المحامي بين واجبه و صحته

[المحامي عارف الشعَّال]

المحامي بين واجبه و صحته

أرسل المحامي " محمد فاتح أرسلان " – من فرع حلب – قبيل وفاته بأسابيع قليلة ، قصيدة نشرتها مجلة المحامون في العدد 10 – 12 عام 1976 ، و يبدو أنه كان يتحدث في هذه القصيدة عن نفسه , إذ سرعان ما توفي في 22/12/1976 ، رحمه الله .
و أعادت المحامون مرة أخرى نشر بعض الأبيات منها في العدد 5 - 6 عام 2006 و هذه الأبيات هي :

--------------------------

زرت الطبيب فقال لي متعجباً ............. ما بال قلبك مسرع الخفقات
ما بال قلبك مسرعاً متعجلاً ..................... ماذا يريد بسرعة الدقات
إسراعه يعني بأنك متعب ................. هلا استرحت ؟ أجبت بالآهات
و هززت رأسي لا أروم إجابة ......... و سكت عن آهي و عن حسراتي
قال الطبيب : أرى الإجازة وحدها ................ حلاً لشدة هذه الأزمات
ترتاح مما أنت فيه من العنى ............... و تريح قلبك معظم الأوقات

***********

إن المحامي مرهق في فكره ................ و بجسمه في أغلب الساعات
إن المحامي لا يكلّ مفكراً ................... فيما مضى من أمره و الآتي
إن الدعاوى و المشاكل كلها ................... في عقله تأبى على الإفلات
و موكلوك تهمهم أعمالهم ........................ لا يعبأون بأسوأ الحالات
همُّ الدفوع و أنت تعلم أنها .................... عند الكثير بكثرة الصفحات
و المعضلات من القضايا حلها ............... كم يحرم العينين حلو سبات
و شوارد القانون كيف تلمها ..................... من غير جهد دائم و ثبات
و الاجتهاد مبعثر و مشتت .................... يا بئس بعثرة و بئس شتات
أما الإجازة فالمصاعب دونها ......... كيف السبيل ؟ و مكتبي و حياتي
كيف الوصول إلى الإجازة طالما .............. حجز لدي غداً و كشف آتي
و البت في استئناف صاحبنا غداً ................. و غيابنا عنها من الآفات
كيف السبيل إلى الإجازة إنني .............. في مأزق صعب النتائج عاتي
لم يبق عندي غير يوم واحد ............ من أجل طعن الحكم في السرقات
و من الضروري أن أسافر بعدها ........ من أجل موقوفي لدى السلطات

*************

عاد الطبيب يقول لي مبتسماً ................. هذا الدواء ، و هذه الوصفات
خذها لأيام سأنظر بعدها .......................... فعل الدواء ، فهذه الحبات
نوع جديد جيد و مجرب ........................ ثنتان قبل البدء في الوجبات
أما المشاغل و القضايا كلها ...................... صفرٌ إذا ما قورنت بحياة
فانظر بأمرك ، علّ صحتك التي ................. أتعبتها تنجو من الأزمـات
***************
و خرجت أشكره و أكبر جهده ................ و دخلت أول مسجد لصلاتـي
صليت ثم جلست أسأل خافقي : ............. هل صرت حقاً مصدر العلاّت ؟
قد كنت أنهل منك كل سعادتي .................. دفقاً ، لـماذا أنت فـي مأسـاة ؟
أحسست أن القلب أدرك محنتي ............... فيه ، فعاد يجيب في لحظـات
و يقول لا تجزع و كن متفائلاً ................ بالله صاحب أوسع الرحمــات
إشرب دواءك كله في وقته .............. و احرص على الحبات و القطـرات
قلت الإجازة ؟ قال لست أريدها ............ أكتب دفوعك و احضر الجلسات
و اخلص إذا رمت الخلاص فإنما .............. الإخلاص باب سعادة و نجاة

[رندا الحلوه]

الله يقويكم ويساعدكم ويحفظكم
ويخليلكم صحتكم
عن جد المحاماه صعبه
مع تقديري واحترامي لكل محامي ومحاميه
تقبلوا تحياتي

[أبو حبيب]

اختيار رائع أستاذ عارف ، وليرحم الرحمن الأستاذ أرسلان ويسكنه فسيح جنانه ،
حقيقة أنا لا أشك في تعب هذه المهنة النبيلة وخاصة أنني تشرفت بصداقة بعض فرسانها وخبرت معاناتهم وعايشتها ، ولكنني أقول بأن أكثر الناس ينظرون إلى مهنهم وواجباتها نظرة مشابهة فالطبيب سيحدثك عن الضغط اليومي الذي يتعرض له وعن أنه لا يملك أن يغلق بابه في ليل أو نهار دون أن يتوقع أن يستدعى لعيادة مريض ، وأستاذ المدرسة له من الشكاوى على الطلاب وأهلهم والإدارة والوزارة ما يتعبك سماعه ، وحدث بمثل هذا عن كل المهن حتى سيدات المنزل عندما يحدثنك عن واجباتهن تجاه الأزواج والأولاد وعن تعبهن من هذا وذاك تشعر معهن بأن مهنتهن هي الأصعب ، ولذلك علينا أن نقول " اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا تجعل العسير إذا شئت سهلا ..
وأردد الحديث الشريف " كل ميسر لما خلق له "
ملاحظة أرجو تعديل الشطر الثاني من البيت الثالث ليستقيم وزنه فيصبح : هلا استرحت أجبت بالآهات .
وشكرا جزيلا لهذه التحفة الشعرية .

[المحامي عارف الشعَّال]

أخ أبو حبيب أشكر لك مشاعرك الطيبة ، و في الحقيقة لا تخلوا مهنة المحاماة من متاعب و هموم خاصة بها ، و هي مثل باقي المهن الأخرى التي تجعل المرء يغرق في الحياة ، حتى إذا داهمه المرض انتبه و استيقظ و التفت حوليه سائلاً
أين أنا ؟
ماذا حصل ؟.....

أعتقد أن هذا ما رمت إليه لقصيدة في بعض جوانبها .

[أبو حبيب]

صدقت يا أستاذنا وأبنت فهذا حالنا نقضي العمر مقبلين مدبرين إلى أن نقف ساعة وننظر إلى ما قدمنا من عمل .... حفظ الرحمن الجميع ورزقهم الإخلاص ليجعل تعبهم وجهدهم في ميزان أعمالهم
لقد أعدت اليوم قراءة هذه الأبيات الجميلة وترحمت على ناظمها ثم قلت ترى أي التعبين أقسى وأمر : أن تتعب بضغط العمل وهمومه وقضاياه حتى لا تكاد تجد وقتا لراحة بال أو جسد ، أم تعب قلة العمل حتى لا تعرف ما تفعل في وقت طويل أنتجته البطالة القسرية ؟
سألت نفسي هذا السؤال فأجبت اللهم كثرة العمل ولا قلته ولا أدري ما رأيكم أنتم ؟