قالَ النابغةَ الذُبياني :
نَفسُ عِصَامٍ سَوَّدَت عِصَامَا وَعَلَّمَتهُ الْكَرَّ وَالإِقْدَامَا
وصَيَّرَتْهُ مَلِكًا هُمَامَا حَتَّى عَلاَ وَجَاوَزَ الأَقْوَامَا
حَدثَنا المُحَامي الهَُمَام قال :
طَرحَتنيِ الجُمعةُ مَطَارِحهَا حَتّى إذَا وَطِئتُ مَسجدا في كفرِسوسةَ ,استظْهَرتُ عَلَى الأَيام ببناء أَجَلْتُ فِيهاَ يَدَ الْعِمَارةِ، وَمقالاتٍ في المنُتَدى لا تُضَاهى، وجعلتُها متاحةً للعامة, ومكتبٍ جعلتَه مَثابة, وقلمِ نذرتُ حبره لأنصاره ,إذ أنا بمحامٍ قَد جلَسَ غَيرَ بعيدٍ يُنصتُ وَيكَأنّهُ يَفهمُ، ويَسكتُ وَيكَأنّهُ لاَ يَعلَمُ حَتّى إِذَا مالَ الكَلاَمُ بِنَا مَيلَهُ، وجرّ الْجِدَالُ فِينَا ذَيْلَهُ، قَالَ: قَدْ أَصَبتُم عُذيَقهُ، ووَافَيتُم جُذَيلَهُ ،ولَو شِئتُ لَلَفْظْتُ وأَفَضتُ، وَلَو قُلْتُ لأَصدَرتُ وأَورَدتُ، ولَجَلَوتُ الْحقّ في مَعرَضِ بيانٍ وتبيانٍ يُسمِعُ الصُم، وَيُنزلُ الْعُصم , ويبينُ أبجديةَ جبيل وأوغَاريت وأرَام, فقلتُ صِف لنا عِصام فلطالما عهِدناهُ مِقدام فقال :هوَ أَوّلُ مَن وَقَفَ بالعدالة وَعَرَصَاتِهَا، وَاغتَدَى والمتحولونَ فِي وَكَنَاتِهَا، وَوَصَفَ الحميرَ بِصِفاِتهَا , فَفَضَلَ مَن تَفَتقَ للْحِيلةِ لِسَانُهُ، وَانتجَعَ لِلرَّغبَة بَنَانُهُ , وأمسكَ باليُمنى سِهامَه ,فَلاَ يَرْمي إِلاَّ صَائِباً، اعتُقلَ وَلَمْ تَظْهَرْ أَسْرَارُ دَفَائِنِهِ وَلَمْ تُفْتَحْ أَغْلاَقُ خَزَائِنِهِ فقلتُ وَفيما اعتَقَلُوه وأيِّ ذنبٍ ألبَسُوه ؟ فقالَ يقُولُون : أَلَم نُرَبِّكَ فينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِن عُمُرِكَ سِنِينَ فَهل عرفتُم ياسَادتي مَنْ هُمُ المُندَسُوْن!!!!