منتدى محامي سوريا

العودة   منتدى محامي سوريا > المنتدى المفتوح > حوار مفتوح

حوار مفتوح إذا كان لديك موضوع ترى أهمية طرحه في منتدانا ولا يدخل ضمن الأقسام الأخرى فلا تردد بإرساله إلينا ولنناقشه بكل موضوعية وشفافية.

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 17-05-2010, 07:40 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المحامي ناصر الماغوط
إحصائية العضو






آخر مواضيعي



افتراضي حالة حصار

[frame="2 98"]حالة حصار
ناصر الماغوط : (كلنا شركاء) 12/5/2010[/frame]




[align=justify]
منذ فترة حضرت المشهد التالي، وهو مشهد حقيقي، لكنني سوف أوثقه على طريقة كتابة السيناريو .
المشهد الأول:
المكان: داخلي
الزمان: ليلي.
صالة داخلية في منزل عائلي.
مجموعة من الشباب والصبايا متوسطي الأعمار يبلغ عددهم حوالي العشرة تقريبا هم عبارة عن أقارب يقضون سهرة لطيفة مع بعضهم البعض ويشربون القهوة والشاي ويتجاذبون أطراف الحديث في مواضيع مختلفة منها ما هو "بطعمة" ومنها ما هو "بلا طعمة". أحد الحضور يسأل شخصا بجانبه.
هل شاهدت برنامج شاهد على العصر مع العقيد عبد الكريم نحلاوي على قناة الجزيرة؟
طبعا، أنا أشاهد هذا البرنامج منذ أول حلقة منه وحتى اليوم.
ما رأيك بما قاله عن الرئيس عبد الناصر.
قد أتفق معه في بعض ما قاله، وأختلف معه في البعض الآخر. الرئيس عبد الناصر يمتلك كاريزما قل نظيرها، لكن عموما يمكن القول بأنه قد حدثت بعض "التعفيسات"" في بعض القضايا والمواقف، ولا شك بأن المسؤول عنها بالنهاية هو الرئيس عبد الناصر.
صاحبة المنزل، وهي من "مريدي" عبد الناصر على ما يبدو، تهب واقفة وتصرخ بأعلى صوتها وكأن سكينا قد اخترقتها:
من الذي قال بأنه قد حدثت بعض "التعفيسات"
يسود الذهول على الحاضرين للحظة، ثم يستجمع ذلك الشخص الذي نطق بتلك الكلمة شجاعته ويقول مهدئا:
طولي بالك يا خالتي، شو كفرنا؟ أنا أقول رأيي.
ترد متحدية: إي كفرت ونص. لن أسمح لأحد أن يبدي رأيه إذا كان الرأي يتعلق بأي نقد لعبد الناصر ولو بكلمة مهما كانت بسيطة.
يحاول أحدهم أن يهدئ الجو، فيقول:
طولي بالك يا خالتي، إي الرجل ما قال شي، خذي واعطي معه، ليش هالعصبية؟ ألا تؤمنين بالديمقراطية؟
"بشراسة" لا. أنا لا أؤمن بالديمقراطية عندما يقترب الموضوع من الحديث عن عبد الناصر، لأنني أعبده.
أحد الحضور يضحك ويصفق ببراءة ويقول باللهجة المصرية:
الله أكبر، السهرة ح تحلو.
فتنظر إليه بنزق وعصبية وتقول له بتحد:
ولك، ليش عما تتكهكن متل الفلتانات
"يشعر هذا الآخر بالإحراج ويقول وهو يتلفت حوله" الله يسامحك يا خالتي، شو تتكهكن ما تتكهكن؟ حاسبي على كلامك
ماني محاسبي ولا شي. كل من ينتقد عبد الناصر هو عميل وجاسوس وبوق للإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية. وأنا لا أسمح لنفسي أن أكون ديمقراطية مع جواسيس وعملاء للإمبريالية.
يزداد التوتر وتسود جلبة في المكان. أحدهم يقول مهدئا:
طولوا بالكن يا جماعة، ما في حاجة لتطوير الأمور. شغلة بسيطة. ينظر إلى المرأة المنفعلة ويقول لها مازحا: خلص يا خالتي، عبد الناصر على راسي وعيني. وكرمال خاطرك نحنا منوعدك أنو ما نذكر عبد الناصر إلا ونقول رحمة الله عليه، مليح هيك؟ انبسطتي؟
تزداد شراسة وتصرخ: بدكن تضحكوا علي؟ شايفيني ولد زغير بدكن تضحكوا عليه بكلمتين؟ فعلا أنكم جميعا عملاء وخونة، بدكن ضرب بالصرماية، ولك عبد الناصر مقدس، وكل من يذكره بكلمة سوف أذبحه مثل النعاج، أو أضربه بالرصاص والقنابل ولو كان ابني.
