منتدى محامي سوريا

العودة   منتدى محامي سوريا > المنتدى الثقافي > قصة

قصة القصص القصيرة والوجدانيات والخواطر العابرة التي تعبر عن ألوان الفصول الانسانية المتنوعة.

إضافة رد
المشاهدات 4035 التعليقات 0
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-04-2011, 09:12 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المحامية عفاف الرشيد
عضو مساهم نشيط
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


المحامية عفاف الرشيد غير متواجد حالياً


افتراضي طيف الحنين

طيف الحنين

دمع الوداع حرّق وجنتيها ، وألهب صدرها الذي يتوق إلى لقاء يستحيل يومــاً بعد يوم وتقول ملوّحة بمنديلها الأحمر :
-
الله معك يا محمود ...
ابتعد ماضياً ينشد السفر بعزيمة الشباب ، لكنّ قلبه يخفق بقوّة ترجّ عظام صدره رجّاً ، ويلتفت بسرعة الرحيل ملوّحاً وهو لا يرى منها سوى منديلها الأحمر ... وعندما طوت المسافات قامته أصبح يلحّ على الذكريات والحنين.
كان العيد يطرق الأبواب بالفرح ، يوزّع زينته على الطبيعة والناس ، إلاّها ... حمل العيد إليها سلال الحزن والحنين ، ومثل كل عيد تشيع لحظاته بالصمت والدموع...
تجلس فوق صخرة رمادية أمام دارها تنتظر المارّة لتسألهم :
-
هل رأيتم محمود ؟
لقد تغيّر طريق السابلة منذ زمان ، ولم يعد يمرّ أحد من طريق الصخرة ...
تنتصر عليها دموع ساخنة وهي تحاور نفسها :
-
هل ابيضّ شعره ؟
-أما زال يحبّني .. أم .. ؟
وتدسّ يدهـــا في جيبها تلتقط منديلاً أحمرَ يكاد يهترئ ، فيعبق المكان بعطر الذكرى ، وتتّكئ على عكّازها مبيضّة الذوائب محنيّة القامة ، تحاول النظر إلى الدرب الذي شهد خطوات رحيله ، فهل تقدر هاتان العينان أن ترياه ؟
* * *
القرية بعيدة ، والشوق يحملني على أجنحة الوصول ... وحبيبة الروح لا تغادر خاطري ، لكنّي أطوي المسافات بساعديّ حتّى أراها...
متى أنعم بالوصول ؟ آه ... من رحلـــة الوصول كم أرهقتني... !!
سأحمل لها سلال الورد والياسمين الذي كانت تعشق عطره... آه يا ربيبة الفؤاد ما نسيتُكِ يوماً ... تُرى ماذا فعلت بكِ الأيام ؟ آه لو أنعم برحيق الوصول قبل أن يصمت هذا القلب.
كان يمشي نحو دارها وقدماه تسبقانه ، وعندما هبّت نسمات شمالية من حديقتها صفّق الحنين بين جوانحه كعصفور يفرّ من قفصه ، كان الشوك والهشيم يغزوان الدار ، واللون الأصفر يسربل المكان والزمان.. اقتفى أثرها من أهل القرية فإذا به يجد نفسه في المقبرة وتحت أغصان السرو تمدّد قبرها ، وكان منديلها الأحمر يرفرف مهللاً ... سقطتْ حزمة الأقحوان من يده وسكبت دموعها العطرة حتّى توحّدت مع قبرها واشرأبّت ترسم ربيعاً دائماً ، لكنّه غرق في بحر عميق من الوحشة وسربلته عباءة الغربة واحتواه صقيع الصمت...
وعندما سربل الظلام المكان وهتفت عربات الليل ترحّب بالنجوم كان قد تناثر أنجماً خضراً وقناديل ورديّة تنير قبرها وترسل الضياء حتى نهاية المدى...







رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عنــــدما يأخذنـــــي الــ ح ـنين إليــــك ___ أميرة النجمات خواطر 0 11-03-2010 02:52 PM
طيف أمي اليمامة خواطر 1 04-03-2010 08:49 PM
تحريم فقهي لتحديد جنس الجنين سيف الحق حوار مفتوح 0 27-12-2007 10:05 AM
رعاية الاسلام للطفل من الجنين الى الفطام عمر الفاروق أبحاث في الفقه الإسلامي 0 08-06-2006 12:08 AM
الإستنساخ البـشـري مـن وجهة نظر قانونية المحامي فائق زيدان أبحاث في الأحوال الشخصية وقوانين الأسرة 1 18-04-2006 01:03 AM


الساعة الآن 10:41 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Nahel
يسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر>>>جميع المواضيع والردود والتعليقات تعبر عن رأي كاتيبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى أو الموقع