المساواة أمام القانون وسيادة القانون
إن القانون يجب أن يكون فوق الجميع، فالمواطنون هم متساوون جميعاً أمام القانون.
يقال: (مَن أمِنَ العِقابَ أساءَ الأدبَ).
صحيح أن هذه العبارةِ لا تنطبق بالضرورة على جميع الناس، ولكنها تُؤكد نَزعَة بشرية سائدة وواضحة وفي كافةِ شرائحِ المُجتمع.
ولذلك فلا يَجوز مُطلقاً جَعلُ أيَ إنسانٍ فوق المُساءلة سواءً أكان حاكماً أم محكوماً.
لذا قبل أن نقول أن سيادة القانون أساس الدولة المدنية يجب علينا أن نطالب بسيادة القانون والمساواة على الجميع دون إستئناء لتتحقق العدالة والمساواة والشفافية والمساءلة.
إن غياب العدالة الإجتماعية يُولد الفساد وسوف يأكل كل منا بعضهم البعض فنصبح في شريعة الغاب.
فعندما يكون الحاكم عادل، فبالضرورة سوف يصبح المسؤول عادل، الأمر الذي سوف ينعكس على المواطنين فيكونوا عادلين في تصرفاتهم ومعاملاتهم، ومن ثم تصبح الدولة عادلة.
قال النبي الكريم صل الله عليه وسلم: (إنما أهلكَ الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سَرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سَرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وَايْمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سَرقت لقطعتُ يَدها) حديث متفق عليه.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة).
وقد ذُكر في كتب التاريخ أنه لما إستُخلف عمر بن عبد العزيز وَفَدَ عليه قوم من أهل "سمرقند" رفعوا إليه أن قتيبة وهو قائد جيش الفتح الإسلامي قد دخل مدينتهم وأسكنها المسلمين على غدر، فأمر عمر بن عبد العزيز عندها بعقد محكمة للنظر في تلك الشكوى ويكون مقرها سمرقند نفسها، وأقيمت المحكمة وأصدر القاضي المسلم حكماً بإخراج المسلمين من سمرقند لأنهم دخلوها ولم يخيروا أهلها بين الإسلام أو الجزية أو الحرب، ليذهل أهل سمرقند من هذا العدل، ولتكون عاقبة هذا العدل الإسلامي دخول أهل سمرقند في دين الإسلام.
ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يسير يوماً في الطريق فرأى رجلاً يتسول، فقال له: مالك يا شيخ؟ فقال الرجل: أنا يهودي وأتسول لأدفع الجزية، فقال عمر: والله ما أنصفناك! نأخذ منك شاباً ثم نضيعك شيخاً والله لأعطينك من مال المسلمين! وأعطاه عمر من مال المسلمين.
ولنتذكر قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لملك من ملوك الغساسنة وهو جبلةَ ابن الأيهم حيث قال له: (نزوات الجاهلية، ورياح العنجهية قد دفناها، وأقمنا فوقها صرحاً جديداً، وتساوى الناس أحراراً لدينا وعبيداً).
القاضي منير الرواحنه
#العدل #العدالة #القانون #المساواة_أمام_القانون #سيادة_القانون #منير_الرواحنه