شجرات الدماء - عبد اللطيف محرز
أكل الذئب
كيف ينسى طعم الجراح بياني
وحقول الأشواك تحت لساني
كيف يندى حرفي وفي أصغريه
نفثات من شهقة البركان؟
كيف لي أن أصافح الحلم، والحلم
لهاث في غيمة من دخان؟
كيف لي أن أهز أعمدة الروح
انطلاقاً من طبلة الآذان؟
فاعذروني إذا نأيت بشعري
عن غبار في ساحة الميدان
وأنا شاعر إذا ضيعوني
فعلى جبهة السما عنواني
***
نحن في عالم تنامت بعينيه
جهاراً عبادة الشيطان
واستدارت دنيا على كف عفريت
وغابت كرامة الإنسان
وتهادت إلى سرير أمانينا
بلا خشية، بلا استئذان
مومس، فتنة، تعرت ضلالاً
في مرايا العصور والأزمان
وعلى ثغرها تضاحك وعد
يختفي في ظلاله عقربان
جمعت فيهما سموم الأفاعي
ودماء من أشرس الذؤبان
أكل الذئب أرض شعبي وما كانت
حقوق الشعوب بالحسبان
أكلوها جهارة ثم أعطونا
دماً كاذباً على القمصان
***
يا بلادي وأنت من عطر الإنسان
عبر التاريخ بالعنفوان
أتكونين للحضارات أماً
ثم ترضين عيشةً من هوان
مزقي زائف الدماء قميصاً
واستحمي بثورة الإيمان
أشعلي صبوة الحياة نضالاً
عربياً لعزة الأوطان
لا يزول الليل البهيم ولا
يشرق فجر معطر بالأماني
دون شمس تعب خمرة نصر
من دم أحمر العقيدة قان
***
يا ضميراً للشعب مزق عن الأرواحِ
ما لفها من الأكفان
علَّ هذي الأرواح تصبح
أنفاس ربيع في تربة الوجدان
علناً نستحي ونسعى بإصرار
لتحيا أجيالنا في أمان
علنا نستحم بالخطر المجدول
من جوع عاصف مرنان
ونرى في المدى سفينة نوح
ثم نعنو لحكمة الربان
فار، فار التنور يا أمة العرب
وهذا علامة الطوفان
***
حارب العرب ثم راحوا رويداً
يسترون الآلام بالنسيان
أطعموا جرحهم لهيب كلامٍ
وسقوه من جمرة الأحزان
هز بنيانهم وجاعت أمانيهم
وأضحى رغيفهم من زؤان
حرفوا منطق العروبة قولاً
واستهانوا من لفظها بالمعاني
ودعوها إلى سراب سلام
فاقع اللون، يابس الأجفان
واستلان الحكام بعد عراك
واستراحوا لفتنة وافتتان
جمشتهم على الغواية أمريكا
بشيء من رقة الألحان
فاهتدوا للجمال في بنت صهيون
وساروا للحسن بالإحسان
***
في يد الراكعين ليل طويل
وسراب وزائف الصولجان
فليفق من يريد عيشاً كريماً
وليسر من لصبحه عينان
***