وما إن يسمع الحضور بالذبح والرصاص والقنابل ويتذكرون أخوانهم الذين يذبحون على مدار الساعة في شتى أنحاء العالم، حتى يهبوا جميعا راكضين خارج صالون المنزل. يندفعون من باب الشقة وينزلون درج البناية بسرعة حتى أن بعضهم لم يتسع له الوقت كي يلبس حذاءه، البعض الآخر نراه يحمل شحاطته أو حذاءه بيده ويجري نازلا الدرج ويقفز كل خمس درجات مع بعضهم.
تلحق بهم صاحبة المنزل المنفعلة و تقف على باب شقتها وتتابع الصراخ والشتم بأعلى صوتها وتكيل لهم الاتهامات بالعمالة والخيانة، بينما يواصلون الركض فارين بجلودهم وهم أشبه ما يكونون بقطيع من الأيائل يركض أمام لبوة.
بالحركة البطيئة نشاهد الضيوف يواصلون الركض خارج باب البناية في الشارع ويتبعثرون كل في جهة بينما نسمع صوت الراوي يقول:
المشكلة أن أصحاب الرأي الآخر في العالم العربي هم نتاج ذات الثقافة التي تربوا ونشئوا وترعرعوا في كنفها.
فلا تستطيع أن تنتقد لينين أو ستالين أمام شيوعي.
ولا تجرؤ أن تتحفظ على سياسة جورج دبليو سي بوش أمام ليبرالي.
ولا أن تنبس ببنت شفة عن أنطون سعادة أمام قومي سوري.
ولا أن تتحدث عن شيخ أو داعية قديم أو جديد أمام أصولي إسلامي.
ولا أن تذكر بقرة إلا بعد إحاطتها بكل آيات الجلال والاحترام أمام هندوسي عربي مقيم في الهند.
ولا أن تشكك برقم الستة ملايين أما صهيوني
ولا أن تتفوه بكلمة ولو عن "يهوذا الاسخريوطي" إلا بعد أن تجد له الأعذار لقيامه بخيانة المسيح أمام واحد من المحافظين العرب الجدد.
ولا يسمح لك أحد أن تعبر عن رأيك بأدونيس إذا كان من تلامذته التجريبيين.
ولا تستطيع أن تنتقد تامر حسني أمام مراهق.
ولا يمكن لأحد أن يذكر هيفاء وهبي أمام المعجبين بها إلا كما تذكر الأم تيريزا.
ولا يمكن لأحد أن .....
يخفت الصوت تدريجيا وتمتزج صورة المرأة التي تصرخ مع صور أناس آخرين يصرخون على بعضهم، رجال ونساء يرفعون أصواتهم على بعضهم. الناس في السوق، الآباء وأبناؤهم، الأمهات وبناتهن، عشاق وأزواج .. كلهم يصرخون.. لا أحد يسمع الآخر على ما يبدو.. انفجارات، قنابل، سيارات إسعاف، منظر جثث وأطراف مقطعة وعمال يغسلون الدماء في الشوارع والأرصفة.. أبنية متهدمة.. جرحى في المشافي وجثث في الثلاجات..
نهاية المشهد. بلاك أوت.
[/align]







رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الحبس الاحتياطي الدكتور عبدالرؤف مهدى أبحاث في القانون المقارن 0 28-02-2011 06:34 AM
17055 حالة طلاق في سورية المحامي ناهل المصري أخر الأخبار 0 13-01-2010 09:58 AM
قانون مغربي يتعلق بالماء المحامي محمد فواز درويش قوانين المملكة المغربية 0 28-06-2006 10:36 PM
اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المحامي ناهل المصري الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية 0 28-05-2006 10:41 PM
اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب المحامي ناهل المصري الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية 0 28-05-2006 10:40 PM


الساعة الآن 03:53 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Nahel
يسمح بالاقتباس مع ذكر المصدر>>>جميع المواضيع والردود والتعليقات تعبر عن رأي كاتيبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى أو الموقع