وزارة المالية حلت أكبر مشكلة في تكليف تجارة وفروغات العقارات
منقول عن الاقتصادية
أثار صدور القانون رقم /41/ الذي سمي قانون ضريبة تجارة العقارات لغطا كبيرا حيث تباينت الآراء وردود الأفعال حوله, فمنهم من أثنى على ذلك القانون واعتبره ثورة حقيقية في حل مشكلة كبيرة كانت تؤرق وزارة المالية في إنجاز تكاليف تجارة العقارات, ومنهم من اعتبر أن هذا القانون جاء خدمة لممارسي تجارة العقارات بما تضمنه من تخفيض كبير على الضريبة المترتبة على بيوعاتهم العقارية, ولاسيما في ظل الترخيص لشركات عربية للاستثمارات العقارية.
بل إن بعض الصحف العربية ومنها (صحيفة الوطن القطرية) وتحت عنوان (قلق في سورية على خلفية ضريبة العقارات الجديدة) ادعت بأن عددا من تجار العقارات ومن المواطنين السوريين قد عبروا عن قلقهم لصدور القانون بالصيغة التي صدر فيها, وأن الضريبة الجديدة ستكون بنسبة 30-40% من القيمة الحقيقية للعقار والتي ستساهم في تجميد سوق العقارات لجهة البيع والشراء تهربا من دفع هذه الضريبة المرتفعة.
وحيث تبي ن لي أن هناك فهما خاطئا لما نص عليه قانون ضريبة تجارة العقارات رأيت أن أصحح ذلك الفهم الخاطئ لمضمون ذلك القانون وذلك من خلال توضيح مفهوم القيمة المالية (التخمينية) الذي غاب عن فهم كاتب المقال في الصحيفة المذكورة (سواء عن قصد أو دون قصد) إضافة الى ما تضمنه المقال من أخطاء مادية متعددة من حيث رقم القانون أو النسب المعتمدة, فإن القيمة المالية (التخمينية) موجودة في سورية فقط, حيث تقوم وزارة المالية بتقدير قيمة الأراضي والعقارات بهدف استيفاء ضريبة ريع العقارات المفروضة بموجب القانون رقم /178/ لعام 1945 والمعد ل بموجب القانون رقم /35/ لعام ,1975 وسواء كانت هذه العقارات أراضي أو محلات أو مكاتب أو شققا سكنية, وهذه القيمة المالية (التخمينية) تكون عادة منخفضة جدا - حسب تقديري - عن القيمة الفعلية الحقيقية لتلك العقارات وتتراوح نسبتها حسب تقديري ما بين 1% - 3% من القيمة الفعلية الحقيقية, والهدف من ذلك استيفاء ضريبة ريع العقارات.
وان القانون الجديد اعتمد هذه القيمة المالية (التخمينية) أساسا في تحصيل الضريبة على بيوعات تلك العقارات.
كما أن هذا القانون الجديد لاقى ترحيبا كبيرا جدا من قبل المواطنين السوريين وتجار العقارات لما تضمنه من مزايا وتخفيضات كبيرة على الضريبة التي كانت سارية قبل صدوره, وذلك خلافا لما جاء في المقال المشار إليه.
وسأستعرض أهم التعديلات التي طرأت على بعض مواد قانون الدخل بما فيها ما يتعلق بتجارة العقارات, كما سأعرض أهم المزايا والتخفيضات التي تضمنها القانون الجديد, وأخيرا النسب الواجب اعتمادها في تحديد الضريبة بموجب هذا القانون, وطرق احتساب الضريبة لكل نوع من أنواع العقارات.
أولا - أهم التعديلات التي طرأت على بعض مواد قانون الدخل:
1- وضع أسسا جديدة لتكليف مهنة تجارة الأراضي والعقارات التجارية والسكنية المبيعة أو المتنازل عنها انطلاقا من القيمة المالية (التخمينية) حسب سجلات الدوائر المالية.
2- اعتمد القانون نسبا مئوية متدرجة حسب عدد سنوات التملك وحسب نوع العقار المتنازل عنه (عقار سكني, أرض, محل تجاري, مكتب تجاري, مستودع, حق الانتفاع, حق الرقبة) تسمح بمعرفة مقدار الضريبة التي ستترتب بشكل واضح ومسبق لعملية البيع, وتوضيحا لهذه النسب فقد قمت بإعداد جدول تفصيلي يبين هذه النسب متدرجة حسب سنوات الملكية يمكن الاطلاع عليه في آخر هذا المقال.
