لم يكن عبد الله سعيدا وهو محمولا على الأكتاف .. فرأسه مع كل انتقال بين كتف وكتف يخبط في النعش الخشبي ... وذاك الثوب الأبيض الذي ذي يسمونه كفنا يشد كثيرا على جسده و يلجم فمه ... ,,, والحر الشديد يكاد لا يطاق فلا يستطيع أن يتحمله الإنسان الذي بلا ثياب فكيف ذاك الثوب الذي يلفه لفا محكما ... وأخيرا وصل صاحبنا إلى مرقده الأخير ونزع عن وجهه وتنفس الصعداء ولكن ما لبث إلا وان أغلق القبر وأهيل التراب على وجهه انظر من يرمي تراب على وجهه ذاك ابنه سعد الذي رباه كل شبر بنذر ...لكنه يبكي بحرقة عليه ... يا الله هذه سنة الكون ... وابتعدت أصوات الأقدام شيئا فشيئا ... وذهب المعزون ... وعبد الله صاحب اكبر شارب في الحارة وحيدا ...ولكن الشارب لا ينفع اليوم ....
صاح عبد الله ... يا شباب إلى أين انتم ذاهبون ؟؟؟؟ خذوني معكم ... ولكن صوته المخنوق لا يسمعه أحد اليوم ...
نظرا يمنة وشمالا فلم يجد احد حاول النهوض فارتطم رأسه ببلاطة القبر ... فلا مفراليوم ... وأتى السؤال لا بل ... ... الأسئلة ... لم يكن عبد الله يحفظ درسه فهو لم يك من المصلين ولم يك يطعم المسكين وكان يخوض مع الخائضين وكان يكذب بيوم الدين حتى أتاه اليقين .... و لاقى عبد الله ما لاقى من عذاب القبر ....
واتت ظلمة الليل واتت الوحشة.... وعبد الله يسأل أين خلاني أين رفاقي ... فلا معين من احد اليوم سوى الله ...
الليل الدامس يفرش الرعب في أرجاء القبر ...ويموج حينا فيبذر في الأرض خوفا لا مثيل له ... يحاول صاحبنا أن يضيع هذا الوقت العصيب بأن يغمض عيناه ....ولكن كيف ينام والأرض قاسية تحته أين فراشه المريح ... أين وسادته الريش ؟؟؟ لا راحة إلا من عند الله اليوم ... فاشتاق عبد الله لان يعود طفلا ...
لأن تضمه أمه ضمة تنسيه عذابه هذا ... وفجأة بدأ القبر يضيق بدأ القبر يضمه ... وضمه ضمة فصرخ صرخة سمعها من في السماء والأرض ...
و الآن أخي القارئ عبد الله الذي على الأرض ... ما رأيك لو كنت أنت الذي تحت الأرض ؟؟؟؟ وما نعلم أخي القارئ ما شعره عبد الله تحت الأرض وما صرخ ولكن نعلم انه نادم لو يعود فوق الأرض فيعمل عملا صالحا ليكون قبره روضا من رياض الجنة ... فلا تنسى أنك فوق الأرض .....
مع اجمل تحيات
باسل
3=3=2005