حللها .