3- تم تخفيض الضرائب على تجارة العقارات سواء منها التجارية أو السكنية.
4- وضع آلية جديدة للتكليف بضريبة الأرباح الرأسمالية (الفروغ).
5- تم تخفيض الضرائب على التنازل عن حق الإيجار (الفروغ) ولتوضيح مقدار الفرق بين الضريبة المترتبة قبل هذا القانون والضريبة التي ستترتب بموجبه, سأضرب مثالا عن حالة شخص سيقوم بالتنازل عن حقوق ايجار (فروغ) محل تجاري ومكتب تجاري ومستودع تجاري يملكها منذ أكثر من عشرين عاما وعلى فرض أن قيمتها كانت على النحو التالي:
20000000 ل.س الفروغ الحقيقي للمحل التجاري وعلى فرض أن قيمته المالية التخمينية تبلغ 250000 ل.س
5000000 ل.س الفروغ الحقيقي للمكتب التجاري وعلى فرض أن قيمته المالية التخمينية تبلغ 100000 ل.س
3000000 ل.س الفروغ الحقيقي للمستودع التجاري وعلى فرض أن قيمته المالية التخمينية تبلغ 100000 ل.س
فإن الجدول التالي يبين الفروقات بين الضريبة المترتبة بموجب القانون رقم /24/ لعام 2003 والقانون رقم /41/ لعام 2005:
6- تم استثناء واقعات عمليات نزع الملكية والاستيلاء للمنفعة العامة أو للتحسين العقاري من التكليف بالضريبة.
7- تم استثناء واقعات الإعارة بين الأصول والفروع والأزواج فقط من التكليف بالضريبة.
8- تم استثناء واقعات بيوعات الجمعيات الخيرية من التكليف بالضريبة.
9- تم استثناء واقعات البيوعات الجارية من قبل البعثات الدبلوماسية في سورية شريطة المعاملة بالمثل من التكليف.
10- تم إعفاء واقعات تقديم العقار كحصة عينية لقاء المساهمة برأسمال الشركات المساهمة التي تطرح أسهمها على الاكتتاب العام بنسبة لا تقل عن 50% شريطة عدم تصرف مقدم الحصة العينية في الأسهم المقابلة لها خلال السنوات الخمس التالية لعملية المساهمة العينية.
11- إعادة مكلفي المهن التالية إلى التكليف بضريبة الدخل المقطوع وهي:
1- المشافي الخاصة.
2- مكاتب السفريات التي تستخدم سيارات البولمان السياحية.
3- منشآت المباقر والمداجن.
4- الجامعات والمدارس والمعاهد الخاصة لجميع مراحلها ورياض الأطفال.
12- إعادة تكليف مكاتب نقل البضائع إلى التكليف بضريبة الدخل المقطوع.
13- إخضاع مكاتب الشحن الخارجي للتكليف بضريبة الأرباح الحقيقية وإعادة مكاتب نقل البضائع إلى الدخل المقطوع.
14- الإعفاء الكامل من الضريبة للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الحكميين الذين يتعاطون النقل الجوي أو البحري شرط المعاملة بالمثل, وذلك بدلا من إعفائهم عن 75% من أرباحهم السنوية.
15- تكليف المشافي الخاصة بضريبة الدخل المقطوع بدءا من بدء تاريخ استثمارها.
16- إعادة تطبيق جبر كسور الليرة السورية عند حساب الضريبة إلى أقرب ليرة سورية الأعلى بدلا من جبر الكسور إلى عشر الليرات الأعلى.
17- إلغاء النصوص المتعلقة بتكليف مهنة تجارة العقارات وهي المواد (21 و22 و65) والفقرة / د/ من المادة /45/ من القانون رقم /24/ لعام .2003
18- سمح القانون لأول مرة بقبول تنزيل النفقات والمصاريف الشخصية الموثقة ذات الصلة المباشرة بالعمل الصناعي والتجاري والتي تحدد بقرار يصدر عن رئاسة مجلس الوزراء بناء على اقتراح من وزير المالية.
