![]() |
|
معلومات عن سوريا كل ما يهمك معرفته عن سوريا بلد الأبجدية والتاريخ العريق |
![]()
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||||
|
![]() دمشق في الربع الأول من القرن الماضي ! عشنا خلال خمس أو ست حلقات من أخبار دمشق في مرحلة .. وقعها كان قاسياً على القارئ فضلاً عمن عاش تلك اللحظات , سواء عاشها بجسده أو بروحه .. لذلك فقد اخترت الانتقال إلى عصر آخر , وحالة أخرى , تصف لنا جزءاً من حياة دمشق وأهلها أوائل القرن الماضي , يكون لنا فيها السلوان , ويكون فيها إخفات لأصوات المتحذلقين , وعلى كل من أراد ويريد أن يخرج دمشق من حلّتها إلى ما يراه هو بأهوائه وشهواته ! جاء هذا الوصف على لسان من عاش تلك الفترة .. على لسان مفكر وأديب منصف من أبناء دمشق , ممن سعدوا في كنفها , ممن عرفوها وأحبوها ! إنه أستاذ أساتذتنا المحامي والقاضي والأديب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله .. ولست أنقل مقالته كما هي .. بل انتقيت منها ما يناسب الحال دون أن أعتدي على كلمات الشيخ وأدبه .. لست أستوحي ذكريات غرام مضى , ولا أخبار محبوب هجر , ولكنها أخبار دمشق التي عرفتها صبياً , ثم افتقدتها وتبدلت في عيني مظاهرها , حتى كأني أعيش اليوم في دمشق غير التي عرفت وألفت . أين كان يسهر من يريد سهراً أو لهواً , وما في البلد إلا سينما أنشأها الأتراك للدعاية الحربية .. احترقت وأقيم مكانها البرلمان , وسينما زهرة دمشق وقد أنشئت بعد .. وكانت السينما في أول عهدها صامتة مرتجفة , فلم يكن يدخل السينما إلا بعض الشباب خلسة من وراء ظهور أهلهم ومعلميهم , وكان في أول السنجقدار ملهى صغير تغني فيه بعض المغنيات من غير المسلمات . وكنا بعيدين عن عالم الغناء والتمثيل , ولكني كنت أسمع أنه لم يكن في دمشق من المغنيات المحترفات إلا ثلاث أخوات يهوديات هن بنات مكنو , فكان الموسرات من غير ذوات الدين يأتين بهن ليغنين في أعراسهن وأفراحهن , وكان الغناء من الأمور المعيبة المستقبحة التي يستحيا منها , وكان الرقص أفظع منه , ولم يكن يتصور أن تشتغل بالغناء فضلاً عن الرقص بنت أسرة من الأسر الشامية , وإن هي فعلت – وهذا لم يسمع بوقوعه – فإن أباها يذبحها أو يضربها بالرصاص . هذا إن هي غنت أو رقصت للنساء , أما أن تغني أو ترقص للرجال فكان هذا في رأيهم من المستحيلات ! كانت دُورهم مستورة , لا يرى من فيها أحداً , ولا يراهم منها أحد , وكان الحي كأنه أسرة واحدة , فكان أهله شركاء في الفرش والآنية , إن احتاج إلى شيء قرع باب جاره فاستعاره , وإن كان فرح أو مأتم , اشتركوا جميعاً في البذل والعمل والعاطفة . وكان في مدخل كل حارة سمان أو عطار من طبقة ( الزكرتية ) وهم كانوا أهل المروءة والنخوة , وكانوا أشبه بطبقة الفرسان في أوربة , ووظيفة هذا السمان أو العطار ( الزكرتي ) أن يراقب الحارة , فإن رأى شاباً أو امرأة أو أمراً غريباً , أرسل من يراقب ويتحرى . وكان نساء الحي جميعاً بالحبرة ( الملاءة ) المزمومة , الساترة , وكان على الوجه المنديل الخشن ذو الثقوب , وكانت المرأة المتعبدة تلبس الإزار الأبيض , وكانت الحبرة عامة حتى إن النساء النصرانيات واليهوديات كن يلبسن الملاءة ولكن بلا منديل , فكان الفرق بينهن وبين المسلمات أن الوجه منهن مكشوف , أنا أعرف ذلك وكان على أيامي . وكانت المرأة لا تخرج إلا باللباس الطويل الذي يصل إلى نصف الساق , وكانت تستحي البنت أن يراها أبوها في البيت بالكم القصير , أو بالصدر المكشوف , ولا تظهر بزينتها إلا أمام زوجها , وكانت الزينة بالأبيض وقليل لا يرى من الأحمر , وبصبغ الحواجب وتزجيجها , أما أحمر الشفاه فلم يكن معروفاً . وكان الناس يفرقون بين الحلال والحرام , وإن توقفوا سألوا العلماء , ولم يكن التجار يأخذون رباً ولا يعطونه ولا يمنعون زكاة ولا يبخلون بإحسان , فكان الفقراء في راحة , والأغنياء في سلام . شهادة نعتز بها من مدرس و محامٍ وقاضٍ وأديب .. بذل حياته وعلمه وحبه لدمشق .. فاقت شهرته الآفاق , نقل مما رأى وعاين , وسمع وشاهد .. فهل سيقولون : أي باب حارة يقصدون ؟! أم سيقولون : أي علي الطنطاوي يقصدون ؟! هذي دمشق التي نعرف .. فأخبرونا عن دمشق التي تريدون ؟!!!
|
|||||
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
التحكيم في عقود B.0.T -Build-Operate-Transfer | سامر تركاوي | أبحاث في القانون الإداري | 1 | 12-04-2011 06:40 PM |
المرسوم التشريعي رقم29 لعام 2011 قانون الشركات | المحامي لؤي عرابي | موسوعة التشريع السوري | 1 | 18-02-2011 09:53 PM |
قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني | أحمد الزرابيلي | قوانين الجمهورية اللبنانية | 0 | 08-11-2009 08:33 PM |
القيود الاحتياطية في السجل العقاري | المحامي نضال الفشتكي | رسائل المحامين المتمرنين | 1 | 05-10-2009 12:30 AM |
![]() |