19-سمح القانون لوزير المالية باتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع مديني الخزينة العامة للدولة الممتنعين عن التسديد مغادرة أراضي الجمهورية العربية السورية على أن تحدد ضوابط منع المغادرة بقرار يصدر عن وزير المالية.
ثانيا - مزايا القانون الجديد:
1- سيساهم القانون الجديد بتخفيض أسعار العقارات وفروغات المحلات التجارية والصناعية بشكل كبير بسبب انخفاض الضريبة على عمليات البيع والتنازل عن حقوق الإيجار بموجب هذا القانون, كما سيساعد على تنشيط الاستثمار العقاري وسوق العقارات.
2- سيساعد القانون على تحقيق الشفافية والإفصاح في البيانات المالية والميزانيات التي تعدها الشركات والمؤسسات بما يخدم الاقتصاد الوطني, حيث لم يعد هناك من مبرر لعدم إظهار القيم الحقيقية للعقارات أو فروغات المحلات التجارية والصناعية في ميزانيات تلك الشركات والمؤسسات الفردية.
3- إن هذا القانون وضع حدا للتصاعد الضريبي حيث سيتم احتساب الضريبة على كل عملية بيع عقاري وفق نسب محددة سواء تعددت البيوع في نفس السنة أو كان للشخص نشاط تجاري أو صناعي.
4- وضع القانون أسسا جديدة ومبسطة لتكليف عمليات بيع الأراضي أو العقارات التجارية أو السكنية وغيرها تسمح لكل من البائعين والشارين وموظفي الدوائر المالية بمعرفتها بكل وضوح وشفافية.
5- وضع القانون نسبا مئوية متدرجة حسب عدد سنوات التملك وحسب نوع العقار تسمح للبائعين والمشترين وموظفي الدوائر المالية بمعرفة مقدار الضريبة التي ستترتب على عملية البيع أو التنازل, ومن أبرز مزايا مشروع القانون هو تخفيف الاحتكاك بين المكلفين وموظفي الدوائر المالية, ويساهم في معالجة بعض حالات الفساد التي قد يرتكبها بعض موظفي الدوائر المالية.
6- تبسيط إجراءات التكليف وتسديد الضريبة والحصول على براءة ذمة بسرعة كبيرة جدا, والتي كانت تستغرق أحيانا بضعة أشهر, كما ألغى الإجراءات الطويلة والمعقدة التي تستغرق سنوات لإنجاز التكاليف بصورة قطعية والتي أدت إلى التراكم الكبير لدى الدوائر المالية.
7- تخفيض الضرائب بشكل ملحوظ وهو ما سيؤدي إلى استقرار المعاملات والبيوعات العقارية وتشجيع المكلفين على تسجيل بيوعاتهم وتوثيقها أمام الدوائر العقارية, ما سيؤدي الى زيادة تحصيل الرسوم العقارية بشكل غير مباشر.
8- الحد من الدعاوى والمنازعات القضائية نتيجة الخلافات التي تحدث بين المواطنين نتيجة عدم تثبيت عقودهم لدى الدوائر المالية والعقارية أو تأخر الدوائر المالية في إنجاز تلك التكاليف عبر سنين طويلة.
9- وضع المشرع حدا للتقديرات والاجتهادات الشخصية التي كانت تشكل أكثر من 80% في عملية التكليف, وأن عملية بيع معينة يمكن أن يتم تكليفها أو إعفاؤها أو تكليفها بمبالغ ضخمة أو تكليفها بمبالغ بخسة فيما لو أعطيت الحالة نفسها إلى عدة مراقبين.
10- إن القانون سيوفر للدوائر المالية عددا كبيرا من الموظفين يمكن استخدامهم والاستفادة منهم في أقسام أخرى نتيجة تقليص عدد الموظفين العاملين في دائرة تجارة العقارات.
11- يحقق القانون مزايا تحصيل الضريبة فورا ودون تأخير بدلا من تحصيل جزء بسيط من هذه الضريبة, ومن ثم ملاحقة المكلفين بعد سنوات طويلة لتحصيل الضريبة النهائية, والتي يتعذر تحصيلها بسبب الوفاة أو تعدد البائعين.
12- الحد من التقادم الضريبي الذي قد يشمل أعدادا كبيرة من أضابير التكليف تتجاوز مئات الآلاف, ويؤدي إلى ضياع لحقوق الخزينة.
13- وضع حدا لمشكلة كبيرة جدا كانت تؤرق المكلفين وهي تكليف الأرباح الرأسمالية (الفروغ) والتي كان يقوم على تقديرها لجنة تغلب على تقديراتها المزاجية والتقدير الشخصي.
14- سيضع القانون حدا لتراكم أضابير تكاليف تجارة العقارات التي تزيد على نحو /800/ ألف إضبارة.
15- سيساعد القانون على توفير الوقت والجهد والمال التي كان يعاني منها المواطن عند إنجاز معاملته لدى الدوائر المالية عدا ما كان ينتج عن هذه المراجعات من صدامات تصل أحيانا الى حد هدر كرامته واضطراره إلى استجداء الموظف من أجل إنجاز معاملته بأية وسيلة ممكنة.
ثالثا - الاقتراحات:
أنني أقترح ما يلي:
1- حيث لم يتطرق القانون إلى وضع أسس لمعالجة مئات آلاف أضابير تكاليف تجارة العقارات المتراكمة والتي تشكل عبئا كبيرا جدا أمام الدوائر المالية.
فإنني أقترح إيجاد طريقة مبسطة لإنجاز تلك الأضابير المتراكمة شبيهة بالطريقة المقترحة بموجب هذا القانون فهي طريقة ناجعة وجيدة وتساعد على تحصيل الضرائب المتراكمة عبر عشرات السنين.
وقد اقترح الزميل عبد الله مكسور في مقاله المنشور في العدد 225 من صحيفة ؛الاقتصادية« (أن يتم إنهاء تكاليف تجارة العقارات الخاصة بأعوام 2005 وما قبل بأن يضاف نص يقضي باعتبار جميع التكاليف العائدة لعام 1990 وما قبل والتي لم تتخذ إجراءات بتكليفها بعد ساقطة بالتقادم, ونص آخر يلزم الدوائر المالية والمكلفين بإنهاء التكاليف العائدة
للأعوام 1990 وحتى 2005 خلال مدة أقصاها سنتان مع منح حسم بمعدل 50% من الضريبة للتكاليف التي تنتهي وتسدد خلال عامي 2006 و2007 وذلك أسوة بما حصل في ضريبة التركات).
وإنني أؤيد ذلك الاقتراح جزئيا ولكن على أن يتم منح هذا الحسم على أساس قيام المكلف بتسديد هذه الضرائب خلال السنة التي يتم فيها تحقق الضريبة ( وذلك أسوة بما تنص عليه قوانين الإعفاء من الفوائد والغرامات التي يصدرها السيد رئيس الجمهورية ) دون أن يكون هذا الحسم محددا بمدة معينة لأن هناك استحالة في إنجاز مئات آلاف الأضابير المتراكمة سواء بالنسبة للمكلفين او الدوائر المالية خلال سنتي 2006 و.2007
2- زيادة في الوضوح والشفافية, وحيث لا يمكن للمواطن معرفة مقدار الضريبة التي ستترتب عليه نتيجة البيع العقاري ما لم يعرف القيمة المالية (التخمينية) فإنني أقترح أن تقوم وزارة المالية بإدراج القيم المالية للعقارات في سورية (دون ذكر أسماء مالكيها) على موقعها الالكتروني, وبالتالي معرفة مقدار الضريبة التي ستترتب على ذلك العقار سلفا , بحيث يتمكن أي مواطن من معرفة القيمة المالية لأي عقار يرغب في شرائه أو بيعه بدل تلك التعقيدات التي ستنجم عن تقديم طلب إلى الدوائر المالية لمعرفة تلك القيمة والتي قد تستغرق وقتا يطول أو يقصر وقد تفتح بابا آخر لعلاقة جديدة غير نظيفة بين المواطن وموظف الدوائر المالية.
وإنني أتوقع أن تقوم وزارة المالمية بوضع خطة لإنجاز التراكم الضريبي لمئات الآلاف من الأضابير المتعلقة بتجارة العقارات قريبا ..